أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 48 - صـ 1551

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي, علي محمد علي, عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة وأحمد الحسيني.

(290)
الطعن رقم 4083 لسنة 61 القضائية

(1 - 3) استيلاء. نزع ملكية. اختصاص. قرار إداري. ريع.
(1) الاستيلاء المؤقت على العقارات طبقاً للقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين. اختلاف قواعده وأحكامه عما هو منصوص عليه في القانون رقم 577 لسنة 1954. مؤداه. أحكام أحدهما ليست مكملة للآخر.
(2) القرار الإداري. ماهيته. المنازعات المتعلقة به إلغاء ً وتعويضاً. انعقاد الاختصاص بالفصل فيها كأصل عام لجهة القضاء الإداري.
(3) استيلاء وزير التموين على أرض النزاع لصالح الشركة المطعون ضدها بموجب القانون 95 لسنة 1945. صدور قرار المحافظ من بعد بالاستيلاء المؤقت على ذات الأرض استناداً للقانون 577 لسنة 1954 ولصالح الشركة ذاتها. دفاع الطاعن بعدم مشروعية هذا القرار وأن وضع يد المطعون ضدها بلا سند. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز التعرض لمدى مشروعية قرار المحافظ وأن قرار وزير التموين غير مقيد بمدة معينة وانتهائه إلى عدم جواز المطالبة بمقابل الانتفاع خلال فترة سريان قرار المحافظ وأحقية الطاعن فقط في الريع كمقابل لانتفاع الشركة المطعون ضدها بأرض النزاع. صحيح.
1 - لما كان البيّن من استقراء نصوص المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين والقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أن أحكام الاستيلاء المؤقت على العقارات فيهما مختلفة فبينما هو في المرسوم بقانون الأول لم يقيد بمدة اشترط القانون الثاني ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي يتعين قبل انقضائها إذا دعت الظروف إلى مدة الاتفاق على ذلك مع أصحاب الشأن أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية, ثم أن الأول خلا من قواعد لتقدير ثمن العقار مهما طالت مدة الاستيلاء عليه في حين نظم الأخير القواعد التي تتبع في هذا الصدد مما يكشف عن أن المشرع قد جعل للاستيلاء أحكاماً وقواعد خاصة في كل من التشريعين على نحو لا يسوغ معه القول بأن أحكام أحدهما مكملة للآخر في هذا الخصوص.
2 - مؤدى البندين الخامس والعاشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء ً وتعويضاً معقود كأصل عام لجهة القضاء الإداري وكان القرار الإداري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القرار الذي تفصح فيه الإدارة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.
3 - لما كان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه أن وزير التموين كان قد أصدر قراره رقم 200 لسنة 1976 بالاستيلاء عن أرض النزاع لصالح الشركة المطعون ضدها نفاذاً للحق المخول له بموجب أحكام القانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين ثم أصدر محافظ الفيوم القرار رقم 447 لسنة 1979 تالياً له بالاستيلاء المؤقت على ذات الأرض استناداً لحكم المادة 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات لصالح ذات الشركة التي استمرت في وضع يدها من هذه الأرض مدة جاوزت الثلاث سنوات المحددة كحد أقصى لمدة الاستيلاء المؤقتة التي حددها ذلك القانون, وكان دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع قد قام على عدم مشروعية ذلك القرار وإلى أن وضع يد المطعون ضدها على أرض النزاع مند تاريخ سريانه قد أضحى بلا سند من القانون بعد أن تجاوزت مدة الاستيلاء على الأرض منذ صدور قرار وزير التموين الأول أكثر من ثلاث سنوات. وإذ تفهم الحكم المطعون فيه حقيقة النزاع على هذا النحو وأقام قضاءه بعدم جواز التعرض لمدى مشروعية قرار المحافظ لانطواء ذلك على مساس بقرار إداري يختص مجلس الدولة بالنظر فيه إلغاءً وتعويضاً وإلى أن قرار وزير التموين رقم 200 لسنة 1976 وقد صدر استناداً لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين  فإنه يكون قد صدر غير مقيد بمدة معينة ورتب على ذلك عدم جواز مطالبة الطاعن بمقابل الانتفاع خلال فترة سريان قرار محافظ الفيوم رقم 447 لسنة 1979 الذي يستند إلى أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 التي أوضحت مؤداه إجراءات تقدير هذا المقابل والتظلم منه دون الالتجاء إلى طريق الدعوى المبتدأة ثم انتهى إلى أحقية الطاعن فقط في اقتضاء الريع كمقابل لانتفاع الشركة المطعون ضدها بأرض النزاع لتجرد وضع يدها من السند المشروع بعد انتهاء مدة الاستيلاء المؤقت الصادر به قرار محافظ الفيوم والتي حددها القانون الأخير بما لا يجاوز الثلاث سنوات من تاريخ صدوره باعتبار أن ذلك يعد منازعة مدنية تختص بنظرها محاكم القضاء المدني, فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون وارتفع عنه قالة التقادم.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته حارساً قضائياً على تركة المرحوم والده أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 1346 لسنة 1986 الفيوم الابتدائية بطلب الحكم - وفق طلباته الختامية - بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 143812.5 جنيه بعد خصم مبلغ 15000 جنيه سبق استلامه منها تأسيساً على أن وزير التموين كان قد أصدر قراره رقم 200 لسنة 1976 بالاستيلاء المؤقت على قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى إلا أنه وبالرغم من انتهاء الأجل المحدد للاستيلاء في عام 1979 وصدر حكم بطرد الشركة المطعون ضدها إلا أنها تمكنت من استصدار قرار جديد من وزير التموين رقم 173 لسنة 1986 بالاستيلاء مرة أخرى على ذات الأرض, ولما كانت اللجنة المختصة قد سبق لها أن قدرت قيمة مقابل الانتفاع عن فترة الاستيلاء الأولى من سنة 76 حتى عام 1979 بواقع 3000 جنيه سنوياً فإنه يحق له طلب تقدير الريع عن وضع يد المطعون ضدها غصباً على أرض النزاع عن الفترة التالية فقد أقام الدعوى, ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت في 26/ 6/ 1989 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 556 لسنة 25 ق بني سويف "مأمورية الفيوم" وبتاريخ 5/ 6/ 1991 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي له تعويضاً مقداره 69562.5 جنيه عن مدة ثلاث سنوات وخمسة أشهر تبدأ من نهاية الأجل المحدد في قرار محافظ الفيوم رقم 447 لسنة 1979 وحتى تاريخ صدور قرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1986 بالاستيلاء على أرض النزاع وذلك بعد خصم 15000 جنيه السابق سدادها للطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاث أسباب ينعى بها الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رفض القضاء له بمقابل الانتفاع عن وضع يد الشركة المطعون ضدها على أرض النزاع دون سند خلال الفترة التي بدأت من 27/ 12/ 1979 تاريخ انقضاء فترة الثلاث سنوات التالية على صدور قرار بالاستيلاء عليها من وزير التموين رقم 200 لسنة 1976 وحتى تاريخ صدور قرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1986 بإعادة الاستيلاء على الأرض تأسيساً على صدور قرار آخر من محافظ الفيوم رقم 447 لسنة 1979 بالاستيلاء عليها, وإلى أن التعرض لمشروعية هذا القرار يعد خوضاً في منازعة إدارية من اختصاص القضاء الإداري دون غيره, في حين أن حق الدولة في الاستيلاء المؤقت على عين النزاع قد انقضى بمرور ثلاث سنوات على صدور قرار وزير التموين سالف الذكر في 26/ 12/ 1979 ومن ثم فقد تجرد وضع يد الشركة المطعون ضدها من السند المشروع بعد انتهاء مدة الاستيلاء الأولى عملاً بأحكام قانون نزاع الملكية رقم 577 لسنة 1954, مما لازمه عدم جواز الاستيلاء على الأرض محل النزاع مرة أخرى استناداً للقرار الصادر من المحافظ الذي صدر منعدماً لا وجود له منطوياً على غصب للسلطة دون حاجة إلى استصدار حكم قضائي بذلك هذا إلى أن الاعتداد بالقرار الأخير وإعمال أثره باعتباره قراراً إدارياً صحيحاً يتناقض مع ما ذهب إليه الحكم من أن التعرض لذلك القرار يعد خوضاً في منازعة إدارية تخرج عن اختصاص القضاء العادي مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البيّن من استقراء نصوص المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين والقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أن أحكام الاستيلاء المؤقت على العقارات فيهما مختلفة فبينما هو في المرسوم بقانون الأول لم يقيد بمدة اشترط القانون الثاني ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي يتعين قبل انقضائها إذا دعت الظروف إلى مدة الاتفاق على ذلك مع أصحاب الشأن أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية, ثم أن الأول خلا من قواعد لتقدير ثمن العقار مهما طالت مدة الاستيلاء عليه في حين نظم الأخير القواعد التي تتبع في هذا الصدد مما يكشف عن أن المشرع قد جعل للاستيلاء أحكاماً وقواعد خاصة في كل من التشريعين على نحو لا يسوغ معه القول بأن أحكام أحدهما مكملة للآخر في هذا الخصوص، وكان مؤدي البندين الخامس والعاشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء ً وتعويضاً معقود كأصل عام لجهة القضاء الإداري وكان القرار الإداري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القرار الذي تفصح فيه الإدارة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة. لما كان ذلك، كان الواقع حسبما حصل الحكم المطعون فيه أن وزير التموين كان قد أصدر قراره رقم 200 لسنة 1987 بالاستيلاء عن أرض النزاع لصالح الشركة المطعون ضدها نفاذاً للحق المخول له بموجب أحكام القانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين ثم أصدر محافظ الفيوم القرار رقم 447 لسنة 1979 تالياً له بالاستيلاء المؤقت على ذات الأرض استناداً لحكم المادة 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات لصالح ذات الشركة التي استمرت في وضع يدها على هذه الأرض مدة جاوزت الثلاث سنوات المحددة كحد أقصى لمدة الاستيلاء المؤقتة التي حددها ذلك القانون, وكان دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع قد قام على عدم مشروعية ذلك القرار وإلى أن وضع يد المطعون ضدها على أرض النزاع منذ تاريخ سريانه قد أضحى بلا سند من القانون بعد أن تجاوزت مدة الاستيلاء على الأرض منذ صدور قرار وزير التموين الأول أكثر من ثلاث سنوات. وإذ تفهم الحكم المطعون فيه حقيقة النزاع على هذا النحو وأقام قضاءه بعدم جواز التعرض لمدى مشروعية قرار المحافظ لانطواء ذلك على مساس بقرار إداري يختص مجلس الدولة بالنظر فيه إلغاءً وتعويضاً وإلى أن قرار وزير التموين رقم 200 لسنة 1976 وقد صدر استناداً لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين فإنه يكون قد صدر غير مقيد بمدة معينة ورتب على ذلك عدم جواز مطالبة الطاعن بمقابل الانتفاع خلال فترة سريان قرار محافظ الفيوم رقم 447 لسنة 1979 الذي يستند إلى أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 التي أوضحت مؤداه إجراءات تقدير هذا المقابل والتظلم منه دون الالتجاء إلى طريق الدعوى المبتدأ ثم انتهى إلى أحقية الطاعن فقط في اقتضاء الريع كمقابل لانتفاع الشركة المطعون ضدها بأرض النزاع لتجرد وضع يدها من السند المشروع بعد انتهاء مدة الاستيلاء المؤقت الصادر به قرار محافظ الفيوم والتي حددها القانون الأخير بما لا يجاوز الثلاث سنوات من تاريخ صدوره باعتبار أن ذلك يعد منازعة مدنية تختص بنظرها محاكم القضاء المدني فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون وارتفع عنه قاله التناقض, ومن ثم يضحى النعي بهذه الأسباب على الحكم المطعون فيه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.