أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 48 - صـ 1602

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم صالح، لطف الله جزر، زهير بسيوني نواب رئيس المحكمة ووجيه أديب.

(297)
الطعن رقم 1617 لسنة 60 القضائية

(1، 2) قانون "سريانه من حيث الزمان". نظام عام. عقد. نقد.
(1) آثار العقد. خضوعها كأصل لأحكام القانون الذي أبرم في ظله. الاستثناء. سريان أحكام القانون الجديد عليها متى كان متعلقاً بالنظام العام فيسري على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل به. القانون. مقصوده.
(2) أحكام قوانين النقد الأجنبي. تعلقها بالنظام العام. علة ذلك. قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية. أثر ذلك. سريانها بأثر مباشر على آثار العقود ولو كانت مبرمة قبل العمل بها.
1 - المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشرا تخضع لسلطاته الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أُبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين، وكان المراد بالقانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم فتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها.
2 - لما كانت أحكام قوانين النقد الأجنبي المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام إذ قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فتسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على العقود حتى لو كانت مبرمة قبل العمل بها.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 1507 سنة 1985 تجاري كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزامه بخصم قيمة الكمبيالة المعادلة لنسبة 80 بالمائة من قيمة الاعتماد المستندي رقم 87541 البالغ مقدارها 426642.86 دولاراً أمريكياً بعد معادلته بالجينه المصري لدى البنك وببراءة ذمتها من الالتزامات الناشئة عن الاعتماد المذكور وشطب بروتستو عدم الدفع الذي أجراه المطعون ضده. وقالت شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 28/ 1/ 1985 تقدمت إلى المطعون ضده بطلب فتح اعتماد مستندي لاستيراد حديد تسليح بناء على الموافقة الاستيرادية التي تمت وفقاً لقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 5 سنة 1985 وإذ وافق المطعون ضده على هذا الطلب وقام بفتح اعتماد مستندي غير قابل للإلغاء برقم 87541 بمبلغ 485000 دولاراً أمريكياً وأخطرها بالموافقة بتاريخ 17/ 2/ 1985 بالشروط المبينة بعقد فتح الاعتماد على أن يقوم بتدبير العملة الصعبة اللازمة للاعتماد. قامت بفتح حساب لديه بالعملة المحلية، كما قام المطعون ضده بسداد نسبة ال 20 بالمائة المتفق عليها في عقد الإيجار إلى الشركة العربية الأفريقية للاستثمار - الموردة - وبتدبير نسبة الـ 10 بالمائة قيمة الزيادة المحتمل توريدها في كمية الحديد. ووقعت على الكمبيالة المحررة لصالح الشركة الموردة بمبلغ 426642.86 دولاراً أمريكياً وهي تعادل نسبة ال80 بالمائة من ثمن الشحنة وعلى أن تستحق بعد 120 يوماً من تاريخ الشحن الذي تم في 28/ 5/ 1985 مع تفويض المطعون ضده بخصم ما يعادل هذا المبلغ بالجنيه المصري من حسابها لديه. إلا أن الأخير أخطرها بتاريخ 25/ 9/ 1985 بضرورة سداد قيمة الكمبيالة بالدولار الأمريكي وليس بالجنيه المصري وقام بتحرير بروتستو عدم الدفع ضده ولتخلف المطعون ضده عن تنفيذ التزامه أقامت دعواها بطلباتها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 12/ 1988 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 528 لسنة 106 ق القاهرة. بتاريخ 6/ 2/ 1990 قضت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استند في قضائه على أن موضوع التداعي الكمبيالة المحررة في 17/ 6/ 1985 والمستحقة في 24/ 9/ 1985 وأنها باعتبارها من آثار عقد فتح الاعتماد ويسري عليها القرار الوزاري رقم 169 لسنة 1985 لتعلقه بالنظام العام دون أن يبين سبب ذلك في حين أن موضوع التداعي هو الاعتماد المستندي الذي تم في 17/ 2/ 1985 وأن سحب الكمبيالة وسيلة للوفاء بالعملة المصرية المقابلة للدولارات التي تعهد البنك المطعون ضده بتوفيرها في عقد فتح الاعتماد وأن الالتزام بوفاء كامل قيمة الاعتماد قد نشأ في ظل القرار رقم 5 لسنة 1985 فتخضع له آثاره ولا يؤدي بالضرورة تعلق القرار رقم 169 لسنة 1985 بالنظام العام إلى تطبيقه على الاعتماد موضوع النزاع إلا أن الحكم طبقه دون أن يشير إلى تقرير الخبير الذي خالف رأيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وكان الأصل أن للقانون الجديد أثراً تخضع لسلطاته الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة إلا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أُبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمة تعارض بين هذا المبدأ وبين قاعدة عدم رجعية القوانين، وكان المراد بالقانون وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم فتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها، وكانت أحكام قوانين النقد الأجنبي المتتابعة آمرة ومتعلقة بالنظام العام إذ قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فتسري بأثر مباشر فوري من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على العقود حتى ولو كانت مبرمة قبل العمل بها. لما كان ذلك، وكان قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 5 لسنة 1985 قد جعل استيراد القطاع الخاص من الخارج عن طريق البنوك على أن يقوم المستورد بسداد قيمة الاعتمادات ونسب التأمين النقدي بالجنيه المصري التي تحدده اللجنة المختصة بالبنك المركزي على أن يتولى الجهاز المصرفي تدبير النقد الأجنبي اللازم للتغطية, وكان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قد أصدر قراره رقم 169 لسنة 1985 المعمول به من 6/ 4/ 1985 وأوجب فيه على المستورد سداد قيمة الاعتمادات الخاصة بالاستيراد ونسب التأمين بالنقد الأجنبي ملغياً قراره السابق في هذا الشأن. وكان الثابت أن الكمبيالة موضوع النزاع أثر من الآثار المترتبة على الاعتماد المستندي الذي نشأ في ظل القرار رقم 5 لسنة 1985 وأن تاريخ تحريرها 17/ 6/ 1984 واستحقاقها 25/ 9/ 1985 ومن ثم يسري عليها أحكام القرار رقم 169 لسنة 1985، وإذ اعتنق الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا عليه إن التفت عن النتيجة المغايرة التي انتهى إليها الخبير في تقريره ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.