أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 48 -  أ

جلسة 18 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد الحميد زغو رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين/ منصور حسين عبد العزيز منصور، فهمي السيد حسن الخياط، محمد حسن عبد الوهاب العفيفي، أحمد ذكي صالح غرابه، عبد المنعم محمد محمد وفا، ريمون فهيم إسكندر، ممدوح علي أحمد السعيد، محمد جمال الدين أحمد شلقاني، طلعت أمين صادق ومصطفى حسيب عباس نواب رئيس المحكمة.

(1)
الطعن رقم 777 لسنة 61 القضائية "هيئة عامة"

(1) دستور "دستورية القوانين". قانون "سريان القانون". نظام عام. نقض.
الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. المادتان 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بق 168 لسنة 1998. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها. علة ذلك.
(2) محكمة دستورية "حكم" "حجيته". إيجار "إيجار الأماكن: عقد الإيجار" "الامتداد القانوني".
قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية م 29 ق 49 لسنة 1977 بالنسبة للأقارب نسباً حتى الدرجة الثالثة. مؤداه. قصر الامتداد القانون لعقد الإيجار على الأشخاص الوارد بيانهم حصراً في الفقرة الأولى من تلك المادة.
(3) حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون". إيجار "عقد الإيجار".
قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بطرد المطعون ضدها من عين النزاع المؤجرة لشقيقها - المستأجر الأصلي - تأسيساً على امتداد العقد إليها إعمالاً لنص المادة 29 ق 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها. خطأ في القانون.
1 - النص في المادة 175 من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية, وذلك كله على الوجه المبين في القانون......."، والنص في المادة 178 منه على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوي الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "أحكام المحكمة في الدعاوي الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر....."، يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت إلى عدم تطبيق الحكم بعدم دستورية نص لازم للفصل في النزاع إذا صدر بعد صدور الحكم المطعون فيه، فإنه يتعين العدول عن هذا الرأي والأخذ بالرأي الأول وإعمال ذلك الحكم اعتباراً من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية على الطعون المنظورة أمام محكمة النقض.
2- إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 116 لسنة 18 ق المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (33) بتاريخ 14/ 8/ 1997 والاستدراك المنشور بذات الجريدة بالعدد رقم (38) بتاريخ 18/ 9/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل"، مما مؤداه أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة (29) آنفة الذكر أصبح مقصوراً على الأشخاص الوارد بيانهم - بيان حصر - في الفقرة الأولى من تلك المادة وهم الزوجة والأولاد وأي من والدي المستأجر وهم الأقارب من الدرجة الأولى.
3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها - شقيقة للمستأجر الأصلي - أي قريبة له نسباً من الدرجة الثانية, فلا تستفيد من امتداد عقد إيجار شقيقها طبقاً للمادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 سندها في الاستفادة من هذا الامتداد إليها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف إعمالاً لحكم المادة (29) آنفة البيان المقضي بعدم دستوريتها، فإنه يكون معيباً.


الهيئة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 3015 سنة 1988 مساكن الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدها انتهيتا فيها إلى طلب الحكم بطردها من الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالتا بياناً لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 10/ 3/ 1985 استأجر منهما شقيق المطعون ضدها الشقة محل النزاع وأقام بها منفرداً حتى وفاته بتاريخ 10/ 9/ 1988 وبتاريخ 27/ 1/ 1990 حكمت المحكمة للطاعنتين بطلبيهما. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 292 سنة 46 ق مساكن، وبتاريخ 12/ 12/ 1990 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدائرة المختصة رأت بجلستها المعقودة بتاريخ 10/ 12/ 1998 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 لتضارب الأحكام في شأن إعمال الأثر المترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص لازم للفصل في الطعن بالنقض المطروحة. إذ ذهبت بعض الأحكام إلى أن هذا الأثر لا ينسحب إلى الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبت بموجب حكم نهائي سابق في صدوره على نشر الحكم بعدم الدستورية ولو أدرك هذا الحكم الأخير النزاع أمام محكمة النقض بينما ذهبت أحكام أخرى إلى إعمال أثر ذلك الحكم على الطعون المنظورة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه إذ عرض الطعن على هذه الهيئة حددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة تكميلية عدلت فيها عن رأيها السابق وطلبت نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن النص في المادة 175 من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية, وذلك كله على الوجه المبين في القانون......"، والنص في المادة 178 منه على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوي الدستورية، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "أحكام المحكمة في الدعاوي الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة....... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر...."، يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت إلى عدم تطبيق الحكم بعدم دستورية نص لازم للفصل في النزاع إذا صدر بعد صدور الحكم المطعون فيه، فإنه يتعين العدل عن هذا الرأي والأخذ بالرأي الأول وإعمال ذلك الحكم اعتباراً من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية على الطعون المنظورة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 116 لسنة 18 ق المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (33) بتاريخ 14/ 8/ 1997 والاستدراك المنشور بذات الجريدة بالعدد رقم (38) بتاريخ 18/ 9/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر من أن "وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار، إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه للعين أو مدة شغله للمسكن أيتهما أقل"، مما مؤداه أن الامتداد القانوني لعقد الإيجار المنصوص عليه في المادة (29) آنفة الذكر أصبح مقصوراً على الأشخاص الوارد بيانهم - بيان حصر - في الفقرة الأولى من تلك المادة وهم الزوجة الأولاد وأي من والدي المستأجر وهم الأقارب من الدرجة الأولى. لما كان ذلك، و كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها - شقيقة للمستأجر الأصلي - أي قريبة له نسباً من الدرجة الثانية, فلا تستفيد من امتداد عقد إيجار شقيقها طبقاً للمادة (29) سالفة الذكر سندها الاستفادة من هذا الامتداد إليها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف إعمالاً لحكم المادة (29) آنفة البيان المقضي بعدم دستوريتها، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
ولما تقدم, وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه، فإنه يتعين الحكم بتأييد الحكم المستأنف.