أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 313

جلسة 9 من إبريل سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن, وأديب نصر، وأحمد موافي.

(63)
الطعن رقم 2198 لسنة 32 القضائية

( أ ) تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية". "أركانه". "وثيقة الزواج".
التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا وقع تغيير الحقيقة على بيان مما أعد المحرر لإثباته.
مناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج، هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك. القول بأن الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج. يستوي في النتيجة مع القول بأنها مطلقة طلاقاًً يحل به العقد الجديد. الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد، إبرام العقد في وقت كان قد صدر فيه حكم نهائي بطلاق الزوجة لعدم الطعن عليه. انعقاده صحيحاً. لجوء الطاعن بعد ذلك إلى الطعن على حكم الطلاق. لا يغير من الأمر العبرة بوقت توثيق العقد.
(ب) غرفة الاتهام. "الطعن في أوامرها".
الطعن في الأوامر الصادرة من غرفة الاتهام أمام محكمة النقض. غير جائز. إلا لخطأ في تطبيق القانون. المادتان 195 و212 من قانون الإجراءات الجنائية. النعي على الأمر المطعون فيه - الصادر من الغرفة - بالقصور في التسبيب غير مقبول.
1- من المقرر أن التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا كان تغيير الحقيقة قد وقع في بيان مما أعد المحرر لإثباته، وأن مناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج، هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك. ولما كان القول بأن الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج كما جاء بوثيقة الزواج يستوي في النتيجة مع القول بأنها مطلقة طلاقاً يحل به العقد الجديد ما دام الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد، وكان الثابت أن عقد الزواج قد انعقد في وقت كان قد صدر فيه حكم بطلاق الزوجة وأصبح نهائياً بعدم الطعن فيه، مما يجعل البيان مطابقاً للواقع في نتيجته ويجعل بالتالي انعقاد العقد صحيحاً، ولا يغير من الأمر أن يكون الطاعن قد لجأ بعد ذلك إلى المعارضة في حكم الطلاق لأن العبرة إنما تكون بوقت توثيق العقد.
2- من المقرر قانوناً أنه لا يجوز الطعن في القرار الصادر من غرفة الاتهام أمام محكمة النقض إلا لخطأ في تطبيق القانون، وذلك إعمالاً لنص المادة 195 و212 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم فلا يقبل من الطاعن أن ينعى على القرار المطعون فيه قصوره في التسبيب. [(1)]


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أنه بتاريخ 11 أكتوبر سنة 1960 تقدم الطاعن بشكوى إلى النيابة العامة ضد المطعون ضدهم متهماًً إياهم بتزوير أوراق رسمية. فقررت النيابة العامة بعد التحقيق حفظ الشكوى إدارياً. فاستأنف الطاعن هذا القرار أمام غرفة الاتهام بمحكمة القاهرة الابتدائية التي أصدرت بتاريخ 9 مارس سنة 1961 أمراً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وبتأييد القرار المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن القرار المطعون فيه قد انطوى على خطأ في القانون وقصور في التسبيب ذلك أنه قضى بتأييد أمر الحفظ الذي أصدرته النيابة خطأ في شكوى الطاعن رغم قيام جريمة التزوير في وثيقة زواج المطعون ضدها الأولى من المطعون ضده الثاني لما ثبت بها على خلاف الحقيقة من أن الزوجة لم يسبق لها الزواج في حين أنها كانت زوجة له، وهذا الإقرار في وثيقة الزواج يعتبر من ناحية من الأقارير الرسمية التي يجب على من يقررها أن يتحرى الصدق لأن مركز المقر فيه كمركز الشاهد لا يمكن إثبات الحقيقة على وجهها الصحيح إلا عن طريقه ومن ناحية أخرى فهو من البيانات الجوهرية في وثيقة الزواج. كما انتهى القرار المطعون فيه إلى استبعاد شبهة التزوير على الرغم مما شاب إجراءات دعوى الطلاق والحكم فيها من بطلان يترتب عليه اعتبار المطعون ضدها الأولى في عصمة الطاعن إلى أن تم العقد المطعون فيه. ومن ثم تكون جريمة التزوير قائمة. ويقول الطاعن إن ما أورده القرار من عدم علم المتهمة بمحل إقامة الطاعن يخالف الثابت في الأوراق من علمها بذلك وقدرتها على التحري، كذلك ذهب القرار إلى أن الادعاء بتزوير الإعلان أمر تستقل به الجهة التي أصدرت الحكم وهو قول ينطوي على فهم خاطئ لدفاع الطاعن ذلك أنه أسس دفاعه على بطلان الإعلان دون التمسك بتزويره والبطلان مرده قاعدة قانونية عامة لا تنفرد بها محاكم الأحوال الشخصية، هذا إلى أن القرار المطعون فيه لم يعرض لما أثاره الطاعن بمذكرته المقدمة للغرفة حول جريمة التزوير.
وحيث إنه يبين من الأوراق ومن دعوى النفقة 1092 لسنة 1956 مصر القديمة للأحوال الشخصية التي اطلعت عليها هذه المحكمة أن الطاعن كان قد عقد على المطعون ضدها الأولى بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1955 بوثيقة شرعية ولم يدخل بها بإقراره في التحقيق ثم قام بين الزوجين نزاع غير الطاعن خلاله محل إقامته أكثر من مرة وقد رفعت المطعون ضدها الأولى دعوى نفقة أعقبتها دعوى الطلاق رقم 46 لسنة 1958 كلى مصر أحوال شخصية فصدر فيها حكم غيابي بتطليقها من الطاعن وأعلن هذا الحكم في مواجهة النيابة بتاريخ 16 من يوليو سنة 1958. ولما لم تحصل المعارضة فيه تم توثيق عقد الزواج الثاني في 10 من مارس سنة 1960. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التزوير في المحررات لا تكتمل أركانه إلا إذا كان تغيير الحقيقة قد وقع على بيان مما سبق المحرر لإثباته وكان مناطق العقاب على التزوير في هذه الحالة هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، ولما كان القول بأن الزوجة بكر لم يسبق لها الزواج كما جاء بوثيقة الزواج وإن كان يستوي في النتيجة مع القول بأنها مطلقة طلاقاًًً يحل به العقد الجديد ما دام الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد فإن عقد الزواج قد انعقد في وقت كان قد صدر فيه حكم بالطلاق وأصبح نهائياً بعدم الطعن فيه بما يجعل البيان مطابقاًًً للواقع في نتيجته ويجعل بالتالي انعقاد العقد صحيحاً ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد لجأ أخيراً إلى المعارضة في هذا الحكم لأن العبرة إنما تكون بوقت توثيق العقد. ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد أعلنت الطاعن بحكم الطلاق في مواجهة النيابة وكان القرار المطعون فيه قد انتهى في تقدير سليم وسائغ إلى أنه لم يثبت علم الزوجة بمحل إقامة الطاعن مستنداً في حدود سلطته التقديرية إلى ما استظهره التحقيق من ذلك مما ينتفي به سوء النية ويؤكد جدية الإجراءات المؤيدة فوق ما سبق بما تبين من أن إعلان حكم الطلاق ثم في 16 من يوليو سنة 1958 وأن الزواج الجديد لم يعقد إلا في 10 مارس سنة 1960 لما كان ذلك، وكان لا يقبل من الطاعن أن ينعى على القرار المطعون فيه قصوره في التسبيب لما هو مقرر في المادتين 195، 212 من قانون الإجراءات الجنائية من عدم جواز الطعن في القرار الصادر من غرفة الاتهام أمام محكمة النقض إلا لخطأ في تطبيق القانون وهو منتف في واقعة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن في موضوعه يكون قائماً على غير أساس واجباً رفضه.


[(1)] المادتين 195 و212 من قانون الإجراءات الجنائية عدلتا بالقانون رقم 107 لسنة 1962 الصادر في 17/ 6/ 1962.