أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 329

جلسة 22 من إبريل سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.

(66)
الطعن رقم 2772 لسنة 32 القضائية

اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. سرقة.
( أ ) مجال تطبيق المادة 112 عقوبات: شموله كل موظف أو مستخدم عمومي - ومن في حكمهم ممن نصت عليه المادة 111 عقوبات - يختلس مالاً مما تحت يده. متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته.
اعتبار جندي القوات المسلحة من المكلفين بالخدمة العامة. خضوعه لحكم المادة 112 عقوبات. مسئوليته عما يكون تحت يده من أموال أو مهمات سلمت إليه بسبب وظيفته.
(ب) اختلاف صورة الاختلاس التي نصت عليها المادة 112 عقوبات عن الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة. علة ذلك: الاختلاس في هذا الباب يتم بانتزاع المال من حيازة شخص آخر خلسة أو بالقوة بنية تملكه. بينما في هذه الصورة الشيء المختلس في حيازة الجاني بصفة قانونية، ثم تنصرف نيته إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له. ثبوت تغير النية لدى الحائز - بما قارفه من أعمال مادية كشفت عن ذلك - يجعل جريمة الاختلاس تامة ولو كان التصرف لم يتم فعلاً.
اختلاس أموال أميرية. إخفاء أشياء متحصله من جناية. اشتراك. شريك. فاعل أصلى. عقوبة. نقض. "المصلحة في الطعن".
(ج) استخلاص الحكم بما ساقه من أدلة سائغة أن المتهم الأول قارف أعمالاً مادية كشفت عن انصراف نيته إلى تحويل حيازة البنزين عهدته من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة بنية تملكه. تحقق جناية اختلاس الأموال الأميرية في حقه بكافة أركانها القانونية. إسهام الطاعن بعد ذلك بنشاطه في احتجاز البنزين المتحصل من هذه الجناية في الوعاء الذي أعده لهذا الغرض. وصف الحكم هذا الفعل - من جانب الطاعن - بأنه اشتراك في جريمة الاختلاس. مجافاته التطبيق الصحيح للقانون. مؤدى ما أورده الحكم يكون في حق الطاعن جريمة إخفاء أشياء متحصله من جناية الاختلاس مع العلم بها.
(د) إعمال الحكم في حق الطاعن عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية الاختلاس مع العلم بها. وهو الوصف القانوني لما أثبته الحكم في حق الطاعن. لا جدوى للطاعن من النعي على الحكم بالقصور في التدليل على اتفاقه مع المتهم الأول على ارتكاب جناية الاختلاس. علة ذلك: ظهوره على مسرح الجريمة بعد تحققها وإثباته نشاطاً مستقلاًًً عن نشاط المتهم الآخر يباعد بينه وبين وصف الاشتراك في جريمته.
1- جرى قضاء محكمة النقض على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1952 يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي - ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 عقوبات المعدلة بالقانون سالف الذكر وبالقانون رقم 112 لسنة 1957 - يختلس مالاً مما تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسب وظيفته. ولما كان المتهم الأول بوصفه جندياً في القوات المسلحة يعتبر من المكلفين بالخدمة العامة ويخضع لحكم المادة 112 عقوبات، فإنه يصبح مسئولاً عما يكون تحت يده من أموال أو مهمات سلمت إليه ببسب وظيفته.
2- أراد الشارع عند وضع نص المادة 112 من قانون العقوبات فرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ المال أو الشيء المقوم به الذي وجد بين يديه بمقتضى وظيفته، فهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبهة بينها وبين الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة - فالاختلاس في هذا الباب يتم بانتزاع المال من حيازة شخص آخر خلسة أو بالقوة بنية تملكه، أما في هذه الصورة فالشيء المختلس في حيازة الجاني بصفة قانونية، ثم تنصرف نية الحائز إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، ومتى تغيرت هذه النية لدى الحائز على هذا الوضع بما قارفه من أعمال مادية - وجدت جريمة الاختلاس تامة، ولو كان التصرف لم يتم فعلاً.
3- لما كان الحكم قد أثبت - بما ساقه من أدلة سائغة اطمأنت إليها المحكمة - أن المتهم الأول بما قارفه من أعمال مادية كشفت بجلاء عن أن نيته قد انصرفت فعلاً إلى تحويل حيازته للبنزين الذي كان في عهدته من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك، وتحققت بذلك جناية اختلاس الأموال الأميرية في حقه قبل أن يسهم الطاعن بنشاطه في احتجاز البنزين المتحصل من هذه الجناية في الوعاء الذي أعده لهذا الغرض، فإن وصف الحكم هذا الفعل من جانب الطاعن بأنه اشتراك في جريمة الاختلاس يجافي التطبيق الصحيح للقانون، ذلك بأن مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته يكون في حق الطاعن مساهمة أصلية مستقلة عن جناية الاختلاس التي تمت فعلاً وتحققت بكافة أركانها القانونية قبل أن يتدخل الطاعن بما قام به من نشاط إجرامي يتمثل في الأعمال التنفيذية التي قارفها - والتي لا يصدق عليها وصف المساعدة في الأعمال المجهزة أو المتممة للجريمة، مما يقصد به مجرد تقديم العون للفاعل الأصلي بأعمال سابقة أو معاصرة لنشاطه ويترتب عليها تحقق النتيجة الإجرامية المرجوة من ذلك التدخل - وإنما يصدق عليها وصف إخفاء أشياء متحصله من جناية الاختلاس مع العلم بها.
4 - متى كانت العقوبة التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية الاختلاس مع العلم بها المنطبقة على المادتين 44 مكرراً، 112/ 1 من قانون العقوبات - مع إعمال المادة 17 التي عامله بها الحكم - وهو الوصف القانوني الصحيح لما أثبته الحكم في حق الطاعن، والذي يتعين إدانته به عملاً بحكم المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - بغير حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه، فإنه لا جدوى للطاعن مما ينعاه على الحكم من قصور في التدليل على اتفاقه مع المتهم الأول على ارتكاب جناية الاختلاس، إذ أن ظهوره على مسرح الجريمة بعد تحققها وإتيانه نشاطاً مستقلاً عن نشاط المتهم الآخر يباعد بينه وبين وصف الاشتراك في جريمته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من آخر والطاعن بأنهما في يوم 24 مارس سنة 1957 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: "الأول بصفته مكلفاً بخدمة عمومية - سائق مجند بالسلاح الجوى المصري - اختلس كميات البنزين المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر للسلاح الجوى المصري - والتي سلمت إليه بسبب تأديته وظيفته. والثاني - اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على تصريف كميات البنزين المختلسة وقدم إلى المتهم الأول الأوعية والأدوات التي تسهل إتمام الجريمة التي تمت بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة". وطلبت عقابهما بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و111 و112/ 1 و118 و119 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 ومحكمة جنايات القاهرة قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني بتاريخ 18 مايو سنة 1961 عملا بالمواد 111 و112/ 1 و118 و119 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول وبها والمواد 40/ 2 - 3 و41 و17 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثاني أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. وثانياً - بمعاقبة المتهم الثاني "الطاعن" بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. ثالثاً - بتغريم المتهمين متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاشتراك في اختلاس أموال أميرية قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الواقعة بفرض التسليم بصحتها من أنه قدم الوعاء والخرطوم المضبوطين إلى المتهم الأول في الدعوى - السائق المجند بالقوات المسلحة - لاستعمالهما في سحب البنزين من خزان السيارة عهدة هذا الأخير، لم تتعد مرحلة الشروع في السرقة وقد تمسك المدافع عن الطاعن بهذا الوصف الذي يظاهره ما قرره شاهد الإثبات "محمد عزيز نافع" في محضر الشرطة من أن الاستيلاء على البنزين لم يكن قد تم فعلاً وقت ضبط المتهمين ولم يصبح في حوزتهما وتحت تصرفهما بل إنه ظل في حيازة الجهة المالكة له، غير أن الحكم انتهى على خلاف ذلك إلى القول بتمام الجريمة. كما أن ما استظهره في حق الطاعن من اتفاق مع المتهم الأول على ارتكاب هذه الجريمة لا سند له ولا يعدو أن يكون من قبيل الاستنتاج من الشهود، وما أسنده إلى الطاعن من مساعدته المتهم المذكور بتقديمه الأدوات المضبوطة لا يخرج عن كونه أعمالاً تحضيريه لا عقاب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه ترامى إلى علم اليوزباشي "عماد علي الشافعي" الضابط بالقوات المسلحة أن بعض جنود الجيش يقومون ببيع البنزين الحكومي المسلم إليهم في السيارات الحكومية التي يقودونها لتأدية مأموريتهم الرسمية فكلف الجاويش "محمد عزيز نافع" والأمباشي "إسماعيل رمزي" ووكيل الأمباشي "محمد عزيز ضحية" بمراقبة أولئك الجنود وضبط من يقوم منهم بالتصرف في البنزين، وفى نحو غروب شمس يوم الحادث وبينما كان الشهود الثلاثة سالفى الذكر يقومون بالمراقبة بشارع الترعة البولاقية رأوا المتهم الأول - الجندي بالقوات المسلحة - قادماًًً يقود سيارة لوري من سيارات سلاح الطيران ثم انحرف بها في شارع جانبي وأوقفها ونزل منها ثم قصد إلى مقهى قريب حيث التقى بالمتهم الثاني (الطاعن) الذي حمل معه وعاء "جركن" وخرطوماً وأقبل مع المتهم الأول إلى موقف السيارة ثم أخذ يفرغ البنزين من خزانها في الوعاء بواسطة الخرطوم بعد أن أدخل أحد طرفيه في الخزان والثاني في الوعاء وظل المتهم الأول واقفاً معه في تلك الأثناء ثم غادره إلى المقهى القريب وظل الشهود الثلاثة يرقبون عملية التفريغ حتى تم ملء الوعاء وعندئذ داهموا المتهم الثاني (الطاعن) وضبطوه وضبطوا الوعاء بما فيه من بنزين كما ضبطوا المتهم الأول الذي حاول التشاجر معهم وأجتمع أفراد الجمهور حولهم مما أضطرهم إلى إطلاق النار في الهواء للإرهاب ثم ساقوا المتهمين إلى اليوزباشي "عماد علي الشافعي" الضابط بالقوات المسلحة وأبلغوا إليه الواقعة ثم أخطرت النيابة فتولت التحقيق وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ثم عرض إلى دفاع المتهمين الموضوعي فاطرحه وتناول ما أثاره المدافع عن الطاعن في شأن تكييف الواقعة وما تمسك به من أنها شروع في سرقة فالتفت عنه بقوله إن الاستيلاء على البنزين كان قد تم فعلاً عند ضبط المتهمين وانتهى إلى إدانة الطاعن بالاشتراك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جناية اختلاس كمية البنزين المملوكة للسلاح الجوى والتي سلمت إلى المتهم المذكور بسبب وظيفته وذلك بأن اتفق معه على تصريفها وقدم إليه الأوعية والأدوات التي تسهل إتمام الجريمة التي تمت بناء على ذلك بالتطبيق لأحكام المواد 40/ 2 - 3 - و41 و111 و112/ 1 و118 و119 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 عقوبات وأوقع عليه عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه بالتضامن مع المتهم الأول. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أورده الحكم يتوافر به جريمة اختلاس الأموال الأميرية في حق المتهم الأول، ذلك بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 المطبقة على واقعة الدعوى - يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي - ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 المعدلة بالقانون سالف الذكر وبالقانون رقم 112 لسنة 1957 - يختلس مالاً مما تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته. ولما كان المتهم الأول بوصفه جندياً في القوات المسلحة يعتبر من المكلفين بالخدمة العامة ويخضع لحكم المادة 112، فإنه يصبح مسئولاً عما يكون تحت يده من أموال أو مهمات سلمت إليه بسبب وظيفته. وكان مراد الشارع عند وضع نص المادة المذكورة هو فرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ المال أو الشيء المقوم به الذي وجد بين يديه بمقتضى وظيفته. فهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبهة بينها وبين الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة - فالاختلاس في هذا الباب يتم بانتزاع المال من حيازة شخص آخر خلسة أو بالقوة بنية تملكه - أما هنا فالشيء المختلس في حيازة الجاني بصفة قانونية ثم تنصرف نية الحائز إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، ومتى تغيرت هذه النية لدى الحائز على هذا الوضع وجدت جريمة الاختلاس تامة - وإن كان التصرف لم يتم فعلاً - ولما كان الحكم قد اثبت - بما ساقه من أدلة سائغة اطمأنت إليها المحكمة - أن المتهم الأول بما قارفه من أعمال مادية كشفت بجلاء عن أن نيته قد انصرفت فعلاً إلى تحويل حيازته للبنزين الذي كان في عهدته من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك وتحققت بذلك جناية اختلاس الأموال الأميرية في حقه قبل أن يسهم الطاعن بنشاطه في احتجاز البنزين المتحصل من هذه الجناية في الوعاء الذي أعده لهذا الغرض، فإن وصف الحكم هذا الفعل بأنه اشتراك في جريمة الاختلاس يجافى التطبيق الصحيح للقانون ذلك بأن مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته يكون في حق الطاعن مساهمة أصلية مستقلة عن جناية الاختلاس التي تمت فعلاً وتحققت بكافة أركانها القانونية قبل أن يتدخل الطاعن بما قام به من نشاط إجرامي يتمثل في الأعمال التنفيذية التي قارفها - والتي لا يصدق عليها وصف المساعدة في الأعمال المجهزة أو المتممة للجريمة مما يقصد به مجرد تقديم العون للفاعل الأصلي بأعمال سالفة أو معاصرة لنشاطه ويترتب عليها تحقق النتيجة الإجرامية المرجوة من ذلك التدخل - لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعن مما ينعاه على الحكم من قصور في التدليل على اتفاقه مع المتهم الأول على ارتكاب جناية الاختلاس سالفة البيان إذ أن ظهوره على مسرح الجريمة بعد تحققها وإثباته نشاطاً مستقلاً عن نشاط المتهم الآخر يباعد بينه وبين وصف الاشتراك في جريمته. وهذا العوار وما صاحبه من تقريرات قانونية خاطئة لا يضير الحكم طالما أن العقوبة التي أعملها في حق الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية الاختلاس مع العلم بها المنطبقة على المادتين 44 مكرراً، 112/ 1 من قانون العقوبات - مع إعمال المادة 17 عقوبات التي عامله بها الحكم - وهو الوصف القانوني الصحيح لما أثبته الحكم في حق الطاعن والذي يتعين إدانته به عملاً بحكم المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بغير حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه. ولا يقدح في هذا أن يكون الحكم قد ألزم الطاعن بالغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات بالتضامن مع المتهم الأول الذي دين بجريمة الاختلاس على الرغم من استقلال هذه الجريمة عن جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة منها وانعدام صلة الطاعن بالمتهم المذكور، ذلك بأنه لا سبيل إلى إلغاء التضامن بين المحكوم عليهما سالفى الذكر وتحميل الطاعن وحده نصيبه في تلك الغرامة إذ أن الغرامة المقضي بها هي الحد الأدنى المنصوص عليه في المادة 118 وفى قصر هذا الحد على الطاعن وحده إضراراً به وهو ما لا يجوز حتى لا يضار بطعنه. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات في التحقيقات يؤدى إلى ما رتبه عليه، فلا ينال من سلامة الحكم أن يكون لأحد الشهود قول آخر في مرحلة جمع الاستدلالات طالما أن ما أورده الحكم من أقواله له مأخذه من التحقيقات التي عول عليها - وهو ما لم يجحده الطاعن - لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها في الدعوى سلطة الأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة وإطراح ما عداها لأن مرجع الأمر إلى ما تركن إليه دون ما تلتفت عنه. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره في شأن مجادلته لما استخلصه الحكم في حقه من عناصر الاشتراك بطريق المساعدة طالما أن التكييف الصحيح للواقعة التي دين بها الطاعن إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية الاختلاس مع علمه بها كما سلف البيان. لما كان ما تقدم، فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غيره محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عن الطاعن من المحكمة تحديد مقدار البنزين الذي صرف إلى المتهم الأول من الوحدة التي يتبعها لبيان ما إذا كان قد انتقص منه شيء وتحليل البنزين المضبوط لمعرفة ما إذا كان قد أخذ من السيارة التي يعمل عليها هذا الأخير أو لا، غير أن الحكم قد التفت عن إجابته إلى ما طلبه على الرغم من أهميته وما كان يسوغ الاعتداد بما أثبته الضابط في محضره من تطابق نوعى البنزين المضبوط والموجود في السيارة إذا أنه فضلاً عن أنه قد أغفل بيان الطريق التي أجرى بها تلك المعاينة فإنه ليس بخبير فني ولم يعتمد في رأيه على التحليل الكيمائي مما يعيب الحكم.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن انتهى في ختام مرافعته إله قوله: "ولم يحللوا البنزين لمعرفة ما إذا كان من العربية أم لا ولم يقيسوا كذلك التنك لمعرفة ما إذا كان أخذ بنزين من عدمه" دون أن يطلب طلباً معيناً ومن ثم فلا يقبل منه النعي على المحكمة التفاتها عن تحقيق إجراء لم يتقدم به إليها، ولا يعدو ما أثاره الطاعن في هذا الشأن أن يكون تعييباً لإجراءات التحقيق مما لا يمس الحكم لأن العبرة بإجراءات المحاكمة ذاتها وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في صدد معاينة الضابط للبنزين المضبوط لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وأدلتها بما لا معقب عليها فيه، فلا يقبل من الطاعن معاودة إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن يكون بدوره غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.