أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 537

جلسة 22 من يناير سنة 1951
(202)
القضية رقم 1289 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسني بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك, المستشارين.
إثبات. تلبس. استدلال المحكمة بحالة التلبس بناءً على ما استخلصته من أقوال الشهود. لا مانع.
ليس في القانون ما يمنع المحكمة - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى - من الاستدلال بحالة التلبس على المتهم ما دامت بينت أنه شوهد وهو يجري من محل الحادثة بعد حصولها مباشرةً والأهالي يصيحون خلفه أنه القاتل وهو يعدو أمامهم حتى ضبط على مسافة 150 متراً من مكان الحادث.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه في يوم 16 من مارس سنة 1949 الموافق 16 من جمادى الأولى سنة 1368 بناحية دائرة مركز أبو تيج مديرية أسيوط: قتل مدبولي حسنين السنباطي عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن انتوى قتله فحمل سكيناً تربص بها للمجني عليه في مكان جلوسه المعتاد في كل صباح وطعنه بها في صدره قاصداً قتله فأحدث به الإصابة المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي سببت الوفاة, وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمته بالمواد 230, 231, 232 من قانون العقوبات فقرر بذلك بتاريخ 5 من يناير سنة 1950 وقد ادعى حسنين أحمد السنباطي بحق مدني قبل المتهم وآخر وطلب القضاء له عليهما متضامنين بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات أسيوط سمعت هذه الدعوى وقضت فيها عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه, إذ دان الطاعن بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد, قد استند في ذلك إلى ما قاله من أنه - أخذاً من رواية شاهدي الإثبات - كان في حالة تلبس وذلك خطأ في تطبيق القانون لأن حالة التلبس حالة خاصة بالجريمة لا بالمتهم, كما أن القانون لا يعتبر وجود الجريمة في إحدى حالات التلبس دليلاً وإنما هو يعتبرها في هذه الحالة, وبالاستثناء من القواعد العامة, مبرراً لاتخاذ إجراءات جنائية خاصة ومعينة - هذا إلى أن ما استند إليه الحكم في إثبات حالة التلبس المذكورة يخالف الثابت في الأوراق إذ هو لا يقوم على استنتاج سائغ منه فضلاً عما وقع من تناقض بين أقوال شاهدي الإثبات. وقد دفع محامي الطاعن بعدم قيام حالة التلبس وطلب انتقال المحكمة لمعاينة مكان الحادث تحقيقاً لما إذا كان من الممكن تتبع شخص بعينه وسط الزحام الموجود به دائماً, ولكن المحكمة لم تجب هذا الطلب ولم ترد عليه وردت على تناقض الشاهدين وعلى دفاع الطاعن برد غير سديد واعتمدت في إثبات الضغينة على أقوال أخي المجني عليه بعد أن قالت إنها لا تثق في شهادته وعلى اعتراف الطاعن بهذه الضغينة في حين أنه لم يصدر منه هذا الاعتراف, ثم إنها إذ آخذته بقتل المجني عليه وقضت ببراءة توفيق عبد الحافظ الذي كان متهماً بهذا القتل معه لم تعول على شهادة محمود عبد الكريم الذي قرر أنه تقابل مع المجني عليه وهو في طريقه إلى المركز قبل وفاته وسأله عن ضاربه فأجابه بأنه هذا المتهم وردت على هذه الشهادة برد غير سائغ ولا يتفق مع الوقائع الثابتة بالأوراق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها وتعرض لدفاعه المبين بأوجه طعنه ورد عليه بما يفنده واستند في كل ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ثبوت الواقعة بظروفها عليه وإلى تفنيد دفاعه - لما كان ذلك وكان ما ذكره الحكم من أن "ضبط المتهم بالصورة التي رواها الشاهدان تنطق بأنه كان في حالة تلبس, إذ أنه قد شوهد وهو يجري من محل الحادثة بعد حصولها مباشرةً والأهالي تصيح خلفه أنه القاتل وهو يعدو أمامهم حتى صار ضبطه على مسافة 150 متراً من مكان الحادث" - ما ذكره الحكم من ذلك له أصله في الأوراق, ولم يكن في القانون ما يمنع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى من الاستدلال بهذه الحالة على المتهم - لما كان كل ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً ولا يكون الطعن فيه على هذه الصورة إلا جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويتعين من أجل ذلك رفضه موضوعاً.