أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1404

جلسة 8 ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوي، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى الأسيوطي، ومحمد ماهر حسن.

(288)
الطعن رقم 1611 لسنة 39 القضائية

( أ ) إثبات. "إثبات بوجه عام". تلبس. قبض. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مأمورو الضبط القضائي. مواد مخدرة.
أمر الضابط لرواد مقهى بعدم التحرك ريثما ينتهي من ضبط وتفتيش أحد المأذون بتفتيشهم بالمقهى. لا يعتبر قبضاً بغير حق. المقصود بهذا الإجراء: المحافظة على الأمن والنظام دون تعرض لحرية أحد. تخلى المتهم الذي كان من بين رواد المقهى عما معه من مخدر. أثر ذلك. تخل اختياري. صحة التعويل على الدليل المستمد منه.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "شهادة" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشهود والمواءمة بينها والأخذ منها بما لا خلاف فيه.
عدم جواز إثارة الجدل الموضوعي أمام النقض.
1 - لا يقدح في أن المتهم تخلى باختياره وإرادته عما في حوزته من مخدر، أمر الضابط لرواد المقهى - ومن بينهم المتهم - بعدم التحرك حتى ينتهي من المهمة التي كان مكلفاً بها - وهي ضبط أحد تجار المخدرات وتفتيشه - إذ المقصود بهذا الإجراء هو مجرد المحافظة على الأمن والنظام دون تعرض لحرية المتهم أو غيره، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم من أن أمر الضابط بعدم التحرك [(1)] يعد قبضاً بغير حق أرهبه وجعله يلقي بالمخدر، يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين ما أخذته من قول شاهد آخر، ما دام ما أخذت به من شهادتهما ينصب على واقعة واحدة لا يوجد فيها خلاف فيما نقلته عنهما معاً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من خلاف بين قول الشاهدين من أن إلقاءه للمخدر كان قبل أو بعد دخول الضابط لباب المقهى - حتى بفرض صحته - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به إثارة الشبهة في قول الشاهدين مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26 مارس سنة 1968 بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبدون تذكرة طبية. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد المبينة بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المضبوطات عدا النقود. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز الجواهر المخدرة قد خالف القانون وشابه القصور والتناقض في التسبيب ذلك بأنه دفع ببطلان تفتيشه لأن أمر الضابط لمن كان بالمقهى بعدم التحرك - حتى إتمام تفتيش صاحبها المأذون له بتفتيشه يعتبر قبضاً بغير حق أرهبه وجعله يلقي بالمخدر إلا أن الحكم رفض هذا الدفع بقوله "إن الطاعن إنما تخلى عن المخدر باختياره" وهو قول غير سديد هذا إلى تعارض شاهدي الإثبات إذ قرر الشرطي أن واقعة إلقاء الطاعن للمخدر كانت قبل دخول الضابط من باب المقهى بينما قرر الضابط أنها كانت تالية لدخوله بما يعيب الحكم بالتناقض.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لقيام حالة التلبس وأثبت في حق الطاعن أنه تخلى باختياره وإرادته عن المخدر، وكان لا يقدح في ذلك أمر الضابط لرواد المقهى - ومن بينهم الطاعن - بعدم التحرك - حتى ينتهي من المهمة التي كان مكلفاً بها - وهي ضبط أحد تجار المخدرات وتفتيشه - إذ المقصود بهذا الإجراء هو مجرد المحافظة على الأمن والنظام، دون التعرض لحرية الطاعن أو غيره. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمدونات الحكم أن ما حصله عن شاهدي الإثبات أن كلاً منهما شاهد الطاعن يخرج من جيبه قطعة الحشيش المضبوطة ويلقي بها على الأرض فالتقطها الضابط، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين ما أخذته من قول شاهد آخر ما دام ما أخذت به من شهادتهما ينصب على واقعة واحدة لا يوجد فيها خلاف فيما نقلته عنهما معاً. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن من خلاف بين قول الشاهدين من أن إلقاء الطاعن للمخدر كان قبل أو بعد دخول الضابط لباب المقهى - حتى بفرض صحته - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به إثارة الشبهة في قول الشاهدين مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] والطعن رقم 960 لسنة 31 ق جلسة 29 من يناير سنة 1962 السنة 13 ص 90