أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 550

جلسة 29 يناير سنة 1951
(208)
القضية رقم 1297 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك, وحسن إسماعيل الهضيبي بك, وإبراهيم خليل بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
إثبات. اعتراف متهم على آخر. مسألة تقديرية متروكة لرأي قاضي الموضوع.
إن حجية اعتراف متهم على آخر مسألة تقديرية بحتة متروكة لرأي قاضي الموضوع وحده, فله أن يأخذ متهماً باعتراف متهم آخر عليه متى اعتقد بصحة هذا الاعتراف واطمأن إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة - 1 - رياض عبد الله الكاشف و2 - علي سالم أبو السعود (الطاعنين) و3 - عبد الحميد فرج علام و4 - محمد حسين حسن الشهير برشاد بأنهم في يوم 27 من يناير سنة 1947 الموافق 5 من ربيع الأول سنة 1366 بالطريق العام الموصل بين بلدتي أبي النمرس والمنوات بدائرة مركز الجيزة مديرية الجيزة المتهم الأول: رياض عبد الله الكاشف قتل عمداً مرسي حسن الصياد وشرع في قتل عبد الرحمن الليثي عمداً بأن أطلق عليهما عدة أعيرة نارية قاصداً قتلهما فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بتقريري الطبيب الشرعي والتي أودت بحياة أولهما وخاب أثر الجريمة بالنسبة لثانيهما لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إصابته في غير مقتل وإسعافه بالعلاج وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر سرق مع باقي المتهمين الأقمشة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لعبد الحميد عثمان قناوي حالة كون بعضهم يحملون أسلحة نارية ظاهرة (بنادق) وبطريق الإكراه الواقع على المجني عليهما مرسي حسن الصياد وعبد الرحمن الليثي وأبو سريع إبراهيم عمرو وإبراهيم صالح حداد ومحمد حسين حسن الصياد الذين كانوا مصاحبين للأقمشة المسروقة بأن أطلقوا عليهم عدة أعيرة نارية من البنادق التي كان بعضهم يحملها فعطلوا قوة مقاومتهم وتمكنوا من ارتكاب السرقة الأمر المعاقب عليه بمقتضى المادة 315/ 1, 2, 3, 4 عقوبات. والمتهمون الثاني والثالث والرابع علي سالم أبو السعود وعبد الحميد فرج علام ومحمد حسين حسن الشهير برشاد - اشتركوا مع المتهم الأول في ارتكاب جناية القتل الآنفة الذكر والشروع فيها وذلك بأن اشتركوا معه بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة السرقة المتقدم ذكرها بأن رافقوه إلى مكان الحادث حالة كون بعضهم يحملون أسلحة نارية وكمنوا بجوار الطريق العام حتى إذا مر المجني عليهما وزملاؤهما على هذا الطريق بالعربة التي كانوا يحملون الأقمشة عليها انقضوا عليهم واستوقفوهم وأطلق بعضهم نحوهم عدة أعيرة نارية فعطلوا قوة مقاومتهم وقد تمت جناية السرقة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة, وكانت جناية القتل والشروع فيه نتيجة محتملة لها. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم: الأول بالمواد 315/ 1, 2, 3, 4, و234/ 2 و45 و46 و234/ 2 وللباقين 40, 41, 43, 234/ 2 من قانون العقوبات. و40, 41, 42, 43, 45, 46, 234/ 2 من نفس القانون. فقرر إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد سالفة الذكر. ومحكمة جنايات الجيزة قضت - عملاً بالمواد 240/ 2, 3 و41, 43, 234/ 2 و230 و315 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني (الطاعنين) أولاً - بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة والثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة, وثانياً - ببراءة كل من المتهمين الثالث والسادس مما أسند إليهما, وذلك عملاً بالمادة 50/ 2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات. وبانقضاء الدعوى بالنسبة للمتهمين الرابع والخامس لوفاتهما. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن هذا الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ آخذ الطاعن باعتراف المتهم الثاني عليه قد قال بأن هذا الاعتراف قد أيد بأقوال شهود الحادثة واستعرافهم والكلب البوليسي عليه, وبأن إحدى "البلغتين" المضبوطتين بمكان الحادث قد وجدت بمقاس قدمه, في حين أن شاهد الإثبات أبا سريع إبراهيم لم يستعرف عليه من أول الأمر, وأن شاهد الإثبات الآخر عبد الرحمن الليثي قد اختلط عليه الأمر عند الاستعراف, وفى حين أن استعراف الكلب البوليسي لا ينهض إلى مرتبة الدليل, كما أنه لا يصح الاستدلال بمقاس "البلغة" لصلاحيتها لعدة أقدام... هذا إلى أن الطاعن قد أصر أمام المحكمة على إنكار ما ورد باعتراف المتهم الثاني ودفع بأنه محرض على هذا الاعتراف لأنه - أي الطاعن - سبق أن اتهم من ثماني عشرة سنة سابقة بقتل عمة المتهم وأشار في دفاعه إلى رقم القضية الخاصة بذلك. واستشهد بشاهدين على أنه لم يكن بمحل الحادث. ولكن الحكم المطعون فيه, على الرغم من تحدثه عن هذا الدفاع, لم يرد عليه رداً كافياً ولم يورد مؤدى الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعن واستدل على نية القتل بما لا يؤدي إليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها واستند في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وأورد مؤدى هذه الأدلة بما فيه الكفاية ففصل اعتراف المتهم الثاني عليه واستدل على صحته بما يسوغ النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان ذلك, وكانت حجية اعتراف متهم على آخر مسألة تقديرية بحتة متروكة لرأي قاضي الموضوع وحده فله أن يأخذ متهماً باعتراف متهم آخر عليه متى اعتقد بصحة هذا الاعتراف واطمأن إليه, وكان ما استند إليه الحكم في إدانة الطاعن يتضمن بذاته الرد الكافي على دفاعه المبين بأوجه طعنه فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً ولا يكون الطعن فيه على هذه الصورة إلا محض جدل في موضوع الدعوى وأدلتها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض وتعين من أجل ذلك رفض هذا الطعن موضوعاً.