أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1422

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وسعد الدين عطية، ومحمود كامل عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

(293)
الطعن رقم 1621 لسنة 39 القضائية

(أ وب) سلاح. مواد مخدرة. تلبس. إثبات. "إثبات بوجه عام". تفتيش. مأمورو الضبط القضائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان.
( أ ) مشاهدة المتهم محرزاً سلاحاً. توافر حالة التلبس بإحرازه.
(ب) وجود مظاهر خارجية تنبئ عن ارتكاب جريمة. كفاية ذلك لقيام حالة التلبس. بصرف النظر عما يسفر عنه التحقيق أو المحاكمة. حق رجل الضبط في إجراء التفتيش في هذه الحالة. العثور عرضاً أثناء البحث عن جسم الجريمة المتلبس بها على جسم جريمة أخرى. صحيح. المادة 50 إجراءات.
(ج) مستشار الإحالة. أمر بألا وجه. "تسبيبه. تسبيب معيب". تفتيش.
إقامة الأمر بألا وجه قضاءه على ما ليس له أصل في الأوراق. يعيبه. مثال.
1 - إن مجرد رؤية المتهم للمطعون ضده حاملاً سلاحاً، يجعله في حالة تلبس بإحراز السلاح حتى ولو تبين بعد ذلك أنه غير معاقب على حيازته.
2 - من المقرر أنه إذا وجدت مظاهر خارجية فيها بذاتها ما ينبئ بارتكاب الفعل الذي تتكون منه الجريمة، فإن ذلك يكفي لقيام حالة التلبس بصرف النظر عما ينتهي إليه التحقيق أو تسفر عنه المحاكمة، ذلك بأنه لا يشترط لقيام حالة التلبس أن يؤدي التحقيق إلى ثبوت الجريمة قبل مرتكبها، وإذ كان ذلك، وكان الضابط قد شاهد المتهم محرزاً سلاحاً، فإنه يكون من حقه أن يفتش المطعون ضده، فإذا عثر معه عرضاً على مخدر أثناء بحثه عن السلاح وذخيرته، وقع ذلك الضبط صحيحاً طبقاً للفقرة الثانية من المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - إذا كان ما حصله الأمر المطعون فيه من أن الضابط الذي قام بتفتيش المطعون ضده تبين حقيقة المسدس المضبوط، وأن حيازته غير مؤثمة قانوناً، ثم استطالت بعد ذلك يده إلى باقي ملابسه بالتفتيش، ليس له أصل في أوراق الدعوى، إذ يبين من الاطلاع على مفردات القضية، أنه أثناء تفقد الضابط حالة الأمن سمع صوت طلق ناري وأبصر المطعون ضده يضع مسدساً في جيبه فقبض عليه وفتشه لضبط المسدس وما قد يكون المطعون ضده حائزاً له من الذخيرة، وعثر أثناء التفتيش على قطعة المخدر موضوع الدعوى، وقد تم ذلك قبل أن يتبين حقيقة المسدس سوى مسدس صوت، فأن الأمر يكون معيباً بالخطأ في الإسناد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 6 أبريل سنة 1967 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و37/ ا و42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق. فقرر غيابياً عملاً بالمادة 176 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30/ 2 من قانون العقوبات بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية مع مصادرة المادة المخدرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الأمر المطعون فيه أنه إذ قرر بأن لا وجه لإقامة الدعوى العمومية جاء مشوباً بالخطأ في الإسناد ذلك بأنه أبطل تفتيش المطعون ضده وأهدر الدليل المستمد من هذا التفتيش بمقولة أن مأمور الضبط أجرى التفتيش الذي أسفر عن العثور على المادة المخدرة بعد أن كان قد فرغ من ضبط المسدس الذي كان يحرزه المطعون ضده وتحقق من أنه مسدس صوت لا يعاقب القانون على حيازته. وهذا الذي حصله الأمر المطعون فيه يخالف الثابت في الأوراق، إذ يبين منها أن الضابط عثر على المادة المخدرة أثناء تفتيش المطعون ضده للبحث عن المسدس وطلقاته وقبل أن يتحقق من مشروعية حيازته لهذا المسدس. ومن ثم فإن ضبط المخدر يكون صحيحاً ويجوز الاستناد إلى الدليل المستمد منه، وما وقع فيه الأمر المطعون فيه من خطأ في الإسناد قد حجبه عن تقدير الدليل المستمد من ذلك التفتيش الصحيح.
وحيث إن الأمر المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله: "وبما أن واقعة الدعوى تتحصل في أنه حوالي الساعة الواحدة من صباح يوم 6/ 4/ 1967 كان الملازم نبيل محمد زويد يمر بدائرة الأزبكية متفقداً حالة الأمن فسمع صوت مقذوف ناري فتوجه لمصدره حيث شاهد المتهم....... وبيده مسدس فلما أحس بمقدمه وضع المسدس بجيب جلبابه وحاول الهرب فحال بينه وبين ما قصد وفتشه فأخرج المسدس من جيب جلبابه الأيمن ووجد أنه مسدس صوت وبتفتيشه وجد بجيب جلبابه العلوي الأيسر قطعة من الحشيش بلغ وزنها 10 و1 جم" وخلص الأمر إلى بطلان التفتيش والدليل المستمد منه في قوله "وبما أن وقائع الدعوى قاطعة في أن لا على المتهم من شبهة أو ظل شبهة إلا أنه أطلق مقذوفاً نارياً فاستلزم احتياط رجل الشرطة أن يقبض عليه الضابط نبيل محمد زويد ويخرج المسدس من جيب جلبابه الذي يعرف مسبقاً أن به المسدس وهو جيب الجلباب الأيمن وقد فعل وتبين له أن المسدس ليس محظوراً حيازته أو مؤثماً على إحرازه، فإذا كان ذلك واستطالت يد الضابط إلى جيب آخر من جيوب المتهم بالتفتيش، كان هذا الإجراء باطلاً عليه بطلاناً أكيداً ولو قيل أنه إنما كان بحثاً عن طلقات المسدس، لانعدام قيمة هذا القول، فعلة البحث لا تقوم إن كان إحراز المسدس نفسه وحيازته مباحة. وبما أن مؤدى ما سلف أن ما نتج عن التفتيش الباطل باطل بدوره ولا يعتبر دليلاً يجابه به المتهم، وبذا تكون الدعوى فاقدة ما يجب أن يتوفر من أدلة تكفي لإحالتها إلى محكمة الجنايات ويتعين لذلك إعمال حكم المادة 0176 أ. ج مع مصادرة المخدر عملاً بالمادة 30/ 2 عقوبات. وبما أنه ليس يفوتنا أن نشير إلى أن ما أثبت بمحضر الضبط من اعتراف لا قيمة له فهو إن كان قد صدر فقد حدث في غمرة الإجراء الباطل وما نتج عنه فلا اعتبار له، بل هو متعين الاستبعاد والالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان ما حصله الأمر المطعون فيه من أن ضابط الشرطة الذي قام بتفتيش المطعون ضده تبين حقيقة المسدس المضبوط وأن حيازته غير مؤثمة قانوناً، ثم استطالت بعد ذلك يده إلى باقي ملابسه بالتفتيش، ليس له أصل في أوراق الدعوى إذ يبين من الاطلاع على مفردات القضية أنه أثناء تفقد الضابط حالة الأمن سمع صوت طلق ناري وأبصر المطعون ضده يضع مسدساً في جيبه فقبض عليه وفتشه لضبط المسدس وما قد يكون المطعون ضده حائزاً له من الذخيرة وعثر أثناء التفتيش على قطعة المخدر موضوع الدعوى. وقد تم ذلك قبل أن يتبين حقيقة المسدس وأنه ليس سوى مسدس صوت. لما كان ذلك، وكان مجرد رؤية الضابط للمطعون ضده حاملاً سلاحاً يجعله في حالة تلبس بحمل السلاح حتى ولو تبين بعد ذلك أنه غير معاقب على حيازته، إذ أنه من المقرر أنه إذا وجدت مظاهر خارجية فيها بذاتها ما ينبئ بارتكاب الفعل الذي تتكون منه الجريمة فإن ذلك يكفي لقيام حالة التلبس بصرف النظر عما ينتهي إليه التحقيق أو تسفر عنه المحاكمة ذلك بأنه لا يشترط لقيام حالة التلبس أن يؤدي التحقيق إلى ثبوت الجريمة قبل مرتكبها، ولما كان الضابط قد شاهد جريمة إحراز السلاح متلبساً بها فإنه يكون من حقه أن يفتش المطعون ضده المتلبس بالجريمة فإذا عثر هذا الضابط عرضاً على مخدر في أحد جيوب المطعون ضده أثناء بحثه عن السلاح وذخيرته وقع ذلك الضبط صحيحاً طبقاً للفقرة الثانية من المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه يكون قد أخطأ في الإسناد، وانتهى به ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث الموضوع، ومن ثم فيتعين نقض الأمر المطعون فيه وإعادة القضية إلى مستشار الإحالة.