أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 630

جلسة 13 من فبراير سنة 1951
(241)
القضية رقم 1732 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
إثبات. استناد المحكمة فيما استندت إليه إلى تسليم محامي المتهم بدليل ظل المتهم منكراً له أثناء التحقيق والمحاكمة. حكم معيب. أدلة الدعوى. فساد أحدها. يترتب عليه سقوط الباقي.
1 - إن تسليم محامي المتهم بدليل من أدلة الدعوى لا يصح أن يعتبر حجة على صحة هذا الدليل يؤخذ بها المتهم رغم إنكاره له. وإذن فمتى كانت المحكمة حين دانت المتهم في جريمة تزوير ورقة أميرية قد استندت فيما استندت إليه في الاقتناع بثبوت التهمة قبل المتهم إلى اعتراف محاميه في دفاعه عنه بأن الصورة الملصقة بتذكرة تحقيق إثبات الشخصية المزورة هي للمتهم وهو الأمر الذي ظل المتهم منكراً له أثناء التحقيق والمحاكمة - فإن الحكم يكون مشوباً بفساد الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه.
2 - الأدلة في المواد الجنائية متماسكة بحيث إذا سقط أحدها انهار باقيها بسقوطه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه في يوم 4 من أغسطس سنة 1947 الموافق 17 من رمضان سنة 1366 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة ارتكب تزويراً مادياً في ورقة أميرية هي الاستمارة رقم " 38 قصور" التي تصدرها إدارة قصر جلالة الملك لإثبات شخصية موظفيها ومستخدميها وكان ذلك بطريقي الاصطناع ووضع أختام مزورة بأن اصطنع استمارة من هذا النوع وجعلها صادرة من إدارة قصور جلالة الملك إليه ودون عليها اسمه ونسب فيها تزويراً إلى نفسه أنه يشغل وظيفة مهندس المباني المساعد بقصر عابدين ولصق عليها صورته الشمسية ووضع عليها ختمين مزورين من أختام سراي عابدين والإدارة الملحقة بها ولحضرة ناظر هذا القصر, وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة جنايات مصر لمحاكمته بالمادتين 211 و212 من قانون العقوبات، فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمادتين سالفتي الذكر. ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بمادتي الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد شوقي أحمد عبد الباقي بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النفض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أنكر في جميع أدوار التحقيق صلته بالاستمارة موضوع التهمة كما أنكر أن الصورة الملصقة عليها هي صورته ولكت المحكمة قضت بإدانته مستندة في ذلك إلى اعتراف محاميه بأن الصورة صورته مع أن المحامي لم يعترف بذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله بأنها تتحصل في "أنه في يوم 12 أغسطس سنة 1947 بسراي عابدين استلم إبراهيم الكاشف الساعي بالقصور الملكية من مكتب بريد السراي ملفاً معنوناً باسم محمد أفندي شوقي داخله أوراق وتذكرة إثبات شخصية خاصة بإدارة قصور جلالة الملك على الاستمارة رقم 38 قصور باسم "محمد أفندي شوقي أحمد" مهندس المباني المساعد تبع قصر عابدين وعليها صورة فوتوغرافية له وممهورة بخاتم يشابه أختام المصالح الأميرية ومكتوب عليه "قصر عابدين" كما أنها مختومة بختم منسوب لناظر قصر عابدين "محمد علي مصلح" تاريخه 1368 هجري وأوراق أخرى من بينها خطاب على ورقة صفراء معنون "شوقي بك" تاريخه 5 مايو سنة 1947 وآخر مرسل لمحمد أفندي شوقي تاريخه 24 مايو سنة 1947 فبحث عن اسم صاحبها فلم يعثر عليه واستفسر عنه من حسين لبيب القياس بهندسة الري بالأوقاف الملكية ولما لم يستعرف عليه الأخير سلمه الأوراق فقام بدوره بتسليمها لحضرة أحمد أفندي إبراهيم رئيس قسم الإدارة بالأوقاف الملكية فبحث الأخير عن هذا الشخص فلم يجد أحد بهذا الاسم ولا بهذه الصورة بجميع الأقسام وعرضت تذكرة إثبات الشخصية على حضرة علي حسن سعود أفندي ناظر قصر عابدين فقرر أن هذه التذكرة غير صحيحة ولم تصدر من القصر والختم الموجود تحت اسم ناظر قصر عابدين ليس له ولا يوجد ناظر للسراي بهذا الاسم في أي عهد وأن الختم الكبير ليس ختم السراي وصاحب هذه التذكرة وهو محمد أفندي شوقي أحمد غير معروف لديه وأن التذكرة البيضاء قبل ملء خاناتها من أوراق السراي ويمكن لموظفي السراي الحصول عليها بعد بيان الجهة التابع لها الموظف ومصادقة قسم المستخدمين بالسراي وإرصادها بالدفاتر المختصة وإمضائها من مدير الإدارة أو السكرتير العام أو ناظر السراي وبعد إتمام هذه الإجراءات تختم بخاتم السراي وأضاف أن البيانات الواردة بهذه التذكرة مزورة ومن المتبع أن يوقع عليها بالإمضاء لا بالختم كما حصل بهذه التذكرة وقد وجد بين الأوراق التي وردت مع هذه التذكرة دعوة لحضور حفلة بإدارة كازينو ألف ليلة عليها اسم الأستاذ عبد السلام مصطفى ورقم 56129 رجح أن يكون هذا رقم لتليفون وبالاتصال به اتضح أنه خاص بشركة الإسكندرية للتأمين لعلي باشا يحيي وأن محمد شوقي أحمد كان يعمل بهذه الشركة كوسيط وترك العمل بها منذ ثلاث سنين وأدى البحث إلى معرفة محل إقامته المتهم محمد شوقي أحمد عبد الباقي وبسؤاله عن هذه الأوراق ادعى أن بعضها خاص به وأن تذكرة تحقيق الشخصية ليست له ولا يتذكر أن الصورة الفوتوغرافية الملصقة بها له مع أن أوصافه وملامح وجهه وسنه لا تختلف عن الصورة في شيء إلا أن له شارباً أسود طويلاً وصورة التذكرة خلوة من الشارب وادعى أن حافظة نقوده سرقت منه منذ أسبوع وكان بها بعض الأوراق المضبوطة وأوراق أخرى ولم يبلغ بسرقتها ولا يعرف كيف وصلت هذه الأوراق لسراي عابدين وقد استكتب المتهم وأرسلت البطاقة المزورة لمعرفة إن كان الختم ذو التاج المطبوع عليها هو ختم قصر عابدين أو أنه ختم مصطنع كما أرسلت معه ثلاث نماذج من بصمات ختم قصر عابدين وأرسلت إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة بين استكتاب المتهم وبين البيانات المدونة بالبطاقة لبيان إن كانت بخط المتهم أم بخط غيره وانتهى التقرير إلى أن يرجح أن الصورة الملصقة على الكرنيه هي صورة المتهم وأن البصمة المطعون فيها والموقع بها على تذكرة إثبات الشخصية أخذت من قالب ختم آخر غير خاتم قصر عابدين وأن المتهم محمد شوقي أحمد هو الكاتب لتذكرة إثبات الشخصية موضوع البحث على ما يجئ مفصلاً في حينه" ثم أورد مؤدى شهادة الشهود وتقرير قسم أبحاث التزوير بمصلحة الطب الشرعي وبعدئذ قال: "وحيث إن الدفاع عن المتهم اعترف ضمناً في مرافعته أن الصورة الملصقة بتذكرة تحقيق إثبات الشخصية هي للمتهم ولكنه طعن على تقرير أبحاث التزييف والتزوير أنه غير فني ولا يمت لخبرة الخطوط بصلة. وطلب انتداب خبير من خبراء الجدول وقد سبق أن أبدى هذا الدفاع بالإحالة, فقد صرح له بتقديم تقرير استشاري والتصريح للخبير الذي ينتدبه بأداء مأموريته تحت إشراف النيابة إلا أنه لم يقدم هذا التقرير ولذا فإن دفعه في غير محله ولا تعول عليه المحكمة خصوصاً وأنه ظاهر من مضاهاة خط الاستكتاب بالبيانات الواردة بتذكرة تحقيق الشخصية أنها لشخص واحد واعترافه بأن الصورة للمتهم يؤيد ما ورد في التقرير الذي طعن عليه, ويتضح من ذلك أن مما عولت عليه المحكمة في الاقتناع بثبوت التهمة قبل المتهم اعتراف محاميه في دفاعه عنه بأن الصورة صورته وهو الأمر الذي ظل المتهم منكراً له أثناء التحقيق والمحاكمة. ولما كان تسليم المحامي بدليل من أدلة الدعوى بفرض حصوله لا يصح أن يعتبر حجة على صحة هذا الدليل يؤخذ بها المتهم رغم إنكاره له وكانت الأدلة في المواد الجنائية متماسكة بحيث لو سقط أحدها انهار باقيها بسقوطه. فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بفساد الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.