أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 48

جلسة 21 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى.

(11)
الطعن رقم 1220 لسنة 43 القضائية

(1) إستيقاف. قبض. دعارة. رجال السلطة العامة. محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق رجل السلطة العامة فى استيقاف من يضع نفسه موضع الريب والظنون.
إقرار الطاعنة لمأمور الضبط القضائى. أثر استيقافه إياها. بممارستها الدعارة. يجيز له القبض عليها. مادامت محكمة الموضوع قد اطمأنت فى حدود سلطتها التقديرية إلى توافر مبرر الاستيقاف.
(2) إثبات. "إعتراف". "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف فى المسائل الجنائية. عنصر من عناصر الاستدلال. حق محكمة الموضوع فى تقدير قيمته والأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وغيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه.
الأقوال التى يدلى بها المتهم فى حق غيره من المتهمين. تجعله شاهد إثبات ضدهم.
(3) حكم. "ما لا يعيبه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض."أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذى يعيب الحكم ؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. إسقاطها إيراد أقوال بعض الشهود. مفاده. إطراحها.
(4) دعارة. جريمة. "أركان الجريمة". إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تطلب القانون طريق إثبات معين لثبوت العادة فى جريمة ممارسة الدعارة.
إثبات الحكم اعتياد الطاعنة إرتكاب الفحشاء من الناس بغير تمييز لقاء أجر. كفايته إثباتا لتوافر أركان الجريمة.
لا معقب على محكمة الموضوع فى إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة.
1 - الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة فى سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها، ويسوغه اشتباه تبرره الظروف. وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذ ما وضع الشخص نفسه طواعية واختيارا فى موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى والكشف عن حقيقته. لما كان مفاد ما أورده الحكم أن مأمور الضبط القضائى. ضابط الشرطة قد استوقف الطاعنة والمتهمة الأخرى لاستكناه حقيقة أمرهما بعد أن توافرت مبررات الاستيقاف وأنهما أقرتا له أثر استيقافهما بأنهما مارستا الدعارة نظير أجر بإحدى شقق المنزل وأيد قاطن تلك الشقة هذا الإقرار فإن القبض عليهما عقب ذلك بمعرفة الضابط يكون قبضا صحيحا فى القانون. ولا محل لما تثيره الطاعنة من منازعة فى تصوير الواقعة وكيفية حصول الضبط طالما أن المحكمة قد اطمأنت – فى نطاق سلطتها التقديرية – إلى ما أثبته الضابط فى محضره فى هذا الشأن.
2 - إن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. كما أن الأقوال التى يدلى بها المتهم فى حق غيره من المتهمين تجعل منه شاهد إثبات ضدهم. ولما كان الحكم قد أورد فى مقام سرده لأدلة الثبوت أن الطاعنة والمتهمة الأخرى اعترفتا بمحضر جمع الاستدلالات بممارستهما الفحشاء مع ساكني الشقة لقاء أجر معين وأنهما اعتادتا ممارسة الدعارة فى الأشهر الثلاثة السابقة على الضبط كما اعترفت المتهمة الأخرى بتحقيقات النيابة العامة بأنها مارست الدعارة هى والطاعنة نحو ست مرات فى الشهرين السابقين على يوم الضبط نظير أجر، وكانت الطاعنة لا تمارى فى أن ما أورده الحكم فى هذا الشأن له أصله الثابت فى الأوراق فان ماتنعاه فى شأن استناده إلى اعترافها هي والمتهمة الأخرى فى محضر جمع الاستدلالات واعتراف الأخيرة فى محضر تحقيق النيابة العامة لا يكون له محل.
3 - التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة. ولما كان الحكم قد أورد أقوال المتهمة الأخرى بما لا تناقض فيه مع باقى الأدلة التى ليس من بينها أقوال الشاهدين اللذين أشارت إليهما الطاعنة فى وجه الطعن، وكان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال هذين الشاهدين إطراحه لها، إذ أن المحكمة فى أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق فى شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك.
4 - لم يستلزم القانون لثبوت العادة في جريمة ممارسة الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات. ولما كان ما أورده الحكم فى مدوناته يكفى فى إثبات أن الطاعنة قد اعتادت ارتكاب الفحشاء من الناس بغير تمييز مقابل أجر بما تتوافر به أركان الجريمة المسندة إليها، وكان إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد علي ممارسة الدعارة مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب مادام تدليل الحكم على ذلك سائغا – كما هو الحال فى الدعوى – فإن النعي يكون على غير أساس.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنة وأخرى بأنهما فى يوم 9 من سبتمبر سنة 1972 بدائرة قسم قصرالنيل محافظة القاهرة: إعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز مقابل أجر، وطلبت عقابهما بالمادتين 9/ ج و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961، ومحكمة جنح آداب القاهرة الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 12 سبتمبر سنة 1972 عملا بمادتى الاتهام بحبس كل من المتهمتين ستة أشهر مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما خمسين جنيها بلا مصروفات فاستأنفا، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم كل من المتهمتين خمسين جنيها بلا مصاريف جنائية، فطعنت المحكوم عليها الثانية فى هذا الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة قد شابه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون – ذلك بأنه لم يعرض – إيرادا وردا – للدفع ببطلان القبض الواقع على الطاعنة لأن الجريمة لم تكن فى حالة تلبس ولأن القبض قام به شرطيان سريان وهما ليسا من رجال الضبطية القضائية ولم يشترك فيه الضابط الذى حرر محضر ضبط الواقعة على خلاف ما أثبته فى محضره، كما أن الحكم عول فى الإدانة على اعتراف الطاعنة مع أن أقوالها لا تعد اعترافا لأنها ليست نصا فى اقتراف الجريمة ولا يعتد بأقوال المتهمة الأخرى في الدعوى لأنها لا تطابق الحقيقة والواقع وجاءت متناقضة مع أقوال شاهدين أحدهما حارس العمارة إذ أنهما نفيا معرفتهما للطاعنة أو دخولها الشقة التى زعم الضابط أنها مارست بها الدعارة، هذا فضلا عن أن الحكم لم يستظهر توافر ركن الاعتياد فى حق الطاعنة. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم الابتدائى المأخوذ لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أن الطاعنة (المتهمة الثانية فى الدعوى) وأخرى اعتادتا ممارسة الدعارة مقابل أجر وأنهما فى يوم الضبط توجهتا إلى شقة معينة بإحدى العمارات حيث مارستا الفحشاء مع قاطنى تلك الشقة نظير مبلغ معلوم، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على تلك الصورة فى حقهما أدلة مستمدة مما ورد بمحضر الضبط ومن اعتراف المتهمتين بهذا المحضر واعتراف المتهمة الأخرى فى تحقيق النيابة العامة، وجاء فيما استقاه الحكم من محضر الضبط أن تحريات ضابط الشرطة دلت على أن بعض النسوة الساقطات يترددن على المنزل المشار إليه لممارسة الدعارة مع شاغلى الشقق المفروشة به، وأنه فى يوم الضبط شاهد الضابط المتهمتين تدخلان إحدى الشقق وتخرجان بعد ساعة ونصف ولما استوقفهما أقرتا له بأنهما مارستا الفحشاء مع قاطن الشقة المذكورة لقاء مبلغ معين وقد أقر ساكن تلك الشقة بذلك. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة فى سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذ ماوضع الشخص نفسه طواعية واختيارا فى موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته، ولما كان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أن مأمور الضبط القضائى - ضابط الشرطة - قد استوقف الطاعنة والمتهمة الأخرى لاستكناه حقيقة أمرهما - بعد أن توافرت مبررات الاستيقاف - وأنهما أقرتا له أثر استيقافهما بأنهما مارستا الدعارة نظير أجر باحدى شقق المنزل وأيد قاطن تلك الشقة هذا الإقرار، فان القبض عليهما عقب ذلك بمعرفة الضابط يكون قبضا صحيحا فى القانون. ولا محل لما تثيره الطاعنة من منازعة فى تصوير الواقعة وكيفية حصول الضبط طالما أن المحكمة قد اطمأنت – فى نطاق سلطتها التقديرية – إلى ما أثبته الضابط فى محضره فى هذا الشأن ومن ثم فان دفاع الطاعنة فى صدد ما سلف لا يعدو فى حقيقته أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليها إذ أن فى اطمئنانها إلى أدلة الثبوت التى عولت عليها فى الإدانة ما يفيد إطراحها لها، ولا يجوز معاودة الجدل فى ذلك لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين فى أي دور من أدوار التحقيق وأن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكانت الأقوال التى يدلي بها المتهم فى حق غيره من المتهمين تجعل منه شاهد إثبات ضدهم، وكان الحكم المطعون قد أورد فى مقام سرده لأدلة الثبوت أن الطاعنة والمتهمة الأخرى اعترفتا بمحضر جمع الاستدلالات بممارستهما الفحشاء مع ساكنى الشقة لقاء أجر معين وأنهما اعتادتا ممارسة الدعارة فى الأشهر الثلاث السابقة على الضبط كما اعترفت المتهمة الأخرى بتحقيقات النيابة العامة بأنها مارست الدعارة هى والطاعنة نحو ست مرات فى الشهرين السابقين على يوم الضبط نظير أجر، وكانت الطاعنة لا تمارى فى أن ما أورده الحكم فى هذا الشأن له أصله الثابت فى الأوراق فإن ما تنعاه في شأن استناده إلى اعترافها هى والمتهمة الأخرى فى محضر جمع الاستدلالات واعتراف الاخيرة فى محضر تحقيق النيابة العامة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال المتهمة الأخرى بما لا تناقض فيه مع باقى الأدلة التى ليس من بينها أقوال الشاهدين اللذين أشارت إليهما الطاعنة في وجه الطعن، وكان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال هذين الشاهدين إطراحه لها، إذ أن المحكمة فى أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق فى شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك. لما كان ذلك، وكان القانون لا يستلزم لثبوت العادة فى جريمة ممارسة الدعارة طريقة معينة من طرق الاثبات و كان ما أورده الحكم فى مدوناته يكفى فى إثبات أن الطاعنة قد اعتادت إرتكاب الفحشاء من الناس بغير تمييز مقابل أجر بما تتوافر به أركان الجريمة المسندة إليها، وكان إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب مادام تدليل الحكم على ذلك سائغا – كما هو الحال فى الدعوى – وكان الطعن فى حقيقته جدلا موضوعيا لا يثار لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة.