أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 701

جلسة 6 مارس سنة 1951
(266)
القضية رقم 1613 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
حكم حضوري. المعول عليه في اعتبار الحكم حضورياً. هو أحكام قانون تحقيق الجنايات, لا أحكام قانون المرافعات.
إذا كان يبدو من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسست قضاءها بعدم جواز المعارضة في الحكم الصادر في الدعوى المدنية على قواعد المرافعات المدنية فاعتبرت حضور المدعى عليه في إحدى الجلسات كافياً لاعتبار الحكم حضورياً, فهذا يكون خطأ في القانون, إذ الواجب تطبيقه بالنسبة إلى الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية هو قانون تحقيق الجنايات الذي يقضي بأن العبرة في اعتبار الحكم حضورياً أو غيابياً هي بحضور المحكوم عليه بالجلسة التي تحصل المرافعة ويصدر الحكم فيها. وإذ كان قانون تحقيق الجنايات لا يمنع قبول المعارضة من المسئول عن الحقوق المدنية وكانت الشركة المسئولة لم يمثلها أحد في الجلسة التي حصلت فيها المرافعة وصدر الحكم, فإن هذا الحكم إذ قضى بعدم جواز المعارضة باعتبار أن الحكم المعارض فيه قد صدر حضورياًً يكون مبنياً على خطأ في تأويل القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه بدائرة مركز الدوار: تسبب في قتل رشاد علي إسماعيل بدوي بدون قصد ولا تعمد بأن كان ذلك ناشئاً عن رعونته وعدم احتياطه وذلك بأن قاد سيارته بسرعة ولم يستعمل آلة التنبيه ولم ينتبه لوجود المجني عليه أمامه فصدمه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي التي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعت صابحة هليل عن نفسها وبصفتها وصية على عبد الله علي إسماعيل كما ادعى عبد العزيز الجندي بصفته ولياً على بنتيه عزيزة وصبرة أختي المجني عليه بحق مدني قدره قرش صاغ واحد بصفة تعويض قبل المتهم وشركة مصر للحرير الصناعي بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية. ولد نظر الدعوى طلب المدعون بالحقوق المدنية تعديل التعويض إلى ألف جنيه مصري. والمحكمة قضت عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أربعة أشهر مع الشغل وكفالة 600 قرش لوقف التنفيذ وإلزامه هو والمسئولة مدنياً بأن يدفعا متضامنين إلى المدعين بالحق المدني مبلغ 800 جنيه على سبيل التعويض ومصاريف الدعوى المدنية المناسبة و200 قرش صاغ مقابل أتعاب محاماة. فاستأنف المتهم والمسئولة عن الحق المدني. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية. وبتاريخ 24 إبريل سنة 1950 عارضت شركة الحرير المسئولة مدنياً في هذا الحكم. ولدى نظر المعارضة دفع المدعيان بالحق المدني بعدم جواز المعارضة. والمحكمة قضت بقبول الدفع وبعدم جواز المعارضة بلا مصاريف. فطعن المتهم (عبد الحميد إبراهيم الطباخ) في الحكم الاستئنافي بطريق النقض كما طعن الأستاذ فتح الله البوريني المحامي الوكيل عن شركة مصر للحرير الصناعي في حكم المعارضة إلخ.


المحكمة

... حيث إن أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول تتحصل في القول بأنه دفع التهمة أمام محكمة أول وثاني درجة بأن المعاينة التي أجراها المحقق عقب وقوع الحادث تنفي عنه الخطأ لما ثبت منها من أن التصادم حدث بالجانب الأيمن من الطريق لا في الجانب الأيسر منه حسبما زعم شاهد الإثبات مما كان يقتضي معه الحكم ببراءته, وقد طلب احتياطياً من محكمة ثاني درجة استدعاء المحقق الذي أجرى المعاينة لمناقشته استجلاء للحقيقة إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب وأطرحت المعاينة بمقولة إنها تمت بإرشاد الطاعن وهذا الذي تقوله المحكمة لا أساس له في الأوراق - ويضيف الطاعن بالنسبة إلى الدعوى المدنية أن أحد المدعين بالحقوق المدنية طالب بالتعويض أمام محكمة أول درجة عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على ابنتيه القاصرتين - وأمام المحكمة الاستئنافية استبعد صفته الشخصية لانعدام الصلة بينه وبين المجني عليه إلا أن المحكمة قضت بتأييد الحكم بالتعويض دون تخفيضه بسبب قصر الطلب على القاصرتين, كما أنها لم تبين صلة هاتين بالمجني عليه ولا مدى الضرر الذي أصابهما مما يعيب الحكم بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى أورد الأدلة على ثبوت وقوعها من الطاعن تعرض لطلب الطاعن الخاص بإعلان محرر التحقيق الابتدائي لسماع شهادته عن المعاينة التي أجراها, ورد عليه بأنه غير منتج في الدعوى لأن الثابت بالمحضر أن ذلك المحقق ليست لديه معلومات عن الحادث وأنه أجرى المعاينة طبقاً لإرشاد المتهم وحسبما قرر له وأنها جاءت مرددة لأقواله هو دون الشاهدين حيث لم يصحبهما إلى مكان الحادث, فضلاً عن أن المتهم لم يترك السيارة على حالها بذلك المكان, ولما كان هذا الذي قالته المحكمة من شأنه أن يبرر رفض المحكمة لطلبه وقد تبينت المحكمة من اطلاعها على الملف أن لهذا التعليل أصله في أوراق الدعوى, أما ما يقوله الطاعن بصدد الدعوى المدنية فإنه ظاهر من الحكم الابتدائي أن مبلغ التعويض محكوم به لأسرة القتيل إذ قالت المحكمة إنها تحكم به لأنه عائل أسرته وقد انقطع رزقها بوفاة عميدها - ولما كان الطاعن لا يدعي أن الولي المشار إليه - من أفراد أسرة القتيل الذين كان يعولهم وحكم لهم بالتعويض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعن الأول على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
(عن الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية).
حيث إن الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية عن الحكم الصادر بتاريخ 12/ 6/ 1950 والقاضي بعدم جواز المعارضة فيه في الحكم الاستئنافي قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذا اعتبرت الشركة المسئولة عن الحقوق المدنية ممثلة تمثيلاً صحيحاً أمام محكمة الاستئناف مما ترتب عليه القضاء بعدم جواز المعارضة في الحكم الاستئنافي الذي وصف حضورياً بالنسبة للطاعنة في حين أنه في الواقع صدر غيابياً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الجلسة المحاكمة الاستئنافية أن محامياً حضر عن الشركة دون أن يقدم توكيلاً عنها, فأجلت الدعوى ليقدم التوكيل, ثم حضر عنه محامٍ آخر في جلسة تالية ولم يقدم التوكيل أيضاً, وبجلسة 11/ 4/ 1950 حضر المحامي دون أن ينفذ قرار المحكمة فلم يقبل حضوره عن الطاعنة, فحضر وترافع عن المتهم دون الطاعنة التي لم يمثلها أحد, ثم فصلت المحكمة في الدعوى ووصفت حكمها بأنه حضوري بالنسبة إلى الطاعنة, وإذ عارضت هي في ذلك الحكم, قضت المحكمة بعدم جواز المعارضة استناداً إلى أن محامياً حضر عنها بجلسة 28/ 2/ 1950 وترافع وأبدى كل ما لديه من دفاع وأنه اتضح أن هناك توكيلاً أرفق بتقرير المعارضة في الحكم الاستئنافي لمحامٍ يرجع تاريخه إلى 12 إبريل سنة 1948, وخلصت المحكمة من ذلك إلى القول بأنه وقد أبدى المحامي دفاعه في تاريخ لاحق على ذلك التوكيل فإن الشركة تكون قد مثلت تمثيلاً صحيحاً بغض النظر عن تقديم التوكيل فعلاً.
وحيث إنه يبدو من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسست قضاءها بعدم جواز المعارضة على قواعد المرافعات المدنية فاعتبرت حضور المدعى عليه في إحدى الجلسات كافياً لاعتبار الحكم حضورياً مع أن هذا خطأ في القانون إذ الواجب تطبيقه بالنسبة إلى الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية هو قانون تحقيق الجنايات الذي يقضي بأن العبرة في اعتبار الحكم حضورياً أو غيابياً هي بحضور المحكوم عليه بالجلسة التي تحصل المرافعة ويصدر الحكم فيها - ولما كان قانون تحقيق الجنايات لا يمنع قبول المعارضة من المسئول عن الحقوق المدنية وكانت الطاعنة لم يمثلها أحد في الجلسة التي حصلت فيها المرافعة وصدر فيها الحكم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز المعارضة باعتبار أن الحكم المعارض فيه قد صدر حضورياً يكون مبنياً على خطأ في تأويل القانون ومن ثم يتعين نقضه.