أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 54

جلسة 21 من ينايرسنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى وابراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربي

(12)
الطعن رقم 1250 لسنة 43 القضائية

(1، 2) إثبات. "خبرة". "شهود". محكمة الموضوع. سطلتها فى تقدير آراء الخبراء". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة".
(1) تطابق الدليلين القولى والفنى. ليس بلازم.
(2) تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. من إطلاقات محكمة الموضوع.
حق المحكمة فى الأخذ بما ورد بالتقرير من جواز حدوث الاصابتين من ضربة واحدة وفق ما قرره المجنى عليه.
(3) إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات. "الاجراءات أمامها". إثبات. "بوجه عام" . "خبرة ". "شهود". دفاع. "الاخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره". نقض . "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إعادة المحاكمة لسقوط الحكم الغيابي في الجنايات. لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات المبداه فى المحاكمة الغيابية. بقاؤها ضمن عناصر الدعوي التي يجوز للمحكمة الاستناد إليها فى قضائها.
النعي على المحكمة عدم إعادة مناقشة الطبيب الشرعى الذى سئل في المحكمة الغيابية. لا محل له ما دام الطاعن لم يطلب ذلك.
1 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى علي الملاءمة والتوفيق.
2 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به، فلا تجوز مجادلتها فى ذلك. ولما كان الحكم قد أخذ بما انتهي إليه الطبيب الشرعي من جواز حدوث إصابتي المجني عليه من ضربة واحدة بالفأس علي الوجه الذي قرره، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن سقوط الحكم الغيابى وإعادة المحاكمة فى مواجهة المتهم لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التى أبديت أمام المحكمة فى المحاكمة الأولي بل أنها تظل معتبرة من عناصر الدعوي شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية، ومن ثم فإن للمحكمة أن تستند إليها فى قضائها. ولما كان البين من الرجوع إلي محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه استدعاء الطبيب الشرعى لإعادة مناقشته، فليس للطاعن من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإتخاذه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 25 مارس سنة 1967 بدائرة قسم بولاق محافظة القاهرة. أحدث بـ............. عمدا الجرحين الموصوفين بالتقرير الطبي الشرعي واللذين تخلف لديه من جرائهما عاهة مستديمة يستحيل برؤها فى فقد جزء من قشرة الصدغية اليسرى مساحة 2.1 سم مما يقلل من قدرته وكفاءته على العمل بنحو 10% وطلبت إلي مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك فى 11 مارس سنة 1970. وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ ثلاثمائة جنيه علي سبيل التعويض. ومحكمة جنايات القاهرة قضت فى الدعوي حضوريا بتاريخ 11 يونيه سنة 1973 عملا بالمادتين 240/ 1 و 16 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ثلاثمائة جنيه والمصاريف المناسبة فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذى نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه فساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن مؤدى أقوال المجنى عليه أن الطاعن اعتدى عليه بضربة واحدة بحد الفأس على رأسه مما ينتج عنه إصابة قطعية واحدة والثابت من التقرير الطبي الشرعي وجود جرحين حدثا من جسم صلب راض. وقد تساند الحكم فى قضائه بالإدانة إلي الدليلين القولى والفنى دون أن يتفطن إلى التعارض القائم بينهما ولم يعن برفعه، كما عول على أقوال الطبيب الشرعى بجلسة المحاكمة الغيابية رغم إدلائه بها فى غيبة الطاعن وكان يتعين علي المحكمة إعادة مناقشته، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان بها الطاعن وأورد علي ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجنى وولديه وما أثبته التقرير الطبى الشرعى، وحصل أقوال المجني عليه بقوله أنه قرر أن المتهم اعتدي عليه بأن ضربه بفأس علي رأسه ضربة واحدة أحدث بها الإصابة التى نتجت عنها العاهة، كما نقل الحكم عن التقرير الطبى الشرعى أنه أشار إلى ما أثبته مستشفى الانجلو أميركان من أنه شوهد بالمجنى عليه جرحين أحدهما بفروة الرأس مصحوبة بكسر بالجمجمة غير منخسف والثانى بالجانب الأيسر للرأس مع وجود كسر منخسف وآنه تم استئصال قطعة من العظم وأورد الحكم كذلك أن التقرير الطبى الشرعى إنتهى إلي أن هاتين الاصابتين حدثتا من المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وأنه يجوز حدوثها بالتصوير الوارد بأقوال المجني عليه في مذكرة النيابة من الضرب بفأس وأنه قد تخلف من جراء الاصابتين معا عاهة مستديمة. كما أثبت الحكم ما أدلى به الطبيب الشرعى واضع التقرير لدي مناقشته بجلسة المحاكمة الغيابية من أنه يرى فنيا احتمال حدوث الحالة الاصابية مجتمعة من ضربة واحدة بفأس علي الوجه الذي قرره المجني عليه وأن تصوير حدوث الاصابتين من ضربة واحدة جائز علي شكل اصطدام حد الفأس أو لا على يسار الجبهة محدثا الجرح وقابلة الشرخ علي انزلاق الجرح بعد ذلك باستمرار قوة الدفع أو اصطدام رأس الفأس بجانب الرأس من الجهة اليسري أيضا محدثا إصابة الصدغية اليسرى. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم واستند إليه في قضائه مما يتلاءم به فحوى الدليلين القولى والفنى بغير تناقض مع الدليل، ذلك أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن لا يكون مقبولا. وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا تجوز مجادلتها فى ذلك، وكان الحكم قد أخذ بما انتهي إليه الطبيب الشرعى من جواز حدوث إصابتي المجني عليه من ضربة واحدة بالفأس علي الوجه الذى قرره، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد، أما معني الطاعن في شأن اعتماد الحكم المطعون فيه علي أقوال الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة الغيابية بغير أن تعاد مناقشته فمردود بأن سقوط الحكم الغيابي وإعادة المحاكمة فى مواجهة المتهم لا يترتب عليه إهدار الأقوال والشهادات التى أبديت أمام المحكمة فى المحاكمة الأولي بل إنها تظل معتبرة من عناصر الدعوي شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية، ومن ثم كان للمحكمة أن تستند إليها فى قضائها، ولما كان البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه استدعاء الطبيب الشرعي لإعادة مناقشته فليس للطاعن من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإتخاذه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس متعينا رفضه موضوعا.