أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 61

جلسة 27 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(14)
الطعن رقم 1230 لسنة 43 القضائية

قتل عمد. إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". الإعتراف فى المسائل الجنائية عن عناصر الاستدلال، لمحكمة الموضوع سلطة تقديره لها الأخذ به أو إطراحه دون بيان العـلة. افصاحها عن الأسباب التى من أجلها أخذت به أو أطرحته. وجوب أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، ولمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك [(1)]
مثال لتسبيب معيب فى قتل عمد.
من المقرر أن الإعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال ولا يخرج عن كونه دليلا من أدلة الدعوى، وأن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير تلك الأدلة فلها أن تأخذ بها أو تطرحها دون بيان العلة، إلا أنها متى أفصحت عن الأسباب التى من أجلها أخذت بها أو أطرحتها فإنه يلزم أن يكون ما أوردتها واستدلت به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ويكون لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده وطوال مراحل التحقيق قد أصر علي اعترافه بأنه ضرب زوجته المجني عليها بيده فى بطنها عندما رآها تقف مع آخر وقد خلعت سروالها عنها فلما وقعت على الأرض مغشيا عليها قام بخنقها بالمنديل وألقي بجثتها في مجرى "الكباس" وكان الحكم قد أطرح اعتراف المطعون ضده قولا منه بعدم توافر رابطة السببية بين الفعل والنتيجة باعتبار أن تقرير الصفة التشريحية لم يقطع بسبب الوفاه وما إذا كان جنائيا من عدمه، وأن ما أثبته التقرير من أنه لا يوجد ما يتعارض مع إمكان حصول الوفاه نتيجة اسفكسيا الخنق للاعتبارات التى ذهب إليها إنما هو وليد ظن واستنتاج، فإن الحكم المطعون فيه فيما رتبه من نتائج على تقرير الصفة التشريحية يكون منطويا على عسف فى الاستنتاج وتنافر مع حكم العقل والمنطق ذلك أن تقرير الصفة التشريحية لم ينف قيام رابطة السببية بين فعل المطعون ضده والنتيجة إذا أورى فى هذا الخصوص بأنه " لا يوجد ما يتعارض مع امكان حصول الوفاه نتيجة اسفكسيا الخنق بالضغط علي العنق بجسم لين كمنديل رآس أو ما أشبه حسبما قرر المتهم – المطعون ضده – إذ أن الخنق بهذه الوسيلة قد لا يترك أي أثر يدل عليه أو قد يترك آثار إصابة بسيطة بالعنق تزول بفعل التعفن كما وأن عدم وجود كسر بالعظم أللامى لا ينفى أيضا امكان حصول الواقعة علي النحو الذي قرره المتهم إذ دانه من المعروف آنه فى حالات كثيرة من الخنق لا يحدث كسر بالعظم اللاما وخاصة فى الحالات التى تكون وسيلة الخنق باستعمال جسيم لين". وهذا الذي أورده الحكم نقلا عن التقرير الطبي الشرعي لا يقوم علي ظن أو استنتاج كما ذهب إليه الحكم، ويكون بذلك قد تعيب بفساد الاستدلال الذي يجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 13 يوليه سنة 1970 بدائرة مركز الشهداء محافظة المنوفية: قتل عمدا مع سبق الإصرار بأن انتوى قتلها وصمم على ذلك واصطحبها معه إلى الحقل وما أن واتته الفرصة حتى ضربها بيده على بطنها فغابت عن وعيها ثم انتزع منديل رأسها ولفه حول عنقها وضغط عليه بقوة قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أدت بحياتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا لمواد الإحالة. فقرر بذلك بتاريخ 22 مايو سنة 1971 ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1972 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه – إذ أهدر اعتراف المطعون ضده أمامها وفى مراحل التحقيق من أنه هو الذى قتل المجني عليها – قد انطوى على فساد فى الاستدلال ذلك بأنه ذهب إلى أن ما أورده تقرير الصفة التشريحية من جواز وقوع الحادث علي النحو الذي قال به المطعون ضده إنما كان وليد الظن والاستنتاج مع أن المحكمة تملك سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير وهذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن الإعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال ولا يخرج عن كونه دليلا من أدلة الدعوى، وأن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير تلك الأدلة فلها أن تأخذ بها أو تطرحها دون بيان العلة، إلا أنها متى أفصحت عن الأسباب التى من أجلها أخذت بها أو اطرحتها فإنه يلزم أن يكون ما أوردته واستدلت به مؤديا لما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ويكون لمحكمة النقض مراقبتها فى ذلك. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده وطوال مراحل التحقيق قد أصر علي اعترافه بأنه ضرب زوجته المجني عليها بيده فى بطنها عندما رآها تقف مع آخر وقد خلعت سروالها عنها فلما وقعت علي الأرض مغشيا عليها قام بخنقها بالمنديل وألقي بجثتها في مجرى "الكباس"، وكان الحكم قد اطرح إعتراف المطعون ضده قولا منه بعدم توافر رابطة السببية بين الفعل والنتيجة باعتبار أن تقرير الصفة التشريحية لم يقطع بسبب الوفاه وما إذا كان جنائيا من عدمه، وأن ما أثبته التقرير من أنه لا يوجد ما يتعارض مع امكان حصول الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق للاعتبارات التي ذهب إليها إنما هو وليد ظن واستنتاج، فإن الحكم المطعون فيه فيما رتبه من نتائج علي تقرير الصفة التشريحية يكون منطويا على عسف فى الاستنتاج وتتنافر مع حكم العقل والمنطق، ذلك أن تقرير الصفة التشريحية لم ينف قيام رابطة السببية بين فعل المطعون ضده والنتيجة إذا أورى في هذا الخصوص بأنه "لا يوجد ما يتعارض مع امكان حصول الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق بجسم لين كمنديل رآس أو ما أشبه حسبما قرر المتهم – المطعون ضده – إذ أن الخنق بهذه الوسيلة قد لا يترك أى أثر يدل عليه أو قد يترك آثار إصابية بسيطة بالعنق تزول بفعل التعفن كما وأن عدم وجود كسر بالعظم اللامي لا ينفى أيضا امكان حصول الواقعة علي النحو الذي قرره المتهم إذ أنه من المعروف أنه في حالات كثيرة من الخنق لا يحدث كسر بالعظم اللامى وخاصة فى الحالات التي تكون وسيلة الخنق باستعمال جسيم لين". وهذا الذى أورده الحكم نقلا عن التقرير الطبى الشرعى لا يقوم على ظن أو استنتاج كما ذهب إليه الحكم، ويكون بذلك قد تعيب بفساد الاستدلال الذى يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث الوجه الآخر من وجهى الطعن.


[(1)] راجع أيضا السنة 22 ص 406. والطعن رقم 147 لسنة 46 ق جلسة 9/ 5/ 1976 (لم ينشر).