أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 752

جلسة 12 من مارس سنة 1951
(284)
القضية رقم 123 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
إثبات. شهادة على سبيل الاستدلال. طفل صغير السن. الطعن في شهادته التي عولت عليها المحكمة بأنه لا يمكن الاطمئنان إلى أقواله لصغر سنه. هذا مجادلة في تقدير الدليل.
القانون لم يحظر سماع الشهادة التي تؤخذ على سبيل الاستدلال بلا يمين, بل للمحكمة متى اقتنعت بصحتها أن تأخذ بها وتعتمد عليها. فإذا كان الطاعن لا يدعي أن الطفل الذي أخذت المحكمة بشهادته لم يكن يستطيع التمييز وإنما اقتصر على القول بعدم إمكان الاطمئنان إلى أقواله لصغر سنه وجواز التأثير عليه - فذلك منه يكون مجادلة غير مقبولة في تقدير الأدلة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بناحية فرسيس مركز زفتى مديرية الغربية مع آخر حكم ببراءته خطفوا الطفل محمود محمود محمود عوض الذي لم تبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة وذلك بأن حمله المتهم الثاني كرهاً عنه ووضع جلبابه في فيه وأخفاه هو وباقي المتهمين عن أهله. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 288 - 1 من قانون العقوبات. فأمر بذلك وقد ادعى محمود عوض بصفته ولياً طبيعياً على ابنه محمود بحق مدني وطلب القضاء له قبل المتهمين بمبلغ مائة جنيه. ومحكمة جنايات طنطا قضت عملاً بمادة الاتهام - بمعاقبة كل من محمد شحاتة ناصف ولطفي فرج الله الديب بالسجن لمدة سبع سنين وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني محمود محمود عوض بصفته ولياً طبيعياً على ولده محمود - على سبيل التعويض مبلغ مائة جنيه مصري والمصاريف المدنية ومبلغ 500 قرش صاغ مقابل أتعاب محاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق المنقض إلخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعن الأول وإن قرار الطعن في الحكم إلا أنه لم يقدم أسباباً له فطعنه لا يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن طعن الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن أوجه هذا الطعن تتحصل في أن المحكمة لم تعن بتحقيق ما دافع به الطاعن من أن الشاهد إبراهيم ناصف لم يكن يمكنه الرؤية من المكان الذي قال إنه كان واقفاً فيه واكتفت في ذلك بإجراء المعاينة مع أن مجرد هذا الإجراء لا يكفي لتحقيق هذا الدفاع ومع أن أحد المدافعين قد أعلن استغناءه عنه بسبب أن الشاهد وزميله والمدعي بالحقوق المدنية كانوا قد فطنوا لهذا الدفاع عند نظر الدعوى في المرة الأولى وتبينوا الغرض منه فعملوا على تقويته واتفقوا على أن يرشد أولهم عن مكان آخر يمكن لمن يقف فيه أن يرى الداخل لمنزل الطاعن الأول فكان من الواجب على المحكمة أن تناقش باقي الشهود فيما قرروه أولاً عن استحالة الرؤية في المكان الأول وأن تراجع الشاهد ناصف فيما أدلى به أولاً عن المكان الذي كان فيه أما وهي لم تفعل وكان هذا الدفاع الخاص بالطاعن الأول متصلاً به هو أيضاً ومؤثراً على مركزه فإن المحكمة تكون قد أخلت بدفاعه. ويضيف الطاعن أن المحكمة قد استندت في إدانته إلى أقوال المجني عليه عنه وإلى تعرفه عليه مع أنه كان صغيراً وقت الحادث ولذا استغنى الدفاع والنيابة عن سماعه عند المحاكمة الأولى لأنه لم يكن يستطيع توضيح أقواله فما كان يصح للمحكمة أن تعول على أقواله وبخاصة أن الطاعن تمسك في مرافعته بأن الغلام لم يكن يبلغ السادسة من عمره مما لا يمكن معه الاطمئنان إلى أقواله. يضاف إلى ذلك أنه يعرفه من قبل بسبب الجوار وأنه لم يدل بأقواله إلا بعد أن مكث مع والده ليلة كاملة وهي فترة تسمح بالتلفيق والتلقين؛ ثم إن المحكمة قد استندت أيضاً إلى أقوال العمدة في أنه رآه وآخر يحومان حول منزله في الأيام السابقة على الخطف مع أن المحكمة لم تأخذ بهذه الأقوال بالنسبة إلى هذا الآخر وبرأته ومع أن العمدة صاحب مصلحة لعلاقته بالمخطوف وتدخله مدعياً بحقوق مدنية في الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن من أجلها وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وتعرض لدفاعه واطرحه للاعتبارات التي قالها. ولما كان الأمر كذلك وكان ما أوردته المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبته عليه فلا محل لما يثيره على الوجه الوارد بطعنه من جدل في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ الاطمئنان إليها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه, هذا ولم يحظر القانون سماع الشهادة التي تؤخذ على سبيل الاستدلال بلا يمين بل للمحكمة متى اقتنعت بصحتها أن تأخذ بها وتعتمد عليها, ولما كان الطاعن لا يدعي أن ذلك الطفل لم يكن يستطيع التمييز وإنما يقتصر على القول بعدم إمكان الاطمئنان لأقواله لصغر سنه وجواز التأثير عليه فإن ذلك يكون مجادلة غير مقبولة في تقدير الأدلة كشأن مجادلته بالنسبة إلى أخذ المحكمة بأقوال شاهد ضد متهم وعدم الأخذ بها بالنسبة إلى متهم آخر.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.