أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 74

جلسة 27 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(17)
الطعن رقم 1237 لسنة 43 القضائية

إثبات. "بوجه عام". "خبرة ". حكم."تسبيبه. تسبيب معيب". كحول.
لمحكمة الموضوع كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المعروضة على بساط البحث . هى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها. تعرضها لمسألة فنية بحتة. عليها الاستناد فى تفنيد رأى الخبير في شأنها إلي أسباب فنية تحمله. هي لا تستطيع أن تحل محل الخبير فيها. مثال لتسبيب معيب فى إطراح تقرير تحليل.
الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المعروضة علي بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها، إلا أنه من المقرر أنه متى تعرضت المحكمة لرأى الخبير الفنى فى مسألة فنية بحتة فإنه يتعين عليها أن تستند فى تفنيده إلى أسباب فنية تحمله وهي لا تستطيع فى ذلك أن تحل محل الخبير فيها. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم تبريرا لإطراحه تقرير التحليل المقدم فى الدعوى من إرجاع اختلاف نسبة الكحول إلى احتمال عدم دقة أجهزة القياس أو افتراض حدوث تفاعل فى السوائل الكحولية بفعل الزمن – مجردا من سنده فى ذلك، لا يكفى بذاته لإهدار تقرير التحليل وما حواه من أسانيد فنية، وكان خليقا بالمحكمة وقد داخلها الشك فى صحة النتيجة التى انتهي إليها، ذلك التقرير أن تستجلى الأمر عن طريق المختص فنيا، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا بالقصور بما يستوجب نقضه والإحالة فى خصوص الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما فى يوم11يناير سنة 1971 بدائرة مركز دشنا محافظة قنا0حازا كحولا لم يؤديا عنه رسوم الإنتاج 0وطلبت عقابهما بالمواد 1 و 15 و 20 و 21 و 22 من القانون رقم 363 لسنة 1956. وادعي مدنيا السيد/ وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك وطلب القضاء له قبل المتهمين بمبلغ 193 ج و 40 م مع المصروفات والأتعاب. ومحكمة دشنا الجزئية قضت حضوريا اعتباريا للأول وغيابيا للثانى بتاريخ 15 مايو سنة 1972 عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية مع إلزام المدعي المدنى مصاريفها وأمرت بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المدعى بالحق المدنى هذا الحكم ومحكمة قنا الابتدائية بهيئة استئنافية قضت بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1972 حضوريا للمتهم الثانى وغيابيا للأول بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعنت إدارة قضايا الحكومة فى هذا الحكم بطريق النقض نيابة عن وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك... الخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه مصلحة الجمارك على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما من تهمة حيازة سوائل حكولية لم تؤد عنها رسوم الإنتاج وبرفض دعواها المدنية قبلهما، قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة علي تشكك المحكمة فى صحة الواقعة إستنادا إلى أن اختلاف نسبة الحكول في السوائل المضبوطة عنها في العينة الممثلة للعملية المنسوبة إليها علي النحو الثابت بتقرير التحليل، لا يدل حتما على أن تلك السوائل ليست من مشمول هذه العملية، لأن من الجائز أن يرجع الاختلاف فى النسبة إلى عدم دقة أجهزة القياس أو تفاعل العناصر المكونة للسوائل بفعل الزمن، هو من الحكم قضاء فى مسألة فنية بحتة ما كان يجوز للمحكمة أن تجعل نفسها محل الخبير فيها وأن تحيد عن الدليل الفني لمجرد أمور افترضتها لا سند لها من الأوراق، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى قال تبريرا لقضائه بالبراءة "وحيث إن المحكمة ترى أن اختلاف نسبة المواد الكحولية فى المواد المضبوطة عن نسبة المواد الكحولية فى العملية التى نسبت إليها المواد المضبوطة والتي سددت عنها الرسوم الجمركية لا تقطع بأن هذه المواد خارجة عن تلك العملية وبالتالي لم تؤد عنها رسوم الإنتاج، إذ أنه من الجائز أن يكون الاختلاف الذى حدث مرده عدم دقة أجهزة القياس أو تداخل المواد فى بعضها بفعل الزمن خاصة إذا كانت نسبة الاختلاف يسيرة كما فى هذه الحالة، ومن ثم تصبح التهمة محل شك وغير ثابته فى حق المتهمين". لما كان ذلك، و وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المعروضة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها، إلا أنه من المقرر أنه متى تعرضت المحكمة لرأى الخبير الفنى فى مسألة فنية بحتة فإنه يتعين عليها أن تستند في تفنيده إلى أسباب فنية تجمله وهى لا تستطيع في ذلك أن تحل محل الخبير فيها. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم تبريرا لإطراحه تقرير التحليل المقدم فى الدعوى من إرجاع اختلاف نسبة الكحول إلى احتمال عدم دقة أجهزة القياس أو افتراض حدوث تفاعل فى السوائل الكحولية بفعل الزمن – مجردا من سنده فى ذلك، لا يكفى بذاته لإهدار تقرير التحليل وما حواه من أسانيد فنية، وكان خليقا بالمحكمة وقد داخلها الشك فى صحة النتيجة التى انتهى إليها، ذلك التقرير أن تستجلى الأمر عن طريق المختص فنيا، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا بالقصور بما يستوجب نقضه والإحالة فى خصوص الدعوي المدنية مع إلزام المطعون ضدهما مصاريفها، بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.