أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثانية - صـ 773

جلسة 19 من مارس سنة 1951
(293)
القضية رقم 1792 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وحسن إسماعيل الهضيبي بك وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
أ - حكم. تسبيبه. نية القتل. بيانها في الحكم. مثال.
ب - إثبات. التحقيق الذي تجريه المحكمة في الجلسة. لا يلزمها أن تأخذ بما يقوله المتهم فيه. لها أن تستند في الإدانة على ما جاء بالتحقيق الابتدائي.
1 - يكفي في التدليل على توافر نية القتل قول المحكمة إنها متوافرة لدى المتهم من أنه "لما اشتد الشجار بينه وبين المجني عليها تركها وركب دراجته وعاد ومعه السكين المضبوطة وطعنها بها في عنقها تلك الطعنة القوية التي قطعت الجلد والأنسجة والأوعية الدموية ووصلت إلى الفقرة العنقية الخامسة وأحدثت بها كسراً فتكون نية القتل ثابتة من الآلة المستعملة أي السكين وهي قاتلة بطبيعتها وثابت من موضع الطعنة في العنق وهو مقتل".
2 - إن التحقيق الذي تجريه المحكمة في الجلسة لا يلزمها أن تأخذ بما يقوله المتهم فيه, بل لها أن تستند في إدانته على ما جاء بالتحقيق الابتدائي من الأدلة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - حسن علي منصور (الطاعن). 2 - علي منصور السيد. بأنهما بناحية قسم المحمودية محافظة الإسكندرية - قتلا زينب خليفة عبد الله عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتا النية على قتلها وأعدا لهذا الغرض سكيناً طعنها به أولهما في عنقها بعد أن أوثقها ثانيهما من الخلف لشل حركتها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات المبينة بالصفة التشريحية والتي أودت بحياتها, وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 230 و231 عقوبات فقرر إحالتهما إليها لمحاكمتهما بالمادتين سالفتي الذكر. ومحكمة جنايات إسكندرية قضت وبعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار, عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات للأول والمادة 50/ 2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات الثاني بمعاقبة حسن علي منصور السيد بالأشغال الشاقة المؤبدة وببراءة علي منصور السيد مما أسند إليه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

... حيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن جريمة القتل العمد من الجرائم التي يتطلب القانون لتوافرها قصداً جنائياً خاصاً هو تعمد إزهاق روح المجني عليه ولابد أن يذكر الحكم توافر ركن العمد لدى المتهم المحكوم بإدانته مع قصده في إزهاق روح المجني عليه ولا يكفي أن يقتصر الحكم على ذكر نوع السلاح وأن الإصابة كانت في مقتل بدون أن يثبت توافر هذه النية والحكم المطعون فيه لم يذكر ولم يثبت أن الطاعن قد تعمد قتل المجني عليها وإزهاق روحها فيكون قد جاء قاصر البيان متعيناً نقضه.
وحيث إن جاء بالحكم المطعون فيه عن نية القتل أنها متوفرة لدى المتهم الأول (الطاعن) من أنه لما اشتد الشجار بينه وبين المجني عليها تركها وركب دراجته وعاد ومعه السكين المضبوطة وطعنها بها في عنقها تلك الطعنة القوية التي قطعت الجلد والأنسجة والأوعية الدموية ووصلت إلى الفقرة العنقية الخامسة وأحدثت بها كسراً فتكون نية القتل ثابتة من الآلة المستعملة أي السكين وهي قاتلة بطبيعتها وثابتة من موضع الطعنة في العنق وهو مقتل. ويبين من ذلك أن المحكمة اعتمدت في إثبات نية القتل على طعن المتهم المجني عليها بسكينة في موضع قاتل وهو العنق ومما أودعه الطاعن من القوة في طعنته التي أحدثت الجروح والكسر المنوه عنه ومن الواضح بداهة أن الحكم ذكر ما يفيد أن الطاعن كان متعمداً القتل أيضاً وفيما ذكره الحكم من توافر نية القتل بأدلته ما يكفي, والجدل فيه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعاً لا شأن لمحكمة النقض به فوجه الطعن إذن لا محل له.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في أن الطاعن اعترف أمام البوليس بارتكاب الجريمة ثم عدل عن اعترافه وذكر أمام النيابة رواية أخرى أوردها الحكم في أسبابه وخلاصتها أنه لما أخرج السكين ليخيفها بها لتقلع عن سوء سيرتها فهجمت عليه وانحنت على السكين فأصابت رقبتها فوقعت على الأرض وقد تعرض الحكم المطعون فيه لهاتين الروايتين أي اعترافه وروايته أمام النيابة وانتهى إلى الأخذ بالاعتراف مع إهمال ما قرره أمام النيابة واكتفى بقوله إن الرأي الفني هو الذي يتفق مع الاعتراف الأول للمتهم ولكن الحكم لم يذكر بأي الروايتين سيأخذ كما أنه لم يذكر أن الرواية التي ذكرها أمام النيابة باطلة بل سرد هذه وتلك وترك الأمر معلقاً بدون أن يذكر أنه لم يأخذ بالاعتراف دون الرواية فجاء الحكم قاصراً ويشوبه بعض الغموض مما يوجب نقضه.
وحيث إن ما ذكرته المحكمة من دليل على صحة اعتراف الطاعن في البوليس يفيد حتماً أنها أخذت بهذا الدليل الذي لخصته وانتهت إلى الاطمئنان إليه كما جاء في وجه الطعن من أن المحكمة أخذت بالاعتراف وأما ما ذكره الطاعن من أنها لم تذكر شيئاً عن روايته أمام النيابة فإن أخذ المحكمة بالاعتراف يفيد أنها أطرحت ما عداه من الأقوال التي لم تصدقها ويكون هذا الوجه في عير محله أيضاً.
وحيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الطاعن ذكر رواية ثالثة أمام المحكمة مؤداها أنه رأى المجني عليها مع شخص آخر فذهب إلى المنزل وسألها عن المكان الذي كانت فيه فقالت له "روح أنت بره وروح دور على أبوك" فكان معه سكين وهاج شعوره فكبست عليه المجني عليه فسقط على الأرض وسقطت هي فوقه وهذه الرواية تصور الحادثة على أنها قتل خطأ ولما كان المعروف أن التحقيق الذي يجب أن تعول عليه المحكمة هو التحقيق الذي تجريه بالجلسة بنفسها فكان يتعين عليها أن ترد على هذا الدفاع ولكن المحكمة أغفلته ولم تذكر شيئاً عنه. ولما كان يجب على المحكمة أن ترد على ما يبديه المتهم أو الدفاع مما يعتبر بمثابة نفي للتهمة ولم تفعل فإن حكمها يكون باطلاً.
وحيث إن التحقيق الذي تجريه المحكمة في الجلسة لا يلزمها أن تأخذ بما يقوله المتهم فيها ولها أن تستند في إدانته على ما جاء بالتحقيق الابتدائي من الأدلة ومتى كان الأمر كذلك, وكانت المحكمة قد أوردت الأدلة المثبتة للتهمة على المتهم فإن ذلك يفيد أنها لم تأخذ بسائر الأقوال.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.