أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 413

جلسة 14 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري.

(80)
الطعن رقم 2535 لسنة 32 القضائية

( أ ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". ما لا يوفره".
تقيد المحكمة الاستئنافية بالواقعة التي رفعت بها الدعوى أمام محكمة أول درجة. التزامها بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً. حق المحكمة في تعديل التهمة يقابله واجب تنبيه المتهم إلى ذلك وأن تمنحه أجلا لتقديم دفاعه. المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية. تحقق التنبيه بأية كيفية يتم بها لفت نظر الدفاع إلى الوصف الجديد. هذا التنبيه قد يكون صريحاً أو ضمنيا باتخاذ أي إجراء يتم عنه مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه. مثال.
(ب، ج) بيانات تجارية. جريمة. قصد جنائي. غش.
(ب) وجوب مطابقة البيان التجاري للحقيقة من كافة الوجوه. المادة 27 من القانون 57 لسنة 1939. علة ذلك: حماية المستهلك من كل تضليل في شأن حقيقة ما يعرض عليه من منتجات وإرشاده إلى مختلف رغباته وحاجياته ليختار منها ما يصلح له. مثال.
(ج) جريمة عدم مطابقة البيان التجاري. عدم استلزامها قصداً جنائياً خاصاً. تحققها بمجرد عدم صحة البيان واقترانه بالقصد الجنائي العام. ثبوت انصراف النية إلى الغش. لا يلزم. وإلا لتوافرت أركان جريمة الغش المنطبقة على أحكام القانون 48 لسنة 1941.
1- الأصل أن المحكمة الاستئنافية تتقيد عند نظر الدعوى بالواقعة التي رفعت بها الدعوى أمام محكمة أول درجة غير أنها مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً. وحق المحكمة في تعديل التهمة أثناء المحاكمة يقابله واجب مقرر عليها بمقتضى المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية هو تنبيه المتهم إلى التهمة المعدلة وأن تمنحه أجلاً تبيح له فرصة تقديم دفاعه، ويتحقق التنبيه بأية كيفية يتم بها لفت نظر الدفاع إلى الوصف الجديد وتكون محققة للغرض منه، سواء كان التنبيه صريحاً أو ضمنياً، باتخاذ أي إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه. ولما كان الثابت أن الدعوى أقيمت بوصف بيع الطاعن "مسحوق شيكولاتة" مغشوشاً مع علمه بذلك، فقضت المحكمة الجزئية بالبراءة، وكانت النيابة العامة قد أسست استئنافها على أن الوصف الصحيح لواقعة الدعوى هو عدم مطابقة البيانات التجارية للحقيقة، وهو ما استندت إليه المحكمة الاستئنافية في إدانة الطاعن، وكان الدفاع عنه قد تناول هذا الوصف في مذكرته المكتوبة التي قدمها في فترة حجز القضية للحكم أمام محكمة ثاني درجة مما يتحقق به التنبيه على الوجه الذي يتطلبه القانون. وليس في تعديل وصف التهمة تفويت لإحدى درجات التقاضي، طالما أن الواقعة المطروحة على المحكمة الاستئنافية هي بعينها التي رفعت بها الدعوى أمام محكمة أول درجة مما ينفى عن الحكم المطعون فيه قالة الإخلال بحق الدفاع.
2 - إن المشرع إذ نص في المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1939 على وجوب مطابقة البيان التجاري للحقيقة من كافة الوجوه إنما قصد حماية المستهلك من كل تضليل في شأن حقيقة ما يعرض عليه من منتجات وإرشاده إلى مختلف رغباته وحاجياته ليختار منها ما يصلح له. ولما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه في حق الطاعن من إضافته قدراً من النشا إلى "مسحوق الشيكولاتة" له أصله الصحيح في تقرير المعمل الكيماوي، الأمر الذي يستوجب حتماً إثبات ذلك ضمن بيانات العبوة، وإلا أصبح البيان مخالفا للحقيقة، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن النشا قد يكون طبيعياً باعتباره من العناصر التي تدخل في تكوين مسحوق الكاكاو.
3- جريمة عدم مطابقة البيان التجاري لا تستلزم قصداً جنائياً خاصاً، بل تتحقق بمجرد عدم صحة البيان واقترانه بالقصد الجنائي العام، دون أن يلزم ثبوت انصراف النية إلى الغش، وإلا لتوافرت أركان جريمة الغش المنطبقة على أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 2 أغسطس سنة 1959 بدائرة قسم باب شرقي "بصفته نائباً عن مدير شركة رويال باع مسحوق شيكولاتة مغشوشاً مع علمه بذلك" وطلبت عقابه بالمواد 2، 8، 9 من القانون رقم 18 لسنة 1941 مع أقصى العقوبة. ومحكمة باب شرقي الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 27/ 11/ 1960 ببراءة المتهم بلا مصاريف. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 31/ 5/ 1961 وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم عشرة جنيهات بلا مصاريف وذلك عملاً بالمواد 26 و27 و34/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 205 لسنة 1956 الخاص بالعلامات والبيانات والتجارية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن محكمة ثاني درجة عدلت وصف التهمة المرفوعة بها الدعوى من بيع شيكولاتة مغشوشة بإضافة النشا إلى عدم إثبات النشا ضمن بيانات العبوة وبذلك فوتت على الطاعن درجة من درجتي التقاضي ونظرت لأول مرة في دعوى لم تكن مطروحة أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن لأنه في 2/ 8/ 1958 باع مسحوق شيكولاتة مغشوشاً مع علمه بذلك. وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 2 و8 و9 من القانون رقم 18 لسنة 1941. ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بالبراءة. فاستأنفت النيابة ومحكمة ثاني درجة قضت في 31/ 5/ 1961 حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاًً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم عشرة جنيهات بالتطبيق لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939. لما كان ذلك، وكان الأصل إن المحكمة الاستئنافية تتقيد عند نظر الدعوى بالواقعة التي رفعت بها الدعوى أمام محكمة أول درجة غير أنها مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ولا يعترض على هذا النظر بأن حق الدفاع يقتضى أن تبين للمتهم التهمة الموجهة إليه ليرتب دفاعه فيها. ذلك لأن حق المحكمة في تعديل التهمة أثناء المحاكمة يقابله واجب مقرر عليها بمقتضى المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وهو تنبيه المتهم إلى التهمة المعدلة وأن تمنحه أجلاً تبيح له فرصة تقديم دفاعه ويتحقق التنبيه بأية كيفية يتم بها لفت نظر الدفاع إلى الوصف الجديد وتكون محققة للغرض منه، سواء كان التنبيه صريحاً أو ضمنياً أو باتخاذ أي إجراء ينم عنه في مواجهة الدفاع وينصرف مدلوله إليه، ولما كان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن النيابة العامة أسست استئنافها في مذكرتها المرفقة بالأوراق على أنه كان يتعين على محكمة أول درجة تمحيص الواقعة المطروحة عليها وتطبيق الوصف القانوني السليم عليها وأن الوصف الصحيح لواقعة الدعوى هو عدم مطابقة البيانات التجارية للحقيقة الأمر المنطبق على أحكام المواد 26 و27 و34/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 205 لسنة 1956 وهو ما استندت إليه المحكمة الاستئنافية في إدانة الطاعن وكان الدفاع عن الطاعن قد تناول هذا الوصف في مذكرته المكتوبة والتي قدمها في فترة حجز القضية للحكم أمام محكمة ثاني درجة مما يتحقق به التنبيه على الوجه الذي يتطلبه القانون. هذا إلى أنه ليس في تعديل وصف التهمة في خصوص واقعة الدعوى تفويت لإحدى درجتي التقاضي كما يذهب الطاعن طالما أن الواقعة المطروحة على المحكمة الاستئنافية هي بعينها التي رفعت بها الدعوى أمام محكمة أول درجة مما ينفى عن الحكم المطعون فيه قالة الإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث وهو الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة لم تكتمل عناصرها إذ لم يبين نوع النشا الموجود في مسحوق الشيكولاتة مع أن النشا قد يكون طبيعياً باعتباره أحد العناصر التي تدخل في تكوين مسحوق الكاكاو بحيث لا يكون ثمة محل لإثباته ضمن بيانات العبوة أو يكون من نشا الأذرة أو الأرز مما يضاف بكمية ضئيلة إلى مسحوق الشكيولاتة لتيسير ذوبانه ومن ثم فلا محل أيضا لذكره ضمن البيانات التي يلزم إثباتها على العبوة والتي تقتصر على المواد الجوهرية التي تدخل في تركيب الصنف وتكون ذات أثر في تقدير قيمته ثم إن الحكم انتهى إلى إدانته مع أنه أوضح في دفاعه انتفاء نية الغش في حقه وأنه لو علم بأن عدم ذكر النشا يكون جريمة لما تأخر عن إثباته وأنه عمد في الإنتاج الجديد إلى إضافة النشا إلى البيانات المدونة على العبوات، فضلاً عن أن كثيراً من الدول العريقة في صناعة الشيكولاتة لا تذكر النشا ضمن بيانات العبوة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض إلى التكييف القانوني لواقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الثابت المسلم به هو حصول إضافة نسبة من النشا إلى مشروب الشيكولاتة دون تدوين هذه المادة ضمن بيانات التركيب على العلب المعبأة، ولما كانت المادة 27 من القانون 57 لسنة 1939 تنص على أنه يجب أن يكون البيان التجاري مطابقاً للحقيقة من جميع الوجوه سواء أكان موضوعاً على نفس المنتجات أم على المحال أو المخازن أو بها أو على عنواناتها أو الأغلفة أو الفواتير أو أوراق الخطابات أو وسائل الإعلان أو غير ذلك مما يستعمل في عرض البضائع على الجمهور، ولما كان الغرض من البيان التجاري الذي يسجل على البضائع كما قالت محكمة النقض ما هو إلا إرشاد المستهلكين على أشتات رغباتهم ومختلف حاجاتهم لاختيار ما يصلح لإشباع الرغبة الخاصة بكل منهم - لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن البيان موضوع الاتهام يتضمن ما لا يطابق الحقيقة بعدم ذكر مادة النشا المضافة ضمن بيانات التركيب فإنه يعتبر بياناً مخالفاً للقانون". لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم صحيحاً في القانون ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 27 من القانون رقم 57 لسنة 1939 على وجوب مطابقة البيان التجاري للحقيقة من كافة الوجوه إنما قصد حماية المستهلك من كل تضليل في شأن حقيقة ما يعرض عليه من منتجات وإرشاده إلى مختلف رغباته وحاجياته ليختار منها ما يصلح له. ولما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه في حق الطاعن من إضافته قدراً من النشا إلى مسحوق الشيكولاتة له أصله الصحيح في تقرير المعمل الكيمائي المرفق بالأوراق والذي أثبت أن العينة المضبوطة تحتوى على نسبة 15 في المائة من نشا الذرة والقمح المضافة الأمر الذي يستوجب حتماً إثبات ذلك ضمن بيانات العبوة وإلا أصبح البيان مخالفاً للحقيقة. لما كان ذلك، فإنه لا محل يثيره الطاعن من أن النشا قد يكون طبيعياً باعتباره من العناصر التي تدخل في تكوين مسحوق الكاكاو. لما كان ما تقدم، وكانت جريمة عدم مطابقة البيان التجاري لا تستلزم قصداً جنائياً خاصاً بل تتحقق بمجرد عدم صحة البيان واقترانه بالقصد الجنائي العام دون أن يلزم ثبوت انصراف النية إلى الغش وإلا لتوافرت أركان جريمة الغش المنطبقة على أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 وكان لا يجدي الطاعن القول بأنه كان يجهل وجوب إثبات مادة النشا ضمن بيانات عبوة الشيكولاتة لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون ليس بعذر. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.