أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 419

جلسة 14 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي، وأحمد موافي.

(81)
الطعن رقم 2836 لسنة 32 القضائية

( أ ) وصف التهمة. فاعل أصلى. شريك. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". محكمة الموضوع.
التزام المحكمة بتمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى. المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. شرط ذلك: عدم الخروج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلا أو تعدى نطاق عناصرها القانونية.
ثبوت أن الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً لاعتبار الطاعن شريكاً في الجناية، هي بعينها التي رأت الاتهام أن يجعل منها أساساً لمسئوليته باعتبارها فاعلاً أصلياً، وهى بذاتها التي كان يدور عليها الدفاع. لا على المحكمة إذا هي لم توجه نظر الطاعن والدفاع عنه إلى ما رأته من انطباق وصف جدية للتهمة. عدم انطواء هذا التعديل على مساس بحق المتهم. إثارة الطاعن دعوى الإخلال بالدفاع. غير سديد.
(ب) قتل عمد. "نية القتل". فاعل أصلى. شريك. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل. مؤداه. توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك.
تدليل الحكم تدليلاً سائغاً على توفر ثبوت اشتراك الطاعن مع الفاعل الأصلي في قتل المجني عليها وعلمه بذلك. النعي على الحكم بالقصور في بيان توفر نية القتل بالنسبة للطاعن غير سديد.
1 - متى كانت واقعة الدعوى التي اتخذها الحكم أساساً لاعتبار الطاعن شريكاً في الجناية هي يعينها الواقعة التي رأى الاتهام أن يجعل منها أساساً لمسئوليته باعتباره فاعلاً أصلياً، وهى بذاتها الواقعة التي كان يدور عليها الدفاع، فلا على المحكمة إذا هي لم توجه نظر الطاعن والدفاع عنه إلى ما رأته من انطباق وصف جديد للتهمة. ولا ينطوي هذا التعديل الذي ارتأته على مساس بحق للمتهم، بل دعاها إليه التزامها بتمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى - ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً ولم تتعد نطاق عناصرها القانونية، وبذلك فهو واجب عليها تمارسه حتماً قبل قضائها في الدعوى أيا كان وجه الفصل فيها، وهو يستمد حتميته مما تقتضيه القاعدة الأصلية المقررة في المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب تطبيق المحكمة لنصوص القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى المطروحة عليها باعتبارها صاحبة الولاية في الفصل فيها - وتقدير الأدلة بكامل حريتها باستيفاء ما تطمئن إلى صحته من الوقائع واستبعاد ما لا تطمئن إليه منها دون إبداء رأيها للمتهم مقدماً، ولا يعطى ذلك للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بالدفاع.
2 - من المقرر أنه متى أثبت الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل فإن ذلك يفيد توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر ثبوت اشتراك الطاعن مع الفاعل الأصلي في قتل المجني عليها ومع علمه بذلك، فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان توفر نية القتل بالنسبة للطاعن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 12/ 6/ 1958 بدائرة مركز البداري محافظة أسيوط - "أولاً: قتلوا حميدة إبراهيم حموده" عمداً ومع سبق الإصرار بأن يبتوا النية على قتلها وأعدوا لهذا الغرض حبلاً وعصياً وأوثقوا يدها بالحبل وضربوها بالعصي وضغط أحدهم على عنقها بيده قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاتها: ثانياً - دفنوا جثة المجني عليها سالفة الذكر بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1961 حضورياً للمتهمين الأولين وغيابياً بالنسبة للمتهم الثالث عملاً بمواد 40/ 1 و41 و234/ 1 و239 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من نفس القانون بالنسبة للمتهم الأول: أولاً - بمعاقبة المتهم الأول الطاعن عن التهمتين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. وثانياً - ببراءة المتهمين الآخرين مما هو مسند إليهما. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في.. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى وجهي الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع كما شابه القصور في التسبيب ذلك أن الطاعن كان مقدماً للمحاكمة باعتباره فاعلاً أصلياً مع آخرين ولكن الحكم دانه باعتباره شريكاً مع مجهول في ارتكاب الجناية دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع عنه إلى ذلك ولو أنها فعلت لكان أمامه فرصة مناقشة عناصر الوصف الجديد كما أن الحكم قد أغفل بيان توافر نية القتل لدى الطاعن اكتفاء بحديثه عن ذلك بالنسبة للفاعل الأصلي في الجريمة.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن وآخرين بوصف أنهم قتلوا حميدة إبراهيم حموده عمداً ومع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلها وأعدوا لهذا الغرض حبلاً وعصياً وأوثقوا يدها بالحبل وضربوها بالعصي وضغط أحدهم على عنقها بيديه قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت النيابة العامة من محكمة لجنايات معاقبتهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات بالنسبة لهذه التهمة ومحكمة جنايات أسيوط بعد أن سمعت الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعن بأنه اشترك مع مجهول في قتل المجني عليها عمداً بأن اتفق معه على قتلها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق ثم قام بدفن جثتها بدون إخبار جهات الاقتضاء وعاقبته بالمواد 40/ 1 و41 و234/ 1 و239 من قانون العقوبات - وقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله "إن المجني عليها أصابتها لوثة فهجرها زوجها وحضرت إلى بلدتها العقال البحري لتقيم مع أخيها المتهم الأول عثمان إبراهيم حموده "الطاعن" إلا أنه ضاق بها ذرعاً وفى ليلة 12/ 6/ 1958 اتفق مع مجهول على قتلها للتخلص منها فشد وثاقها وجثم القاتل على صدرها مطبقا بيديه على عنقها ضاغطا عليه بقوة حتى لفظت أنفاسها وفى الصباح أبلغ المتهم الأول أخويه علي إبراهيم حموده بوفاة أختهم ...." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من أقوال العمدة هاشم عطية عبد العال والقابلة حليمة حمزة بخيت وعلي إبراهيم حموده وكامل إبراهيم حموده ومحمد نصار عبد العال وكامل حسين قناوي وأحمد محمود مصبح وسيد مصبح وزوج القتيل عبد الصبور محمد ضاحى وابنها أحمد عبد الصبور ومن تقرير الصفة التشريحية. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في القتل التي دان الحكم الطاعن بها - ثم عرض الحكم إلى التكييف القانوني للواقعة في قوله "وإذ كانت وقائع الدعوى خالية من الدليل على مقارفة المتهم الأول (الطاعن) لفعل القتل وحده أو مع غيره فإن الوصف القانوني الصحيح لما هو ثابت في حقه هو الاشتراك بطريق الاتفاق مع مجهول في قتل المجني عليها - وأن نية القتل الذي شارك فيه المتهم الأول عثمان إبراهيم حموده مستفادة مما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن الجاني أطبق بقبضته على عنق المجني عليها بشدة قاصداً خنقها حتى كسر العظم اللامى فماتت بإسفيكسيا الخنق، وعمد في سبيل تحقيق قصده هذا إلى شل مقاومتها فشد وثاقها وجثم بثقله فوق صدرها فأحدث كسورا بضلوعها ولم يتركها إلا جثة هامدة". لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم مردود في شقه الأول بأن واقعة الدعوى التي اتخذها الحكم أساساً لاعتبار الطاعن شريكاً في الجناية هي بعينها الواقعة التي رأى الاتهام أن يجعل منها أساساً لمسئوليته باعتباره فاعلاً أصلياً وهى بذاتها الواقعة التي كان يدور عليها الدفاع فلا على المحكمة إذا هي لم توجه نظر الطاعن والدفاع عنه إلى ما رأته من انطباق وصف جديد للتهمة ولا ينطوي هذا التعديل الذي ارتأته على مساس بحق للمتهم بل دعاها إليه التزامها بتمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها القانونية وتطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الوقائع الثابتة في الدعوى - ما دامت لم تخرج عن حدود الواقعة المرفوعة بها الدعوى أصلاً ولم تتعد نطاق عناصرها القانونية، وبذلك فهو واجب عليها تمارسه حتماً قبل قضائها في الدعوى أياً كان وجه الفصل فيها وهو يستمد حتميته مما تقتضيه القاعدة الأصلية المقررة في المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب تطبيق المحكمة لنصوص القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى المطروحة عليها باعتبارها صاحبة الولاية في الفصل فيها - وتقدير الأدلة بكامل حريتها باستيفاء ما تطمئن إلى صحته من الوقائع واستبعاد ما لا تطمئن إليه منها دون إبداء رأيها للمتهم مقدماً ولا يعطى ذلك للطاعن حقاً في إثارة دعوى الإخلال بالدفاع - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من نعى على الحكم من هذه الناحية يكون غير سديد.
وحيث إن النعي على الحكم بالقصور في بيان توفر نية القتل بالنسبة للطاعن فمردود بأن الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر ثبوت اشتراك الطاعن مع الفاعل الأصلي في قتل المجني عليها وعلمه بذلك - ولما كان من المقرر أنه متى أثبته الحكم توفر نية القتل في حق الفاعل فإن ذلك يفيد توفرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل مع علمه بذلك - لما كان ذلك - فإن النعي على الحكم من هذه الناحية يكون غير سديد.
حيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.