أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 430

جلسة 20 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري.

(83)
الطعن رقم 2940 لسنة 32 القضائية

(أ، ب، ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل" شهود. محكمة الموضوع.
( أ ) وزن أقوال الشاهد، وتقدير الظرف الذي يؤدى فيه شهادته، والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات. أمر موكول إلى محكمة الموضوع. لا رقابة لمحكمة النقض عليها.
(ب) إدانة المحكمة الطاعن استناداً إلى أقوال شاهدي الإثبات. مؤداه: اطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بتلك الأقوال. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير جائزة.
(ج) سكوت الحكم عن التعرض لشهادة شاهد النفي. مؤداه: اطراح المحكمة هذه الشهادة اطمئنانا منها لأقوال شهود الإثبات. لا عيب.
(د) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". مواد مخدرة.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم. هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً. دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع. شرط ذلك: أن تكون الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساساً للتغير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً. مثال في جريمة إحراز مواد مخدرة.
1- وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذي يؤدى فيه شهادته، والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع، تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
2 - مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال الضابط وزميله، هو إطراح ضمن لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض.
3 - لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض لشهادة شاهد النفي، لأن مؤدى هذا السكوت أن المحكمة أطرحتها اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات.
4- من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساساً للتغير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة، دون أن تضيف إليها شيئاً. ولما كانت التهمة الموجهة إلى المتهم في ورقة الاتهام هي إحراز جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وكانت المحكمة قد استظهرت أن الإحراز كان بقصد التعاطي، فغيرت الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شيء من الأفعال أو العناصر التي لم تكن وجهة إلى المتم، فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع، هذا فضلاً عن أن تغيير الوصف كان في صالح الطاعن. ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26 ديسمبر سنة 1959 بدائرة مركز إسنا مديرية قنا "أحرز الجواهر المخدرة المبينة بالمحضر (أفيوناً وحشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً". وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً بتاريخ 17 أكتوبر سنة 1961 عملاً بالمواد 1 و2 و37 و42 من القرار بقانون رقم 182 سنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبغرامة قدرها خمسمائة جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن القصور في التسبيب ذلك أن الطاعن أثار أن التهمة المسندة إليه ملفقة له من ضابط المباحث محمد نصر رفاعي، وقدم حكمين أصدرتهما محكمة الجنايات في قضايا سابقة عن اتهامه أشخاصاً أبرياء ظلما وبغير حق، كما أشهد شاهد نفى أيده في دفاعه غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع مكتفية بقولها إنها لا تعول عليه لما ثبت لها من شهادة شاهدي الإثبات وهو رد قاصر لم يتناول ما جرح به الطاعن أقوال الضابط، كما أن الحكم لم يعرض لأقوال شاهد النفي ولم يتناولها بالرد.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن على أقوال شاهدي الإثبات واطمأن إلى ما قرره ضابط المباحث محمد نصر رفاعي في شهادته، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظرف الذي يؤدى فيه شهادته، والتعويل على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. لما كان ذلك، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال الضابط وزميله هو إطراح ضمن لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، كما أنه لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض لشهادة شاهد النفي لأن مؤدى هذا السكوت أن المحكمة أطرحتها اطمئناناً منها لأقوال شهود الإثبات. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من النعي يكون في غير محله.
وحيث إن محصل الوجه الثاني من الطعن بطلان في الإجراءات لأن محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم المطعون فيه كانت مشكلة من اثنين من المستشارين ومن رئيس محكمة قنا الذي حل محل المستشار الثالث الذي تغيب بسبب مرض مفاجئ دون أن يصدر قرار بندبه من رئيس محكمة الاستئناف أو من وزير العدل خلافاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 367 والمادة 372 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه لما كان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة 17 من أكتوبر سنة 1961 وعلى مدونات الحكم المطعون فيه أن السيد محمد حسام الشريف رئيس المحكمة بمحكمة قنا الابتدائية كان منتدباً للجلوس بمحكمة الجنايات التي أصدرت الحكم، وكان الأصل في الإجراءات الصحة وكان الطاعن لم يدلل على عدم الندب، فإن هذا الوجه من النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من النعي الإخلال بحق الدفاع ذلك أن النيابة كانت قد أسندت إلى الطاعن تهمة إحراز جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً طالبة عقابه بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 إلا أن المحكمة عدلت وصف التهمة وجعلت الإحراز بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي ودانته بمقتضى المواد 1 و2 و37 و42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 دون تنبيهه إلى هذا التعديل مخالفة بذلك حكم المادتين 307 و308 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساساً للتغير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً. لما كان ذلك، وكانت التهمة الموجهة إلى المتهم في ورقة الاتهام هي إحراز جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وكانت المحكمة قد استظهرت أن الإحراز كان بقصد التعاطي فغيرت الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شيء من الأفعال أو العناصر التي لم تكن موجهة إلى المتهم، فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع هذا فضلاً عن أن تغيير الوصف كان في صالح الطاعن. ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس ويكون الطعن برمته في غير محله متعين الرفض.