أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 445

جلسة 27 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري وأحمد موافي.

(87)
الطعن رقم 2948 لسنة 32 القضائية

أمر بألا وجه. "الطعن فيه". إقراض بربا فاحش.
الأوامر الصادرة من قاضى التحقيق أو من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. الطعن فيها: تسوية القانون في المادتين 162 و210 من قانون الإجراءات الجنائية - قبل تعديلهما بالقانون رقم 107 لسنة 1962 - بين المدعي المدني والمجني عليه في حق الطعن فيها. المجني عليه في حكم هاتين المادتين: هو كل من يقع عليه الفعل أو يتناوله الترك المؤثم قانوناً، سواء أكان شخصاً طبيعياً أو معنوياً. حقه في الطعن في تلك الأوامر بصرف النظر عما إذا كان لم يلحقه ضرر من الجريمة أم لحقه ضرر منها يخوله حق تحريك الدعوى الجنائية بطريق الادعاء المباشر وحق التدخل في الدعوى الجنائية المرفوعة من النيابة للمطالبة بتعويض عن الضرر الناتج مباشرة عن هذه الجريمة.
الإقراض بالربا الفاحش. طبيعته: فعل جنائي قصد المشرع من تحريمه إلى حماية المقترضين. هو اعتداء على حق من حقوق المقترض المالية ينطوي على ابتزاز جانب من ماله بغير حق. اعتبار المقترض مجنباًًً عليه: متى اكتملت أركان الجريمة، وثبت له هذه الصفة، ولو لم تتحقق له صفة المدعي المدني لعدم توافر الشروط المقررة لقبول الدعوى المدنية أمام المحاكمة الجنائية. حقه في الطعن في الأمر الصادر من النيابة بألا وجه لرفع الدعوى الجنائية.
سوى القانون في المادتين 162 و210 من قانون الإجراءات الجنائية - قبل تعديلهما بالقانون رقم 107 لسنة 1962 - بين المدعي المدني والمجني عليه الذي لم يدع مدنياً - في حق الطعن في الأوامر الصادرة من قاضى التحقيق أو من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. والمجني عليه في حكم المادتين سالفتى الذكر هو كل من يقع عليه الفعل أو يتناوله الترك المؤثم قانوناً سواء أكان شخصاًًً طبيعياًًًًً أم معنوياًًً، بمعنى أن يكون هذا الشخص نفسه محلاً للحماية القانونية التي يهدف إليها الشارع، فمتى تحدد لشخص هذا المركز القانوني فإنه يكتسب حق الطعن الذي خوله المشرع إياه تحقيقاً للغاية التي توخاها وذلك بصرف النظر عما إذا كان هذا الشخص لم يلحقه ضرر من الجريمة أم لحقه ضرراً منها يخوله حق تحريك الدعوى الجنائية بطريق الادعاء المباشر وحق التدخل في الدعوى الجنائية المرفوعة من النيابة للمطالبة بتعويض عن الضرر الناتج مباشرة عن هذه الجريمة. ولما كان الإقراض بالربا الفاحش سواء في صورته البسيطة المؤثمة بالفقرتين الأولى والثانية من المادة 339 عقوبات أو في صورة الاعتياد المؤثمة بالفقرة الثالثة لهذا النص فعلاً جنائياً قصد المشروع من تجريمه إلى حماية المقترضين، فهو إذن اعتداء على حق من حقوق المقترض المالية ينطوي على ابتزاز جانب من ماله بغير حق، فيكون المقترض مجنياً عليه متى اكتملت أركان الجريمة، وثبتت له هذه الصفة ولو لم تتحقق له صفة المدعي المدني لعدم توافر الشروط المقررة لقبول الدعوى المدنية أمام المحاكمة الجنائية. وكان الثابت من الوقائع كما أوردها الأمر المطعون فيه أن الطاعن كان من بين المقترضين من المطعون ضده وقد قرر أن القروض التي أقرضها له ولغيره كانت بفائدة تزيد عن السعر المقرر قانوناً وقد تمت في أوقات متباينة وأنه تقدم بشكواه إلى النيابة العامة وسمعت أقواله في التحقيقات بهذه الصفة فإنه يكون مجنياً عليه في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش المنسوبة إلى المطعون ضده ويكون له أن يطعن في الأمر الذي أصدرته النيابة بألا وجه لرفع الدعوى الجنائية.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن قدم شكوى للنيابة ضد الدكتور عبد الحميد المحلاوي بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر (ناجى عبد الحميد) يتضمن أنه أقرضه مبلغ 2000 جنيه في أكتوبر سنة 1955 ومبلغ 1000 جنيه في أول سبتمبر سنة 1956 وتقاضى عن هذين القرضين فوائد ربوية فاحشة تزيد على الحد الأقصى المقرر قانوناً، كما أقرضه مبالغ أخرى بنفس الطريقة بفوائد ربوية فاحشة، وقد تولت النيابة التحقيق في الشكوى ثم أصدرت بتاريخ 30 يوليه سنة 1958 - قراراً بحفظهما إدارياً. تقدم الشاكي بعد ذلك بشكوى إلى السيد المحامى العام طالباً إلغاء أمر الحفظ الصادر من النيابة وإعادة إجراءات التحقيق فأحالها سيادته إلى النيابة لإعادة التحقيق وبعد إتمامه أصدر قراراًً بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1959 بحفظ الشكوى كما كانت. استأنف الشاكي هذا القرار أمام غرفة الاتهام بمحكمة القاهرة الابتدائية. وأمامها ادعى مدنياً قبل المشكو في حقه وطلب القضاء له بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. كما دفع المشكو بعدم قبول الاستئناف شكلا لأن الشاكي ليست له أية صفة تجيز له الطعن أمام غرفة الاتهام في الأمر الصادر من النيابة لأنه لا توجد جريمة اعتياد على الإقراض بالربا مما يعاقب عليها القانون وبعد أن أتمت الغرفة نظره قررت حضورياً بتاريخ 8 إبريل سنة 1961 بعدم قبول الطعن شكلاًً لرفعه من غير ذي صفة. فطعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على القرار المطعون فيه أنه إذ انتهى إلى عدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير ذي صفة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر الطاعن ليس مجنياً عليه في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش وليس له حق رفع الدعوى المدنية بالتعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة أمام المحكمة الجنائية بطريق التبعية، مع أن المقصود بالمجني عليه في حكم المادتين 163 و210 من قانون الإجراءات الجنائية هو كل من يقع عليه الفعل أو يتناوله الترك المؤثم قانوناً وهو في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش كل من افترض بفائدة زائدة عن السعر المقرر قانوناً، والطاعن وإن كان لا يستطيع أن يرفع الدعوى الجنائية بالطريق المباشر أو كان ليس له حق الادعاء مدنياً أمام المحاكم الجنائية تأسيساً على أن الضرر الذي أصابه ليس ناشئاً عن الجريمة مباشرة إلا أن ذلك لا يتعارض مع اعتباره مجنياً عليه في الجريمة التي ارتكبها المطعون ضده، وبذلك ينعقد له حق استئناف الأمر الصادر من النيابة بالحفظ والذي يعتبر في حقيقته أمراً بألا وجه لرفع الدعوى الجنائية لأنه كان مسبوقا بتحقيق أجرته النيابة العامة.
وحيث إن الأمر المطعون فيه عرض إلى صفة الطاعن في الاستئناف بقوله "إن المادتين 162 و210 من قانون الإجراءات الجنائية قصرتا حق الطعن في الأوامر الصادرة من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى - أمام غرفة الاتهام - على المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية.... وأن قضاء محكمة النقض قد استقر في تفسير القانون على أنه لا يقبل من المقترض في جنحة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش أن يرفع دعواه مباشرة أمام المحاكم الجنائية أو أن يدعي بحقوق مدنية في الدعوى المرفوعة من النيابة سواء كان قرضه واحداً أو أكثر لأن القانون لا يعاقب على الإقراض لذاته وإنما يعاقب على الاعتياد على الإقراض وهو وصف معنوي قائم بذات الموصوف يستحيل عقلاً أن يضير بأحد معين أما الضرر الذي يصيب المقترضين فلا ينشأ إلا عن عملية الإقراض المادية وهو ينحصر في قيمة ما يدفعه كل منهم زائداً عن الفائدة القانونية لا أكثر ولا أقل، والدعوى به إنما هي استرداد هذا الزائد الذي أخذه المقترض بغير وجه حق وهى بطبيعتها دعوى مدنية ترفع إلى المحكمة المدنية ويحكم فيها ولو لم يكن هناك إلا قرض واحد أي ولو لم يكن هناك أية جريمة ولا يجوز رفعها أمام المحاكم الجنائية لعدم اختصاص تلك المحاكم بنظرها لأن المبلغ المطالب به لم يكن ناشئاً مباشرة عن جريمة وترتيباً على ما تقدم لا يكون للطاعن صفة المجني عليه في جريمة الاعتياد على الإقراض بفائدة تزيد عن الحد القانوني وليس له أن يدعى مدنياً بطريق التبعية أمام المحاكم الجنائية. كما أن المادة 339/ 1 من قانون العقوبات نصت على عقاب من انتهز فرصة ضعف أو هوى في نفس شخص وأقرضه نقوداً بأي طريقة كانت بفائدة تزيد على الحد الأقصى المقرر قانوناً - والضعف يراد به الاستسلام والهوى يراد به الميل إلى أمر من الأمور وأن يكون المجني عليه في غير حالة الاعتيادية للإنسان. ولا يوجد بالأوراق ما يدل على أن الطاعن كان في حالة غير اعتيادية أو به استسلام أو هوى انتهزه المطعون ضده ليقرضه قرضاً بفائدة تزيد عن الحد المقرر ومن ثم فلا يوجد ما يدل على قيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 339/ 1 عقوبات وبالتالي قيام صفة المجني عليه في الطاعن".
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المادتين 162 و210 من قانون الإجراءات الجنائية - وهما اللتان حصل استئناف الطاعن استناداً إليهما قبل تعديلهما بالقانون رقم 107 لسنة 1962 - أن القانون قد سوى بين المدعي المدني والمجني عليه الذي لم يدع مدنياًً في حق الطعن في الأوامر الصادرة من قاضى التحقيق أو من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، ولما كان المجني عليه في حكم المادتين سالفتى الذكر هو كل من يقع عليه الفعل أو يتناوله الترك المؤثم قانوناً سواء أكان شخصاًً طبيعياً أم معنوياً بمعنى أن يكون هذا الشخص نفسه محلاً للحماية القانونية التي يهدف إليها الشارع فمتى تحدد لشخص هذا المركز القانوني فإنه يكتسب حق الطعن الذي خوله المشرع إياه تحقيقاً للغاية التي توخاها وذلك بصرف النظر عما إذا كان هذا الشخص لم يلحقه ضرر من الجريمة أم لحقه ضرر منها يخوله حق تحريك الدعوى الجنائية بطريق الإدعاء المباشر وحق التدخل في الدعوى الجنائية المرفوعة من النيابة للمطالبة بتعويض عن الضرر الناتج مباشرة عن هذه الجريمة لما كان ذلك، فإنه لا يصح في مجال تطبيق المادتين 162 و210 من قانون الإجراءات الجنائية الخلط بين صفة المجني عليه التي تصدق على كل من كان صاحب حق تعتبر الجريمة اعتداء عليه سواء مست بحقوقه الشخصية أو حقوقه المالية دون أن يلحقه ضرر مباشر منها يخوله حق الإدعاء مدنياً وبين صفة المدعي بالحق المدني التي لا يكتسبها الشخص ما لم يكن قد لحقه من الجريمة ضرر مباشر، لأنه وإن كان غالباً ما يترتب من وراء الاعتداء ضرر مباشر يبيح حق المطالبة بالتعويض عنه أمام المحاكم الجنائية إلا أنه قد لا يصاب المجني عليه بضرر ما أو أن يكون الضرر الذي حاق به لا تنعقد له الشروط المقررة لقبول دعواه المدنية أمام المحاكم الجنائية ولا يحول ذلك دون اعتباره مجنياً عليه ما دامت الجريمة تعتبر اعتداءاً عليه. ويكون بهذه المثابة خصماً في الدعوى الجنائية، ولما كان الإقراض بالربا الفاحش سواء في صورته البسيطة المؤثمة بالفقرتين الأولى والثانية من المادة 339 من قانون العقوبات أو في صورة الاعتياد المؤثمة بالفقرة الثالثة لهذا النص فعلاً جنائياً قصد المشرع من تجريمه إلى حماية المقترضين فهو إذن اعتداء على حق من حقوق المقترض المالية ينطوي على ابتزاز جانب من ماله بغير حق فيكون المقترض مجنياً عليه متى اكتملت أركان الجريمة، وثبتت له هذه الصفة حتى ولو لم تتحقق له صفة المدعي المدني لعدم توافر الشروط المقررة لقبول الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية، لما كان ذلك، وكان الثابت من الوقائع كما أوردها الأمر المطعون فيه أن الطاعن كان من بين المقترضين من المطعون ضده وقد قرر أن القروض التي أقرضها له ولغيره كانت بفائدة تزيد عن السعر المقرر قانوناً وقد تمت في أوقات متباينة وأنه تقدم بشكواه إلى النيابة العامة وسمعت أقواله في التحقيقات بهذه الصفة فإنه يكون مجنياً عليه في جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش المنسوبة إلى المطعون ضده ويكون له أن يطعن في الأمر الذي أصدرته النيابة بألا وجه لرفع الدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم، فإن الأمر المطعون فيه يكون إذا انتهى إلى عدم قبول الطعن شكلاً لرفعه من غير صفة قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولما كانت المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن تعدلت بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد جعلت الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لرفع الدعوى في مواد الجنح والمخالفات من اختصاص محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة فإنه يتعين مع نقض الأمر الإحالة إلى محكمة القاهرة للجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة لنظر الموضوع.