أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 111

جلسة 10 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفه، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(26)
الطعن رقم 45 لسنة 44 القضائية

استيقاف. قبض. تفتيش. "تفتيش بغير إذن. التفتيش بقصد التوقى". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها. ويسوغه اشتباه تبرره الظروف مما يستقل بتقديره قاضى الموضوع بغير معقب.ما دام لاستنتاجه ما يسوغه.
جواز القبض على المستوقف وتفتيشه بمعرفة مأمور الضبط القضائى إتماما لإجراءات التحرى عنه عند توفر مبررات ذلك. جواز تفتيش المستوقف كأحد وسائل التوقى والتحوط إذا تطلب الأمر احتجازه على ذمة إتمام التحرى عنه. علة ذلك .مثال.
الاستيقاف إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجال السلطة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا فى موضع الريب والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى وللكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية. والفصل فى قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه. وإذا توافرت مبررات الاستيقاف حق لرجل الشرطة اقتياد المستوقف إلى مأمور الضبط القضائى لاستيضاحه والتحرى عن حقيقة أمره دون أن يعد ذلك فى صحيح القانون قبضا – وإذ كان ذلك – وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط إذ سأل الطاعن للتحرى عن حقيقة أمره اعترف بأن له سوابق مما يوفر لدى الضابط دلائل كافية على كونه من المشتبه فى أمرهم – وهو ما أقرته محكمة الموضوع فى منطق سائغ – ويجيز له القبض عليه وتفتيشه وفقا للمادتين 34 و 46 من قانون الإجراءات الجنائية تمهيدا لإرساله إلى قسم الشرطة المقيم بدائرته لإتمام التحرى عنه. هذا فضلا عن أن التفتيش فى حالة الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقى والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه إلتماسا للفرار أن يعتدى على غيره بما قد يكون محرزا له من سلاح أو نحوه لما كان ما تقدم فان مجادلة الطاعن فى صحة ضبطه وتفتيشه على غير أساس.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى أول مايو سنة 1971 بدائرة قسم أول المنصورة محافظة الدقهلية: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدره "أفيونا وحشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا لمواد الإتهام. فقرر ذلك بتاريخ 14 من اكتوبر سنة 1972 عملا بالمواد 1و2 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين رقمى 1و 12 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول. بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمة 500 جنيه خمسمائة جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 15 من أكتوبر سنة 1972... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جواهر مخدرة قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه تأسيسا على أنه لم يصدر إذن بذلك من السلطة المختصة وأنه لم يكن فى حالة من حالات التلبس التى نص عليها القانون كما أن الحالة التى كان عليها ما كانت تبيح للشرطى السرى استيقافه واقتياده إلى قسم الشرطة ولم يكن من حق الضابط أن يقبض عليه ويفتشه بدعوى ضرورة اتخاذ هذا الإجراء قبل إيداعه سجن القسم، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع مما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه فى حوالى الساعة العاشرة من مساء يوم الحادث اقتاد الشرطى السرى........... الطاعن إلى مكتب شرطة قسم أول المنصورة للتحرى عنه بعد أن شاهده يحتك بالمارة فى الطريق ويتلفت حوله بصورة غير عادية، وإذ قام الضابط بسؤال الطاعن اعترف فى المحضر بوجود سوابق له ثابته بسجلات قسم شرطة ثان المنصورة التابع له، فأقفل الضابط المحضر لإرساله إلى القسم المذكور لإتمام التحرى، غير أنه إذ كان الوقت متأخرا فقد أعاد فتح المحضر فى الساعة العاشرة و55 دقيقة مساء، وأثبت قراره بحجز الطاعن بالقسم عثر بجيب صديريه الأيسر العلوى على أربع لفافات من السلوفان تحوى كل منها مادة ثبت من تحليلها أنها من جوهر الحشيش، وورقة أخرى بيضاء بها خمسة لفافات تحوى كل منها مادة ثبت من تحليلها أنها من جوهر الأفيون، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشرطى السرى والضابط ومن تقرير التحليل، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه فى قوله "وحيث إن الدفع مردود بأن اصطحاب الشرطى السرى.......... للمتهم إلى قسم شرطة أول المنصورة بعد أن رآه فى حالة تدعو للاشتباه فى أمره وهو يحتك بالمارة فى شارع مزدحم وأمام محل من محلاته وهو يتلفت يمينا ويسارا بحالة تدعو إلى الريبة ليس فيه مخالفة للقانون ما دام المقصود بذلك الإجراء التحرى عن حالته والوقوف على حيقيقة أمره فلما وصل المتهم إلى قسم الشرطة واعترف لضابط الشرطة بوجود سوابق له فى قسم ثان المنصورة فقد بات الاشتباه فيه قويا ودواعيه قائمة من الاعتراف بالسوابق الجنائية فإذا ما حرر له رجل الشرطة محضرا بالتحرى فلا جناح عليه فى ذلك ولا مخالفة فيه لأحكام القانون، ولزم إتمام إجراءات التحرى بتحويله إلى القسم الذى يقطن فى دائرته والذى اعترف المتهم نفسه بأن سوابقه معلومة له لصدورها ضده فى دائرة اختصاصه، ولما كان الثابت بأن الوقت ليلا وأن الساعة قاربت الحادية عشرة مساء فلا تثريب على رجل الضبطية القضائية أن يحجز المتهم طبقا للتعليمات إذ لا يعدو الأمر أن يكون إجراء تحفظيا للتيقن من أن المتهم ليس هاربا أو خطرا أو مطلوبا القبض عليه وما إلى ذلك من الأسباب السائغة وبالتالى يكون تفتيشه قبل احتجازه لا تثريب عليه ومن ثم يكون الدفع ببطلان الإجراءات على غير سند من القانون ويتعين الالتفات عنه" وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم صحيح فى القانون، ذلك بأن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجال السلطة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا فى موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى وللكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، كما هى الحال فى الدعوى، والفصل فى قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه. وإذا توافرت مبررات الاستيقاف فى حق الطاعن فقد حق لرجل الشرطة اقتياده المستوقف إلى مأمور الضبط القضائى لاستيضاحه والتحرى عن حقيقته أمره دون أن يعد ذلك فى صحيح القانون قبضا. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط إذ سأل الطاعن للتحرى عن حقيقة أمره اعترف بأن له سوابق مما يوفر لدى الضابط دلائل كافية على كونه من المشتبه فى أمرهم – وهو ما أقرته محكمة الموضوع فى منطق سائغ – ويجيز له القبض عليه وتفتيشه وفقا للمادتين 34 و 46 من قانون الإجراءات الجنائية تمهيدا لإرساله إلى قسم الشرطة المقيم بدائرته لإتمام التحرى عنه. هذا فضلا إلى أن التفتيش فى حالة الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقى والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه إلتماسا للفرار أن يعتدى على غيره بما قد يكون محرزا له من سلاح أو نحوه. لما كان ما تقدم، فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.