أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 456

جلسة 27 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.

(89)
الطعن رقم 298 لسنة 33 القضائية

( أ ) حكم. محاكمة "إجراءاتها". معارضة.
العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى. لا بما تذكره المحكمة عنه. مثال.
(ب) تزوير "الطعن بالتزوير".
الخطأ المادي في تدوين محاضر الجلسات. لا يستلزم الالتجاء إلى طريق الطعن بالتزوير على الوجه الذي رسمه القانون للطعن على الإجراءات المثبتة بمحاضر الجلسات والأحكام. ما دام هذا الخطأ واضحاً.
1- العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه. ولما كان يبين من الأوراق أن الطاعن كان خارج البلاد وقت سماع الدعوى بالجلستين السابقتين على الجلسة التي صدر فيها الحكم عليه، مما يفيد أن إجراءات محاكمته في هذه المرحلة قد تمت في غيبته، في حين أن المحكمة وصفت هذا الحكم بأنه حضوري اعتباري تأسيساً على حضور الطاعن بالجلستين السابقتين على صدوره. فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم قبول المعارضة في ذلك الحكم بقولة إنه حضوري يكون غير سديد، ويتعين نفضه.
2 - الخطأ المادي في تدوين محاضر الجلسات لا يستلزم الالتجاء إلى طريق الطعن بالتزوير على الوجه الذي رسمه القانون للطعن على الإجراءات المثبتة بمحاضر الجلسات والأحكام، ما دام هذا الخطأ واضحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8 أغسطس سنة 1958 بدائرة قسم عابدين: "بدد مبلغ 149 جنيهاً و580 مليماً لحسن محمود مطاوع وكان قد سلم إليه على سبيل الوديعة فاختلسه لنفسه إضراراً به". وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعى حسن محمود مطاوع بحق مدني قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة عابدين الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 28 إبريل سنة 1959 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصاريف. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 18 فبراير سنة 1962 حضورياً اعتبارياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 28 أكتوبر سنة 1962 بعدم القبول. فطعن الطاعن في الحكمين الصادرين بتاريخ 18 فبراير سنة 1962، 28 أكتوبر سنة 1962 بطريق النقض وبجلسة 27 مايو سنة 1963 قرر محامى الطاعن بأنه يقصر طعنه على الحكم الثاني فقط.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم هو الفساد والخطأ في الاستدلال وبطلان الإجراءات الذي أثر فيه ذلك بأنه قضى بعدم قبول معارضة الطاعن في الحكم الاستئنافى الغيابي الصادر بتاريخ 18 من فبراير سنة 1962 الذي وصف خطأ بأنه حضوري اعتباري تأسيساً على أن الطاعن حضر بجلستي 19 من فبراير سنة 1961، 28 من يناير سنة 1962 السابقتين على الجلسة التي صدر فيها الحكم - ورتب على ذلك أن الحكم حضوري في حين أن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يحضر أياً من هاتين الجلستين لوجوده بالسودان - الأمر الذي تحققت منه المحكمة باطلاعها على جواز سفره - ومن ثم يكون هذا الحكم في حقيقته غيابياً والمعارضة فيه جائزة.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن لاتهامه بتبديد مبلغ للمجني عليه كان قد سلم إليه على سبيل الوديعة فاختلسه لنفسه إضراراً به، وطلبت النيابة العامة عقابه بأقصى العقوبة المقررة بالمادة 341 من قانون العقوبات، وادعى المجني عليه بحق مدني وطلب الحكم له قبل الطاعن بتعويض مؤقت. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً ببراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصاريف. فاستأنفت النيابة العامة، وقضى في استئنافها حضورياً اعتبارياً بتاريخ 18/ 2/ 1962 بإجماع الآراء بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وحبس الطاعن شهراً واحداً مع الشغل. فعارض، وقضى في معارضته بتاريخ 28/ 10/ 1962 بعدم قبولها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الدعوى بعد أن تداولت بالجلسات أجلست لجلسة 19/ 11/ 1961 في غيبة الطاعن لتنفيذ القرار السابق إصداره بجلسة سابقة القاضي بإعلان المجني عليه والأستاذ ممدوح رياض المحامى. وبالجلسة المذكورة لم يحضر الطاعن والمجني عليه وقال المدافع عن الطاعن إنه موجود بالسودان فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 28/ 1/ 1962. وكلفت النيابة بإعلان المستأنف (كذا) والمستأنف عليه. وأثبت بمحضر هذه الجلسة أن الطاعن حضر وصمم على ما جاء بمذكرته. وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى أمرت بحجزها للحكم ثلاثة أسابيع وصرحت بتقديم مذكرات في خمسة أيام ونبهت بذلك ثم أصدرت حكمها بجلسة 18/ 2/ 1962. ولدى نظر المعارضة في هذا الحكم قدم المدافع عنه جواز سفره الدال على أنه كان في السودان في 12/ 12/ 1961 وأنه غادر البلاد في 12/ 6/ 1961 إلى السودان وعاد في 26/ 11/ 1961. لما كان ذلك، وكانت العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما تذكره المحكمة عنه. وكان يبين من الاطلاع على جواز سفر الطاعن رقم 2726076 وعلى كتاب الإدارة العامة للهجرة والجوازات والجنسية رقم 2004 (ملف 26220/ 2) الموجه بتاريخ 28/ 2/ 1963 إلى المحامى العام لدى محكمة النقض الجنائية أنه بالرجوع إلى جواز السفر وإلى محفوظات المصلحة يبين أن الطاعن غادر القاهرة في 18/ 1/ 1961 إلى الخرطوم ووصل في 14/ 4/ 1961 عن طريق مطار القاهرة ثم غادرها في 16/ 6/ 1961 إلى الخرطوم ووصل في 26/ 11/ 1961 عن طريق مطار القاهرة ثم غادرها في 12/ 12/ 1961 إلى الخرطوم ووصل في 20/ 4/ 1962 عن طريق مطار القاهرة. وواضح مما تقدم أن الطاعن كان خارج البلاد وقت سماع الدعوى بجلستي 19/ 11/ 1961 و28/ 1/ 1962 وأن ما أثبت بمحضر الجلسة الأخيرة من أنه حضر وصمم على ما جاء بمذكرته. لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي في أثناء التدوين الذي لا يستلزم الالتجاء إلى طريق الطعن بالتزوير على الوجه الذي رسمه القانون للطعن على الإجراءات المثبتة بمحاضر الجلسات والأحكام لوضوح هذا الخطأ وتكرره بمحاضر جلسات المحاكمة التي سبق أن أثبت بها حضور الطاعن بجلسة 10/ 9/ 1961 وقد كان في هذا الوقت خارج البلاد على ما هو ثابت بجواز سفره وبكتاب مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية كما سلف البيان، هذا فضلاً عن خطأ الحكم المطعون فيه في صدد حضور الطاعن جلسة 19/ 11/ 1961 إذ أثبت في صدره أنه لم يحضرها ثم عاد وقال بأنه حضرها وهذا الخلط من الحكم بالإضافة إلى ما شاب إجراءات المحاكمة في هذه المرحلة الاستئنافية التي انتهت بالحكم الصادر في 18/ 2/ 1962 من خروج من مقتضيات الدقة في خصوص إثبات حضور الطاعن أمام المحكمة يساند الطاعن في دعواه بأن إجراءات محاكمته في هذه المرحلة قد تمت في غيبته، ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم قبول المعارضة في ذلك الحكم بقوله إنه حضوري غير سديد ويتعين لذلك قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.