أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 460

جلسة 27 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان، ومحمد صبري، وأحمد موافي.

(90)
الطعن رقم 461 لسنة 33 القضائية

(أ و ب) تفتيش. تلبس. قبض. "مأمور الضبط القضائي" "اختصاصه" مواد مخدرة.
( أ ) دخول مأمور الضبط القضائي منزل المتهمة الثانية برضاء صريح منها مع علمها بظروف التفتيش والغرض منه، وهو البحث عن المبلغ الذي أتهمها الطاعن بسرقته. لمأمور الضبط تفتيش مسكنها في كل مكان يرى احتمال وجود المبلغ المسروق أو بعضه فيه وبأي كيفية يراها موصلة لذلك. عثوره على قطع من الحشيش تفوح منها رائحته داخل علبة سجاير قدر أنه قد يوجد بها جزء من المبلغ المسروق. جريمة متلبس بها. من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش وتقديمه إلى جهة الاختصاص. قيام دلائل ومظاهر تنبئ بذاتها عن اتصال الطاعن بجريمة إحراز هذا المخدر. من حق مأمور الضبط القبض عليه. هذا التفتيش والاستشهاد بما أسفر عنه صحيح في القانون.
(ب) مباشرة مأمور الضبط القضائي التفتيش بدائرة قسم غير القسم التابع له. يصححه: اختصاصه بالتحقيق مع المتهم بناء على ضبطه متلبساً بجريمة وقعت في دائرة اختصاصه. علة ذلك: التفتيش عمل من أعمال التحقيق المختص هو به. قيام النيابة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى قعود مأمور الضبط عن القيام بواجبه ومتابعته.
(ج) وكيل نيابة المخدرات. تفتيش.
لوكيل نيابة المخدرات في حدود اختصاصه العام الاستعانة في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته من مرؤوسيه ولو لم يكن من رجال الضبط القضائي. ما داموا يعملون تحت إشرافه. مثال.
(د) تفتيش. "إذن التفتيش". دفوع. نقض. "أسبابه. ما لا يقبل من الأسباب".
الدفع ببطلان إذن التفتيش وببطلان التفتيش من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع. تطلبها تحقيقاً موضوعياً. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(هـ) تلبس. قبض. تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة.
 ثبوت أن جريمة إحراز المخدر  الذي ضبط بمنزل المتهمة الثانية كانت في حالة تلبس. صحة نسبتها إلى الطاعن واتصاله بها. القبض عليه وتفتيشه وتفتيش مسكنه لا يحتاج لصدور إذن من النيابة. منازعة الطاعن في مسوغات إصدار الأذن. لا محل لها. علة ذلك: اتهامه بإحراز المخدر المضبوط كمبرر لصدور الإذن لتفتيش مسكنه إنما قام على أساس سليم من الواقع ويتفق وصحيح القانون.
1 - لما كان الضابط الذي فتش منزل المتهمة الثانية قد دخله وفتشه بوجه قانوني بناء على رضاء حر صريح منها مع علمها بظروف التفتيش والغرض منه وهو البحث عن المبلغ الذي اتهمها الطاعن بسرقته. فإن هذا الإذن يبيح له أن يجرى تفتيش مسكنها في كل مكان يرى هو احتمال وجود المبلغ المسروق أو بعضه فيه وبأي طريقة يراها موصلة لذلك. ومتى كان قد تبين - أثناء التفتيش - وجود علبة سجائر وقدر أنه قد يوجد بها جزء من المبلغ المسروق، وظهر عرضاً أنها تحتوى على قطع من الحشيش تفوح منها رائحته، فإنه بذلك يكون حيال جريمة متلبس بها ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش بوصف كونه مأموراً للضبطية القضائية يباشر عملاً من حق إجراؤه قانوناً، وأن يقدمه إلى جهة الاختصاص وأن يقبض على الطاعن الذي وجدت من الدلائل والمظاهر ما ينبئ بذاته عن اتصاله بجريمة إحراز هذا المخدر. ومن ثم يكون هذا التفتيش والاستشهاد بما أسفر عنه صحيحاً في القانون.
2 - مباشرة مأمور الضبط القضائي التفتيش بدائرة قسم غير القسم التابع له يصححه اختصاصه بالتحقيق مع المتهم الذي فتش منزله بناء على ضبطه متلبساً بجريمة وقعت في دائرة اختصاصه وذلك على أساس أن التفتيش عمل من أعمال التحقيق المختص هو به. وقيام النيابة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى قعود مأمور الضبط عن القيام بواجبه ومتابعته.
3 - لوكيل نيابة مخدرات القاهرة في حدود اختصاصه العام وبوصفه رئيساً للضبطية القضائية بها، الحق في أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه من مرؤوسيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه. ومتى كان الثابت أن ضابط مصر الجديدة سواء بوصفه من مأموري الضبط القضائي أو من رجال السلطة العامة قد قام بتفتيش منزل الطاعن الكائن بدائرة قسم المطرية وعثر على العلبة التي تحوى المخدر بناء على أمر وكيل النيابة وعلى مرأى ومسمع منه وفى حضوره وتحت إشرافه، وهو ما أثبته وكيل النيابة في محضره واطمأنت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية بما لا معقب عليها فيه، فإن هذا التفتيش يكون قد وقع صحيحاً ووفقاً للقانون. أما ما قوله الطاعن من أن وكيل النيابة كان واقفاً خلف الضابط وقت عثوره على العلبة فإنه لا ينتفي به تحقيق إشراف ويكل النيابة على هذا التفتيش، بل تتوافر به رقابته بالقدر الذي يستقيم به مراد الشارع من ضمان هذا الإجراء وسلامة نتيجته وصحة الدليل الذي يسفر عنه.
4 - الدفع ببطلان الإذن الصادر بالتفتيش وببطلان التفتيش، من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضى تحقيقاً موضوعياً، ومن ثم فلا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - متى كان الثابت أن جريمة إحراز المخدر الذي ضبط بمنزل المتهمة الثانية كانت في حالة تلبس، وصحت نسبتها إلى الطاعن واتصاله بها، فإن القبض عليه وتفتيشه وتفتيش مسكنه لم يكن يحتاج لصدور إذن من النيابة، ومنازعة الطاعن في مسوغات إصدار هذا الإذن لا محل لها، لأن اتهامه بإحراز المخدر المضبوط كمبرر لصدور الإذن بتفتيش مسكنه إنما قام على أساس سليم من الواقع ويتفق وصحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يومي 6 و7 إبريل سنة 1960 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: - "أحرزا جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً" وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و 2 و33/ جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول أ المرفق. فقررت الغرفة ذلك. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم الأول (الطاعن) ببطلان التفتيش الواقع على علبة البلمونت كما دفع أيضاً ببطلان التفتيش الذي أسفر عن العثور على المادة المخدرة. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1962 عملاً بالمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم أ المرافق مع تطبيق المادتين 5 و17 من قانون العقوبات: أولاً - بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي وردت على الدفع قائلة إنه في غير محله: ثانياً - ببراءة المتهمة الثانية مما أسند إليها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن قدم بتاريخ 12/ 1/ 1963 تقريرين بأسباب طعنه يتحصلان في خمسة أوجه مبنى أولهما خطأ في القانون ذلك أنه دفع ببطلان تفتيش علبة السجاير وفض اللفافة التي تحويها. لأن سلطة الضابط الذي أجراه كانت محددة بالغرض من التفتيش الذي انصب عليه رضاء صاحبة المسكن بإجرائه وهو البحث عن النقود التي اتهمها الطاعن بسرقتها، ومن ثم فما كان له أن يفتح هذه العلبة لانتفاء احتمال وجود المبلغ المسروق بداخلها ولو أجيز له فتح تلك العلبة فما كان له أن يخرج اللفافة التي كانت تحتوى عليه ويشم ما بداخلها فيكشف أنه مخدر لأن ذلك يعتبر خلقاً لحالة التلبس عن طريق غير مشروع وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله إن التفتيش لم يقع على منزل الطاعن أو شخصه فلا يقبل منه التمسك ببطلانه وهو ما لا يصلح رداً إذا ما دامت العلبة مملوكة له فإن لها حصانة تستمدها من الحصانة المكفولة لشخصه وتعطيه الحق في إبداء هذا الدفع ويكون ما قاله الحكم بشأن ذلك قد شابه التناقض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما يجمل أن الطاعن اعتاد التردد على منزل المتهمة الثانية الكائن بدائرة مصر الجديدة وقد توجه إليه فجر يوم 6/ 4/ 1960 وكان ثملا وخلع ثيابه وجلس يستريح على مقعد بحجرة نومها حتى تعد له شراباً ساخناً ثم نام وعندما استيقظ في الصباح تبين فقد مبلغ 143 جنيهاً و500 مليم من ملابسه واتهم صاحبة المنزل بسرقته، ولما توجه ضابط القسم إلى مكان الحادث بعد إبلاغه به أنكرت صاحبة المنزل سرقة هذا المبلغ ثم أذنت له بتفتيش مسكنها كتابة فعثر أثناء تفتيشه المقعد الذي كان الطاعن يجلس عليه على علبة سجاير صغيرة بين وسادتي المقعد ولما فتحها بحثاً عن النقود المسروقة أو بعضها وجد بداخلها أربع قطع من مادة تنبعث منها رائحة الحشيش مغلفة بورقة مفضضة ويطويها بطاقة معايدة موجهة للطاعن من إحدى السيدات وقد اعترف الطاعن بملكيته لتلك البطاقة وأنكر صلته بالمخدر المضبوط وقررت صاحبة المنزل أنها ترجح أن هذا المخدر للطاعن. وفى يوم 7/ 4/ 1960 انتقل وكيل النيابة المحقق إلى منزل الطاعن الكائن بدائرة قسم المطرية لتفتيشه وصحب معه أحد ضباط مكتب مكافحة المخدرة بالقاهرة وضابط قسم مصر الجديدة الذي قام بتفتيش منزل المتهمة الثانية ثم أحد ضباط مباحث قسم المطرية، وأثناء التفتيش الذي تم بحضور الطاعن في غرفة نومه عثر وكيل النيابة على علبة من الصفيح بداخلها عدة أوراق مما يستعمل في لف السجاير كما شاهد عديداً من الكتب والمجلات موضوعة على "شوفونيرة" وقد قام ضابط مصر الجديدة برفعها بحضور وكيل النيابة المحقق الذي أثبت في محضره أن هذا الضابط عثر تحت إشرافه على علبة من علب النظارات بداخلها قطعتان عاريتان من مادة تشبه الحشيش ولها رائحته فلما واجه الطاعن بها أخذ يردد عبارة "ربنا يستر عرضك" وادعى أن خادمة كانت عنده ولا يعرف أسمها عثرت على تلك العلبة بمحتوياتها بالطريق. كما وجد الضابط علبة من المعدن تستعمل في لف السجاير وبها كمية من الدخان أقر الطاعن بملكيته لها وقد ثبت من التحليل أن المواد المضبوطة هي حشيش وأن الدخان الذي عثر عليه وجد ملوثا بآثار الحشيش. واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود ومحضر التفتيش الذي أجراه وكيل النيابة المحقق وتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان الضابط الذي فتش منزل المتهمة الثانية قد دخله وفتشه بوجه قانوني بناء على رضاء حر صريح منها مع علمها بظروف التفتيش والغرض منه وهو البحث عن المبلغ الذي اتهمها الطاعن بسرقته. فإن هذا الإذن يبيح له أن يجرى تفتيش مسكنها في كل مكان يرى هو احتمال وجود المبلغ المسروق أو بعضه فيه وبأي طريقة يراها موصلة لذلك. ومتى كان قد تبين. أثناء هذا التفتيش وجود علبة السجاير وقدر أنه قد يوجد بها جزء من المبلغ المسروق وظهر عرضاً أنها تحتوى على قطع من الحشيش تفوح منها رائحته. فإنه بذلك يكون حيال جريمة متلبس بها ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش بوصف كونه مأموراً للضبطية القضائية يباشر عملاً من حقه إجراؤه قانوناً. وأن يقدمه إلى جهة الاختصاص وأن يقبض على الطاعن الذي وجدت من الدلائل والمظاهر ما ينبئ بذاته عن اتصاله بجريمة إحراز هذا المخدر. ومن ثم يكون هذا التفتيش والاستشهاد بما أسفر عنه صحيحاً في القانون. وما استطرد إليه الحكم في تبرير هذا التفتيش من أنه لم يمس شخص الطاعن أو مسكنه وقوله بعد ذلك إن علبة السجاير مملوكة له للاعتبارات السائغة التي أوردها ومنها وجود بطاقة معايدة بداخل العلبة موجهة إليه واعترافه بذلك مما يصح معه نسبة المخدر المضبوط بهذه العلبة إليه. لا ينطوي على أي تناقض - وبذلك يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون وفى الإسناد، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان تفتيش علبة النظارة التي وجدت في مسكنه الكائن بدائرة قسم المطرية لأن من أجراه هو ضابط قسم مصر الجديدة في غير دائرة اختصاصه، وأنه لا يصحح ذلك أن وكيل النيابة استعان به إذا يلزم أن تكون الاستعانة بمأمور الضبط القضائي المختص ولأن التفتيش فضلاً عن ذلك لم يكن تحت بصر وكيل النيابة. ولكن الحكم رد على هذا الدفع بقوله إن التفتيش كان تحت إشراف وكيل النيابة مع أن الثابت من أقوال هذا الضابط أنه هو الذي عثر على علبة النظارة وتبين ما تحتوى عليه من مخدر ثم سلمها لوكيل النيابة الذي كان يقف خلفه مما مفاده أن التفتيش لم يكن تحت بصره.
وحيث إنه فضلاً عن أنه مما يتفق وصحيح القانون أن مباشرة مأمور الضبط القضائي التفتيش بدائرة قسم غير القسم التابع له يصححه اختصاصه بالتحقيق مع المتهم الذي فتش منزله بناء على ضبطه متلبساً بجريمة وقعت في دائرة اختصاصه وذلك على أساس أن التفتيش عمل من أعمال التحقيق المختص هو به. وقيام النيابة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضى قعود مأمور الضبط عن القيام بواجبه ومتابعته فيكون التفتيش الذي قام به مأمور مصر الجديدة صحيحاً. وكان لوكيل نيابة مخدرات القاهرة في حدود اختصاصه العام وبوصفه رئيساً للضبطية القضائية بها كل الحق في أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه من مرءوسيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت إشرافه. فضلاً عن ذلك فإنه متى كان الثابت أن ضابط مصر الجديدة سواء بوصفه من مأموري الضبط القضائي أو من رجال السلطة العامة قد قام بتفتيش منزل الطاعن وعثر على علبة النظارة بناء على أمر وكيل النيابة وعلى مرأى ومسمع منه وفى حضوره وتحت إشرافه وهو ما أثبته وكيل النيابة في محضره واطمأنت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية بما لا معقب عليها فيه. فإن هذا التفتيش يكون قد وقع صحيحاً ووفقاً للقانون. أما ما قاله الطاعن من أن وكيل النيابة كان واقفاً خلف الضابط وقت عثوره على علبة النظارة فإنه لا ينتفي به تحقق إشراف وكيل النيابة على هذا التفتيش. بل تتوافر به رقابته بالقدر الذي يستقم به مراد الشارع من ضمان هذا الإجراء وسلامة نتيجته وصحة الدليل الذي يسفر عنه. ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الوجه.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ذلك أن المحكمة دانت الطاعن بما أسفر عنه تفتيش مسكنه بدائرة قسم المطرية بمقولة إن وصف التهمة قد شابه خطأ مادي مع أن هذه الواقعة لم يشملها وصف التهمة المرفوعة بها الدعوى وكان يتعين توجيهها إليه بالطريق الذي رسمه القانون.
وحيث إن النيابة العامة وجهت الاتهام للطاعن بأنه في يومي 6 و7 إبريل سنة 1960 بدائرة مصر الجديدة محافظة القاهرة أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وقد أورد الحكم بعد بيان واقعة الدعوى كما جاءت في ديباجته قوله "إن هذا الوصف قد شابه خطأ مادي ذلك أن يوم 6/ 4/ 1960 خاص بواقعة مصر الجديدة ويوم 7/ 4/ 1960 خاص بواقعة قسم المطرية ومن حق المحكمة تصحيح هذا الخطأ المادي" ثم حددت المحكمة مكان الحادث بأنه بدائرتي قسمي مصر الجديدة والمطرية. لما كان ذلك، وكان الواضح مما أورده الحكم وما أثبت بمحضر الجلسة أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بجريمة إحرازه المخدر المضبوط في يومي 6 و7 إبريل سنة 1960 مما مفاده أنها أقامت الدعوى عن الواقعتين المنسوبتين إليه وكان الدفاع عن الطاعن قد تناول هاتين الواقعتين في مرافعته فإن ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم هو مما يتصل بالواقع ولا يعدو أن يكون تصحيحاً لخطأ مادي شاب وصف التهمة يتعلق بتحديد مكان الجريمة بما لا محل للمجادلة فيه ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الأمر الصادر من رئيس النيابة بتفتيش مسكن الطاعن جاء باطلاً لأن تفتيش المنازل لا يجوز الالتجاء إليه إلا بناء على تهمة موجهة إلى الشخص المقيم في المنزل المراد تفتيشه، والواقع أن اتهام النيابة للطاعن بإحراز المخدر المضبوط في مسكن المتهمة الثانية لم يكن له سند صحيح من الواقع أو القانون بدليل أنها وجهت نفس التهمة إلى المتهمة الثانية وأخلت سبيل الطاعن بضمان وظيفته ومتى صح ذلك فغن التفتيش الذي قام به وكيل النيابة يكون قد وقع باطلاً بدوره تبعاً لبطلان هذا الإذن.
وحيث إنه لما كان الثابت من محضر الجلسة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الإذن الصادر من رئيس النيابة بتفتيش منزله وبطلان التفتيش تبعاً لذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يفيد صحة ما يدعيه من ذلك فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع ويقتضي تحقيقاً موضوعاً مما لا شأن لهذه المحكمة به. وفضلاً عما تقدم فإنه لما كان الثابت أن جريمة المخدر الذي ضبط بمنزل المتهمة الثانية كانت في حالة تلبس وصحت نسبتها إلى الطاعن واتصاله بها فإن القبض عليه وتفتيشه وتفتيش مسكنه لم يكن يحتاج لصدور إذن من النيابة ومنازعة الطاعن في مسوغات إصدار هذا الإذن لا محل لها في صورة هذه الدعوى لان اتهامه بإحراز المخدر المضبوط في علبة السجاير كمبرر لصدور الإذن بتفتيش مسكنه إنما قام على أساس سليم من الواقع ويتفق وصحيح القانون دون أن يقدح في ذلك أن النيابة أخلت سبيله بعد اتهامه في الواقعة الأولى أو وجهت تهمة الإحراز للمتهمة الثانية وبذلك يكون هذا الوجه من الطعن لا يقوم على سند سليم.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.