أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 115

جلسة 10 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(27)
الطعن رقم 46 لسنة 44 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "محكمة الموضوع". "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى. متى كان استخلاصها سائغا. اطمئنان المحكمة إلى الأدلة التى عولت عليها بغير إطراحا لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تلتزم ببيان علة إطراحها. مثال لتسبيب سائغ فى جريمة إحراز مواد مخدرة.
ضبط قطع من الأفيون بأحد الأطباق يلزم عنه بالضرورة تخلف آثار به.
الجدل الموضوعى. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى متى كانت سائغة، ولها أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقناعها ما دام استخلاصها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها معين صحيح من أوراق الدعوى، واطمئنان المحكمة إلى الأدلة التى عولت عليها يعتبر إطراحا لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تلزم ببيان علة إطراحها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير التحليل أن ما ضبط مع الطاعنة وفى مسكنها هو من مادتى الحشيش والأفيون وفى هذا ما يكفى لتبرير قضائه فى هذه الخصوصية، ولا على الحكم – كأصل عام – إن هو لم يرد على ما أثارته الطاعنة فى دفاعها من خلو الطبق المضبوط من آثار الأفيون، ذلك بأنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار من قطع الأفيون به وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أورد أدلة الثبوت التى اعتمد عليها فى الإدانة بما لا تناقض فيه، وكانت ما تدعية الطاعنة فى أسباب طعنها من أن الحكم أقام قضاءه على أن خلو الطبق من آثار الأفيون يدل على سلامة الإجراءات غير صحيح بل كان هذا الاستخلاص ردا على دفاع الطاعنة وفى معرض هذا الرد بعد أن اطمأنت المحكمة إلى أدلة الإدانة وأوردتها فى حكمها وبعد أن استقرت الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وفى وجدانها ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الفساد فى الاستدلال وتنحل معه أوجه الطعن إلى مجرد جدل موضوعى يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة فى منطق سائغ وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها فى يوم 13 مايو سنة 1970بدائرة قسم المنيا محافظة المنيا. أحرزت بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "حشيشا وأفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك بتاريخ 23 سبتمبر سنة 1970. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا بتاريخ 24 من أكتوبر سنة 1972 عملا بالمواد 1و2و7/ 3 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1و12 من الجدول رقم/ 1 الملحق بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمها ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة والأدوات المضبوطة. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض فى 25 أكتوبر سنة 1972... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز مخدر بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا قد شابه فساد فى الاستدلال ذلك بأن المحكمة استخلصت من دليل عدم وجود آثار مخدر بالطبق الذى قيل بوجود بعض المخدر المضبوط به سندا للادانة وسلامة الإجراءات بمقولة أنه كان فى الإمكان إلصاق بعض المخدر به ليظهر أثره فى التحليل، وهذا من المحكمة استخلاص غير سائغ إذ لا يعقل أن يكون بالطبق المذكور سبع وأربعون قطعة من مخدر الأفيون عارية ثم لا تخلف أثرا به مع أن الضبط كان فى شهر من شهور الصيف، والمحكمة بمسلكها هذا تكون قد اتخذت من دفاع الطاعن دليلا عليه وعولت بذلك على وهم لا أصل له فى الأوراق وهو ما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى متى كانت سائغة، ولها أن تستخلص من مجموع الأدلة العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها معين صحيح من أوراق الدعوى، واطمئنان المحكمة إلى الأدلة التى عولت عليها يعتبر إطراحا لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تلزم ببيان علة اطراحها، و كان الحكم قد نقل عن تقرير التحليل أن ما ضبط مع الطاعنة وفى مسكنها هو من مادتى الحشيش والأفيون وفى هذا ما يكفى لتبرير قضائه فى هذه الخصوصية، ولا على الحكم – كأصل عام – إن هو لم يرد على ما أثارته الطاعنة فى دفاعها من خلو الطبق من آثار الأفيون، ذلك بأنه لا يلزم بالضرورة تخلف آثار من قطع الأفيون به ومن ثم فان ما أورده الحكم فى هذا الصدد يعتبر ردا سائغا. هذا وقد أورد الحكم أدلة الثبوت التى اعتمد عليها فى الإدانة بما لا تناقض فيه وكانت ما تدعيه الطاعنة فى أسباب طعنها من أن الحكم أقام قضاءه على أن خلو الطبق من آثار الأفيون يدل على سلامة الإجراءات غير صحيح، بل كان هذا الاستخلاص ردا على دفاع الطاعنة وفى معرض هذا الرد بعد أن اطمأنت المحكمة إلى أدلة الإدانة وأوردتها فى حكمها وبعد أن استقرت الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى فى وجدانها ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الفساد فى الاستدلال وتنحل معه أوجه الطعن إلى مجرد جدل موضوعى يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة فى منطق سائغ وهو مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فان الطعن يكون على غير سند مما يتعين معه رفضه موضوعا.