أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 119

جلسة 11 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد/ المستشار حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وابراهيم أحمد الديوانى, وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(28)
الطعن رقم 137 لسنة 43 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. باعث. حكم. تسبيبه تسبيب غير معيب. "نقض". أسباب الطعن. ما لا يقبل منها.
الشيك فى معنى المادة 337 عقوبات. تعريفه.
قيام جريمة إصدار شيك بدون رصيد. عدم تأثرها بسبب تحريره أو الغرض منه. النعى بأن تحرير الشيك كان تأمينا لعمليات تجارية لا يقبل.
(2) إجراءات المحاكمة. إثبات "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره" باعث. شيك بدون رصيد. قصد جنائى. حكم "تسبيبه". تسبيب غير معيب. "نقض. أسباب الطعن. ما لا يقيل منها".
لا على المحكمة إن هى التفتت عن الدفاع غير المنتج.
النعى على المحكمة عدم ندبها خبيرا لتحقيق الباعث على إصدار الشيك. لا أساس له ما دام لم يطلب منها ذلك ولم تعول هى على الباعث فى إدانته.
(3، 4، 5) دعوى مدنية "قبولها. نظرها والحكم فيها". تعويض. ضرر. شيك بدون رصيد. حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب "نقض". "أسباب الطعن. مالا يقبل منها" مسئولية جنائية.
(3) تأسيس المدعية طلبها على تعويض الضرر الناشئ عن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد لا على قيمة الشيك. والقضاء لها بالتعويض على هذا الأساس. لا محل للقول بانتفاء الضرراستنادا إلى أن الشيك لم يكن يمثل مديونية. ما دام ذلك لا يفيد بذاته انتفاء الضرر.
(4) تأسيس الدعوى المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعلى الناشئ عن الجريمة دون قيمة الشيك. تتوافر به شروط قبولها.
(5) إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه من الفعل الذى قضى بالتعويض بسببه. كفايته بيانا لوجه الضرر.
(6, 7،8) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الإكراه" حالة الضرورة. "شيك بدون رصيد. مسئولية جنائية. إكراه. حالة الضرورة. دفوع. نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب.
(6) نعى الطاعن بأنه أكره على توقيع الشيك لتقبل الشركة تمويل عملية التوريد. لا يتوافر به الإكراه بمعناه القانونى ما دامت الشركة قد استعملت حقا خولها إياه القانون.
(7) حالة الضرورة. مناط قيامها، الخطر الذى يهدد النفس دون المال.
(8) الدفع بأن الطاعن أكره على التوقيع على الشيك. عدم جواز إثارته أمام النقض لأول مرة.
1 - من المقرر أن الشيك فى حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه فى القانون التجارى بأنه آداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغنى عن استعمال النقود فى المعاملات. وما دام أنه قد استوفى المقومات التى تجعل منه آداة وفاء فى نظر القانون فلا عبرة بما يقوله الطاعن من أنه أراد من تحرير هذه الشيكات أن تكون تأمينا لدينه الناشئ من عمليات تجارية جرت بينه والشركة المدعية بالحقوق المدنية أو أنه فى قيمة الدين الذى حررت الشيكات تأمينا له، إذ أن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات. كما أنه لا عبرة فى قيام جريمة إعطاءه شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب بسبب تحرير الشيك والغرض من تحريره، ولا بعلم المستفيد وقت استلام الشيك بعدم وجود رصيد للساحب فى البنك المسحوب عليه, ومن ثم فإن مما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون على غير أساس.
2 - من المقرر أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج فى الدعوى فلا يترتب على المحكمة إن هى لم تحققه أو أغفلت الرد عليه – ولما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب ندب خبير حسابى فى الدعوى فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم استجابتها لطلب لم يطرحه عليها فضلا عن أن الحكم المطعون فيه لم يعول على الباعث على إصدار الشيكات موضوع الاتهام وقضاؤه فى ذلك سليم، ومن ثم فإن ندب خبير لتحقيق أمر يتعلق بالباعث لا يكون له محل.
3 - متى كانت الشركة المدعية بالحقوق المدنية لم تؤسس دعواها على المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيكات موضوع الدعوى، وإنما أسستها على المطالبة بقيمة الضرر الناتج من عدم قابلية الشيكات للصرف، وكان الحكم قد انتهى إلى القضاء بهذا التعويض المؤقت باعتباره ناشئا عن الجريمة التى دان الطاعن بها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول انتفاء الضرر الذى قضى به الحكم استنادا إلى أن الشيكات موضوع النزاع لم تكن تمثل أى مديونية حقيقية لا يكون له محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على عدم الوفاء بالشيكات فى ميعاد استحقاقها.
4 - متى كان الثابت من الحكم أن الدعوى المدنية قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الفعلى الناتج عن الجريمة دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيكات فإنه يكون بذلك قد توافر للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية ومن ثم تكون مقبولة.
5 - من المقرر أنه يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه من الفعل الذى قضى بالتعويض من أجله.
6 - أن ما ينعاه الطاعن أنه أكره على إصدار الشيكات موضوع التهمة وأنه إنما أصدرها مضطر لتقبل الشركة تمويل عملية التوريد، مردود بأن الإكراه بمعناه القانونى غير متوافر فى الدعوى لأن الشركة قد استعملت حقا خولها إياه القانون فلا تثريب، عليها فى ذلك.
7 - من المقرر أن حالة الضرورة لا تتوافر إلا إذا وجد خطر يهدد النفس ولا تتوافر إذا كان الخطر يهدد المال فحسب.
8 - متى كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار أنه كان تحت تأثير إكراه عندما أصدر الشيكات موضوع التهمة فلا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى أيام 26 أغسطس سنة 1969 و23 فبراير و21 مارس سنة 1970 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة: أعطى بسوء نية ثلاثة شيكات لشركة النصر للتصدير والاستيراد لا يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336/ 1 و327 من قانون العقوبات. ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 22 فبراير سنة 1971 عملا بمادتى الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لوقف التنفيذ. فعارض وقضى فى معارضته بتاريخ 3 يناير سنة 1972 بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه وإلزام المتهم بأن يؤدى للمدعية بالحق المدنى مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 12 من مارس سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى...الخ.


المحكمة

حيث أن الطاعن قد توفى – على ما يبين من مذكرة القلم الجنائى بنيابة النقض – ومن ثم يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته عملا بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه بالنسبة للدعوى المدنية التى قضى فيها بالتعويض على أساس ثبوت المسئولية الجنائية فإن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيكات بدون رصيد قد انطوى على قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع وفساد فى الاستدلال. ذلك أن دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات قام على أن الشيكات موضوع الدعوى قدمها كوسيلة ائتمان إذ كان يحررها بقيمة المبالغ التى كانت تدفعها الشركة المدعية بالحقوق المدنية ضمانا لقيامه بعملية توريد فاصوليا لإحدى الشركات بالخارج ورغم قيامه بالتوريد فعلا فإن الشركة لم تقم بتصفية الحساب واستغلت شيكات الضمان الموجودة معها وتقدمت بشكواها وهى تعلم أنه – أصدرها دون أن يكون له رصيد وقد أغفل الحكم الابتدائى ومن بعده الحكم المطعون فيه هذا الدفاع رغم جوهريته وقد طلب الطاعن ندب خبير لإثبات صحة هذا الدفاع وأن الشيكات لا تمثل أية مديونية وبالتالى لن يلحق بالشركة المدعية بالحقوق المدنية ثمة ضرر يقتضى القضاء لها بالتعويض المؤقت الذي تطلبه.هذا فضلا عن أن الحكم قد أغفل أن الطاعن كان تحت تأثير إكراه معنوى عندما حرر الشيكات موضوع الدعوى إذ أن الشركة المدعية بالحقوق المدنية لم تكن تقبل تمويل عملية توريد الفاصوليا إلا مقابل تحرير الطاعن شيكات بقيمة المبالغ التى تدفعها.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم الابتدائى – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لدفاع الطاعن القائم على أنه حرر الشيكات الثلاثة موضوع الاتهام لصالح الشركة المدعية بالحقوق المدنية ضمانا لتوريد كمية من الفاصوليا قام بتوريدها بالفعل – خلص إلى ثبوت هذا الاتهام – استنادا إلى أقوال مدير تلك الشركة وإلى أن الشيكات الثلاثة استوفت شرائطها كأداة وفاء بحري مجرى النقود فى المعاملات وقد أثبت الحكم القصد الجنائى فى حق الطاعن من علمه بعدم وجود رصيد وأطرح الباعث على تحرير الشيكات لأنها استوفت شكلها القانوني. لما كان ذلك, وكان ما قاله الحكم سديدا فى القانون ذلك بأنه من المقرر أن الشيك فى حكم المادة 337 من قانون العقوبات هو الشيك المعرف عنه فى القانون التجارى بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغنى عن استعمال النقود فى المعاملات وما دام أنه قد استوفى المقومات التى تجعل منه أداة وفاء فى نظر القانون فلا عبرة بما يقوله الطاعن من أنه أراد من تحرير هذه الشيكات أن تكون تأمينا لدينه الناشئ عن عمليات تجارية جرت بينه والشركة المدعية بالحقوق المدنية أو أنه أوفى قيمة الدين الذى حررت الشيكات تأمينا له، إذ أن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات كما أنه لا عبرة فى قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب بسبب تحرير الشيك والغرض من تحريره ولا بعلم المستفيد وقت استلام الشيك بعدم وجود رصيد للساحب فى البنك المسحوب عليه, ومن ثم فان مما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب ندب خبير حسابى فى الدعوى فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم استجابتها لطلب لم يطرحه عليها هذا فضلا عن أن الحكم المطعون فيه لم يعول على الباعث على إصدار الشيكات موضوع الاتهام – وقضاؤه فى ذلك سليم – ومن ثم فان ندب خبير لتحقيق أمر يتعلق بهذا الباعث لا يكون له محل لما هو مقرر أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج فى الدعوى فلا يثريب على المحكمة إن هى لم تحققه أو أغفلت الرد عليه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التى دان الطاعن بها وأورد على ثيوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الشركة المدعية بالحقوق المدنية لم تؤسس دعواها على المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيكات موضوع الدعوى وإنما أسستها على المطالبة بتعويض الضرر الناتج من عدم قابلية الشيكات للصرف و قد انتهى الحكم إلى القضاء بهذا التعويض المؤقت باعتباره ناشئا عن الجريمة التى دان الطاعن بها. لما كان ذلك, فان ما يثيره الطاعن في طعنه من منازعة حول انتفاء الضرر الذى قضى به الحكم استنادا إلى أن الشيكات موضوع الاتهام لم تكن تمثل أى مديونية حقيقية لا يكون له محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على عدم الوفاء بالشيكات فى ميعاد استحقاقها، وإذ كان الأمر كذلك، وكان الثابت من الحكم أن الدعوى قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الفعلى الناتج عن الجريمة دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيكات فانه يكون بذلك قد توافر للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية، ومن ثم تكون مقبولة، ولما كان من المقرر أنه يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى قضى بالتعويض من أجله فان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد، أما ما ينعاه بدعوى أنه أكره على إصدار الشيكات موضوع التهمة وأنه إنما أصدرها مضطرا لتقبل الشركة تمويل عملية التوريد، فمردود بأن الإكراه بمعناه القانونى غير متوافر فى الدعوى لأن الشركة قد استعملت حقا خولها إياه القانون فلا تثريب عليها فى ذلك كما أنه من المقرر أن حالة الضرورة لا تتوافر إلا إذا وجد خطر يهدد النفس ولا تتوافر إذا كان الخطر يهدد المال فحسب، ومن ثم فان منعى الطاعن على تلك الشيكات بانعدام أثرهما القانونى لفساد رضاه لدى إصدارها يكون غير سديد، وإذ كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار أنه كان تحت تأثير إكراه عندما أصدر الشيكات موضوع التهمة فلا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون نعيه فى هذا الخصوص غير مقبول من هذه الناحية أيضا. لما كان ما تقدم فان الطعن فى خصوص الدعوى المدنية يكون على غير أساس متعين الرفض.