أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 8 – صـ 155

جلسة 18 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى الجندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(46)
القضية رقم 1550 سنة 26 القضائية

إنتاج. رسوم الإنتاج. كحول. استحقاق الرسوم فى جميع الحالات على منتجاته ولو لم تضبط. المرسوم الصادر فى 7 يوليو سنة 1947.
إن نص المواد 3، 16، 17 من المرسوم الصادر بتاريخ 7 من يوليو سنة 1947 الخاص برسم الإنتاج والاستهلاك عن الكحول يدل بجلاء على أن تقدير الرسوم وتحصيلها يكون مستحقا فى جميع الحالات على المنتجات ولو لم تضبط. ثم بعد ذلك تقدر التعويضات وهى لا تحتسب إلا بنسبة الرسوم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من 1 – كوسطنطين مارتينى و2 – سوتيرى نيقولا (الطاعن) بأنهما حازا سوائل كحولية لم تدفع عنها رسوم الإنتاج والاستهلاك. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و6 و8 و12 و16 و17 من المرسوم الصادر بتاريخ 7 يوليو سنة 1947 والمادة 1 من القانون رقم 1 لسنة 1939 مع تطبيق أقصى العقوبة وقد ادعى الحاضر عن مصلحة الجمارك بحق مدنى قبل المتهم بمبلغ 470 م و470 ج قيمة الرسوم المستحقة لها. ومحكمة الموسكى الجزئية قضت حضوريا عملا بالمواد 12 و16 و17 من المرسوم الصادر بتاريخ 7 يوليو سنة 1947 والمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 وذلك بالنسبة إلى المتهم الثانى (الطاعن) أولا: بتغريمه عشرة جنيهات والمصادرة والغلق لمدة شهر بلا مصروفات جنائية وإلزامه بأن يدفع لمصلحة الجمارك (المدعية بالحق المدنى) مبلغ 470 ج و470 م والمصروفات المدنية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وثانيا: ببراءة المتهم الأول. فاستأنف المتهم والمدعية بالحق المدنى هذا الحكم ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بقبولهما شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل من المستأنفين بمصروفات استئنافية عن الدعوى المدنية.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور والتناقض فى التسبيب – ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعرض فى أسبابه لما أثاره الطاعن من دفاع أساسى بحصول التلاعب فى محتويات الزجاجات بعد خروجها من المحل وتداولها بين أيد كثيرة مما يورث الشك فى صحة الواقعة المسندة إلى الطاعن كما لم يوضح الأسباب التى بنى عليها قوله باصطناع الفاتورة المؤرخة 13 أبريل سنة 1944 الصادرة من محل مرتينى فى حين أنها سابقة يحسب تاريخها على إجراءات الضبط والتحقيق هذا إلى أن الحكم قضى لمصلحة الجمارك بالتعويض كاملا على ما ضبط من زجاجات وما لم يضبط منها – فى حين أن التعويض – فى صحيح القانون لا يصح أن يتجاوز القدر المضبوط فعلا وهو 22 زجاجة وكان من أثر ذلك أن وقع الحكم فى تناقض معيب إذ فى الوقت الذى يطرح فيه الفاتورة المؤرخة فى 13 أبريل سنة 1944 لصوريتها يعود فيستند إليها فى مقام الإلزام بالتعويض لمصلحة الجمارك.
وحيث أن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن وقسطنطين ومارتينس وقد حكم ببراءته بأنهما حازا سوائل كحولية لم تدفع عنها رسوم الإنتاج والاستهلاك وطلبت النيابة عقابهما بالمواد 1 و6 و8 و12 و16 و17 من المرسوم المؤرخ 7 يوليو سنة 1947 برسم الانتاج والاستهلاك على الكحول والمادة الأولى من القانون رقم 1 لسنة 1939 ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 7 ديسمبر سنة 1955 بتغريم المتهم (الطاعن) عشرة جنيهات ومصادرة المضبوطات والغلق شهرا وإلزامه بأن يدفع لمصلحة الجمارك المدعية بالحق المدنى مبلغ 470 جنيها و470 مليما والمصروفات المدنية، فاستأنف الطاعن الحكم وقضى من محكمة ثانى درجة بتأييده مع إلزام الطاعن بمصاريف استئنافية عن الدعوى المدنية وقد بين الحكم الابتدائى الذى أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه واقعة الدعوى فى قوله: " إنه بتاريخ 6 نوفمبر سنة 1951 – ضبط مفتش الانتاج إحدى البائعات المتجولات تعرض بيع 22 زجاجة مكتوب عليها أنها (جن قبرصى) بسعر 35 قرش للزجاجة وتبين من تحليلها أنها سائل كحول درجته الكحولية 44.4% بالحجم من درجة 15 مئوية وليس له صفات الجن – وقدم زوج البائعة فاتورة مؤرخة 24 أكتوبر سنة 1951 تفيد شراء هذه الزجاجات ضمن 201 زجاجة مماثلة من المتهم الثانى (الطاعن) مدير مخازن شركة لاباس والمسئول عن مبيعاتها بسعر 10 قروش للزجاجة وقد اعترف المتهم الثانى ببيعه هذه الزجاجات بموجب هذه الفاتورة وقال إنه باعها بهذا الثمن البخس لقدمها ومرور وقت طويل عليها بالمخزن ولعدم وجود طلب لها منذ شرائها من المتهم الأول بموجب فاتورة قدمها تاريخها 13 أبريل سنة 1944 بشراء شركة لاباس من المتهم الأول 50 صندوقا جن قبرصى مارتينى بسعر 32 جنيها و500 مليم وقد اعترف المتهم الأول ببيعه الخمور الواردة بهذه الفاتورة المؤرخة 13 أبريل سنة 1944 إلى شركة لاباس فى التاريخ الثابت بها وقال إنه سبق أن حوكم عن حيازته هذه السوائل الكحولية دون أن يسدد رسوم الإنتاج المستحقة عليها وذلك فى القضية رقم 166 سنة 71 ق مختلط وحكم عليه بالعقوبة والتعويض وتمت مصادرة المضبوطات". وعرض الحكم لهذا الدفاع وأثبت بالأدلة التى أوردها وبخاصة نتائج التحليل اختلاف الكميتين من السائل لكحولى وأن الخمور موضوع الفاتورة المؤرخة بتاريخ 13 من أبريل سنة 1944 هى غير الخمور المضبوطة والمطلوب المحاكمة عنها وأن العلاقة منقطعة بينهما – وبناء على ذلك دانت محكمة أول درجة الطاعن وبرأت المتهم الآخر وقدرت التعويض المستحق لمصلحة الجمارك على أساس أل 201 زجاجة المبيعة بموجب الفاتورة المؤرخة 24 أكتوبر سنة 1951 لا على أساس الزجاجات التى ضبطت فعلا ومقدارها 22 زجاجة وأضاف الحكم المطعون فيه ردا على ما يثيره الطاعن فى طعنه ما يأتى: " أما ما أثاره محامى المتهم (الطاعن) من حصول تلاعب فى محتويات الزجاجة التى ضبطت مع البائعة المتجولة فى 6 من نوفمبر سنة 1951 فليس فى الأوراق ما يؤيده ومن ثم لا يتطرق الشك فى نتيجة التحليل وأن ما أثاره من أن الكمية التى بيعت لزوج البائعة المتجولة هى من نفس الكمية السابق ضبطها لدى محل مارتينى فى القضية 425/ 3 انتاج فمردود بأن مارتينى لم يقدم الدفاتر المثبتة لذلك وإنما قدم فاتورة عرفية اصطنعت دفاعا عن عملية (لاباس) ومن ثم تطرحها المحكمة وبالتالى تكون مساءلة المتهم مدنيا عن القدر المبيع من محلات لاباس إلى عباس محمد عباس وقدره 201 زجاجة من محله خاصة وأنه اعترف ببيعها إليه لما كان ذلك وكان مثار ما أثبته الحكم فى مدوناته أن الطاعن الأول باع أل 201 زجاجة موضوع الفاتورة المؤرخة 24 أكتوبر سنة 1951 وأن لا علاقة لها بالفاتورة الأخرى الصادرة من محل مارتينى وقضى على الطاعن بالعقوبة وإلزامه بالرسم المقرر على مقدار ما باعه جميعه واكتفى فى المصادرة على ما ضبط فعلا – ما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح فى القانون – ذلك أن المرسوم بقانون الصادر فى 7 يوليه سنة 1944 برسم الإنتاج والاستهلاك عن الكحول إذ نص فى المادة 16 فقرة أولى على أن " كل مخالفة لأحكام هذا المرسوم أو القرارات التى يصدرها وزير المالية تنفيذا له يعاقب عليها بالعقوبات المنصوص عليها فى القانون رقم 1 لسنة 1939 وذلك فضلا عن الحكم باغلاق المحل لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوما ولا تزيد عن ستة شهور – وعن تحصيل الرسم الذى يكون مستحقا فى جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات" وإذ نص فى المادة 17 على أنه " لا يخل الحكم بالعقوبات المنصوص عنها آنفا بجواز الحكم على المخالف بدفع تعويض لخزانة الحكومة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة التى حرمت منها الخزانة – وإذ تعذرت معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بحيث لا يزيد عن 500 جنيه" – وإذ نص فى المادة الثالثة – " على أن تحصيل رسوم الإنتاج أو الاستهلاك يكون على أساسي الكحول الصرف الموجود فى المنتجات بمقاس الكحول بالحجم فى المائة وهو فى درجة 15 سنتجراد – إذ نص على ذلك فقد دل بجلاء على أن تقدير الرسوم وتحصيلها يكون مستحقا فى جميع الحالات على المنتجات ولو لم تضبط ثم بعد ذلك تقدر التعويضات وهى لا تحتسب إلا بنسبة الرسوم. ومتى كان الأمر كذلك فلا اعتبار لما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص. لما كان ذلك وكانت الدعوى بوقوع التناقض فى غير محلها فليس صحيحا ما يدعيه الطاعن من أن الحكم بنى التعويض على مقتضى الفاتورة المؤرخة 13 أبريل سنة 1944 بل جرى التقدير على أساس الفاتورة المؤرخة 24 أكتوبر سنة 1951 والتى اعترف الطاعن بصدورها منه فى شأن الخمور المضبوطة وكان باقى ما يثيره الطاعن فى طعنه واردا على مسائل موضوعية مما لا يقبل الخوض فيها أمام محكمة النقض – مادامت الأدلة والاعتبارات التى أوردتها المحكمة وأقامت عليها الإدانة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبته عليه فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.