أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 8 – صـ 208

جلسة 5 من مارس سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(59)
القضية رقم 1506 سنة 26 القضائية

(أ) متشردون ومشتبه فيهم، اشتباه. ماهية حالة الاشتباه.
(ب) استئناف. اشتباه. سلطة محكمة ثانى درجة فى رد حالة الاشتباه التى لحقت بالمتهم إلى تاريخ بدئها.
1 – جرائم الاشتباه لا تتكون من فعل واحد محدد بذاته يقع فى وقت معين وينقضى بانقضائه وإنما هى فى حقيقتها وصف إذا توفرت عناصره التى حددها القانون لصق هذا الوصف بالشخص ويستدل عليه بما طبع عليه من اتجاه إلى ارتكاب جرائم حددها المشرع واعتبرها معيارا موضوعيا للكشف عن هذه الحالة.
2 – فى وسع محكمة ثانى درجة أن ترد حالة الاشتباه التى لحقت بالمتهم إلى تاريخ بدئها وتحكم فى الدعوى بما يطابق القانون، وليس فى هذا إساءة إلى مركز المتهم القانونى ولا يمس حقوق المتهم المكتسبة بمنطوق حكم محكمة أول درجة كما لا يعد فى حكم القانون تغييرا لوصف التهمة مما يستوجب قانونا لفت نظر الدفاع إليه فى الجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه عادة لحالة الاشتباه بأن ارتكب جريمة سرقة عقب الحكم عليه بالمراقبة لاشتباه. وطلب عقابه بالمواد 5 و6/ 1 - 2 و8 و9 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945. ومحكمة جرجا الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل والنفاذ ووضعه تحت مراقبة البوليس سنة فى المكان الذى يعينه وزير الداخلية بلا مصاريف. فعارض المحكوم عليه غيابيا وقضى فى معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة سوهاج الابتدائية قضت فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبوضع المتهم تحت مراقبة البوليس فى المكان الذى يعينه وزير الداخلية لمدة ستة أشهر تبدأ من إمكان التنفيذ عليه. فطعنت النيابة على هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

..... وحيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ اقتصر على توقيع عقوبة المراقبة وحدها على المطعون ضده استنادا إلى أنه قد أصبح فى حالة اشتباه جديدة لأنه مضى أكثر من خمس سنوات بين الحكم الصادر باعتباره مشتبها فيه والتاريخ المحدد فى وصف التهمة لحالة العود للاشتباه وهو 7/ 2/ 1955 وأن المحكمة بوصفها محكمة ثانى درجة لا يسعها والمتهم هو المستأنف أن تعدل هذا التاريخ وإلا أضرت بحقوق المتهم المكتسبة، ووجه الخطأ هو أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المتهم قضى بوضعه تحت مراقبة البوليس فى 6/ 12/ 1949 بوصفه مشتبها فيه وأنه ارتكب فى 11/ 10/ 1954 وقبل مضى خمس سنوات جنحة شروع فى سرقة فهو ابتداء من هذا التاريخ الأخير يعتبر عائدا لحالة الاشتباه التى سبق أن حوكم من أجلها.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المتهم (المطعون ضده) بوصف أنه فى يوم 7/ 2/ 1955 بدائرة مركز جرجا عاد إلى حالة الاشتباه بأن ارتكب جريمة سرقة عقب الحكم عليه بالمراقبة فقضت محكمة أول درجة غيابيا بحبس المتهم شهرين مع الشغل والنفاذ ووضعه تحت مراقبة البوليس لمدة سنة فى المكان الذى يعينه وزير الداخلية بالتطبيق للمواد 5 و6/ 1 - 2 و8 و9من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 فعارض المتهم وقضى فى المعارضة بتأييد الحكم المعارض فيه فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة ثانى درجة قضت حضوريا بحكمها المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف ووضع المتهم تحت مراقبة البوليس لمدة ستة شهور فى المكان الذى يعينه وزير الداخلية وقالت فى أسباب حكمها " إنه عقب الإفراج عن المتهم بعد تنفيذ العقوبة المحكوم عليه بها فى الجنحة رقم 2110 سنة 1954 جرجا حرر محضر بتاريخ 7/ 2/ 1955 نسب إليه فيه تهمة العود للاشتباه وبما أن حكم الاشتباه صدر فى 6/ 12/ 1949 – فلم يكن المتهم فى تاريخ الواقعة المسندة إليه عائدا لحالة الاشتباه لفوات ما يزيد على الخمس سنوات من صدور الحكم وإن كان فى 16/ 10/ 1954 قد ارتكب جريمة شروع فى سرقة وأن الجريمة الوحيدة التى يمكن نسبتها للمتهم والقول بأنها وقعت فى 7/ 2/ 1955 هى أنه وجد فى حالة اشتباه إذ اشتهر عنه لأسباب جدية اعتياد الاعتداء على المال وأن المحكمة والمتهم هو المستأنف ولا يضار باستئنافه ليس من حقها إجراء تعديل على وصف التهمة بتعديل التاريخ وسحبه إلى تاريخ ارتكاب جريمة الشروع فى السرقة إذ أن فى ذلك إساءة لمركزه" وانتهت إلى القضاء بتعديل الحكم المستأنف وبوضع المتهم تحت مراقبة البوليس لمدة ستة شهور فى المكان الذى يعينه وزير الداخلية – وهذا الذى انتهى إليه الحكم المطعون فيه غير صحيح فى القانون – ذلك بأن الوصف الذى قدمت به الدعوى وحكمت محكمة أول درجة على أساسه قد صدر يوم 7/ 2/ 1955 ومفاد ذلك التقرير بحالة قائمة بدأت فعلا فى يوم 16/ 10/ 1954 وهو يوم ارتكاب جنحة الشروع فى السرقة واستمرت إلى ما بعد ذلك إذ أن جرائم الاشتباه لا تتكون من فعل واحد محدد بذاته يقع فى وقت معين وينقضى بانقضائه وإنما هى فى حقيقتها وصف إذا توفرت عناصره التى حددها القانون لصق هذا الوصف بالشخص ويستدل عليه بما طبع عليه من اتجاه إلى ارتكاب جرائم حددها المشرع واعتبرها معيارا موضوعيا للكشف عن هذه الحالة فكان فى وسع محكمة ثانى درجة أن ترد هذه الحالة إلى تاريخ بدئها وتحكم فى الدعوى بما يطابق القانون – وليس فى هذا إساءة إلى مركز المطعون ضده القانونى مادام أن هذا التعديل فى التاريخ إنما كان تقريرا لبدء حالة استمرت إلى وقت المحاكمة ولا يمس حقوق المتهم المكتسبة بمنطوق حكم محكمة أول درجة كما لا يعد فى حكم القانون تغييرا لوصف التهمة مما يستوجب قانونا لفت نظر الدفاع إليه فى الجلسة بل هو مما يصح إجراءه فى الحكم بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك – وكان مفاد ما أثبته الحكم المطعون فيه وما تبين من المفردات التى ضمت تحقيقا لوجه الطعن. أن المتهم قضى عليه باعتباره مشتبها فيه وبوضعه تحت مراقبة البوليس فى 6/ 12/ 1949 ثم ارتكب بعد ذلك جنحة شروع فى سرقة بتاريخ 16/ 10/ 1954 أى قبل مضى خمس سنوات من تاريخ انقضاء تنفيذ العقوبة الأولى فهو عائد لحالة الاشتباه من تاريخ ارتكاب جنحة الشروع فى السرقة طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 98 سنة 1945 ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى من جديد باعتباره مشتبها فيه وقضى عليه بعقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والقضاء بتأييد الحكم المستأنف.