أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 8 – صـ 225

جلسة 5 من مارس سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى جندى المستشارين.

(64)
القضية رقم 61 سنة 27 القضائية

(أ) دعوى مدنية. رفعها تبعا للدعوى الجنائية. إحالتها إلى المحكمة المدنية بمقولة إن الأمر يحتاج إلى إجراءات وتحقيقات يضيق عنها نطاق الدعوى. غير جائز.
(ب) دعوى مدنية. إحالة. قوة الأمر المقضى. صدور حكم بالبراءة بمس أسس الدعوى المدنية بما يقيد حرية القاضى المدنى. عدم جواز إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. م 309 أ. ج.
1 – استقر قضاء هذه المحكمة على أنه لا يحق لمحكمة الموضوع أن تفصل فى الدعوى الجنائية التى هى أساس الدعوى المدنية من غير أن تستنفد وسائل التحقيق الممكنة، ولا ينبغى لها أن تحيل الدعوى المدنية على المحكمة المختصة بمقولة إن الأمر يحتاج إلى إجراءات وتحقيقات يضيق عنها نطاق الدعوى – ذلك بأن نطاق الدعوى الجنائية لا يمكن أن يضيق عن تحقيق موضوعها والفصل فيها على أساس التحقيق الذى تم.
2 – حق المحكمة الجنائية فى الإحالة على المحكمة المدنية بمقتضى المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية بمعنى أنه لا يجوز إصدار قرار بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة إذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساسا يقيد حرية القاضى المدنى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة يوسف كامل إبراهيم بأنه بدد المبلغ المبين الوصف والقيمة بالمحضر والمملوك لمارى تادرس سيداروس والذى سلم إليه على سبيل الوديعة فاختلسه إضرارا بصاحبته. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعت السيدة مارى تادرس سيداروس المجنى عليها بحق مدنى قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم. ومحكمة شبرا الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات أولا بحبس المتهم شهرا واحدا بالشغل وأمرت بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من التاريخ الذى يصبح فيه هذا الحكم نهائيا بلا مصروفات جنائية. وثانيا إلزام المتهم بأن يدفع للمجنى عليها مبلغ 70 جنيها والمصروفات المدنية المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمجنى عليها وفى أثناء نظر هذين الاستئنافين أمام محكمة مصر الابتدائية دفع الحاضر عن المتهم أولا باعتبار الحكم المستأنف غيابيا لا حضوريا وإعادة الأوراق إلى محكمة أول درجة لنظر المعارضة وثانيا سقوط الحق فى إقامة الدعوى العمومية ضد المتهم.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بقبولهما شكلا وبرفض الدفع بسقوط الحق فى إقامة الدعوى العمومية ضد المتهم وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم وبإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة شبرا الجزئية مع إرجاء الفصل فى المصروفات المدنية بلا مصروفات جنائية.

فطعنت (النيابة العامة) والمدعية بالحق المدنى فى هذا الحكم الأخير بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

..... من حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة قدمت أسباب الطعن فى 31 من مارس سنة 1956 – أى فى الميعاد – ولا يعير من ذلك أن الكاتب المختص قد أثبت فى دفاتر تقارير الإيداع التاريخ الذى أثبت فيه الإيداع بدلا من أن يثبت فيه التاريخ الحقيقى الذى قدمت فيه الأسباب. ويكون الطعن المقدم من النيابة وكذلك الطعن المقدم من المدعية بالحق المدنى قد استوفيا الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مما تنعاه النيابة العمومية على الحكم المطعون فيه هو أنه أخطأ فى تطبيق القانون إذ فى الوقت الذى سلمت فيه المحكمة بوجود نزاع على ملكية المبلغ المختلس فانها لم تحقق هذا النزاع وتستجل غوامضه حتى يتأتى لها الفصل فى الدعوى الجنائية على أساس سليم.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يحق لمحكمة الموضوع أن تفصل فى الدعوى الجنائية التى هى أساس الدعوى المدنية من غير أن تستنفد وسائل التحقيق الممكنة – ولا ينبغى لها أن تحيل الدعوى المدنية على المحكمة المختصة بمنقولة إن الأمر يحتاج إلى اجراءات وتحقيقات يضيق عنها نطاق الدعوى – ذلك بأن نطاق الدعوى الجنائية لا يمكن أن يضيق عن تحقيق موضوعها والفصل فيها على أساس التحقيق الذى يتم – ولأن حق المحكمة الجنائية فى الاحالة على المحكمة المدنية بمقتضى المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية بمعنى أنه لا يجوز إصدار قرار بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة إذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساسا يقيد حرية القاضى المدنى – لما كان ذلك وكان إنكار المطعون ضده لعقد الوكالة فى خصوصية هذه الدعوى يتضمن إنكاره لملكية المدعية بالحق المدنى (الطاعنة الثانية) للمبلغ المدعى باختلاسه وهو مؤثر حتما فى رأى المحكمة المدنية التى أحيلت إليها الدعوى مما يتعين معه عليها أن تقضى برفضها إعمالا لنصوص القانون وقواعد قوة الشئ المقضى فيه جنائيا أمام المحاكم المدنية – فان الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه بالنسبة للدعويين الجنائية والمدنية.