أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 8 – صـ 257

جلسة 18 من مارس سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى جندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(73)
القضية رقم 54 سنة 27 القضائية

(أ) ضرب. حكم " تسبيب كاف ". تعرض الحكم لإصابات المجنى عليه التى لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى. غير لازم.
(ب) قرار حفظ. حكم " تسبيب كاف ". إشارة الحكم إلى قرار النيابة بحفظ الدعوى بالنسبة لغير المتهم. غير لازم.
1 – متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها، وأثبت التقرير الطبى الشرعى وجودها، واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام، ولم ترفع بشأنها دعوى، مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها إنما يرجع إلى أنه لم يفطن إليها.
2 – قرار النيابة بحفظ الدعوى بالنسبة لغير المتهم لا يعنى المحكمة فى شئ ولا تلزم الإشارة إليه فى الحكم، وليس من شأنه أن يؤثر ضرورة فى أقوال شهود الواقعة التى تجرى المحاكمة عنها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب مخلوف أحمد حسين فأحدث به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من العظم المقدمى الأيسر لن يملأ بنسيج عظمى مما يعتبر نقطة ضعف تعرضه للاصابات الخفيفة وضربات الشمس والتهاب السحايا وخراجات المخ ونوبات الصرع والجنون، والتى ما كان يتعرض لها لو كان المخ محميا بالعظام، والتى تقلل من قدرته على العمل بنحو 8% وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات، فقررت بذلك وادعى بحق مدنى مخلوف أحمد حسن وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وإتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات المنيا قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بدير حفظ الله منصور بالسجن لمدة ثلاث سنوات والزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مائة جنيه والمصروفات المدنية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن بنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون، وشابه القصور، وأخل بحقه فى الدفاع، ذلك بأن الحكم أهمل ما جاء بمحضر الصلح الذى أسند فيه المجنى عليه التهمة إلى غير الطاعن لمجرد وروده متأخرا، مع ما فى هذا التأخير من معنى يؤكد صدق هذه الأقوال لصدورها بعد تفكير وروية، فضلا عن أن تردد المجنى عليه يثيره الشك الذى يجب أن يفسر لصالح المتهم، كما أن المجنى عليه فى سبيل حصر التهمة فى الطاعن، قرر أنه لم يضرب إلا بفأس ضربة واحدة، فى حين أن الثابت من التقرير الطبى أن به ثلاث إصابات غير التى أحدثت العاهة، لكن الحكم لم ينته إلى ذلك، وإلا لكان حريا به أن يبحث عن باقى من اشتركوا فى الاعتداء مما قد يستفيد به الطاعن، وأخيرا فان الحكم قصر فى الرد على ما تضمنه محضر الصلح، وأغفل مدلول قرار النيابة الصادر بحفظ الدعوى بالنسبة لباقى المتهمين، مما يشكك فى أقوال المتشاجرين جميعا، واستدل بأقوال العمدة وغيره فى محضرى البوليس والنيابة، مع ما بينها من تعارض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها – لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطمأن إلى أقوال المجنى عليه التى أبداها فى التحقيق وأصر عليها بالجلسة، والتى نسب فيها الاعتداء إلى الطاعن، وأخذ بما شهد به العمدة فى التحقيقات من أنه سأل المجنى عليه عقب الحادث عن ضاربه، فأخبره بأنه الطاعن، مما تأيد بالتقرير الطبى الذى أثبت وجود إصابة برأس المجنى عليه تحدث من الضرب بالفأس، وقد تخلفت عنها عاهة مستديمة، ثم قال عن الصلح: ولا تعول المحكمة على قول العمدة بالجلسة وشاهد النفى من أنه أثناء إجراء الصلح بين الفريقين المتخاصمين قرر المجنى عليه أن ضاربه رمزى لأن هذا القول إن صح أن المجنى عليه قاله، فقد جاء متأخرا بعد أن بوشر التحقيق بنحو شهر – لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تأخذ برواية للشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أخرى، متى اطمأنت إليها، بغير أن تلتزم ببيان أسباب ذلك، وكانت المحكمة لم تطمئن إلى ما أبداه العمدة بالجلسة عن الاتجاه الجديد للاتهام، فاطرحته هو وما شهد به شاهد النفى، ولم تعوّل عليه، لما ذكرته من أسباب سائغة ثم أخذت فى حدود حقها بأقوال هذا العمدة فى التحقيقات، وقد وردت بها مؤيدة لدعوى المجنى عليه على الطاعن ـ لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد ورد بما فيه الكفاية على ما تضمنه محضر الصلح، وكان حديث الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى الطاعن إحداثها، وأثبت التقرير الطبى الشرعى وجودها، واطمأنت المحكمة إلى أن الطاعن هو محدثها فلم يكن بها من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام، ولم ترفع بشأنها دعوى، مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها إنما يرجع إلى أنه لم يفطن إليها، ولما كان قرار النيابة بحفظ الدعوى بالنسبة لغير الطاعن لا يعنى المحكمة فى شئ ولا تلزم الإشارة إليه فى الحكم، وليس من شأنه أن يؤثر ضرورة فى أقوال شهود الواقعة التى تجرى المحاكمة عنها، وكان الطاعن لم يبين فى أسباب طعنه وجه التعارض فى الاستدلال الذى أشار إليه – لما كان كل ذلك، وكان الطعن فى حقيقته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا، وعودا إلى مناقشة الأدلة التى اقتنعت بها المحكمة، فلا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإنه يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.