أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 331

جلسة أول أبريل سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(88)
القضية رقم 179 سنة 27 القضائية

قتل. حكم " تسبيب كاف ". تدبير المتهمين الحادث للأخذ بالثأر وترصدهم لخصومهم. جمع الحكم فى حديثه عن نية القتل بين المتهمين جميعا بالرغم من استقلال الوقائع المنسوبة لكل فريق منهم. لا عيب.
متى كان الثابت أن المتهمين قد دبروا الحادث للأخذ بالثأر وترصدوا لخصومهم على الطريق المألوف لهم سلوكه وكانوا مسلحين بالبنادق، فانه لا يعيب الحكم أن يجمع فى حديثه عن نية القتل بين المتهمين جميعا على الرغم من استقلال الوقائع المنسوبة لكل فريق منهم.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم – المتهمان الأولان – قتلا حسن عمران أحمدى عمدا ومع سبق الاصرار والترصد بأن انتويا قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية (بنادق) وترصداه فى طريق عودته حتى إذا ما ظفروا به أطلقا عليه أعيرة نارية قاصدين قتله فأحدثا به الإصابة المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، والمتهمان الثالث والرابع قتلا عمران أحمدى مع سبق الاصرار والترصد وذلك بأن عقدا العزم على قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية (بنادق) وترصداه بالطريق أثناء خروجه حتى إذا ما ظفرا به أطلقا عليه أعيرة نارية قاصدين قتله فأحدثا الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته – والمتهم الخامس – أولا أحرز بندقية مششخنة تطلق الرصاص بدون ترخيص – ثانيا – أحرز ذخائر (طلقتين) بدون ترخيص. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات و1 و5 و9/ 3 و10 و12 من القانون رقم58 لسنة 1949 والجدول ب الملحق به فقررت الغرفة بذلك. وقد ادعى محمد عمران أحمدى بصفته أخا القتيل (حسن عمران أحمدى) وابن القتيل الثانى (عمران أحمدى) بحق مدنى قبل المتهمين الأربعة الأول متضامنين بمبلغ مائة جنيه تعويضا والمصاريف المدنية والأتعاب. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأربعة الأول والمواد 1 و5 و9/ 3 و10 و12 من القانون رقم 58 لسنة 1349 والجدول الملحق به مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الخامس أولا – بمعاقبة حمزه أحمد حامد وعبد العليم فارس ومحمود عثمان علام وحسن حسين عثمان بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعى المدنى محمد عمران أحمدى مائة جنيه تعويضا والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش أتعاب للمحاماة – وثانيا – بمعاقبة عبد الذاكر همام موسى بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. فطعم الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن الخامس وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطاعنين الأربعة الأول يبنون طعنهم على أن الحكم المطعون فيه جاء باطلا لمخالفته نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومشوبا بقصور البيان: ذلك بأن المحكمة دانت الطاعنين الثالث والرابع دون أن تبين الواقعة التى عاقبتهما من أجلها وظروفها ودون إشارة إلى نص المواد التى حكمت بها عليهما مع أن الواقعة التى أسندت إليهما تختلف عما نسب إلى المتهمين الأول والثانى وبطلان الحكم بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع يستتبع بطلانه بالنسبة للأول والثانى أيضا ويقول الطاعنون إن واقعة قتل حسن عمران حصلت فى المزارع واتهم فيها الطاعنان الأول والثانى وحدهما أما مقتل عمران أحمدى فقد حصل قريبا من المساكن إذ خرج من منزله على صوت الأعيرة خشية أن يكون أولاده قد أصابهم سوء فأصيب هو وقتل واتهم فى قتله الطاعنان الثالث والرابع، ولم تستظهر محكمة الموضوع أن المتهمين الأربعة كانوا متفقين معا على قتل المجنى عليهما، وحين تحدث الحكم عن نية القتل نسى انفصال الواقعتين واعتبرها واقعة واحدة حدثت فى مكان واحد ومن المتهمين الأربعة معا، وفى ذلك مخالفة للثابت فى الأوراق، هذا إلى أن الحكم لم يوضح أن نية المتهمين قد انصرفت إلى إزهاق الروح كما يتطلب القانون. وفوق ذلك فقد دانت المحكمة الطاعنين الثالث والرابع بقتل عمران أحمدى مع سبق الإصرار والترصد مع أن المجنى عليه كما أثبت الحكم عقب خروجه من منزله على أثر إطلاق الأعيرة فأصيب وهذا ينفى توافر الظرفين والمشددين بالنسبة إليه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيبا فى شقيه الجنائى والمدنى على السواء.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما قاله من " أنه قبيل غروب يوم 10 من فبراير سنة 1954 بناحية كوم أسفحت من أعمال مركز صدفا بينما كان كل من سيد حسن همام وحسن عمران أحمدى وقد جمعهما طريق واحد يسيران كل من حقله إلى منزله يمتطى حسن عمران ظهر دابة ويسير من الخلف وعلى مقربة منه سيد حسن همام يجر جاموسة فإذا بكل من حمزه أحمد حامد وعبد العليم أحمد فارس يخرجان عليهما من زراعة فول يحمل أولهما بندقية خرطوش بروحين ويحمل ثانيهما بندقية هندى ولما شاهدهما حسن عمران أحمدى يخرجان عليه هم جريا بدابته ونادى بأعلى صوته مستغيثا وقد جرى خلفه الإثنان وأطلق عليه حمزه من الخلف عيارا ناريا أصابه فوقع من على ظهر دابته وارتمى فى الأرض وعندئذ أطلق عليه عبد العليم أعيرة أخرى من البندقية التى كان يحملها وهو مرمى على الأرض قاصدا كل منهما من ذلك إزهاق روح المجنى عليه وذلك بسبب ثأر بين العائلتين وأنه عندما سمع عمران أحمدى وابنه محمد عمران أحمدى وكانا بالبلدة صوت إطلاق الأعيرة النارية قبل الغروب بثلث ساعة توجسا خيفة وخشية أن تكون هذه الأعيرة فى أحد أبنائهم بالحقل للثأر بين عائلتهما وعائلة المتهمين فأخذوا يعدون فى الطريق الموصل من مساكن البلدة إلى الحقل وكان الأب عمران أحمدى يسير فى المقدمة وخلفه الإبن محمد وأثناء ذلك خرج عليهما كل من حسن حسين عثمان ومحمود عثمان علام (الطاعنان الثالث والرابع) يحمل كل منهما بندقية هندى وأطلقا على الأول عمران أحمدى عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فتوقف الابن عن متابعة السير وعاد أدراجه حيث أبلغ العمدة". ثم أورد الحكم الأدلة على وقوع الحادث على هذه الصورة وهى تؤدى إلى أن المحكمة قد صورت الواقعة تصويرا حقيقيا استمدته من الأوراق وأبرزت فيه تلاحق واقعتى قتل المجنى عليهما وأن المجنى عليه الثانى قد قتل وهو فى طريقه إلى محل حادث الاعتداء على ابنه من الطاعنين الأول والثانى، لما كان ذلك وكان الحكم قد تحدث عن نية القتل وعن ظرفى سبق الاصرار والترصد بقوله " إن نية القتل لدى المتهمين جميعا حمزه أحمد حامد وعبد العليم أحمد فارس ومحمود عثمان علام وحسن حسين عثمان ثابتة قبلهم من ظروف الدعوى مجتمعة ومنفردة من وجود أثار بين عائلة المجنى عليهم وعائلة المتهمين بسبب قتل ابن عمهم محمد قطب فارس لثمانية أشهر مضت وقد اتهم فى قتله عبد المؤمن عبد العليم وفرغلى حماد من أولاد عمومة المجنى عليهم ومن وجودهم بمكان الحادث وهو الطريق المعتاد لمرور المجنى عليهم من زراعاتهم إلى منازلهم والعكس، ومن إعدادهم العدة لذلك، وحملهم بنادق بعضها خرطوش وبعضها من ذوات السرعة العالية وهى بطبيعتها تحدث القتل ومباغتتهم باطلاق النار عليهم خروا على أثرها صرعى كما وأن ركنى سبق الاصرار والترصد متوافران فى الدعوى بالنسبة للمتهمين الأربعة جميعا ينادى بذلك وجود الثأر بين الطرفين ووقوف المتهمين فى المكان المعتاد لمرور المجنى عليهم، اثنان منهما هما حمزه أحمد حامد وعبد العليم أحمد فارس مختبئان فى زراعة الفول واثنان مختبئان خلف الحائط هما محمود عثمان علام وحسن حسين عثمان يتربصان للمجنى عليهم ويتحينان الفرص للانقضاض عليهم حتى إذا ما حانت الفرصة ولاح لهم مقدمهم انقضوا عليهم وأفرغوا عليهم رصاصات بنادقهم التى أردتهم قتلى ويبين من ذلك أن المحكمة قد استدلت على قيام نية القتل لدى المتهمين بما ينتج توافرها كما أنها استخلصت توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد استخلاصا سائغا بسرد المقدمات التى أودعتها فى حكمها، لما كان ذلك وكانت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المحكوم بها على الطاعنين مقررة للقتل العمد المجرد عن الظروف المشددة، فان ما يثيره الطاعنون فى شأن توافر سبق الاصرار والترصد فضلا عن عدم سداده – لا جدوى لهم منه، لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم أن يجمع فى حديثه عن نية القتل بين المتهمين جميعا على الرغم من استقلال الوقائع المنسوبة لكل فريق منهم مادام ثابتا فيه أن المتهمين وقد وغرت صدورهم لقتل ابن عمهم على يد أفراد من أسرة المجنى عليهما فدبروا للأخذ بثأره وترصدوا لخصومهما على الطريق المألوف لهم سلوكه وكانوا مسلحين بالبنادق فلما مر أول المجنى عليهما أطلق عليه الطاعنان الأول والثانى سلاحهما فأصاباه فى ظهره ورأسه بإصابات قضت عليه وعندما مر المجنى عليه الثانى بالطاعنين الثالث والرابع أطلقا عليه النار فأصاباه بعدة إصابات هتكت الأحشاء البطنية والعمود الفقرى وأودت بحياته وهو ما يبين منه بوضوح لا شبهة فيه أن كلا من الطاعنين الأربعة قد قصد بما قارفه إزهاق روح من ظفر به من المجنى عليهما والقضاء عليه، لما كان ذلك وكان الحكم قد أشار إلى مواد القانون التى طبقها وعاقب الطاعنين بمقتضاها. لما كان كل ما تقدم جميعه فان ما يثيره الطاعنون لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.