أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1022

جلسة 23 من إبريل سنة 1951
(371)
القضية رقم 313 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك, وحسن إسماعيل الهضيبي بك, وفهيم إبراهيم عوض بك، ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
اشتباه. الاستعانة في بحث حالة المتهم القائمة بشواهد من صحيفة السوابق, يصح مع بيان الأدلة التي تربط ذلك الماضي بالحاضر الذي يحاسب المتهم عليه.
إن المتهم الذي يحاكم على أنه يعد مشبوهاً ولو أنه إنما يحاكم على الحالة القائمة به لا على سوابقه, إلا أن صحيفة السوابق قد تكشف عن هذه الحالة وتدل عليها, ولا جناح على القاضي إنه هو استعان في بحثه بشواهد منها وإن كان عليه - وهو بصدد بحث حالة المتهم القائمة ومحاسبته على اتجاهه الحاضر - أن يبين في حكمه الأدلة التي تربط ذلك الماضي الذي كشفت عنه السوابق بهذا الحاضر الذي يحاسبه عليه. ولا يقال في هذه الحالة إن المتهم يحاسب على الماضي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه بناحية مركز بني سويف, عد مشبوهاً بأن حكم عليه لأكثر من مرة في جرائم الاعتداء على النفس واشتهر عنه لأسباب مقبولة اعتياده على ارتكاب مثل هذه الجرائم, وطلبت عقابه بالمواد 5 و6 - 1 و7 و8 و9 و10 من القانون رقم 98 لسنة 1945. ومحكمة مركز بني سويف الجزئية قضت ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه عملاً بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات, فاستأنفت النيابة ومحكمة بني سويف الابتدائية قضت غيابياً بإلغاء الحكم المستأنف ووضع المتهم تحت مراقبة البوليس لمدة سنة تبدأ من يوم إمكان تنفيذ العقوبة عليه في المكان الذي يعينه وزير الداخلية وذلك عملاً بالمواد 5 و6 - 1 و8 و9 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945, فعارض والمحكمة قضت بتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض إلخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه حين دانه بأن "عد مشبوهاً إذ اشتهر عنه اعتياده على ارتكاب جرائم الاعتداء على المال" جاء باطلاً لمخالفة للقانون. ذلك بأن المحكمة قد حكمت عليه بسبب سوابقه الماضية وحدها دون نظر إلى حالته الراهنة التي شهد بها العمدة ورجال الحفظ بالجلسة, إذ قرروا أنه حسن السير, فكان الواجب معاملته بمقتضى هذه الشهادة التي حصلت أمام المحكمة بعد حلف اليمين دون الشهادة الأولى التي ثبتت بمحضر ضبط الواقعة, والتي تكون غالباً مخالفة للواقع, ومن عمل رجال المباحث وتكون الواقعة كما هي مثبتة بالحكم لا عقاب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة, وأورد سوابق الطاعن, تعرض لأسباب الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة وفندها فقال "وحيث إنه يؤخذ من هذه السوابق أن المتهم اشتهر عنه لأسباب مقبولة بأنه اعتاد ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس والمال وعلى ذلك تكون محكمة أول درجة قد جانبت الصواب في تبرئة المتهم على أساس ما شهد به أمامها كل من العمدة وشيخ الخفر من أن المتهم قد صلحت حالته وحسنت سيرته بعد تحرير محضر التحري عنه إذ أن الفترة التي مضت بين تحرير محضر هذه القضية ضده وهو الذي يعنيه الشاهدان المذكوران وبين شهادتهما أمام محكمة أول درجة لم تكن من السعة بحيث تكفي للشهادة بما شهد به هذان الشاهدان وهما اللذان شهدا من قبل ذلك بقليل في المحضر المذكور بعكس ما شهدا به أمام محكمة أول درجة - فإذا ما أضيفت شهادتهما في المحضر المذكور إلى ما تنطق به صحيفة سوابق المتهم التي تدل على ارتكابه جرائم الاختلاس والقتل العمد والشروع فيه ومخالفته شروط المراقبة وإحراز السلاح بدون ترخيص ينتج من كل أولئك ما يبرر اعتقاد المحكمة أن المتهم من ذوي الميول الإجرامية الخطرين على الأمن العام, وليس معنى هذا أن المحكمة تعاقبه على جرائمه السابقة دون اعتبار لحالته الحاضرة وإنما هي تأخذ من هذه الجرائم وهذه الظروف مجتمعة ما يؤيد اعتقادها". ولما كان ما أوردته المحكمة صحيحاً في القانون. إذ ولو أن المتهم إنما يحاكم على الحالة القائمة به لا على سوابقه, إلا أن صحيفة السوابق قد تكشف عن هذه الحالة وتدل عليها, ولا جناح على القاضي إن هو استعان في بحثه بشواهد منها, وإن كان عليه, وهو بصدد بحث حالة المتهم القائمة ومحاسبته على اتجاهه الحاضر, أن يبين في حكمه الأدلة التي تربط ذلك الماضي الذي كشفت عنه السوابق بهذا الحاضر الذي يحاسبه عليه. ولا يقال في هذه الحالة إن المتهم يحاسب على الماضي. لما كان الأمر كذلك, وكانت المحكمة في حكمها قد استظهرت ذلك كله وقالت صراحة إنها لا تعاقبه على جرائمه السابقة ولكنها تأخذ منها ما يؤيد اعتقادها, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. أما ما يقوله عن شهادة الشهود بالجلسة, فمردود بأن للقاضي أن يأخذ بشهادة الشاهد في التحقيق دون الجلسة متى اقتنع بصحتها ودون معقب عليه في ذلك, إذ الأمر مرجعه إلى مجرد الاقتناع والاطمئنان.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.