أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1040

جلسة 7 مايو سنة 1951
(379)
القضية رقم 142 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات صاحب السعادة أحمد فهمي إبراهيم باشا وكيل المحكمة وأصحاب العزة أحمد حسني بك, وحسن إسماعيل الهضيبي بك, وفهيم عوض بك, المستشارين.
( أ ) دفاع. شهود لم تعتمد المحكمة على أقوالهم في التحقيقات الأولية ولكنها أوردتها في صدد بيان الباعث. عدم اتخاذ المتهم الطريق القانوني لإعلانهم. نعيه على المحكمة أنها رفضت إرجاء نظر الدعوى لسماعهم. لا يهم.
(ب) إثبات. التعويل على اعتراف المتهم أمام البوليس أو النيابة رغم إنكاره أمام المحكمة. جائز.
1 - ما دام الطاعن لم يتخذ الطريق التي رسمها القانون في المادتين 17 و18 من قانون تشكيل محاكم الجنايات لإعلان الشهود الذين يرى لنفسه مصلحة في سماعهم، وما دامت المحكمة لم ترَ أن تحقيق الدعوى بحاجة إلى سماعهم، وما دام الحكم لم يعتمد على أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات الأولية في إثبات الفعل المكون لجناية الحريق التي دان الطاعن فيها، بل أورد أقوالهم تلك حين تحدث عن الباعث على الجريمة وهو الخصومة القائمة بين الطاعن وعائلته وبينهم والتي سلم بوجودها الطاعن, - ما دام ذلك كله كذلك فإن المحكمة إذا رفضت طلب إرجاء نظر الدعوى لسماع هؤلاء الشهود لا تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع.
2 - محكمة الموضوع - بما لها من سلطة التقدير - أن تعول على اعتراف المتهم أمام البوليس أو النيابة متى اطمأنت إليه على الرغم من إنكاره أمامها بجلسة المحاكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بمركز رشيد مديرية البحيرة: وضع ناراً مدا في مركب غير مسكون ولا معد للسكنى مملوك لأحمد محمود حجازي وآخرين وذلك بأن نثر بها مادة قابلة للاشتعال "بنزين" ثم اشتعل النيران فأحرقها. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 253 من قانون العقوبات، فقرر بذلك ومحكمة جنايات إسكندرية قضت عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

... حيث إن الوجهين الأول والثاني من الطعن يتحصلان في القول بأن الدفاع عن الطاعن طلب سماع أقوال أصحاب المركب المحروقة ولكن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب وردت عليه رداً غير سديد مع أنها أشارت إلى أقوال هؤلاء الشهود في التحقيقات الأولية في الحكم المطعون فيه وهذا منها إخلال بحق الطاعن في الدفاع.
وحيث إنه لما كان الطاعن لم يتخذ الطريق التي رسمها القانون في المادتين 17، 18 من قانون تشكيل محاكم الجنايات لإعلان الشهود الذين يرى لنفسه مصلحة في أن تسمعهم المحكمة. وكانت المحكمة لم ترَ أن تحقيق الدعوة بحاجة إلى سماعهم وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مطالعته - لم يعتمد على أقوالهم في التحقيقات الأولية في إثبات الفعل المكون لجناية الحريق التي دان الطاعن بها بل أورد أقوالهم بتلك التحقيقات حين تحدث عن الباعث على الجريمة وهو الخصومة القائمة بين الطاعن وعائلته وبينهم والتي أشار إليها الطاعن وسلم بوجودها في جميع أطوار الدعوى. لما كان ذلك فإن المحكمة إذ رفضت إرجاء نظر الدعوى لسماع هؤلاء الشهود لا تكون قد أخلت بدفاع الطاعن.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في إدانة الطاعن على اعترافه في محضر البوليس وفي تحقيقات النيابة في حين أنه عدل عنه أمام قاضي الإحالة وأمام محكمة الجنايات، وهي الجهة القضائية الوحيدة التي يصح أخذ المتهم بالاعتراف أمامها. هذا وقد دفع الطاعن بأن اعترافه بالتحقيقات الأولية أخذ منه قسراً بطريق الاعتداء عليه وفضلاً عن ذلك فإن هذا الاعتراف لم يكن في ذاته صحيحاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين اعتمد فيما اعتمد عليه في إدانة الطاعن على الاعتراف الصادر منه أمام شهود الإثبات تم في محضر البوليس وتحقيق النيابة قد استظهر صحته واطمأن إليه كدليل في إثبات الدعوى ثم تعرض لدفاعه المشار إليه في وجه الطعن ففنده في منطق سليم للأدلة والاعتبارات التي ذكرها ونفى أن اعتداء ما وقع عليه مستدلاً بالكشف الطبي الموقع عليه عقب الحادث مباشرة والذي ثبت منه خلو جسمه من الإصابات إلا من لفحة اللهب التي لحقت به وهو يشعل النار في المركب. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير أن تعول على اعتراف المتهم أمام البوليس أو النيابة متى اطمأنت إليه وعلى الرغم من إنكاره أمامها بجلسة المحاكمة خلافاً لما يذهب إليه الطاعن فإن الحكم إذ أخذ بهذا الاعتراف لا يكون قد أخطأ.
وحيث إن الوجهين الرابع والخامس من الطعن يتحصلان في القول بأن الحكم المطعون فيه استند في الإدانة إلى أقوال شهود متناقضة وإلى أدلة لا تؤدي إلى ما رتب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية لجريمة الحريق عمداً التي دان بها الطاعن وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوتها وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها خلافاً لما يزعمه الطاعن. ومتى كان الأمر كذلك، وكان التناقض المشار إليه في الطعن لا وجود له، فإن الجدل على الصورة الواردة في ذلك الطعن لا يكون له من مبرر لأنه في حقيقته محاولة يراد بها إثارة النقاش في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.