أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 370

جلسة 8 من أبريل سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمد محمد حسانين، وفهيم يسى جندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.

(99)
القضية رقم 212 سنة 27 القضائية

خبير. إثبات. ندب المحكمة كبير الأطباء الشرعيين للكشف الطبى على المتهمة. قيام طبيب آخر من قسم الطب الشرعى بالمأمورية تحت إشرافه. لا عيب.
قيام طبيب آخر من قسم الطب الشرعى بتوقيع الكشف على المتهمة غير رئيسه الذى ندبته المحكمة، لا يؤثر فى سلامة الحكم مادام أن المحكمة قد اطمأنت إلى عمله، وإلى ما ذكره كبير الأطباء الشرعيين من أن توقيع الكشف الطبى على المتهمة كان بحضوره وتحت إشرافه، ومادام تقدير الدليل موكولا إليها.


الوقائع

فى يوم 15 من سبتمبر سنة 1954 أبلغ محمد خليل شرارة قسم ثان بورسعيد بأن المولدة فاطمة النبوية عبد الحكيم حضرت إليه وروت له أن زوجة عمه على إبراهيم شرارة (الطاعن) وضعت مولودا ذكرا فى يوم 12 سبتمبر سنة 1954 فى غير حضورها، وأن والدتها كلفتها بأن تبلغ عن ميلاد طفلها، فرفضت، ثم توجهت فى 15 من سبتمبر سنة 1954، فأبلغت مكتب الصحة بالميلاد تحت ضغط والد الطفل وبعض أقارب الأم، ولكنها خشيت العاقبة، وأرادت أن ندرأ مسئوليتها، فحضرت إليه وأنهت إليه الخبر ليقوم بابلاغ البوليس، وهو يشك فى حصول الوضع، لأن الزوجة عاقر ومتقدمة فى السن، وكذلك زوجها. وقد قام بوليس بورسعيد بضبط الواقعة، وانتهى إلى قيد الشكوى برقم 1882 سنة 1954 إدارى قسم ثانى بورسعيد، وأرسلها إلى النيابة العامة، فحفظتها إداريا فى 19 من سبتمبر سنة 1954 بناء على محضر جمع الاستدلالات المقدم إليها، غير أن الزوج بعد أن وجد أن الخبر قد ذاع وشاع أبلغ النيابة أنه ينفى أبوته للطفل المولود بناء على أسباب ذكرها، وطلب هو والمبلغ الأصلى محمد خليل شرارة إلى النيابة إعادة التحقيق، كما ادعى الزوج مدنيا، وطلب الحكم له قبل زوجته بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب، وقبلت النيابة ادعاءه، ثم أمر السيد وكيل النيابة فى 20 من نوفمبر سنة 1954 بارسال الزوج والزوجة والطفل إلى الطبيب الشرعى للكشف عليهم، غير أنه عاد فأرجأ تنفيذ قراره هذا، ثم عرض الأوراق على السيد رئيس النيابة الذى أمر فى 16 من ديسمبر سنة 1954 بابقاء القضية محفوظة كما كانت. فاستأنف الزوج المدعى (الطاعن) هذا القرار فى 25 من الشهر المذكور أمام غرفة الاتهام بمحكمة بورسعيد الابتدائية، وأمامها دفعت النيابة بدفوع ثلاثة أولها عدم جواز استئناف المدعى لرفعه عن قرار غير قابل له. وثانيها عدم اختصاص غرفة الاتهام بالنظر فى صحة نسب الطفل سواء فى ذلك نسبته إلى أمه أو نسبته إلى أبيه فى شهادة الميلاد. وثالثها خلو الدعوى من أى دليل على صحة ما يدعيه المدعى من حيث عدم نسبة الطفل إلى والديه وحدوث تزوير فى بيانات شهادة الميلاد. والغرفة بعد أن استعرضت وقائع الدعوى قررت حضوريا فى 24 فبراير سنة 1954 أولا: برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف من المدعى بالحق المدنى لرفعه عن قرار غير قابل له، وبجواز الاستئناف. ثانيا: رفض الدفع المقدم بعدم اختصاص غرفة الاتهام بنظر الموضوع وباختصاصها بنظره. ثالثا: ندب السيد الطبيب الشرعى بالزقازيق لتوقيع الكشف على السيدة فاطمة ابراهيم ريحان لبيان ما إذا كانت عقيما لم يسبق لها الحمل والولادة أم أنها سبق لها الحمل والولادة وتاريخ الميلاد وما إذا كان يتفق وتاريخ 12/ 9/ 1954 وحددت جلسة 7 من أبريل سنة 1955 ليقدم حضرة الطبيب الشرعى تقريره، فقدمه فى 14 من مارس سنة 1955، وبالجلسة الأخيرة وما بعدها من جلسات استمعت الغرفة إلى مرافعة طرفى الخصومة واطلعت على التقارير الطبية المختلفة وناقشتها وانتهت إلى اصدار قرارها فى 28 من مارس سنة 1956 حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا القرار بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن القرار المطعون فيه خالف القانون، إذ تجاوزت غرفة الاتهام سلطاتها باعتبارها سلطة من سلطات التحقيق، وليس من وظيفتها البحث عن أدلة قاطعة ضد المتهم، بل يقتصر واجبها على البحث فيما إذا كان هناك شبهات أو دلائل قبل المتهم، فتأمر بإحالته إلى محكمة الموضوع، فاحتمال صحة التهمة هو أساس الإحالة، بينما أن ثبوتها هو أساس الحكم.
وحيث إن غرفة الاتهام لا تحيل الدعوى إلى محكمة الجنايات سواء أكان ذلك عند إحالة الدعوى إليها من النيابة أم من قاضى التحقيق، أو عند نظرها للاستئناف المرفوع أمامها عن الأمر الصادر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، إلا إذا ثبت أن الواقعة جناية، وأن الدلائل كافية على المتهم، وترجحت لديها إدانته، وبناء على ذلك يكون لها أن تمحص واقعة الدعوى، والأدلة المطروحة أمامها، ثم تصدر أمرها بناء على ما تراه من كفاية الدلائل أو عدم كفايتها، والأمر فى ذلك جميعه إلى اطمئنانها، وإذا ما انتهت فى حدود سلطتها هذه التقديرية إلى أن الدلائل فى الدعوى لا تكفى لإدانة المتهم فيها، وأصدرت بناء على ذلك أمرها بتأييد الأمر الصادر من النيابة بأن لا وجه لإقامة الدعوى فإنه لا يجوز مجادلتها فى هذا الأمر – لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو أن قرار غرفة الاتهام بنى على إجراء باطل، إذ استندت الغرفة إلى التقرير المقدم من الطبيب الشرعى عبد الغنى سليم البشرى الذى لم تندبه لإجراء الكشف على المطعون ضدها، ولا يغير من ذلك ما ذكره كبير الأطباء الشرعيين فى خطابه من أن الكشف توقع على المطعون ضدها فى حضوره، وأنه يتفق مع الطبيب الشرعى فى رأيه الذى أثبته بالتقرير، ذلك بأنه من المقرر أن الخبير الذى تندبه المحكمة يجب أن يؤدى المأمورية المكلف بها بنفسه، ولا يجوز له أن يندب عنه غيره فى أداء هذه المأمورية أو أداء جزء منها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن الذى أثاره فى تقريره فقال " وحيث إنه لا يقدح فى تقرير السيد كبير الأطباء الشرعيين ما نعاه المستأنف من أنه لا يحق للسيد كبير الأطباء الشرعيين ندب غيره، بل الذى يندبه هو نفس السلطة التى ندبت الخبير الأصلى، فقد سبق القول أن السيد كبير الأطباء الشرعيين قد أكد فى خطابه للسيد وكيل وزارة العدل الدائم أنه هو الذى ندب السيد نائبه والسكرتير الفنى للمصلحة، وقد تم الكشف على المستأنف عليها من السيد السكرتير الفنى بحضور السيد كبير الأطباء الشرعيين وتحت إشرافه، وقد أيد أولهما فى مناقشته أمام غرفة الاتهام فى هذا الخصوص جميع هذه المعانى، وليس فى نصوص قانون الإجراءات الجنائية ما يمنع من هذا الندب، ولا يصح القياس على قانون المرافعات وفق ما سبق بيانه، لأن هذه مسألة تنظيمية تقتضيها ظروف العمل بمصلحة الطب الشرعى، ومن أنه لهذا الذى تقدم جميعه ترى غرفة الاتهام أن التقرير الطبى الشرعى الأخير قد جاء مرجحا لتقرير الأطباء الاستشاريين مما تطمئن معه المحكمة إلى الأخذ به والارتياح إليه" ولما كان ما ذكره الحكم من ذلك صحيحا فى القانون، وكان قيام طبيب آخر من قسم الطب الشرعى بتوقيع الكشف على المطعون ضدها، غير رئيسه الذى ندبته المحكمة، لا يؤثر فى سلامة الحكم مادام أن المحكمة قد اطمأنت إلى عمله وإلى ما ذكره كبير الأطباء الشرعيين من أن توقيع الكشف الطبى على المطعون ضدها كان بحضوره وتحت إشرافه، ومادام تقدير الدليل موكولا إليها – لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.