أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 169

جلسة 23 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(38)
الطعن رقم 1239 لسنة 43 القضائية

(1و2و3) حكم. "إصداره". التوقيع عليه". "بطلانه". "بياناته. بيانات الديباجة". "تسبيبه. تسبيب معيب". بطلان. إجراءات المحاكمة. محضر الجلسة. تقرير التلخيص. "طعن". " الطعن بالتزوير".
(1) صدور الحكم باسم الأمة لا ينال من مقومات وجوده. عبارتى "باسم الأمة" و"باسم الشعب" تلتقيان عند معنى واحد فى هذا الخصوص.
(2) عدم توقيع كاتب الجلسة على محضرها والحكم الصادر فيها لا بطلان. كفاية توقيع رئيس الجلسة عليها.[(1)]
(3) الأصل فى الإجراءات أنها روعيت. ورقة الحكم تكمل محضر الجلسة فى إثبات إجراءات المحاكمة. عدم جواز إفكار ما أثبت حصوله بورقة الحكم إلا بالطعن بالتزوير.
(4) قانون. "أقلمية القوانين". فاعل أصلى. شريك.
(4) سريان أحكام قانون العقوبات على كل شخص وطنيا كان أو أجنبيا ارتكب خارخ القطر فعلا يجعله فاعلا أصليا أو شريكا فى جريمة وقعت كلها أو بعضها داخل أقليم الدولة ولا أهمية لسكون الجانى أجنبيا مقيما فى الخارج ولم يسبق له الحضور إلى البلاد وذلك عملا بحكم المادة 2/ 1 عقوبات. مثال فى جريمة تحريض على الدعارة.
(5، 6) دعارة. قوادة دولية. "أركانها". "قصد جنائى". إثبات. "بوجه عام ".
(5) اتفاق الطاعنة خارج القطر مع مصريتين على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد وتسهيل سفرهن للاشتغال بالدعارة تحت ستار العمل بالملاهى الليلية التى تمتلكها الأولى فى دولة أخرى يكفى لتوافر جريمة الاشتراك فى ممارسة الدعارة علي موجب حكم المادة 3/1من القانون رقم 10 لسنة 1961.
(6)العبرة في جرائم القوادة الولية يقصد الجاني نفسه لا يقصد المجني عليها .تحقق الجريمة ولو كان الغرض الذي أدركته المجني عليها من نقلها غرضا مشروعا ما دام الجاني يضمو غرضا آخر هو البغاء. استخدام المجني عليها لمباشرة الدعارة عقب وصولها مباشرة لا يلزم بل يكفى أن يكون الجانى قد انصرف قصده إلى استخدامها فى عمل من شأنه أن يؤدى بها فى النهاية إلى ممارسة البغاء.
(7) إشتراك. إثبات. "بوجه عام".
(7) الاشتراك فى الجريمة يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها طالما كان ذلك الاعتقاد سائغا تبرره وقائع الدعوى. مثال فى تدليل سائغ على الاشتراك فى جريمة قوادة دولية.
(8) نقض. "المصلحة فى الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إرتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". دعارة. قوادة دولية.
(8) الأصل ألا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه. معاقبة الطاعنة بعقوبة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للجريمة التى لا تنعى عليها بشئ. تنتفى به مصلحتها فى الطعن.
(9) دفاع. "بوجه عام".
(9) التفات الحكم عن الرد على ما أثارته الطاعنة من وجود دفاع موضوعية لا يعيبه. طالما أقام قضائه على أسباب منتجة له.
1 - من المقرر أن عبارتى "باسم الأمة" و "باسم الشعب" تلتقيان عند معنى واحد فى المقصود فى هذا المناط ويدلان عليه وهو السلطة العليا صاحبة السيادة فى البلاد ومصدر كل السلطات فيها، ومن ثم فان صدور الحكم الابتدائى باسم الأمة لا ينال من مقومات وجوده قانونا ويكون الطعن عليه بهذا السبب فى غير محله.
2 - من المقرر أن القانون لم يرتب البطلان على مجرد عدم توقيع كاتب الجلسة على محضرها والحكم، بل إنه يكون لهما قوامهما القانونى بتوقيع رئيس الجلسة عليها وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن محضر الجلسة والحكم الابتدائى موقع عليهما من القاضى الذى أصدرهما وهو ما لا تنازع فيه الطاعنة فان ما تثيره فى هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - لما كان الأصل فى الإجراءات أنها روعيت وكانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة فى إثبات إجراءات المحاكمة وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تلاوة تقرير التلخيص فانه لا يجوز للطاعنة أن تجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير.
4 - لما كانت الفقرة (أولا) من المادة الثانية من قانون العقوبات قد نصت – استثناء من قاعدة إقليمية القوانين الجنائية – على أن تسرى أحكام هذا القانون على كل من ارتكب فى خارج القطر فعلا يحعله فاعلا أو شريكا فى جريمة وقعت كلها أو بعضها فى القطر المصرى، فان مفاد ذلك أن حكم هذه الفقرة ينصرف إلى كل شخص سواء أكان وطنيا أو أجنبيا ارتكب فى الخارج فعلا يجعله فاعلا أصليا أو شريكا فى جريمة وقعت كلها أو بعضها داخل إقليم الدولة، ويتم الاشتراك بطريقة أو أكثر من طرق الاشتراك المنصوص عليها فى القانون ويتحقق ولو كان الجانى أجنبيا مقيما فى الخارج ولم يسبق له الحضور إلى البلاد. لما كان ذلك فإنه لا محل لما تحاج به الطاعنة من أنها سورية الجنسية وأنه لم يسبق لها دخول البلاد قبل يوم ضبطها.
5 - تنص المادة الثامنة من قانون العقوبات على أن "تراعى أحكام الكتاب الأول من هذا القانون فى الجرائم المنصوص عليها فى القوانين واللوائح الخصوصية إلا إذ وجد فيها نص يخالف ذلك" كما جرى نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة فى الجمهورية العربية المتحدة بأن "كل من حرض ذكرا لم يتم الحادية والعشرين سنة ميلادية أو أنثى أيا كان سنها على مغادرة الجمهورية العربية المتحدة أو سهل ذلك أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة وكل من ساعد على ذلك مع علمه به يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه.... " لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعنة اتفاقها فى الخارج مع المحكوم عليهم الأول والرابع والخامسة على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد وتسهيل سفرهن للاشتغال بالدعارة تحت ستار العمل بالملاهى الليلية التى تمتلكها الطاعنة فى منروفيا بدولة ليبريا وقد مارستها بالفعل، وأن عناصر تلك الجرائم قد توافرت فى إقليم الدولة المصرية، وأورد الحكم من الاعتبارات السائغة ما يبرر بها قضاءه بما ينم عن فهم سليم للواقع فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس.
6 - العبرة فى جرائم القوادة الدولية بقصد الجانى نفسه لا بقصد المجنى عليها فتقع الجريمة ولو كان الغرض الذى أدركته المجنى عليها من نقلها غرضا مشروعا ما دام الجانى يضمر غرضا آخر هو البغاء. كما أنه ليس بلازم لوقوعها أن يكون الجانى قاصدا استخدام المجنى عليها لمباشرة الدعارة عقب نقلها أو تسفيرها وإنما يكفى أن يكون قصده منصرفا إلى استخدامها فى عمل من شأنه أن يؤدى بها فى النهاية إلى ممارسة البغاء – لما كان ذلك – فان ما تثيره الطاعنة من أن سفر هؤلاء الفتيات كان لغرض مشروع بدلالة تحريرهن عقود عمل فى مصر وحصولهن على تصاريح بالسفر طبقا للقانون لا محل له.
7 - من المقرر أن الإشتراك فى الجريمة يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم فانه يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ويكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التى أثبتها الحكم كما هو واقع الحال فى هذه الدعوى.
8 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه – لما كان ذلك – فان ما تنعاه الطاعنة من قعود المحكمة على الاطلاع على القانون الليبيرى فى شأن بيان الأعمال المنافية للآداب والمعاقب عليها هناك واكتفائها فى ذلك بما ورد بخطاب السفارة المصرية فى منروفيا وهو ما يتصل بما أسند إلى باقى المحكوم عليهن من ممارستهن الدعارة بتلك الدولة ولا تأثير له فى ثبوت الجرائم التى دينت بها لا يكون مقبولا. كما أنه لا مصلحة للطاعنة فيما تنعاه على الحكم المطعون فيه من قصور وتناقض فى التدليل على ثبوت جريمة الشروع فى تحريضها الفتيات على مغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة التى دانها الحكم بها طالما كان ذلك الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إليها جميعها مرتبطة ارتباط لا يقبل التجزئة وأوقع عليها عقوبة واحدة إعمالا لحكم المادة 32 من قانون العقوبات.
9 - لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على ما أثارته الطاعنة من أوجه دفاع موضوعية وحسبه أنه أورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليها، ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها – لما كان ذلك – وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن مذكرة الطاعنة المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية قد خلت من دفع صريح ببطلان أقوال الشهود واعتراف المحكوم عليهن لأنها كانت وليدة إكراه أو إغراء وقع عليهن من رجال مكتب الآداب وإنما جاء حديثها عن دعوي الإكراه فى عبارات مرسلة بغير ما دليل يظاهرها أو واقع يساندها فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنتين وآخرين بأنهم فى يوم 8 نوفمبر سنة 1972 بداخل وخارج جمهورية مصر العربية – أولا – (المتهم الأول) حرض المتهمة الثانية (الطاعنة الأولى) على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة واستخدمها لذلك وسهل لها تلك المغادرة مع علمه بأن الغرض منها هو الاشتغال بالدعارة وقد تمت مغادرة المتهمة المذكورة لأراضى الجمهورية بالفعل نتيجة لذلك (ثانيا) المتهمان الأول والرابع حرض المتهمة الخامسة (الطاعنة الثانية) على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة واستخدمها المتهم الأول لذلك وسهل لها تلك المغادرة مع علمهما بأن الغرض منها هو الاشتغال بالدعارة وصحبها المتهم الرابع أثناء مغادرتها البلاد لهذا الغرض (ثالثا) المتهمان الأول والخامسة (الطاعن الثامن) حرضا المتهمات السادسة والثامنة والعاشرة على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة واستخدمهن المتهم الأول لذلك وسهل لهما تلك المغادرة مع علمهما بأن الغرض منها هو الاشتغال بالدعارة على النحو المبين بالأوراق (رابعا) المتهمتان الثانية (الطاعنة الأولى) والثالثة – اشتركتا مع المتهمين الأول الرابع والخامسة (الطاعنة الثانية) فى ارتكاب الجرائم آنفة الذكر بتحريضهما على ارتكابها واتفاقهما معهم على ذلك ومساعدتهما إياهم فى اقترافها فوقعت تلك الجرائم بناء على ذلك (خامسا) المتهمين الأول والثانية (الطاعنة الأولى) والثالثة والخامسة (الطاعنة الثانية) شرعوا فى ارتكاب جريمة تحريض الأناث على مغادرة جمهورية مصر العربية وتسهيل هذه المغادرة لهن للاشتغال بالفجور والدعارة بأن اتفقوا فيما بينهم على ارتكابها وقدموا إلى أراضى الجمهورية لهذا الغرض وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط المتهمة الثانية لدى وصولها إلى أراضى جمهورية مصر العربية جامعة المبلغ التى خصصوها لتنفيذ غرضهم (سادسا) المتهمات من الخامسة حتى الأخيرة – وهن مصريات الجنسية اعتدن ممارسة الدعارة مع الناس بدون تمييز بالخارج وفى بلد معاقب فيه على هذا الفعل وطلبت عقابهم بالمواد 1و2/ أولا و3 و8 و40و41 من قانون العقوبات والمواد 1و2/ 1 و3/ 1 – 2 و 4و7 و9/ جو 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة آداب القاهرة قضت غيابيا بالنسبة للمتهمين الأول والثانية والرابع وحضوريا بالنسبة لباقى المتهمين بتاريخ 20 فبراير سنة 1973 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 304/ 2 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل مدة ثلاث سنوات والنفاذ وتغريمه خمسمائة جنيه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن التهمة أولا الواردة بقرار الإتهام (ثانيا) بمعاقبة كل من المتهمين الثانية والثالثة بالحبس مدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمهما خمسمائة جنيه وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن اشتراكهما مع المتهم الأول فى التهمة أولا الواردة بقرار الإتهام (ثالثا) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والرابع بالحبس خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبغرامة خمسمائة جنيه وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن التهمة ثانيا الواردة بقرار الإتهام (رابعا) بمعاقبة كل من المتهمتين الثانية والثالثة بالحبس مدة خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمهما خمسمائة جنيه وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن اشتراكهما من المتهمين الأول والرابع فى التهمة ثانيا الواردة بقرار الإتهام (خامسا) معاقبة كل من المتهمين الأول والخامسة بالحبس سبع سنوات مع الشغل والنفاذ وبغرامة خمسمائة جنيه وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن التهمة ثالثا الواردة بقرار الإتهام (سادسا) معاقبة كل من المتهمين الثانية والثالثة بالحبس مع الشغل والنفاذ مدة سبع سنوات وتغريمهما خمسمائة جنيه وبوضعهن تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن اشتراكهما مع المتهمين الأول والخامسة فى التهمة ثالثا الواردة بقرار الإتهام (سابعا) معاقبة كل من المتهمين الأول والثانية والثالثة والخامسة بالحبس سنة واحدة مع الشغل والنفاذ وبغرامة مائة جنيه وبوضعهم تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها بلا مصاريف جنائية عن التهمة خامسا الواردة بقرار الإتهام. (ثامنا) معاقبة كل من المتهمات الخامسة والثامنة والتاسعة والعاشرة بالحبس سنة واحدة مع الشغل والنفاذ وكل من المتهمتين السادسة والسابعة بالحبس ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ وبوضع كل منهن تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الحبس المقضى بها على كل منهن بلا مصاريف جنائية عن التهمة سادسا الواردة بقرار الإتهام. فاستأنفت المتهمات الثانية والخامسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة إستئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 26 مايو سنة 1973 بقبول استئنافهن شكلا وفى الموضوع (أولا) برفضه بالنسبة للمتهمة السابعة وبتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية (ثانيا) وبالنسبة لباقى المتهمات بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمة الثانية ثلاث سنوات مع الشغل وبتغريمها ثلاثمائة جنيه وبوضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة عن التهم المسندة إليها وبحبس المتهمة الخامسة سنة واحدة مع الشغل وبتغريمها مائة جنيه وبوضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة عن التهم المسندة إليها وبحبس كل من المتهمات الثامنة والتاسعة والعاشرة ستة شهور مع الشغل وبوضع كل منهن تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة بلا مصروفات جنائية. فطعنت المحكوم عليهما الثانية والخامسة فى هذا الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة الثانية وإن قررت بالطعن فى الحكم فى الميعاد إلا أنها لم تقدم أسبابا فيكون طعنها غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم الاتفاق مع آخرين على تحريض فتيات على مغادرة البلاد وتسهيل ذلك لهن واستخدامهن بقصد الاشتغال بالفجور والدعارة فى الخارج، قد شابه البطلان والخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد صدر "باسم الأمة" لا "اسم الشعب" كما يقضى الدستور الصادر عام 1971، ولم يوقع مصدره وكاتب الجلسة على كل صفحة من صفحاته، وخلت محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية من إثبات تلاوة تقرير التلخيص. هذا إلى أن الطاعنة سورية الجنسية ولم تدخل مصر قبل يوم ضبطها ولم ترتكب وهى فى الخارج فعلا يجعلها فاعلة أو شريكة فى جريمة وقعت بمصر. بل أن البين من وقائع الدعوى أن أفعال الدعارة التى اسند إلى باقى المحكوم عليهن إقترافها قد بدأت وانتهت خارج البلاد كما أن الثابت أن سفرهن كان لغرض مشروع هو الاشتغال بملاهى دولة ليبريا وقد حررن عقودا بذلك لحقتها تصاريح عمل من السلطات المصرية بما يضفى الشرعية على ما تم من إجراءات فى مصر وخلت الأوراق من دليل على اشتراك الطاعنة مع آخرين بالتحريض أو الاتفاق فى اقتراف الجرائم المسندة إليها. كما أن ما أورده الحكم ودلل به على توافر جريمة الشروع فى تحريضها الفتيات على مغادرة البلاد لممارسة الدعارة فى الخارج لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها فضلا عما شابه من تناقض وتعارض. وأثبت الحكم أن الأعمال المنافية للآداب معاقب عليها فى ليبريا استنادا إلى ما ورد فى خطاب للسفارة المصرية هناك دون بيان تلك الأعمال من واقع الاطلاع على القانون الليبرى المعمول به وأخيرا فقد أثارت الطاعنة فى مذكرتها المقدمة للمحكمة الاستئنافية دفعا بأن أقوال الفتيات واعترافاتهن بالتحقيقات كانت وليدة اكراه وإغراء وقع عليهن من رجال مكتب الآداب، كما أثارت أوجه دفاع أخرى فى موضوع الدعوى إلا أن الحكم سكت عن هذا الدفاع إيرادا له وردا عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الإبتدائى – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاتفاق على تحريض الفتيات على مغادرة البلاد وتسهيل ذلك لهن بقصد استخدامهن فى الخارج للاشتغال بالدعارة وأقام عليها فى حق الطاعنة أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت عبارتا "باسم الأمة" و "باسم الشعب" تلتقيان عند معنى واحد فى المقصود فى هذا المناط ويدلان عليه وهو السلطة العليا صاحبة السيادة فى البلاد ومصدر كل السلطات فيها، فان صدور الحكم الإبتدائى باسم الأمة لا ينال من مقومات وجوده قانونا ويكون الطعن عليه بهذا السبب فى غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرتب البطلان على مجرد عدم توقيع كاتب الجلسة على محضرها والحكم، بل أنه يكون لهما قوامهما القانوني بتوقيع رئيس الجلسة عليهما، وكان الثابت أن محضر الجلسة والحكم الإبتدائى موقع عليهما من القاضى الذى أصدره وهو ما لا تنازع فيه الطاعنة فان ما تثيره فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة فى إثبات إجراءات المحاكمة، وكان الأصل فى الإجراءات أنها روعيت وقد أثبت الحكم المطعون فيه قد تلاوة تقرير التلخيص، فانه لا يجوز للطاعنة أن تجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم تفعله. لما كان ذلك، وكانت الفقرة أولا من المادة الثانية من قانون العقوبات قد نصت – استثناء من قاعدة إقليمية القوانين الجنائية – على أن تسرى أحكام هذا القانون على كل من ارتكب فى خارج القطر فعلا يجعله فاعلا أو شريكا فى جريمة وقعت كلها أو بعضها فى القطر المصرى، فان مفاد ذلك أن حكم هذه الفقرة ينصرف إلى كل شخص سواء أكان وطنيا أو أجنبيا ارتكب فى الخارج فعلا يجعله فاعلا أصليا أو شريكا فى جريمة وقعت كلها أو بعضها داخل إقليم الدولة. ويتم الاشتراك بطريقة أو أكثر من طرق الاشتراك المنصوص عليهما فى القانون ويتحقق ولو كان الجانى أجنبيا مقيما فى الخارج ولم يسبق له الحضور إلى البلاد. لما كان ذلك، فانه لا محل لما تحاج به الطاعنة من أنها سورية الجنسية وأنه لم يسبق لها دخول البلاد قبل يوم ضبطها. ولما كانت المادة الثامنة من قانون العقوبات تنص على أن "تراعى أحكام الكتاب الأول من هذا القانون فى الجرائم المنصوص عليها فى القوانين واللوائح الخصوصية إلا إذ وجد فيها نص يخالف ذلك "وجرى نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة فى الجمهورية العربية المتحدة بأن "كل من حرض ذكرا لم يتم الحادية والعشرين سنة ميلادية أو أنثى أيا كان سنها على مغادرة الجمهورية العربية المتحدة أو سهل ذلك أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور أو الدعارة وكل من ساعد على ذلك مع علمه به يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه.... " وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعنة اتفاقها فى الخارج مع المحكوم عليهم الأول والرابع والخامسة على تحريض بعض الفتيات المصريات على مغادرة البلاد وتسهيل سفرهن للاشتغال بالدعارة تحت ستار العمل بالملاهى الليلية التى تمتلكها الطاعنة فى منروفيا بدولة ليبريا وقد مارستها بالفعل، وأن عناصر تلك الجرائم قد توافرت فى إقليم الدولة المصرية. وأورد الحكم من الاعتبارات السائغة ما يبرر به قضاءه وبما ينم عن فهم سليم للواقع فان النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس. أما ما تثيره الطاعنة من أن سفر هؤلاء الفتيات كان لغرض مشروع بدلالة تحريرهن عقود عمل فى مصر وحصولهن على تصاريح بالسفر طبقا للقانون فانه مردود بأن العبرة فى جرائم القوادة الدولية بقصد الجانى نفسه لا بقصد المجنى عليها فتقع الجريمة ولو كان الغرض الذى أدركته المجنى عليها من نقلها غرضا مشروعا ما دام الجانى يضمر غرضا آخر هو البغاء, كما أنه ليس بلازم لوقوعها أن يكون الجانى قاصدا استخدام المجنى عليها لمباشرة الدعارة عقب نقلها أو تسفيرها وإنما يكفى أن يكون قصده منصرفا إلى استخدامها فى عمل من شأنه أن يؤدى بها فى النهاية إلى ممارسة البغاء وهو ما استظهره الحكم المطعون فيه ودلل عليه تدليلا سائغا تندفع به دعوى الخطأ فى تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الإشتراك يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فانه يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ويكون اعتقادها سائغا تبرره الوقائع التى اثبتها الحكم كما هو واقع الحال فى هذه الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أعتبر الجرائم جميعها المسندة إلى الطاعنة مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة وأوقع عليها عقوبة واحدة إعمالا لحكم المادة 33 من قانون العقوبات فليس لها – من بعد – مصلحة فيما تنعاه الطاعنة عليه من قصور وتناقض فى التدليل على ثبوت جريمة الشروع فى تحريضها الفتيات على مغادرة البلاد للاشتغال بالدعارة التى دانها الحكم بها. ولما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه وكانت ما تنعاه الطاعنة من قعود المحكمة عن الاطلاع على القانون الليبيرى فى شأن بيان الأعمال المنافية للآداب والمعاقب عليها هناك واكتفائها فى ذلك بما ورد بخطاب السفارة المصرية فى منروفيا إنما يتصل بما أسند إلى باقى المحكوم عليهن من ممارستهن الدعارة بتلك الدولة ولا تأثير له فى ثبوت الجرائم التى دينت بها, فان منعاها فى هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك, وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن مذكرة الطاعنة المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية قد خلت من دفع صريح ببطلان أقوال الشهود واعتراف المحكوم عليهن لأنها كانت وليدة إكراه أو إغراء وقع عليهن من رجال مكتب الآداب ؛ وإنما جاء حديث الطاعنة عن دعوى الإكراه فى عبارات مرسلة بغير ما دليل يظاهرها أو واقع يساندها فانه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليها، كما لا ينال من سلامته سكوته على الرد على ما أثارته الطاعنة من أوجه دفاع موضوعية وحسبه أنه أورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إليها، ولا عليه إن هو لم يتعقب المتهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


[(1)] (راجع أيضا الطعن رقم 1694 سنة 44ق ـ جلسة 1/5/1975 ولسنة 6 ص611 والسنة 7 ص 523) .