أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 480

جلسة 3 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، وأديب نصر، وحسين صفوت السركي.

(94)
الطعن رقم 32 لسنة 33 القضائية

( أ ) محاكمة. "إجراءاتها". شهود. محكمة استئنافية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى على مقتضى الأوراق. هي لا تسمع من شهود الإثبات إلا من ترى لزوماً لسماعهم. تقديرها عدم الحاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء لا شيء يعيب حكمها.
(ب) محاكمة. "إجراءاتها". نقض "أسباب الطعن". "ما لا يقبل من الأسباب". دفاع. الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره.
الأصل في إجراءات المحاكمة اعتبار أنها روعيت. لا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل في محضر الجلسة. على المتهم أن يطلب صراحة إثبات ما يهمه في هذا المحضر. إن لم يفعل، فليس له إثارة ذلك أمام محكمة النقض.
(ج) محاكمة. "إجراءاتها". "حجز الدعوى للحكم". "إعادتها للمرافعة" دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حجز المحكمة القضية للحكم. عدم التزامها بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها.
(د) شهود. محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب".
وزن أقوال الشهود، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة. متروك لتقدير محكمة الموضوع. أخذها بشهادة شاهد. مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير جائز.
(هـ) دعارة. "ركن العادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إقامة الحكم الحجة بأسباب سائغة على مقارفة الطاعنة الفحشاء مع الرجل الذي كان معها وقت الضبط. استظهاره ركن العادة بالنسبة إلى جريمتي إدارة المحل للدعارة وممارستها بما استخلصه من شهادة الشاهد من سابقة تردده عدة مرات لارتكاب الفحشاء مع الطاعنة. لا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات هذا الركن على شهادة الشهود. القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات.
(و) تفتيش. "إذن التفتيش". "إصداره". محكمة الموضوع.
تقدير جدية التحريات اللازمة لإصدار إذن التفتيش. أمر متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه غير جائز.
1- الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضي على مقتضى الأوراق، وهى لا تسمع من شهود الإثبات إلا من ترى لزوماً لسماعهم، وما دامت لم تجد بها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء فلا شيء يعيب حكمها.
2 - الأصل في إجراءات المحاكمة اعتبار أنها روعيت، فلا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل في محضر الجلسة، وإذا كان المتهم يهمه بصفة خاصة تدوين أمر في محضر الجلسة فهو الذي عليه أن يطلب صراحة إثبات به، فإن هو لم يفعل فليس له أن يثير ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم فلا يقبل القول بأن المحكمة لم تمكن الدفاع عن الطاعن من إثبات تمسكه بسماع شهود الإثبات.
3 - من المقرر أنه متى حجزت المحكمة القضية للحكم فإنها لا تكون ملزمة بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الحكم قد أقام الحجة بما أورده من أسباب سائغة على مقارفة الطاعنة الفحشاء مع الرجل الذي كان معها وقت الضبط ووجودهما معاً في حالة تنبئ بذاتها على وقوع هذه الجريمة، واستظهر ركن العادة بالنسبة إلى جريمتي إدارة المحل للدعارة وممارستها بما استخلصه من شهادة من شهادة الشاهد من سابقة تردده عدة مرات لارتكاب الفحشاء معها، فلا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات هذا الركن على شهادة الشهود، طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات.
6 - تقدير جدية التحريات متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى أقرتها عليه فلا يجدي المتهم نفيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية، مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 26/ 8/ 1962 بدائرة قسم شبرا - "أولاً - أدارت محلاً للفجور والدعارة - وثانياً - عاونت أنثى على ارتكاب الفجور والدعارة - وثالثاً - اعتادت ممارسة الفجور والدعارة". وطلبت عقابها بالمواد 1/ 1 و6/ 1 و8/ 1 و9 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة شبرا الجزئية دفع الحاضر مع المتهمة - أولاً: ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات - ثانياً: عدم انطباق المادتين 8 و9 من القانون رقم 10 لسنة 1961. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 19 سبتمبر سنة 1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات. أولاً - برفض الدفعين المبديين من المتهمة. ثانياً - وبالنسبة للتهم الثلاث بحبس المتهمة سنة واحدة مع الشغل وتغريمها مائة جنيه وإغلاق المسكن ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به وبوضعهما تحت مراقبة البوليس لمدة سنة في المكان الذي يعينه وزير الداخلية تبدأ من تاريخ إمكان التنفيذ عليها بالنفاذ. فاستأنفت المتهمة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت فيها حضورياً بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم إدارة محل للدعارة والاعتياد على ممارستها ومعاونة أنثى على ذلك، قد انطوى علي إخلال بحق الدفاع وأخطأ في القانون، كما شابه قصور في التسبيب ذلك بأن محكمة ثاني درجة أكتفت بسماع شهود النفي الذين كانوا موجودين بالجلسة دون أن تمكن الدفاع من إثبات طلب التأجيل لسماع شهود الإثبات على الرغم من تمسكه بسماعهم أمامها وعدم إجابة محكمة أول درجة طلبه في هذا الشأن الذي ضمنه مذكرته المصرح له بتقديمها. كما أن الحكم لم يستظهر توافر ركن العادة في حق الطاعنة، وقد خلت الأوراق من سوابق خلقية للطاعنة أو للمرأة الأخرى التي كانت لديها. ولا يكفى في بيان هذا الركن ما استدل به الحكم عليه من أقوال شاهدي الإثبات بمحضر الشرطة من أنه سبق لهما التردد على مسكن الطاعنة إذ أنهما مرشدين من قبل مطلق الطاعنة الجندي بقسم الظاهر لما بينهما من ضغينة ثبتت على لسان شهود النفي الذين سمعتهم المحكمة، فضلاً عن أن الضابط لم يذكر أنه شاهد حالة اتصال جنسي، هذا إلى أن الحكم جاء قاصراً في الرد على ما دفعت به الطاعنة من بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم إدارة محل للدعارة والاعتياد على ممارستها ومعاونة أنثى على ذلك التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن محضر الضبط وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المحاكمة بدرجتيها قد جرت في ظل التعديل الذي أدخل على المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 113 لسنة 1957 والثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة طلب أمام محكمة أول درجة البراءة والإفراج وأبدى دفاعه القانوني دون أن يطلب سماع شهود الإثبات وبفرض أنه طلب ذلك في مذكرته الكتابية المصرح له بتقديمها فإنه من المقرر أنه متى حجزت المحكمة القضية للحكم فإنها لا تكون ملزمة بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها. وكانت الطاعنة لم تطلب سواء بنفسها أو بلسان المدافع عنها إلى محكمة ثاني درجة سماع أولئك الشهود، بل إن المدافع عنها ترافع في موضوع الدعوى بعد أن استمعت المحكمة لشاهدي النفي دون أن يطلب سماع شهود الإثبات، والأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى على مقتضى الأوراق وهى لا تسمع من شهود الإثبات إلا من ترى لزوماً لسماعهم، وما دامت لم تجد بها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء فلا شيء يعيب حكمها، ولا يقبل القول بأن المحكمة لم تمكن الدفاع عن الطاعنة من إثبات تمسكه بسماع شهود الإثبات إذ الأصل في إجراءات المحاكمة اعتبار أنها روعيت، فلا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل في محضر الجلسة وإذا كان المتهم يهمه بصفة خاصة تدوين أمر في محضر الجلسة فهو الذي عليه أن يطلب صراحة إثباته به. فإن هو لم يفعل فليس له أن يثير ذلك أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام الحجة بما أورده من أسباب سائغة على مقارفة الطاعنة الفحشاء مع الرجل الذي كان معها وقت الضبط ووجودهما معاً في حالة تنبئ بذاتها على وقوع هذه الجريمة واستظهر ركن العادة بالنسبة إلى جريمتي إدارة المحل للدعارة وممارستها بما استخلصه من شهادة الشاهد من سابقة تردده عدة مرات لارتكاب الفحشاء معها ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات هذا الركن على شهادة الشهود طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات.
أما ما تثيره الطاعنة من نعى على الحكم لركونه إلى أقوال الشهود رغم تجريحه إياهم فمردود بأنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع. ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعنة من بطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فاطرحه مقراً للنيابة على ما ارتأته من جديتها وصلاحيتها لإصدار هذا الإذن، وكان تقدير جدية التحريات متروكاً لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدي المتهم نعيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.