أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1067

(جلسة 8 من مايو سنة 1951)
(389)
القضية رقم 117 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك, وحسن إسماعيل الهضيبي بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, ومحمد غنيم بك المستشارين.
( أ ) وصف التهمة. الزيادة في بيان الطريقة التي حصلت بها واقعة التزوير كما تضمنها أمر الإحالة. لا يعد تغييراً في وصف التهمة.
(ب) تزوير معنوي. إعداد المتهم الورقة المنقولة عنها صورة المذكرة المطعون بتزويرها وتقديمها لنسخ صورة منها. مخالفة الصورة الرسمية للأصل الثابت. ذلك معناه وقوع التزوير حال التحرير. كون الصورة نقلت من أصل مزور قبل تحريرها. لا يهم.
(جـ) تزوير في أوراق رسمية. ركن الضرر. توافره بمجرد العبث بها.
1 - إذا كان ما انتهت إليه المحكمة في صدد ذكرها واقعة الدعوى لم يعد كونه زيادة في بيان الطريقة التي حصلت بها هذه الواقعة كما تضمنها أمر الإحالة وكما كانت معروضة على بساط البحث فذلك لا يعد تغييراً لوصف التهمة المحال بها المتهم ومن ثم فلا إخلال بحق الدفاع.
2 - إن حصول واقعة الدعوى بالكيفية المبينة بالحكم وهي أن الطاعن أعد الورقة المنقولة عنها صورة المذكرة المطعون بتزويرها وقدمها لنسخ صورة منها باعتبارها مطابقة للأصل الثابت بدفتر أحوال القسم - ذلك لا يعني أن التزوير لم يرتكب حال تحرير الصورة المطعون بتزويرها لأنه ما دامت الصورة الرسمية قد جاءت مخالفة للأصل الثابت بدفتر الأحوال فقد وقع تزويرها حتماً حال تحريرها ولا يغير من ذلك كونها نقلت من أصل آخر مزور من قبل تحريرها.
3 - إن مجرد العبث بالأوراق الرسمية يتوافر به ركن الضرر في جريمة التزوير لما فيه من تقليل الثقة بها باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة - اشترك بطريق التحريض والمساعدة مع آخر حسن النية هو أحمد علي فضالي في ارتكاب تزوير في ورقة رسمية هي صورة المذكرة رقم 30 أحوال قسم مصر الجديدة يوم 24 فبراير سنة 1948 بأن قدم له ورقة تتضمن صورة هذه المذكرة بعد أن حذف منها بعض الكلمات وأضاف كلمات أخرى وطلب منه نسخ عباراتها واستخدام صورة رسمية منها وحرضه على ذلك فتمت الجريمة بناءً على هذا التحريض وهذه المساعدة - 2 - استعمل الورقة المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها في القضية رقم 148 سنة 1947 إفلاس مصر. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 40 - 1 - 3 و41 و211 و212 و214 من قانون العقوبات فقرر بذلك ومحكمة جنايات مصر قضت عملاً بالمواد 40 - 1 - 3 و213 و214 مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة محمود عامر محمد بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف التنفيذ لمدة خمس سنين تبدأ من اليوم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

وحيث إن أوجه هذا الطعن تتحصل في قول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقه في الدفاع ذلك أنه يبين من مقارنة ما تضمنه أمر إحالته على محكمة الجنايات بما جاء في الحكم أن المحكمة قد أضافت إلى وقائع التهمة الواردة في أمر الإحالة واقعة جديدة وهي أنه أوهم ضابط القسم بصحة الصورة العرفية التي نقلت عنها الصورة الرسمية المطعون بتزويرها, وأنها عدلت الوصف الوارد بأمر الإحالة من اشتراك في تزوير مادي مما تنطبق عليه المادة 211 من قانون العقوبات إلى اشتراك في تزوير معنوي مما تنطبق عليه المادة 213 - ثم دانت الطاعن على هذا الأساس دون تنبيه الدفاع عن الطاعن إلى هذه الإضافة في وقائع التهمة وذلك التغيير في وصفها القانوني هذا إلى قصور الحكم في التدليل على الأفعال المكونة لاشتراك الطاعن في التزوير وفي بيان الطريقة التي حصل بها فعل التزوير, وإلى خطئه في تطبيق القانون على واقعة الدعوى ذلك أنه يشترط في التزوير المعنوي الذي تنطبق عليه المادة 213 أن يحصل تغيير الحقيقة وقت تحرير الورقة المزورة والثابت في واقعة الدعوى أن الضابط سلم إلى العسكري ورقة عرفية متضمنة صورة محرفة للمذكرة المدونة بدفتر الأحوال وأنه من هذه الورقة نقل العسكري صورة طبق الأصل كما هو مدون فيها وإذن فلا يكون قد حدث وقت تحرير الصورة أي تغيير للحقيقة الثابتة في الورقة المنقول عنها وإنما التغيير قد حصل حال تحرير هذه الورقة الأخيرة وقبل تحرير الصورة المطعون بتزويرها فالفاعل الأصلي لهذا التغيير هو محرر الورقة المنقول عنها لا العسكري الذي نقل عنها نقلاً صادقاً أميناً. كما أن ركن الضرر لم يتوفر لأن الصورة المطعون فيها لمذكرة الأحوال لم يكن من شأنها أن تؤثر في الدعوى التي رفعها الطاعن على المجني عليه بإشهار إفلاسه, وبفرض حصول التزوير فإن تغييراً لم يقع على البيانات الجوهرية التي أعدت مذكرة الأحوال لإثباتها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية لجناية الاشتراك في التزوير المعنوي التي دان الطاعن بها واستند في ذلك للأسباب التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك ولم يكن صحيحاً ما يقول به الطاعن من أن المحكمة - إنما دانته على أساس واقعة لم ترد بأمر إحالته إليها: ذلك أن ما انتهت إليه في حكمها من أن الطاعن "قدم ورقة تتضمن صورة المذكرة بعد أن أحدث فيها تغييراً بالحذف والإضافة موهماً أنها مطابقة للأصل فنسخ الموظف - حسن النية - عباراتها في ورقة مدموغة اكتسبت الرسمية بتوقيع المأمور عليها وختمها بختمي قسم البوليس والمحافظة فتمت الجريمة بناءً على هذا التحريض والمساعدة". ما انتهت إليه المحكمة من ذلك لم يعد كونه زيادة في بيان الطريقة التي حصلت بها واقعة الدعوى أو تضمنها أمر الإحالة وكما كانت معروضة على بساط البحث. وكان لمحكمة الجنايات بمقتضى المادة 40 من قانون تشكيل محاكم الجنايات أن تغير وصف الأحوال المبينة في أمر الإحالة بغير سبق تعديل التهمة بشرط أن لا تحكم بعقوبة أشد من المنصوص عليها في القانون للجريمة الموجهة على المتهم في أمر الإحالة بل كان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع عن الطاعن قد سلم في مرافعته باعتبار الفعل تزويراً معنوياً مما تنطبق عليه المادة 213 من قانون العقوبات، وكان حصول الواقعة بالكيفية المبينة بالحكم المطعون فيه وهي أن الطاعن أعد الورقة المنقولة عنها صورة المذكرة المطعون بتزويرها وقدمها لنسخ صورة منها باعتبارها مطابقة للأصل الثابت بدفتر أحوال القسم لا يعني أن التزوير لم يرتكب حال تحرير الصورة المطعون بتزويرها لأنه ما دامت الصورة الرسمية قد جاءت مخالفة للأصل الثابت بدفتر الأحوال فقد وقع تزويرها حتماً حال تحريرها ولا يغير من ذلك نقلها من أصل آخر مزور من قبل تحريرها - لما كان كل ذلك, وكان مجرد العبث بالأوراق الرسمية يتوافر به ركن الضرر في جريمة التزوير لما فيه من تقليل الثقة بها باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخل بحق الدفاع ولا هو جاء قاصراً في بيان الأسباب أو خاطئاً في تطبيق القانون. ويكون الطعن فيه على هذه الصورة على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.