أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 411

جلسة 15 من أبريل سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى جندى المستشارين.

(111)
القضية رقم 262 سنة 27 القضائية

(أ) قتل عمد. نية القتل. تصويب السلاح النارى نحو المجنى عليه وإصابته فى مقتل. عدم إفادته حتما توفر نية القتل.
(ب) قتل. نية القتل. حكم. تسبيب معيب. استناد الحكم فى توفر نية القتل إلى إصابة المجنى عليه فى مقتل. ثبوت إصابة المجنى عليه فى راحة يده. قصور.
1 – تصويب السلاح النارى نحو المجنى عليه لا يفيد حتما أن مطلقه انتوى إزهاق روحه، كما أن إصابة إنسان فى مقتل لا يصح أن يستنتج منها نية القتل إلا إذا ثبت أن مطلق العيار قد وجهه إلى من أصيب وصوبه متعمدا إلى الموضع الذى يعد مقتلا من جسمه.
2 – متى كان الحكم قد استند فى بيان نية القتل إلى استعمال المتهمين آلات نارية من شأنها إحداث القتل بذاتها وتصويبها نحو المجنى عليهما وإطلاقها عليهما فأصابهما فى مواضع قاتلة هى رأس أولهما وبطن الثانى، وكان الثابت من الحكم أن العيار الذى أطلقه المتهم الأول أصاب المجنى عليه الأول فى راحة يده اليسرى وهذا الجزء من الجسم ليس من المقاتل، فان الحكم يكون قاصر البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: الأول والثانى: شرعا فى قتل فرغلى سيد فتح الله عمدا بأن أطلقا عليه عيارين ناريين من بندقيتهما قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو إسعاف المجنى عليه بالعلاج. والثالث شرع فى قتل عبد العال حسين على عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقيته قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجنى عليه. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45، 46، 234/ 1، 242/ 1 من قانون العقوبات فقررت بذلك، ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 234/ أ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين الثلاثة الأول حسن خليفة سالم ومحمود محمد حسن وادريس محمود حسن بالسجن لمدة ثلاث سنين. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... وحيث أن مما ينعاه الطاعنون قصور الحكم المطعون فيه فى بيان توافر نية القتل. فقد ذهب الحكم إلى أن هذه النية ثابتة من استعمال آلات نارية وتصويبها إلى المجنى عليهما وإصابتهما فى مقاتل من جسميهما مع أن مجرد التصويب لا يقيد قصد القتل وإنما الذى يفيده هو التصويب بنية إزهاق الروح. هذا فضلا عن أن إصابة فرغلى سيد أحد المجنى عليهما استقرت فى راحة يده وهذا الجزء من الجسم ليس مقتلا.
وحيث أن الدعوى رفعت على الطاعنين الثلاثة لأن الأول والثانى منهما شرعا فى قتل فرغلى سيد فتح الله عمدا بأن أطلقا عليه عيارين ناريين قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى، ولأن الثالث شرع فى قتل عبد العال حسين على عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى، ولما كان الحكم قد قال فى بيان واقعة الدعوى أن أبو ضيف على عبد العال الذى ينتمى إلى المجنى عليه فرغلى سيد فتح الله اعتدى بالضرب على غريب ثابت محمد من أقارب المتهمين الثلاثة – ولما بلغ نبأ هذا الاعتداء المتهمين الثلاثة تجمعوا عند دكان أولهم وحملوا أسلحة نارية – فلما مر المجنى عليه الأول يصاحبه سيد حسين نصار تشاتم الفريقان وكان عبد العال حسين على المجنى عليه الثانى فى منزله القريب من مكان الحادث فخرج يريد حسم النزاع بين الطرفين وإذا بالمتهمين الثلاثة الأول يطلقون النار على فرغلى سيد فتح الله فأصيب، كما أصيب عبد العال حسين على، لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت أن فرغلى سيد فتح الله مصاب بجرح نارى كاشط براحة اليد اليسرى طوله 3 سم وعرضه 1 سم، وبجرح نارى آخر بفروة الرأس فوق الأذن اليسرى وجرح نارى ثالث أسفل يسار الأنف ويحس برش تحت الجرحين الأخيرين. وتحدث هذه الإصابات من عيارين ناريين أحدث أحدهما إصابة راحة اليد وهو الذى أطلقه الطاعن الأول، وأحدث الآخر اصابتى الرأس وهو الذى أطلقه الطاعن الثانى، كما أثبت الحكم أن عبد العال حسين على أصيب بعضده الأيمن وبمقدم بطنه من عيار نارى مزود بوحدات من الرش أطلقه أدريس محمود حسين وهو يريد إصابة المجنى عليه الأول فأخطأه وأصاب عبد العال المذكور، لما كان ما تقدم وكان كل ما تحدث به الحكم فى صدد بيان نية القتل هو " أن قصد القتل ثابت قبل هؤلاء المتهمين من استعمالهم آلات نارية من شأنها إحداث القتل بذاتها وتصويبها نحو المجنى عليهما واطلاقها عليهما فأصابهما فى مواضع قاتلة هى رأس أولهما وبطن الثانى" ولما كان تصويب السلاح النارى نحو المجنى عليه لا يقيد حتما أن مطلقه انتوى إزهاق روحه، كما أن الثابت من الحكم أن العيار الذى أطلقه الطاعن الأول أصاب المجنى عليه الأول فى راحة يده اليسرى وهذا الجزء من الجسم ليس من المقاتل، وفوق ذلك فإن ما قاله الحكم من أن الطاعنين صوبوا سلاحهم نحو المجنى عليهما فأصابتهما المقذوفات فى مواضع قاتلة لا يكفى وحده فى اثبات أنهم كانوا يقصدون القتل بهذا التصويب، كما أن إصابة إنسان فى مقتل لا يصح أن يستنتج منها نية القتل إلا إذا ثبت أن مطلق العيار قد وجهه إلى من أصيب وصوبه متعمدا إلى الموضع الذى يعد مقتلا من جسمه، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصر البيان متعينا نقضه، وذلك بغير حاجة إلى بحث ما جاء بسائر أوجه الطعن.