أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 180

جلسة 24 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام؛ ومحمود كامل عطيفه، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(39)
الطعن رقم 110 لسنة 44 القضائية

قتل. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها".
مجرد اطلاق عيار نارى من بندقية صوب المجنى عليه لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل – وجوب أن يقصد الجانى من ارتكاب هذا الفعل ازهاق روح المجنى عليه وأن يورد الحكم القاضى بالإدانة الأدلة التى إستخلص منها ثبوت هذه النية لديه. مثال لتسبيب معيب.
يتميز القصد الجنائى فى جريمة القتل العمد عن القصد الجنائى العام فى سائر جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكاب الفعل ازهاق روح المجنى عليه – ولما كان هذا العنصر بطبيعته أمرا داخليا فى نفس الجانى فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم فى هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وأن تورد الأدلة التى تكون قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد ازهاق روح المجنى عليه إذ كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر نية القتل لدى الطاعن من اطلاقه عيارا ناريا من بندقية وهى سلاح قاتل بطبيعته قاصدا إصابة أى من أفراد عائلة المجنى عليها وهو لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادى من استعمال سلاح من شأنه إحداث القتل واطلاق عيار نارى منه على المجنى عليها وإحداث إصابتها ولا يكفى بذاته لثبوت نية القتل ما دام الحكم لم يكشف عن هذه النية بنفس الطاعن. ومن ثم يكون الحكم معيبا بالقصور متعينا رفضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 21 أغسطس سنة 1970 بدائرة مركز أولاد طوق محافظة سوهاج (أ) قتل............ عمدا بأن أطلق عليها عيارا ناريا من بندقية كان يحرزها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها (ب) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن "بندقية" (جـ) أحرز ذخيرة "طلقة" مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له فى حيازته وإحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و 26/ 1 – 4 و 30 من القانون رقم 314 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1945 و 75 لسنة 1958والجدول رقم 2 المرافق. فقرر ذلك بتاريخ 19 مايو سنة 1971 عملا بمواد الإتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه فساد فى الاستدلال ذلك بأنه دلل على توافر نية القتل فى حقه بما لا يسوغ سندا لقيامها وخاصة أنه قد انتفى الباعث عليها إذ الحادث كان وليد مشادة صبيانية بسبب اللعب بالكرة مما لا يدعو إلى ما ذهب إليه الحكم من توافر النية المشار إليها وهذا يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أنه تحدث عن نية القتل فى قوله "ومن حيث إن نية القتل متوافرة قبل المتهم من إقدامه على اطلاق عيار نارى في اتجاه جماعة المجنى عليها قاصدا إصابة أى من أفراد عائلتها وذلك من بندقية معمرة بالرصاص وهو سلاح قاتل بطبيعته وقد أصاب المقذوف رأس المجنى عليها مما يقطع بأنه تعمد القتل ويعتبر المتهم قاتلا عمدا لأنه نوى القتل وتعمده". لما كان ذلك، وكان القصد فى جريمة القتل العمد يتميز عن القصد العام فى سائر جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكاب الفعل ازهاق روح المجنى عليه، ولما كان هذا العنصر بطبيعته أمرا داخليا فى نفس الجانى، فإنه يجب لصحة الحكم بإدانة متهم فى هذه الجريمة أو بالشروع فيها أن تعنى المحكمة بالتحدث عنه استقلالا وأن تورد الأدلة التى يكون قد استخلصت منها أن الجانى حين ارتكب الفعل المادى المسند إليه كان فى الواقع يقصد ازهاق روح المجنى عليه.ولما كان ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعن من اطلاقه عيارا ناريا من بندقية وهى سلاح قاتل بطبيعته قاصدا إصابة أى من أفراد عائلة المجنى عليها لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادى من استعمال سلاح من شأنه إحداث القتل واطلاق عيار نارى منه على المجنى عليها وإحداث إصابتها وهو ما لا يكفى بذاته لثبوت نية القتل ما دام الحكم لم يكشف عن هذه النية بنفس الطاعن ومن ثم يكون معيبا بالقصور متعينا نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.