أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 496

جلسة 10 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ محمود حلمي خاطر، وبحضور السادة المستشارين: عبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، وأحمد موافي.

(97)
الطعن رقم 2835 لسنة 32 القضائية

( أ ) تجمهر. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين 2 و3 من القانون 10 لسنة 1914. شروط قيامها: اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض. وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور. وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة، لا جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير الطبيعي للأمور. وأن تقع جميعها حال التجمهر.
إغفال الحكم التدليل على توافر هذه العناصر الجوهرية. قصور يعيبه ويوجب نقضه.
(ب) دفاع شرعي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إيراد الحكم في أسبابه ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي لدى المتهمين. إدانتهم دون التعرض لهذه الحالة أو الرد على انتفائها وعدم توافرها. قصور وتناقض يعيب الحكم ويوجب نقضه.
1 - يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 - اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير الطبيعي للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر هذه العناصر الجوهرية في حق الطاعنين، وكان ما أورده في مجموعة لا يكشف عن توافرها، فإنه يكون مشوباً بالقصور، مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة لهم.
2- لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في حيثياته يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعنين، وكان قد دانهم دون أن يعرض لهذه الحالة أو يرد على انتفائها وعدم توافرها، فإنه يكون مشوباً بالقصور والتناقض في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في أول أغسطس سنة 1959 بناحية كفر أبو برى مركز ديرب نجم شرقية: المتهمون من الأول إلى الحادي عشر: اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه جعل السلم العام في خطر والغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس والمال حالة كونهم يحملون أسلحة وآلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة بأن تجمعوا واتجهوا إلى ناحية أبو برى قاصدين الاعتداء على أهلها وممتلكاتهم حالة كونهم يحملون أسلحة نارية وعصيا وقد وقعت منهم الجرائم الآتية تنفيذاً للغرض من التجمهر أولاً - وهم عصبة أتلفوا بالقوة الإجبارية الجرار المملوك لإبراهيم عباس إبراهيم بأن اتجهوا إلى مكان الجرار حاملين أسلحة نارية وعصيا مطلقين أعيرة نارية للإرهاب ثم قاموا بإتلاف الجرار. ثانياً - وهم عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص وقد توافقوا على التعدي والإيذاء أحدثوا عمداً بكل من السيد محمد إبراهيم سلامة وحامد محمود علي ومحمد أحمد ضيف الله وفاطمة إبراهيم العراقي وإنعام السيد سلامة وناعسة إسماعيل وسليم عبد الفتاح سليم وحامد عبد الفتاح سليم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً حالة كونهم يحملون عصياً: والمتهمون من الثاني عشر إلى الأخيرة: اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه جعل السلم العام في خطر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس حالة كونهم يحملون أسلحة من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة بأن تجمعوا واتجهوا إلى أهالي ناحية صافور قاصدين الاعتداء عليهم وقد وقعت منهم الجريمة الآتية تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر: وهم عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص توافقوا على الاعتداء والتعدي وأحدثوا عمداً بأحمد محمد أبو عافية ومحمد إبراهيم محمد عبد الرحمن أبو عافية الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً حالة كونهم يحملون عصيا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 2 و3 من القانون رقم 10 لسنة 14 بشأن التجمهر و242/ 1 و243 و366 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 32 و55 و56 من قانون العقوبات: أولاً - بمعاقبة الطاعنين الأول والثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمعاقبة كل من الطاعنين الثالث والثامن والمتهمين من السادس إلى الحادي عشر بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنين. ثانياً - بحبس كل من الطاعنين الرابع والخامس والسادس والسابع ثلاثة أشهر مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنين. ثالثاً - ببراءة الطاعنين الرابع والخامس والسادس والسابع من تهمتي التجمهر والتوافق على التعدي. رابعاً - ببراءة كل من المتهمين الثالث والرابع ومن السادس عشر إلى الحادي والعشرين ومن الثالث والعشرين إلى الخامس والعشرين مما أسند إليهم. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون الأول والثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم لم يعرض لأركان جريمة التجمهر التي دانهم من أجلها، بالرغم من أنه وهو بصدد إيراد واقعة الدعوى اختص الفريق الآخر بوصف التجمهر - كما أورد الواقعة بما يفيد أن الطاعنين كانوا معتدى عليهم من بداية الحادث بارتكاب سرقة الفاكهة من أرضهم.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن الغلام محمد حسن السيد من ناحية كفر أبو برى مركز ديرب نجم ضبط وهو يسرق شمامة من حديقة عبد المجيد عبد الرحمن عافية... ولما أراد الخفراء اقتياد الغلام إلى النقطة للإبلاغ عن الحادث تصدى لهم أهالي كفر أبو برى وتمكنوا من إفلات السارق. وعلم بذلك عبد المجيد عبد الرحمن أبو عافية وأقاربه وأنصاره... وقد حمل هؤلاء العصي قاصدين التوجه إلى ناحية أبو برى التي تبعد عن ضافور بحوالي 2 كيلو متر وما أن علم بذلك أهالي أبو برى حتى جمعوا شملهم وخرجوا في حالة تجمهر، وقد التحم الفريقان في معركة أصيب فيها كل من..... كما أسفر الاعتداء عن إتلاف جرار لإبراهيم عباس إبراهيم. وقد تمكن رجال الشرطة من فض التجمهر". لما كان ذلك، وكان يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون 10 لسنة 1914 اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إلى السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر هذه العناصر الجوهرية في حق الطاعنين، وكان ما أورده في مجموعه لا يكشف عن توافرها فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة لهم.
وحيث إنه مما ينعاه باقي الطاعنين من الرابع إلى الأخير على الحكم المطعون فيه التناقض في التسبيب، ذلك أنه دانهم بجريمة التجمهر بالرغم مما أورده عن واقعة الدعوى أنهم خرجوا لرد عدوان الفريق الآخر الذي قدم إلى بلدتهم للتعدي عليهم مما يكشف عن أنهم كانوا في حالة دفاع شرعي وأن ما فعلوه كان في سبيل دفع خطر جسيم على حياتهم وأموالهم.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد ضمن حيثياته قوله "إنه لم يقطع أحد بأن فريق أبو برى قد توافق على التعدي - إنما تستخلص المحكمة أن التجمهر نشأ من أهالي ناحية ضافور عقب حضور المتهم الذي حرض أتباعه بالتعدي على أهالي ناحية أبو برى، وما وقع من ناحية أبو برى إنما كان الغرض منه رد العدوان". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على هذه - الصورة يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي وكان قد دان الطاعنين دون أن يعرض لهذه الحالة أو يرد على انتفائها وعدم توافرها، فإنه يكون مشوباً بالقصور والتناقض في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه.