أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1099

جلسة 15 من مايو سنة 1951
(401)
القضية رقم 376 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب السعادة والعزة: أحمد فهمي إبراهيم باشا وكيل المحكمة وحسن الهضيبي بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, إبراهيم خليل بك المستشارين.
إثبات. الاعتماد على قول للشاهد وإطراح قول آخر له. لا يصح ذلك مع التضارب فيما أثبته الحكم من هذه الأقوال.
إنه وإن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد على قول للشاهد وأن تطرح قولاً آخر له إلا أن هذه القاعدة لا تنطبق إذا كان الحكم بعد أن أسس إدانة المتهم على رؤية شاهد إياه في مكان الحادث يعتدي على اثنين من المجني عليهم عاد فنفى حضوره في مكان الحادث وقت أن أصيب جميع المصابين وأسس على ذلك قضاءه ببراءة متهم آخر, فإن هذا تخاذل وتناقض يعيبان الحكم بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: (1) عبد الموجود عبد الله و(2) محمد عبد الموجود عبد الله (الطاعن) بأنهما بزمام ناحية تيدة مركز أخميم مديرية جرجا. الأول - ضرب عبد العال حسنين عمداً على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلفت لديه بسببها عاهة مستديمة وهي فقد جزء من عظام القبوة مساحته 5 × 7 سنتيمتر من شأنه أن يجعل المخ أكثر تأثراً بالإصابات الخارجية والتغييرات الجوية ويعرض المجني عليه مستقبلاً لالتهابات المخ والصرع وغيرها وينقص من كفاءته على العمل بنحو من 30 - 35 % - والثاني - أحدث بعبد الموجود عشيري حسن عمداً الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلفت عن إحداها وهي إصابة الذراع اليمنى عاهة مستديمة هي إعاقة جزئية في ثني المرفق الأيمن وفي حركة كب الساعد الأيمن من شأنها أن تقلل من كفاءته على العمل بنحو 12% والأول أيضاً. أحدث بالضبع عبد الرحيم الجلوى عمداً الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد عن العشرين يوماً. والثاني - أحدث بعبد العال حسنين عمداً باقي إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي عدا إصابة الرأس والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد عن عشرين يوماً, وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادين 240 - 1 و242 - 1 من قانون العقوبات, فقرر بذلك.
وادعى عبد العال حسنين بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات سوهاج قضت أولاً ببراءة المتهم الأول مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وذلك عملاً بالمادة 50 - 2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات. وثانياً - بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن التهمتين معاً وبإلزامه بأن يدفع إلى المدعي بالحقوق المدنية خمسة وعشرين جنيها والمصروفات المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وذلك عملاً بمادتي الاتهام المذكورتين وبالمادتين 17 و32 من قانون العقوبات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل وجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اعتمد في إدانة الطاعن على شهادة حسن عبد الرحيم الخطيب وعقيلة بنت محمد كيلاني ثم عاد فاستبعد شهادتهما حين تحدث عن الأدلة بصدد متهم آخر قضي له بالبراءة, وهذا منه تناقض يعيبه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه حين تحدث عن الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوت التهمة على الطاعن قد اعتمد على شهادة حسن عبد الرحيم الخطيب من أنه رأى الطاعن يعتدي على المجني عليهما بالضرب. وما لبث حين تحدث عن شهادة هذا الشاهد بصدد متهم آخر قضي ببراءته أن قال: "وبسؤال حسن عبد الرحيم الخطيب قرر أن المتهم الأول (الذي قضي الحكم ببراءته) ضرب عبد العال بماسورة من الحديد فأصابه في رأسه ويكذب هذا الشاهد في هذا الخصوص المجني عليه نفسه الذي قرر أن هذا الشاهد حضر بعد إصابتهم فوجدهم مضروبين", ثم اطرح أقواله وأقوال الشاهدة عقيلة محمد كيلاني في شأن هذا المتهم للتناقض في أقوالهما, مع أنه اعتمد على أقوالهما في إدانة الطاعن.
وحيث إنه وإن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد على قول للشاهد, وأن تطرح قولاً آخر له, إلا أن هذه القاعدة لا يمكن تطبيقها على ما جاء بالحكم عن شهادة حسن عبد الرحيم الخطيب, ذلك لأنه بعد أن أسس إدانة الطاعن على رؤية هذا الشاهد إياه في مكان الحادث يعتدي على المجني عليهما, عاد فنفى حضوره في مكان الحادث وقت أن أصيب جميع المصابين, وأسس على ذلك قضاءه ببراءة متهم آخر وهذا منه تناقض وتخاذل يعيبانه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن, ونقض الحكم المطعون فيه.