أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 195

جلسة 25 من فيراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(43)
الطعن رقم 120 لسنة 44 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". تحقيق. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى بعدم مواجهة الطاعن باحراز المضبوطات فى بده استجوابه. فى غير محله ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة المضبوطات. المجادلة فى ذلك أمام النقض لا تجوز.
(2) مأمور الضبط القضائى. مواد مخدرة.
ضباط مكافحة المخدرات. من مأمورى الضبط القضائى فى تنفيذ أحكام قانون المخدرات.
(3) مواد مخدرة. تحقيق. "إجراءات التحقيق". محكمة الوضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
اطمئنان المحكمة إلى سلامة إجراءات ضبط المخدر داخل جسم الطاعن وإلى شهادة الطبيب الذى استخرج المخدر من جسمه. كفايته ردا على الدفاع بأن إخفاء القدر المضبوط من المخدر داخل جسم الطاعن لا يستساغ عقلا. (4) نقض "المصلحة فى الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". تفتيش. "الدفع ببطلان التفتيش". جلب.
إنتفاء مصلحة الطاعن فى التمسك ببطلان إجراءات تفتيشه بالمستشفى. ما دام لم يكن للمخدر المستخرج من جسمه أثر فى وصف التهمة التى دين بها وما دام الحكم قد أثبت مسئوليته كذلك عن جلب المخدر المضبوط فى حقيبته.
1 - الأمر فى شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة يرجع إلى محكمة الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من أنه لم يواجه بالإحراز فى اليوم الأول لاستجوابه واحتمال العبث بها وأسس الحكم التفاته عن هذا الدفع على أن الثابت من الأوراق أن الطاعن ووجه بالاحراز وأنه اعترف فى تحقيقات النيابة بضبط الكرتون المحتوى على المادة السمراء اللون معه وأن المحكمة اطمأنت إلى سلامة الإحراز، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا وينحل إلى مجادلة موضوعية مما لا يجوز التحدى بها أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن ضباط مكافحة المخدرات من رجال الضبط القضائى فيما يتعلق بتنفيذ أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات.
3 - متى كان الحكم قد رد، على دفاع الطاعن من أنه لا يستساغ عقلا أن يخفى فى شرجه كمية المخدر المضبوطة، بأنه يطمئن إلى سلامة إجراءات ضبط المخدر. الذى تم بواسطة طبيب المستشفى الذى شهد فى التحقيقات باستخراجه الخابورين المحتويين على مخدر الأفيون من شرج الطاعن، لا يتنافى مع الاقتضاء العقلى وطبيعة الأمور، فإن دفاع الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع.
4 - لا مصلحة للطاعن فى التمسك ببطلان إجراءات التفتيش الذى تم فى المستشفى لأنه لم يكن. لإحراز المخدر المستخرج فيه أثر فى وصف التهمة التى دان بها الطاعن ويبقى الوصف سليما حتى مع التسليم بأنه لم يكن محرزا له لما أثبته الحكم مسئولية الطاعن عن جلب المخدر المضبوط فى حقيبته.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 24 أغسطس سنة 1971 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة (أولا) جلب جوهرين مخدرين (أفيونا و حشيشا) إلى جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الإدارية المختصة. (ثانيا) شرع فى تهريب البضائع المبينة بالتحقيقات بأن أحضرها معه عند قدومه من الخارج وحاول إدخالها إلى جمهورية مصر العربية بطريق غير مشروع وبالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة ودون أن يوضحها بالإقرار المقدم منه إلى السلطات الجمركية، وكان ذلك بقصد التخلص من أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبسا بها. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت فى الدعوى حضوريا بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1972 عملا بالمواد 1/ 1 و 2و 3و 33/ أ و36و 42 من القانون 182 سنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند أ و 12 من الجدول رقم 1 المرافق والمواد 5 و13و18و30 و121و122و132من القانون رقم 66 سنة 1963 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وإلزامه بأن يدفع لمصلحة الجمارك مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى جلب جواهر مخدرة إلى جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الإدارية المختصة والشروع فى تهريب بضائع ممنوعة قد شابه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على الاخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول فى قضائه على ما أدلى به شهود الإثبات من رجال مصلحة الجمارك فى التحقيقات من رؤيتهم للطاعن يلقى بقطع الكرتون المحتوية على المخدر على الرغم من تناقض أقوالهم فى صدد هذه الواقعة الجوهرية التى لها أثرها فى ثبوت توافر علم الطاعن بأن ما يحمله مخدرا وقد نفى الطاعن أن قطع الكرتون المشار إليها هى بعينها التى كانت فى حوزته، كما أنه على الرغم من التراخى فى إرسال الإحراز للنيابة العامة إلى ما بعد استجواب الطاعن وإثارة الدفاع بطلان إجراءات التحرى فقد التفت الحكم عن هذا الدفاع وأبدى اطمئنانه إلى سلامة تلك الإجراءات دون أن يفصح عن العناصر التى استمد منها هذا الاطمئنان، وكذلك أطرح الحكم دفاع الطاعن المؤسس على بطلان الإجراءات التى باشرها الضابط................ خارج المنطقة الجمركية وتفتيشه شخص الطاعن وزعمه أن هذا التفتيش تم بإذن من النيابة العامة برغم خلو الأوراق مما يفيد صدور هذا الإذن. وأخيرا فقد اطمأن الحكم إلى التصوير الذى قال به طبيب المستشفى عن كيفية إخفاء المخدر بجسم الطاعن مع مجافاته لطبيعة الأمور وسكت عن تحقيق ما أثاره الدفاع فى هذا الشأن – كل ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما والأدلة السائغة على ثبوتهما فى حقه عرض لما أثاره الدفاع من تناقض الشهود فى تصويرهم لواقعة الضبط وإلقاء الطاعن لأوراق الكرتون على الأرض ورد عليه فى قوله "وحيث إن هذا الدفاع مردود بأن الشهود لم يتناقضوا فى أقوالهم كما ذهب الدفاع بالنسبة لواقعة إلقاء المخدر على الأرض إذ الثابت أن هذه الواقعة قد رددها شاهد الإثبات الأول فى أقواله بمحضر تحقيق النيابة ورددها كذلك فى شهادته بالجلسة أمام المحكمة فضلا عن أنه لم يثبت كذلك أن الضابط تناقض فى روايته التى أدلى بها للنيابة فى تحقيقها وتلك التى أدلى بها للمحكمة، وحتى ولو فرض وكان ثمة تناقض فى ذلك، فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر فى الدليل المستمد من أقوال الشهود على ثبوت التهمة الأولى المستمدة إلى المتهم لأنهم أجمعوا فى روايتهم على توافر الواقعة الأساسية الخاصة بضبط المخدر بحقيبة المتهم، فضلا عن أن هذه الواقعة قد توافر الدليل عليها أيضا من اعتراف المتهم بها فى محضر النيابة". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فى رده على هذا الدفاع من وقائع الدعوى وأقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن فى التحقيقات – التى لم يجادل الطاعن فى أسباب طعنه فى أنها ترتد إلى أصول ثابته فى الأوراق – كافيا فى الدلالة على ما انتهى إليه من ضبط المخدر داخل حقيبة الطاعن فإن ما يثيره فى هذا الشأن يكون غير سديد ولا يعدو ن يكون جدلا فى موضوع الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من أنه لم يواجه بالإحراز فى اليوم الأول لاستجوابه به واحتمال العبث بها وأسس الحكم التفاته عن هذا الدفاع على أن الثابت من الأوراق أن الطاعن ووجه بالإحراز وأنه اعترف فى تحقيقات النيابة بضبط الكرتون المحتوى على المادة السمراء اللون معه وأن المحكمة اطمأنت إلى سلامة الإحراز، وكان الأمر فى شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة يرجع إلى محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة إجراءات التحريز فإن ما يثيره الطاعن وفى هذا الخصوص لا يكون مقبولا وينحل إلى مجادلة موضوعية مما لا يجوز التحدى بها أمام محكمة النقض. أما ما يثيره الطاعن فى شأن بطلان الإجراءات التى باشرها الضابط .......... وأسفرت عن ضبط المخدر مخفى فى جسم الطاعن واستخراجه فى المستشفى فمردود بما أورده الحكم أنه "أما عن الإدعاء ببطلان الضبط الحاصل بالمستشفى فمردود ما ثبت من التحقيقات من سبق الحصول على إذن من النيابة بحصول هذا الإجراء وما صاحبه من ضبط فضلا عما ثبت من أن المتهم سلم إلى الضابط من رجال الجمارك مقبوضا عليه قبضا قانونيا ومتى كان مقبوضا عليه قانونا فإنه يحق للضابط تفتيشه وضبط ما عساه يكون فى حيازته من مواد مخدرة عملا بنص المادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية بغير إذن من النيابة "وما أورده الحكم فيما سلف يتفق وصحيح القانون كما أنه من المقرر أن ضباط مكافحة المخدرات – ومنهم الضابط المذكور - من رجال الضبط القضائى فيما يتعلق بتنفيذ أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات ومن ثم فلا محل لتعيب الحكم فى هذا الشأن. أما ما يثيره الطاعن من أنه لا يستساغ عقلا أن يخفى فى شرجه كمية المخدر المضبوطة فإن ما رد به الحكم من اطمئنانه إلى سلامة إجراءات ضبط المخدر الذى تم بواسطة طبيب المستشفى الذى شهد فى التحقيقات باستخراجه الخابورين المحتويين على مخدر الأفيون من شرج الطاعن لا يتنافى مع الاقتضاء العقلى وطبيعة الأموروينحل دفاع الطاعن فى هذا الصدد إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع، هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فى التمسك ببطلان إجراءات التفتيش الذى تم فى المستشفى لأنه لم يكن لإحراز المخدر المستخرج فيه أثر فى وصف التهمة التى دان بها الطاعن ويبقى الوصف سليما حتى مع التسليم بأنه لم يكن محرزا له لما أثبته الحكم مسئولية الطاعن عن جلب المخدر المضبوط فى حقيبته – لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.