أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 14 - صـ 521

جلسة 11 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري.

(101)
الطعن رقم 2826 لسنة 32 القضائية

( أ ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". تهديد.
طلب الدفاع ضم قضية. لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً. ما دام الدليل الذي قد يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدى إلى البراءة أو ينفى القوة التدليلية القائمة في الدعوى. مثال.
(ب) خبرة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع سلطة المفاضلة بين تقارير الخبراء والأخذ منها بما تراه واطراح ما عداها. علة ذلك: تعلق هذا الأمر بسلطتها في تقدير الدليل. لا معقب عليها فيه. مثال.
(ج) تهديد. "أركانه". "قصد جنائي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التهديد. توافره: متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه، وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب. لا يلزم أن يكون المتهم قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً. ولا حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه.
التحدث استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة التهديد. لا يلزم. يكفى أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة.
إغفال التحدث عن أثر التهديد في نفس المجني عليه وما يثار من أن المتهم لم يكن جاداً في تهديده. لا يعيب الحكم.
(د، هـ) استئناف. دعوى مدنية. دعوى جنائية. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". " الخطأ في تطبيق القانون". قوة الشيء المقضي. إحالة.
(د) استئناف المتهم الحكم الصادر ضده في الدعوى المدنية وحدها. خضوعه للقواعد المدنية فيما يتعلق بالنصاب الانتهائي للقاضي الجزئي.
استئناف المتهم الحكم الصادر ضده في الدعويين الجنائية والمدنية - أيا كان مبلغ التعويض المطالب به - لا يجوز قبول الاستئناف بالنسبة لإحداهما دون الأخرى. علة ذلك: تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية، ولما في ذلك من التجزئة.
مجانية المحكمة الاستئنافية في قضائها لهذا النظر. خطأ في القانون يستوجب نقض الحكم وتصحيحه.
(هـ) القضاء برفض الطعن في شقة الخاص بالدعوى الجنائية. من شأنه أن يجعل القضاء بالعقوبة نهائياً. للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به عند نظر الدعوى المدنية، فيما يتعلق بموضوع الجريمة وبوصفها الجنائي ونسبتها إلى فاعلها. لا جدوى للطاعن من القضاء بالإحالة بالنسبة إلى الدعوى المدنية - اكتفاء بتصحيح الحكم. طالما أن التعويض المحكوم به قرش صاغ واحد.
1- طلب الدفاع ضم قضية لا يستلزم من المحكمة عند رفضه رداً صريحاً ما دام الدليل الذي قد يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدى إلى البراءة أو ينفى القوة التدليلية القائمة في الدعوى. ولما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية ومما يسلم به الطاعن في وجه طعنه أن طلب ضم القضية إنما قصد به إثبات انتفاء الباعث لديه على تهديد المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن بصدد الإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه. ولما كان الثابت أن المحكمة أخذت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير للأسانيد التي بني عليها ولما تبينته بنفسها مما يتفق مع الرأي الذي انتهى إليه هذا التقرير، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن طلب إلى المحكمة استدعاء خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير والخبير الإستشاري لمناقشتهما، كما لم يطلب الاستعانة بخبير ثالث مرجح، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هي أطرحت تقرير الخبير الإستشارى ولم تستعن بخبير ثالث، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور لهذا السبب غير سديد.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب، وذلك بغض النظر عما إذا كان قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلا ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه. ولا يلزم التحدث استقلالا عن هذا الركن بل يكفى أن يكون مفهوما من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها، كما لا يعيب الحكم إغفال التحدث عن أثر التهديد في نفس المجني عليه وما يقال من أن المتهم لم يكن جاداً في تهديده.
4 - مفاد نص المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية أن استئناف المتهم للحكم الصادر ضده بالتعويض يخضع للقواعد المدنية فيما يتعلق بالنصاب الانتهائى للقاضي الجزئي إذا كان قاصراً على الدعوى المدنية وحدها، أما إذا استأنف المتهم الحكم الصادر ضده في الدعويين الجنائية والمدنية - أيا كان مبلغ التعويض المطالب به، فلا يجوز - لكون الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية - قبول الاستئناف بالنسبة إلى إحداهما دون الأخرى لما في ذلك من التجزئة. ومن ثم فإن قضاء المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف المرفوع من المتهم عن الحكم الصادر ضده في الدعوى الجنائية لرفعه عن حكم جائز استئنافه - وبعدم جواز استئنافه لهذا الحكم في الدعوى المدنية على أساس أن مبلغ التعويض المطالب به لا يزيد عن النصاب النهائي للقاضي الجزئي يكون معيباًً بالخطأ في القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه والحكم بقبول استئناف المتهم في الدعوى المدنية.
5 - القضاء برفض الطعن في شطره الخاص بالدعوى الجنائية من شأنه أن يجعل القضاء بالعقوبة نهائياً، بحيث يكون للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به عند نظر الدعوى المدنية فيما يتعلق بموضوع الجريمة بوصفها الجنائي ونسبتها إلى فاعلها. ومن ثم فإنه لا جدوى للطاعن من القضاء بالإحالة بالنسبة إلى الدعوى المدنية - اكتفاء بتصحيح الحكم - طالما أن التعويض المحكوم به هو قرش صاغ واحد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 24/ 12/ 1959 بدائرة بندر الفيوم: "هدد نعيمة علي صالح كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس معاقب عليها بالقتل وكان التهديد مصحوباً بطلب وذلك بأن أرسل إليها خطاباً بطريق البريد يهددها فيه هي وأولادها بالقتل إذ لم تقم ببيع منزلها وتخرج منه في خلال أسبوع". وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 327/ أ من قانون العقوبات. وأمام غرفة الاتهام ادعت المجني عليها بحق مدني قبل المتهم بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1960 قررت الغرفة إحالته إلى محكمة الجنح لمحاكمته على أساس عقوبة الجنحة. ومحكمة جنح بندر الفيوم قضت حضوريا بتاريخ 30/ 4/ 1961 عملاً بمادة الاتهام: أولاً - في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 100 قرش لوقف التنفيذ. ثانيا - في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 25/ 10/ 1961 بالنسبة للدعوى الجنائية بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية وذلك عملا بالمادتين 55، 66 من قانون العقوبات. وثانيا - بالنسبة للدعوى المدنية عدم جواز الاستئناف لقلة النصاب وألزمت المتهم بمصاريف الدعوى المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من أوجه الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك أن الدفاع عن الطاعن طلب بجلسة 25/ 10/ 1961 ضم القضية رقم 3015 سنة 1959 جنح بندر الفيوم التي دينت فيها المدعية بالحق المدني بجريمة دخول عقار في حيازة والدة الطاعن وذلك للتدليل على انتفاء الباعث لديه على إرسال خطاب التهديد للمدعية بالحق المدني ما دام العقار في حيازة والدته ولكن المحكمة لم تجب الدفاع إلى طلبه مع أهميته ولم تعرض له بالرد - كما أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه مع قصوره في بيان علة ترجيح تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير على تقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن. هذا إلى أن المحكمة اعتمدت في الترجيح على ما رأته من تشابه بضعة كلمات من خطاب التهديد مع خط الطاعن وبذلك تكون قد أقحمت نفسها في مسائل فنية بحته وكان الأحرى بها أن تستعين بخبير ثالث مرجح. وأخيراً فإن الحكم لم يتحدث عن القصد الجنائي لجريمة التهديد المصحوب بطلب التي دان بها الطاعن. على أن هذا القصد لا يتوافر إلا إذا كان التهديد جدياً من شأنه إلقاء الرعب في نفس المجني. بينما الظاهر من عبارات خطاب التهديد أن مرسله ليس جاداً في تهديده فضلاً على أن إفصاحه لشخصيته كفيل بأن يمحو كل أثر للخطاب في نفس المجني عليه.
وحيث يبين من مطالعة الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه في يوم 24/ 12/ 1959 بدائرة بندر الفيوم. هدد نعيمة علي صالح بالقتل وكان التهديد مصحوباً بطلب وذلك بأن أرسل إليها خطاباً بطريق البريد يهددها فيه هي وأولادها بالقتل إذا لم تقم ببيع منزلها وتخرج منه خلال أسبوع. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لنص المادة 327/ أ من قانون العقوبات. وأمام غرفة الاتهام ادعت المجني عليها ضده بحق مدني قدره قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. وقررت غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنحة المختصة لمعاقبته على أساس عقوبة الجنحة. وقضت محكمة أول درجة حضورياً: أولاً: في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم. وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بالنسبة للدعوى الجنائية بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم. وبالنسبة للدعوى المدنية بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب وألزمت المتهم بمصاريف الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في شقة الجنائي بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في أن المجني عليها نعيمة على صالح أبلغت عن ورود خطاب إليها بطريق البريد مذيل باسم الطاعن يهددها فيه مرسله بقتلها وبقتل أولادها إذا لم تبع منزلها في ظرف أسبوع وتغادر الحي الذي تقيم فيه. وإذ سئلت رددت فحوى بلاغها وتوجهت بالاتهام للطاعن بسبب صدور حكم لصالحها في نزاع حول ميراث بينها وبين والدته. وقد أنكر الطاعن ما أسند إليه وآزرته والدته التي ذكرت بأن المجني عليها استولت بالقوة على حصة لها في منزل وأنها ضبطت عن ذلك واقعة مازالت معروضة على القضاء للفصل فيها. ويبين من الاطلاع على خطاب التهديد أنه مذيل بتوقيع "البطل إسحاق" وأنه يحوى تهديداً للمجني عليها بقتلها وقتل أولادها إن لم تبع منزلها وتبارح الحي الذي تقيم فيه. وثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن هذا الخطاب محرر بخط الطاعن. وأستند الحكم في الإدانة إلى شهادة المجني عليها وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. لما كان ما تقدم، وكان الظاهر من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية ومما يسلم به الطاعن في وجه طعنه أن طلب الدفاع ضم قضية الجنحة رقم 3015 سنة 1959 بندر الفيوم إنما كان لإثبات أن ثمة منازعة قائمة بين المدعية بالحق المدني ووالدة الطاعن وأن المنزل محل النزاع في حيازة هذه الأخيرة مما يدل على انتفاء الباعث لديه على تهديد المجني عليها - وكان هذا الطلب لا يستلزم من المحكمة عند رفضه رداً صريحاً ما دام الدليل الذي قد يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدى إلى البراءة أو ينفى القوة التدليلية القائمة في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن بصدد الإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في شقه الجنائي بالحكم المطعون فيه قد عرض لتقرير قسم أبحاث التزوير والتزييف فقال ما نصه "... وحيث إن المحكمة بعد مطالعتها لخطاب التهديد وورقة استكتاب المتهم ترى الأخذ بما انتهى إليه قسم أبحاث التزييف والتزوير وأن خطاب التهديد محرر بخط المتهم وذلك للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها المحكمة لما استبانته المحكمة من مطالعة خطاب التهديد وورقة الاستكتاب من اتفاقهما من حيث المنظر العام والمميزات على وجه الخصوص في كلمات "تطلعي - بضعه - ظرف - فأبشري أولادك - وأنتم - أمام - " ومتى انتهت المحكمة إلى أن خطاب التهديد محرر بخط المتهم وكان يتضمن تهديداً بالقتل ومصحوباً بطلب فإنه يتعين عقابه طبقاً لنص المادة 327/ 1 من قانون العقوبات" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه - وكان الثابت مما تقدم أن المحكمة أخذت بتقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير للأسانيد التي بني عليها ولما تبينته بنفسها مما يتفق مع الرأي الذي انتهى إليه هذا التقرير - وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن طلب إلى المحكمة استدعاء خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير والخبير الاستشاري لمناقشتهما كما لم يطلب الاستعانة بخبير ثالث مرجح. لما كان ما تقدم، فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هي أطرحت تقرير الخبير الاستشاري ولم تستعن بخبير ثالث. ومن ثم يكون النعي بالقصور لهذا السبب غير سديد. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه - في شقه الجنائي - بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة التهديد المصحوبة بطلب التي دان الطاعن بها. وكان لا يعيبه إغفال التحدث عن أثر التهديد في نفس المجني عليها وعما قيل من أن الطاعن لم يكن جاداً في تهديده كما لا يعيبه عدم التحدث عن القصد الجنائي استقلالاً. ذلك أن من المقرر أن القصد الجنائي في تلك الجريمة يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليها وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابة الطلب وذلك بغض النظر عما إذا كان قد قصد إلى تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليها - كما أن من المقرر أنه لا يلزم التحدث استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة التهديد بل يكفى أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أورداها. ومن ثم يكون النعي بالقصور في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعدم جواز استئناف المتهم عن الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة في شقه المدني على أساس أن مبلغ التعويض لا يزيد على النصاب النهائي للقاضي الجزئي - ذلك أن الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية وبالتالي فلا يجوز الاستئناف بالنسبة للثانية وعدم قبوله بالنسبة للأولى.
وحيث إنه لما كانت المادة 403 من قانون الإجراءات تنص على أنه "يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية في المخالفات والجنح من المدعي بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها أو المتهم فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم به القاضي الجزئي نهائياً". وكان البادي من عبارة النص أن استئناف المتهم للحكم الصادر ضده بالتعويض يخضع للقواعد المدنية فيما يتعلق بالنصاب الانتهائى للقاضي الجزئي إذا كان قاصراً على الدعوى المدنية وحدها. أي في حالة الحكم ببراءته وإلزامه بالتعويض أما فيما عدا ذلك فإنه إذا استأنف المتهم الحكم الصادر عليه من المحكمة الجزئية في الدعويين الجنائية والمدنية أيا كان مبلغ التعويض المطالب به فلا يجوز - لكون الدعوى المدنية تابعة للدعوى الجنائية - قبول الاستئناف بالنسبة إلى إحداهما دون الأخرى لما في ذلك من التجزئة - لما كان ذلك، فإن قضاء المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف المرفوع من المتهم عن الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة في الدعوى الجنائية لرفعه عن حكم جائز استئنافه - وبعدم جواز استئناف المتهم لهذا الحكم في الدعوى المدنية على أساس أن مبلغ التعويض المطالب به لا يزيد عن النصاب النهائي للقاضي الجزئي، يكون معيباً بالخطأ في القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه والحكم بقبول استئناف المتهم في الدعوى المدنية - لما كان ما تقدم، وكان القضاء برفض الطعن في شطره الخاص بالدعوى الجنائية من شأنه أن يجعل القضاء بالعقوبة نهائياً بحيث يكون للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به عند نظر الدعوى المدنية فيما يتعلق بموضوع الجريمة وبوصفها الجنائي ونسبتها إلى فاعلها فإنه لا جدوى للطاعن في خصوص واقعة الدعوى - من القضاء بالإحالة - بالنسبة إلى الدعوى المدنية اكتفاء بتصحيح الحكم.