أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة الثانية - صـ 1132

جلسة 22 من مايو سنة 1951
(413)
القصية رقم 235 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك, وحسن إسماعيل الهضيبي بك, وفهيم إبراهيم عوض بك، وإبراهيم خليل بك المستشارين.
تقليد أوراق العملة:
( أ ) يكفي أن يكون ثمة مشابهة بين الصحيح والزائف. كون التقليد ظاهراً. لا يؤثر.
(ب) الإعفاء من العقوبة. شرطه أن يكون الجاني قد أرشد عمن يعرفه من الجناة الآخرين.
1 - يكفي للعقاب على تقليد أوراق العملة أن تكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح. ولا يقدح في ذلك أن يكون التقليد ظاهراً ما دامت المحكمة قد قدرت أنه من شأنه أن يخدع الناس وأنه قد خدعهم فعلاً.
2 - إن شرط الإعفاء من العقوبة في جريمة تقليد أوراق العملة أن يكون الجاني قد أرشد عمن يعرفه من باقي الجناة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - عبد العزيز محمد عثمان و2 - سعد محمد عثمان و3 - لبيب رزق الله عبد الملك (الطاعنين الأول والثاني والثالث) 4 - أحمد قناوي أبو العلا 5 - أحمد رأفت علي 6 - محمد مصطفى محمد (الطاعن الرابع) 7 - محمد حسين أحمد بلابل 8 -حسين محمد حسين أحمد بلابل الشهير بحسني بأنهم بعزبة محمد أسعد التابعة لناحية قصر بغداد مركز تلا مديرية المنوفية وبمدينة القاهرة الأربعة الأولون قلدوا أوراقاً من أوراق العملة المصرية من فئة العشرة قروش صادرة من خزينة الحكومة بمقتضى القانون رقم 50 لسنة 1945 بأن أعدوا لذلك أوراقاً من نوع خاص بحجم الأوراق الأصلية وكذلك آلات للطباعة وأحبار مختلفة وأكليشهات وقام الثلاثة الأولون بطبع عدة آلاف من هذه الأوراق المقلدة تحاكي أوراق النقد الصحيحة وأمدهم المتهم الرابع بالمال اللازم لشراء الأوراق والآلات وغيرها مما قد يلزم لإتمام هذا العمل. والمتهم الرابع أيضاً مع باقي المتهمين استعملوا هذه الأوراق المقلدة مع علمهم بتقليدها بان تعاملوا بها في السوق العامة على أنها أوراق صحيحة واستبدلوا بعضها بأوراق النقد المتداولة قانوناً. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 206 - 1 - 6 من قانون العقوبات. فقرر بذلك, ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت عملاً بمادة الاتهام بالنسبة إلى المتهمين عبد العزيز محمد عثمان وسعد محمد عثمان ولبيب رزق الله عبد الملك ومحمد مصطفى محمد (الطاعنين) أولاً - بمعاقبة كل من الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين ومعاقبة الرابع بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين. وثانياً - ببراءة باقي المتهمين مما أسند إليهم عملاً بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات. وثالثاً - مصادرة الآلات والأدوات والأوراق المضبوطة التي استعملت أو أعدت للاستعمال في الجريمة أو تحصلت منها. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعن الرابع وإن قرر الطعن في الحكم إلا أنه لم يقدم أسباباً له فطعنه لا يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن طعن الطاعنين الآخرين قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين "بتقليد أوراق من أوراق العملة المصرية من فئة العشرة قروش الصادرة من خزينة الحكومة" جاء باطلاً لخطئه في تطبيق القانون ولقصوره وإخلاله بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول الطاعن الأول إن ما أسند إليه لا يعدو كونه من الأعمال التحضيرية إذ لم تكن الأوراق قد تم صنعها ثم إنه قد اعترف وكان من شأن هذا الاعتراف تسهيل القبض على باقي المتهمين مما كان مقتضاه إعفاؤه من العقاب عملاً بالمادة 210 من قانون العقوبات كما أنه دافع بأنه لا يبين من تقرير قسم التزييف والتزوير أن الأوراق المضبوطة بالعزبة التي كان بها مطابقة للأوراق المتداولة بالقاهرة وطلب تحقيقاً لذلك استدعاء الطبيب الشرعي لإجراء المضاهاة إلا أن المحكمة لم تجب الطلب ولم ترد عليه. ويقول الطاعن الثاني إنه دافع بأن لا شأن له في الأمر وأنه إنما كان في زيارة شقيقه الطاعن الأول واستند إلى أقوال هذا الأخير وأقوال باقي المتهمين بالجلسة إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بناءً على ضبطه مع الأول في مكان واحد واعتراف المتهمين الآخرين عليه ووجود ملابس وأوراق له في المسكن ولما ذكره الطبيب الشرعي عن الآثار التي وجدت بأظافره مع أن هذا الذي أوردته المحكمة لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها كما أنها لم توضح الاعتراف الذي أشارت إليه ولم تتصد لما وقع من هؤلاء المتهمين من إنكار بالجلسة ولأن تقرير الطبيب الشرعي إنما جاء على سبيل الاحتمال مما لا يصح أن تقام عليه الأحكام فضلاً عن أنه لم يبين ما إذا كانت الأحبار المضبوطة مما تدخل في صناعة الأوراق التي تم صنعها وترويجها أو في صناعة الأوراق الأخرى التي لم يتم صنعها والتي ضبطت في السكن الذي وجد هو فيه مصادفة. ويقول الطاعن الثالث إنه دافع بأن الواقعة بالنسبة إليه لا تكون جريمة تامة بل هي من قبيل الأعمال التحضيرية التي لا عقاب عليها إذ أن الأوراق المضبوطة بالمسكن كانت غير كاملة ينقصها الكثير مما لا يمكن معه أن يخفى شأنها على الناس كورقة للتداول من فئة العشرة قروش ولكن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفاع وأوردت لذلك أسباباً مبناها مجرد الاحتمال. ومن جهة أخرى فهي إن صحت في حق المتهمين الآخرين الذين روجوا الأوراق المزيفة فإنها غير صحيحة بالنسبة إليه هو, لأن ما ضبط بالسكن لم يكن قد تم تقليده بل كان ينقصه الكثير ولم يثبت بطريقة قاطعة أن الأوراق كلها طبعت بالأكليشهات والأحبار المضبوطة لديه بل ذكرت المحكمة ذلك عن طريق الاحتمال لا على سبيل اليقين. ويضيف الطاعنون أن الطبيب الشرعي قد أبان حالة الأوراق المضبوطة وذكر ما بها من شوائب تجعلها بعيدة عن أن تكون شبيهة بالورقة الصحيحة وهذا يجعل أمرها ظاهراً لا يمكن أن يكون محل خدعة فلا ينطبق على الفعل حكم المادة 206 من قانون العقوبات التي لا تعاقب إلا على التقليد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وتعرض لدفاع الطاعنين وفنده. ولما كان الأمر كذلك وكان ما أوردته المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً أمام محكمة النقض إذ لا يخرج في حقيقته عن محاولة المجادلة في تقدير الأدلة في الدعوى ومبلغ الاطمئنان إليها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه. هذا ولا محل أيضاً لما قالوه عن حكم ما ضبط غير كامل التقليد أو أثر ما شوهد بالأوراق من شوائب ما دام أن المحكمة قد استظهرت أن الأوراق كلها - سواء ما ضبط بالقاهرة أو بغيرها من صنع الطاعنين. كما أنه يكفي للعقاب على التقليد أن يكون هناك مشابهة بين الصحيح وغير الصحيح ولا يقدح في ذلك كون التقليد ظاهراً ما دامت المحكمة قد قدرت أنه من شأنه أن يخدع الناس وأنه قد خدعهم فعلاً - أما ما يقوله الطاعنان الأول والثالث عن الإعفاء من العقوبة فمردود بما أورده الحكم من أن القبض كان عن غير سبيل اعترافهما مما لا محل معه للإعفاء كما أن شرط هذا الإعفاء من العقوبة أن يكون الجاني قد أرشد عمن يعرفه من باقي الجناة وهو ما لم يحصل من الطاعنين. أما ما يقوله الطاعن الأول عن استدعاء الطبيب الشرعي للمضاهاة فلا وجه له ما دامت المحكمة قد استظهرت أن الأوراق جميعها سواء منها ما كمل تقليده وروج أو لم يروج وسواء منها ما قلد جزئياً وما ضبط بالقاهرة أو بمسكن المتهمين متماثلة طبعت كلها بالأكليشهات والأحبار المضبوطة على ما هو ثابت بالتقارير الفنية على التفصيل الذي أوردته.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.