أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 483

جلسة 7 من مايو سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وأحمد زكى كامل المستشارين.

(133)
القضية رقم 329 سنة 27 القضائية

قتل عمد. نية القتل. حكم " تسبيب كاف". مثال لكفاية استخلاص نية القتل.
استخلاص المحكمة نية القتل من ظروف الدعوى وملابساتها ومن حداثة سن المجنى عليه ومرضه وهزاله ومن ضربه بشدة وعنف بحذاء خشبى ضربات متوالية فى مواضع قاتلة من جسمه الضئيل واستمرار المتهمة فى الضرب إلى أن حضرت الشاهدة وانتزعت المجنى عليه منها، هو استخلاص سائغ سليم يكفى فى إثبات توافر نية القتل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها قتلت شوقى محمد يوسف عمدا ومع سبق الإصرار بأن بيتت النية على قتله وأمسكت به ودفعت رأسه على الأرض بقوة عدة مرات قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمادتين 230، 231 عقوبات فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 عقوبات بمعاقبة المتهمة عائشة محمد خليل بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

..... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم شابه القصور فى بيان نية القتل، ذلك بأنه لم يعن باستظهار القصد الخاص فى جناية القتل العمد وإيراد الدليل على توافره، اكتفاء بعبارات عامة لا تؤدى إلى ثبوت هذا القصد مما يقتضى اعتبار الواقعة ضربا أفضى إلى موت، سيما وقد أثبت الطبيب الشرعى فى تقريره أن المجنى عليه مصاب بكساح قديم بالعظام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه " خرجت المتهمة عائشة محمد خليل " الطاعنة" صباح يوم الحادث لزيارة مأذون البلدة ولما أن كان المجنى عليه شوقى محمود يوسف ابن زوجها وهو طفل حدث يقيم معها فى كنف والده هو وشقيقه الأكبر أنور محمود يوسف لسبب طلاق والدتهما حميده منذ زمن طويل وكان هذا الأخ الأكبر خارج الدار وقتئذ فقد تركت المتهمة عائشة محمد خليل المجنى عليه الطفل شوفى عند لطيفه حسن مهران زوجة عمه كامل يوسف التى تقيم معها فى المنزل، وبعد أن عادت من زيارتها لم تجد الطفل ولا زوجة عمه لطيفه واستبان أن هذه الأخيرة فى زيارة والدها الذى يقيم فى منزل مجاور لهم ولا يفصلهم عنه غير سياج من البوص فنادت وهى فى منزلها على الطفل فأجابتها زوجة عمه أنه موجود لديها وطلبت إليها أن تتركه معها حتى عودتها، لكن المتهمة أصرت على عودته إليها، ولما كانت هناك فرجة بالحائط الذى يفصل المنزلين تسمح بمرور الطفل منها فقد حملته زوجة عمه لطيفه وسلمته للمتهمة، وبعد برهة سمعت لطيفة حسين مهران صوت ارتطام بالأرض فى منزلها الذى تساكنها فيه المتهمة فتوقعت شرا وجاءت منزلها بسرعة لتتعرف سبب هذا الارتطام فألفت المتهمة عائشة محمد خليل تضرب المجنى عليه شوقى محمود يوسف بحذاء خشبى " قبقاب" وكان الطفل مسجى على الأرض على ظهره فحاولت منعها من مواصلة اعتدائها على الطفل فنهرتها المتهمة ثم تمكنت من أخذ الطفل وفرشت له حصيرا أرقدته عليه وسقته ماء وبان لها أن الطفل يلفظ أنفاسه الأخيرة ثم قضى نحبه". وبعد أن أورد الحكم على ثبوت هذه الجريمة فى حق الطاعنة أدلة مستمدة من شهادة شهود الإثبات ومعاينة محل الحادث وتقرير الطبيب الشرعى، ذكر ما تضمنه هذا التقرير ومحصله، أن الجثة لغلام يبلغ من العمر حوالى خمس سنوات وبها جروح وسحجات رضية بفروة الرأس وأيمن الجبهة ووحشية الحجاج الأيمن بالصدغ الأيمن وأيمن الضلوع اليمنى أسفل الثدى الأيمن وكدم مقابل أسفل عظمة القص، ودل تشريح الجثة على وجود انسكاب دموى أسفل هذه الإصابة الأخيرة وكسور حولها وانسكابات دموية بالضلعين الخامس والسادس على الجانبين وكدم بأسفل المعدة بمنطقة البواب وأن الوفاة نتجت عن كسور الأضلاع وما صاحبها من صدمة عصبية شديدة، ثم استطرد الحكم من ذلك إلى استظهار نية القتل فقال أنها " ثابتة من ضربات المجنى عليه فى مقتل الرأس والضلوع وأسفل المعدة ضربات متعددة وبشدة بنية إزهاق روح المجنى عليه فأحدثت تلك الضربات من الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته على الأثر". ولما كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى – وملابساتها ومن حداثة سن الطفل المجنى عليه ومرضه وهزاله ومن ضربه بشدة وعنف بحذاء خشبى ضربات متوالية فى مواضع قاتلة من جسمه الضئيل واستمرار الطاعنة فى الضرب إلى أن حضرت الشاهدة لطيفة وانتزعت المجنى عليه منها وهو استخلاص سائغ سليم يكفى فى إثبات توافر نية القتل لدى الطاعنة، فان ما تثيره فى طعنها لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.