أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 187

جلسة 14 من فبراير سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(41)
الطعن رقم 128 لسنة 44 القضائية

(1) نصب. "ركن الاحتيال ". "جريمة". "أركانها".
انتحال صفة غير صحيحة يكفى وحده لقيام ركن الاحتيال فى جريمة النصب المنصوص عليها بالمادة 33 عقوبات. مثال.
(2) انتحال الوظيفة العامة والتداخل فيها. "ركن الاحتيال أو التداخل فى الوظيفة". جريمة. "أركانها".
انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلا فيها على موجب حكم المادة 155 عقوبات ما لم يقترن بعمل يعد افتئاتا عليها. توافره. بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجانى وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها.
(3) إجراءات المحاكمة. محكمة ثانى درجة. "الإجراءات أمامها".
الأصل أن محكمة ثانى درجة إنما تقضى على مقتضى الأوراق ولا تحرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه.
1 - من المقرر أن انتحال صفة غير صحيحة يكفى وحده لقيام ركن الاحتيال – وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعنين انتحال أولهما صفة ضابط المباحث الثانى صفة الشرطى السرى والتوصل بذلك إلى الإستيلاء على نقود المجنى عليه وهو ما تتوافر به عناصر جريمة النصب التى دانهما بها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - من المقرر أن انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلا فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتا عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجانى وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها. وإذ كان ذلك – وكانت المادة 155 من قانون العقوبات لا تعاقب فقط على إجراء عمل من مقتضيات وظيفة عمومية بل تعاقب أيضا من تداخل فى الوظيفة من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة. وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يكتفيا بمجرد انتحال الوظيفة بل طلب الطاعن الأول من المتهم الرابع إبراز بطاقته الشخصية والاطلاع عليها فأخرجها له وتظاهر الطاعن المذكور مع الطاعن الثانى والمتهم الثالث بضبط المجنى عليه ومن معه واصطحابهم إلى قسم الشرطة الأمر الذى حمله على الاعتقاد بأن الطاعنين من رجال الشرطة الذين لهم اتخاذ هذه الإجراءات قانونا وهو ما تتحقق به جريمة التداخل فى الوظيفة المنصوص عليها بالمادة 155 من قانون العقوبات.
3 - الأصل أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم على مقتضى أوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه. وإذ كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن أيا من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات الأمر الذى يستفاد منه أنهما تنازلا عن سماعهم على فرض إبداء هذا الطلب أمام محكمة أول درجة. ومن ثم يكون النعى على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين بأنهم فى يوم 24 مايو سنة 1972 بدائرة قسم المنتزة محافظة الاسكندرية: (أولا) توصلوا إلى الإستيلاء على المبلغ المبين وصفا وقيمة بالمحضر لـ........ وكان ذلك باتخاذ صفة غير صحيحة بأن إدعى الأول أنه ضابط شرطة وادعى الثانى والثالث أنهما شرطيان سريان (ثانيا) المتهمين الأول والثانى والثالث تداخلوا فى وظيفة عمومية دون أن يكون لهم صفة رسمية من الحكومة. وطلبت عقابهم بالمادتين 155و336 من قانون العقوبات ومحكمة المنتزة الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 13 فبراير سنة 1973 عملا بالمادتين بحبس كل المتهمين الثلاثة الأول ستة شهور مع الشغل والنفاذ عن التهمتين وحبس المتهم الرابع ستة شهور مع الشغل والنفاذ. فعارض الطاعنان وقضى فيها بتاريخ 24 من أبريل سنة 1973 بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه مع إلغاء النفاذ وأمرت بكفالة 500 ق خمسمائة قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 11 يونيه سنة 1973 بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتى النصب والتداخل فى وظيفة عمومية، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الواقعة كما أثبتها الحكم لا يعاقب عليها القانون، إذ أن ما وقع من الطاعنين لا يعدو أن يكون مجرد إدعاءات عارية مما يؤدها لا ترقى إلى مرتبة الطرق الاحتيالية، كما أنهما لم يأتيا عملا أو يتخذا مظهرا يدل على تداخلهما فى الوظيفة، وقد أغفل الحكم الرد على دفاعهما بعدم توافر أركان هاتين الجريمتين فى حقهما، كما لم تجبهما المحكمة الاستئنافية إلى طلب سماع شهود الإثبات الذى تمسكا به أمام محكمة أول درجة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت فى حق الطاعنين – بالأدلة السائغة التى أوردها والتى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها – إنهما والمتهم الثالث انتحلوا كذبا صفة رجال المباحث وامسكوا بالمتهم الرابع – الذى قام بدور المقبوض عليه – وتوجهوا إلى المكان الذى دبره الأخير المجنى عليه وشاهدى الإثبات لارتكاب الفحشاء فيه مع امرأتين ساقطتين وتظاهروا بضبطهم واقتيادهم إلى قسم الشرطة – بوصف أن الطاعن الأول ضابط المباحث وأن الطاعن الثانى والمتهم الثالث شرطيان سريان – وتوصلوا بذلك إلى الإستيلاء على مبلغ عشرة جنيهات من المجنى عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن انتحال صفة غير صحيحة يكفى وحده لقيام ركن الاحتيال، وكان الحكم فيما تقدم بيانه قد أثبت فى حق الطاعنين انتحال أولهما صفة ضابط المباحث والثانى صفة الشرطى السرى والتوصل بذلك إلى الإستيلاء على نقود المجنى عليه وهو ما تتوافر به عناصر جريمة النصب، فإن الحكم إذ دانهما بهذه الجريمة يكون قد أصاب صحيح القانون وإذ كان ما أورده الحكم يستقيم به الرد على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص فإن النعى عليه بدعوى القصور يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 155 من قانون العقوبات لا تعاقب فقط على إجراء عمل من مقتضيات وظيفة عمومية بل تعاقب أيضا من تداخل فى الوظيفة من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة، وكان من المقرر أن انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلا فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتا عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجانى وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من اعمالها، وكان الثابت من الحكم أن الطاعنين لم يكتفيا بمجرد انتحال الوظيفة، بل طلب الطاعن الأول من المتهم الرابع إبراز بطاقته الشخصية للاطلاع عليها فأخرجها له وتظاهر الطاعن المذكور مع الطاعن الثانى والمتهم الثالث بضبط المجنى عليه ومن معه واصطحابهم إلى قسم الشرطة الأمر الذى حمله على الاعتقاد بأن الطاعنين من رجال الشرطة الذين لهم اتخاذ هذه الإجراءات قانونا، ولما كانت هذه الأفعال والمظاهر مما تتحقق بها جريمة التداخل فى الوظيفة المنصوص عليها في المادة 155 من قانون العقوبات – هذا فضلا عن أنه لا جدوى للطاعنين مما يثيرانه فى هذا الخصوص، ذلك أن الحكم أعمل فى حقهما المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على كل منهما عقوبة واحدة هى العقوبة الأشد المقررة لجريمة النصب، لما كان ذلك، وكان الأصل أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن أيا من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات الأمر الذى يستفاد منه أنهما تنازلا عن سماعهم على فرض إبداء هذا الطلب أمام محكمة أول درجة كما يذهب الطاعنان فى وجه الطعن، ومن ثم يكون النعى على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.