أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 225

جلسة 10 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق.

(51)
الطعن رقم 210 لسنة 44 القضائية

طعن "المصلحة فى الطعن". نيابة عامة. "صفتها فى الطعن فى الأحكام" نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون" معارضة. "نظرها والحكم فيها".
للنيابة العامة أن تطعن فى الحكم لمصحلة المحكوم عليه وإن لم يكن لها كسلطة إتهام مصلحة خاصة فى الطعن. باعتبار أن مصلحة المجتمع تقتضى أن تكون الإجراءات فى كل من مراحل الدعوى الجنائية صحيحة. مثال.
من المقرر أن النيابة العامة – وهى تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية – هى خصم عام تختص بمركز قانونى خاص يجيز لها أن تطعن فى الحكم – وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة فى الطعن بل كانت المصلحة هى للمحكوم عليه، لما كان ذلك – وكانت مصلحة المجتمع تقتضى أن تكون الاجراءات فى كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانونى صحيح خال مما يشوبه من الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة فى الطعن تكون قائمة – لما كان ذلك – وكان يبين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بإدانة المتهم (المطعون ضده) غيابيا فعارض فى هذا الحكم وتخلف عن حضور جلسة المعارضة فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن فاستأنف الحكم الأخير وقضت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدوره. وأثبتت المحكمة أن المطعون ضده قدم شهادة مرضية ثابت بها مرضه فى فترة الاستئناف، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالشهادة المرضية التى قدمها الطاعن والتى تتضمن مرضه لمدة عشرة أيام ضمنها اليوم المحدد لنظر المعارضة – بما مفاده أنه كان مريضا فى اليوم المعين لنظر معارضته أمام محكمة أول درجة – ولذلك قضى بقبول استئنافه شكلا مع أنه قرر به بعد الميعاد، غير أنه حكم فى الوقت ذاته فى موضوع الدعوى بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان ثابتا أن تخلف الطاعن عن جلسة المعارضة أمام محكمة أول درجة كان لعذر قهرى – أقره الحكم المطعون فيه – فإن الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يكون قد وقع باطلا، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضى فى الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بالغائه وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فى المعارضة، أما وهى لم تفعل وفوتت على الطاعن إحدى درجتى التقاضى بقضائها فى موضوع الدعوى، فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى موضوع الدعوى وتصحيحه والقضاء فى موضوع الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف القاضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظر المعارضة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 23 من أكتوبر سنة 1971 بدائرة مركز الواسطى محافظة بنى سويف بدد المحجوزات المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إداريا لصالح مصلحة الأموال المقررة والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها فى يوم البيع فاختلسها لنفسه إضرارا بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة الواسطى الجزئية قضت غيابيا بتاريخ أول أبريل سنة 1972 عملا بالمادتين بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة مائتى قرش لوقف التنفيذ. فعارض، وقضى فى معارضته بتاريخ 24 يونيه سنة 1972 باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة بنى سويف الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1972 بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض...


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه تناول موضوع الدعوى وقضى على المتهم (المطعون ضده) بالعقوبة مع أن الاستئناف المرفوع منه كان مؤسسا على أن الحكم المستأنف الصادر ضده باعتبار المعارضة كأن لم تكن هو حكم باطل لأن تخلفه عن حضور جلسة المعارضة راجع إلى عذر قهرى هو مرضه وقد قدم الدليل على هذا العذر فكان يتعين على المحكمة إعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظر معارضته فى الحكم الغيابى الصادر فيها.
ومن حيث أنه من المقرر أن النيابة العامة – وهى تمثل الصالح العام ويسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى العمومية – هى خصم عام تختص بمركز قانونى خاص يجيز لها أن تطعن فى الحكم – وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة فى الطعن بل كانت المصلحة هى للمحكوم عليه، ولما كانت مصلحة المجتمع تقتضى أن تكون الاجراءات فى كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانونى صحيح خال مما يشوبه من الخطأ والبطلان، فإن مصلحة النيابة العامة فى الطعن تكون قائمة. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بإدانة المتهم (المطعون ضده) غيابيا فعارض فى هذا الحكم وتخلف عن حضور جلسة المعارضة فقضت المحكمة باعتبار معارضته كأن لم تكن، فاستأنف الحكم الأخير وقضت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدوره. وأثبتت المحكمة أن المطعون ضده قدم شهادة مرضية ثابت بها مرضه فى فترة الاستئناف، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالشهادة المرضية التى قدمها الطاعن والتى تتضمن مرضه لمدة عشرة أيام بما مفاده أنه كان مريضا فى اليوم المعين لنظر المعارضة أمام محكمة أول درجة – ولذلك قضى بقبول استئنافه شكلا مع أنه قرر به بعد الميعاد، غير أنه حكم فى الوقت ذاته فى موضوع الدعوى بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان ثابتا أن تخلف الطاعن عن جلسة المعارضة أمام محكمة أول درجة كان لعذر قهرى – أقره الحكم المطعون فيه – فإن الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يكون قد وقع باطلا، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضى فى الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بالغائه، وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فى المعارضة، أما وهى لم تفعل وفوتت على الطاعن إحدى درجتى التقاضى بقضائها فى موضوع الدعوى، فانها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى موضوع الدعوى وتصحيحه والقضاء فى موضوع الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف القاضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظر المعارضة.