أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 558

جلسة 28 من مايو سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسانين، وفهيم يسى جندى المستشارين.

(154)
الطعن رقم 366 سنة 27 القضائية

(أ) حكم. حكم حضورى. عدم أخذ الشارع بنظام الحكم الحضورى الاعتبارى فى الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات فى مواد الجنايات.
(ب) نقض. أحكام لا يجوز الطعن فيها. الحكم الصادر من محكمة الجنايات والموصوف خطأ بأنه حضورى. الطعن فيه بطريق النقض. غير جائز.
1 – لم يأخذ الشارع عند وضع قانون الاجراءات الجنائية بنظام الحكم الحضورى الاعتبارى فيما يتعلق بالأحكام التى تصدر فى مواد الجنايات ومن محكمة الجنايات، كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات (المواد 239 وما بعدها فى الباب الثانى من الكتاب الثانى الذى عنوانه فى محاكم الجنح والمخالفات).
2 – متى كان الحكم الصادر من محكمة الجنايات بإدانة المتهم فى جناية قد وصف بأنه حضورى وهو فى حقيقة الأمر حكم غيابى على الرغم مما وصفته المحكمة، فان الطعن فى هذا الحكم لا يكون جائزا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 – حسن مصطفى موسى. 2 – وليم غطاس المعصرانى (الطاعن) بأنهما: قلدا وزورا بواسطة آخر مجهول ختمين لمحكمة ملوى الجزئية وبصما بهما على عقد البيع العرفى المؤرخ 25 من مارس سنة 1922 المبين بالأوراق، وقد استعملا هذين الختمين بقصد التوصل لإثبات تاريخه برقم 1456 بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1922 وتقديمه إلى مكتب الشهر العقارى بأسيوط لشهره مع علمهما بتقليد وتزوير هذين الختمين، وطلبت النيابة من غرفة الاتهام إحالتهما إلى هذه المحكمة لمحاكمتهما بالمادة 206 من قانون العقوبات، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا أولا: ببراءة حسن مصطفى موسى من التهمة المسندة إليه عملا بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية. وثانيا: بمعاقبة وليم غطاس المعصرانى بالسجن لمدة ثلاث سنين تطبيقا للمواد 206 و211 و212 و214 من قانون العقوبات، وذكرت فى أسباب حكمها أن التهمة وقعت خلال شهر أبريل سنة 1947. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن ومتهم آخر لأنهما فى أول جمادى الثانية سنة 1366 الموافق 22 من أبريل سنة 1947) بدائرة بندر أسيوط: قلدا وزورا بواسطة آخر مجهول ختمين لمحكمة ملوى الجزئية وبصما بهما على عقد بيع عرفى مؤرخ 25/ 3/ 1922، وكان ذلك بقصد التوصل لاثبات تاريخ العقد فى 15/ 8/ 1922 وتقديمه إلى مصلحة الشهر العقارى لشهره مع علمهما بتزوير هذين الختمين، وطلبت النيابة عقابهما بالمادة 206 من قانون العقوبات، وقد حضر المتهم الثانى وحده (وهو الطاعن) ومعه محاميه الذى ترافع بالجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى وطلب براءة موكله من تهمة الجناية المنسوبة إليه لأنه لا صلة له بالمتهم الأول، ولأن هذا المتهم الأخير اعترف بأنه هو الذى قدم العقد وسدد رسومه وأبدى للمحكمة وجود تناقض بين تقارير المضاهاة، ثم طلب تقديم تقرير استشارى من خبير آخر، وبعد ذلك أعادت المحكمة سؤال الشاهد الحاضر، وعقب على ذلك الدفاع عن المتهم (الطاعن) مصرا على طلب تقديم تقرير استشارى، فقررت المحكمة استمرار المرافعة لجلسة 27 من مايو سنة 1956، وصرحت للمتهم بالاطلاع على الأوراق، وأخذ صور منها، وكلفت النيابة باعلان المتهم الأول والشهود، وفى هذه الجلسة حضر محام منتدب عن المتهم الأول، كما حضر عن المتهم الثانى محام، وقدم شهادة مرضية باسم موكله، ثم انسحب، وبعد ذلك سمعت المحكمة دفاع المتهم الأول فى غيبة المتهم الثانى، ثم قضت فى الدعوى حضوريا ببراءة المتهم الأول ومعاقبة المتهم الثانى (الطاعن) بالسجن ثلاث سنين.
وحيث إن العبرة فى وصف الأحكام هى بحقيقة الواقع، فلا يعتبر الحكم حضوريا بالنسبة للخصم، إلا إذا حضر وتهيأت له الفرصة لإبداء دفاعه كاملا، وكان الشارع عند وضع قانون الإجراءات الجنائية لم يأخذ بنظام الحكم الحضورى الاعتبارى فيما يتعلق بالأحكام التى تصدر فى مواد الجنايات ومن محكمة الجنايات، كما فعل بالنسبة للجنح والمخالفات (المواد 239 وما بعدها وفى الباب الثانى من الكتاب الثانى الذى عنوانه فى محاكم الجنح والمخالفات) لما كان ذلك، وكان واضحا من الإجراءات التى تمت فى هذه الدعوى على ما سلفت الإشارة إليه، أن الطاعن لم يستوف دفاعه أمام المحكمة لغيابه فى جلسة المرافعة الأخيرة، ولم تنح له المحكمة فرصة لتقديم التقرير الاستشارى الذى تمسك بتقديمه، وهى كذلك لم تسمع منه دفاعا فيما أبداه المتهم الأول على لسان محاميه – لما كان ذلك، فان وصف الحكم الصادر بإدانة الطاعن بأنه حضورى لا يكون صحيحا فى القانون، إذ هو فى حقيقة الأمر حكم غيابى على الرغم مما وصفته به المحكمة – لما كان ذلك، وكان الطاعن متهما بجناية، وكانت المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن الحكم الغيابى الصادر من محكمة الجنايات يبطل بحضور المحكوم عليه فى غيبته، أو بالقبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة، كما أن الشارع فى المادة 423 من هذا القانون قد خول حق الطعن بطريق النقض لمن عدا المتهم من خصوم الدعوى.
لما كان ما تقدم، فان الطعن فى الحكم الصادر ضد الطاعن لا يكون جائزا.