أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 562

جلسة 28 من مايو سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(155)
القضية رقم 387 سنة 27 القضائية

(أ) تموين. خبز. سريان حكم المادتين 56، 58 من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 فى حق مرتكب مخالفة أحكام القرار رقم 516 سنة 1945.
(ب) تموين. مسئولية صاحب المحل. الغياب الذى يصلح بذاته عذرا يسيغ توقيع العقوبة المخففة.
(جـ) حكم. بياناته. أخذ الحكم الاستئنافى بما جاء بالحكم المستأنف المتضمن المواد التى طبقت. كفايته.
1 – صدور القرار الوزارى رقم 516 سنة 1945 بتحديد وزن الرغيف إنما كان تنفيذا للمادة 8 من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 ومن ثم فتعتبر مخالفة ما ورد بأحكامه مخالفة لها وتسرى فى حق مرتكبها المادتان 56، 58 من المرسوم بقانون سالف الذكر.
2 – الغياب لا يصلح بذاته عذرا يسيغ توقيع العقوبة المخففة المنصوص عليها فى المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 إلا إذا كان من شأنه أن يحول دون منع وقوع المخالفة.
3 – متى كانت المحكمة الاستئنافية قد بينت مواد الاتهام بصدر حكمها وأخذت بما جاء بحكم محكمة أول درجة من أسباب وقد تضمن هذا الحكم الأخير إشارة صريحة إلى المواد التى طبقت فان النعى على الحكم بأنه لم يشر إلى المواد التى طبقها يكون على غير أساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية الطاعن بأنه وآخرين استخرجوا خبزا ناقص الوزن، وطلبت عقابه بالمواد 1، 3، 4، 27 من القرار رقم 516 لسنة 1945 والقرار رقم 48 لسنة 1956 و1، 56، 258 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 ومحكمة الجنح المستعجلة قضت حضوريا بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وغرامة مائة جنية وكفالة ثلاثين جنيها لوقف التنفيذ والمصادرة وشهر ملخص الحكم بحروف كبيرة على واجهة المخبز لمدة ستة شهور. فاستأنف ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف فطعن المحكوم عليه فى الحكم الأخير بطريق النقض.... الخ


المحكمة

.... ومن حيث إن محصل الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون، كما شابه القصور، والخطأ فى الاستدلال وفى الاسناد، فضلا عن بطلان هذ الحكم لاغفال ذكر مواد القانون التى طبقتها المحكمة، ذلك بأن المادة 7 من القرار رقم 516/ 1945 تحيل فى خصوص الجريمة موضوع الدعوى على المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وهذه المادة أجازت لوزير التموين فرض كل أو بعض العقوبات المنصوص عليها فيها على من يخالف القرارات الوزارية، والعقوبات المذكورة فى تلك المادة إنما توقع على كل من يثبت أنه خالف أحكام المرسوم بقانون المشار إليه فى حين أن المادة 58 – خلافا للاصل – تنص على مسئولية فرضية ولا يجوز القياس عليها، وعلى ذلك لا يكون صحيحا أن تكون الإحالة إلى المادة 58، لأنه متى ثبت أن الطاعن وهو صاحب المخبز لم يكن موجودا به ولم يقدم ضده دليل على أنه ساهم بأى عمل مادى فى ارتكاب الفعل المكون للجريمة فإن محاكمته طبقا للمادة 58 لا تصح تأسيسا على أن القرار الذى خالفه لا يحيل إلى تلك المادة وإنما أحال فقط إلى المادة 56، أما عن الخطأ فى الاستدلال، فلان الحكم دان الطاعن ومن معه من المتهمين، مع أن أقوال الخبيرين اللذين سمعتهما محكمة ثانى درجة، ومحصلها أن عدم اكتمال القوة الحرارية اللازمة يترتب عليه نقص وزن كل رغيف درهمين أو ثلاثة – هذه الأقوال تقطع بعدم مسئولية الطاعن وسائر المتهمين معه، وتؤيد ما أبدوه من دفاع قائم على أن مفتش التموين حضر إلى المخبز فى الوقت الذى أوقدت فيه النار فى فرن المخبز بعد أن ظل عدة ساعات، وأن ما جمعه المفتش من خبز لم يكن تام النضج لعدم اكتمال الحرارة، ولما عرض الحكم لشهادة الخبيرين لم يأت بما يؤثر فى الدليل المستمد منها لمصلحة المتهمين وفضلا عن ذلك ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الخبز أنتج تحت إشراف الطاعن وملاحظته وأسس ذلك على أقوال عمال المخبز من أن صاحبه كان به ليلة الحادث فى حين أن أحدا منهم لم يقل إن إعداد الخبز كان بحضوره واخيرا، فإن الحكم لم يورد نصوص القانون التى طبقها على الواقعة مما يبطله.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، ولما كان ما يقوله الطاعن بشأن الخطأ فى تطبيق القانون مردودا بأن المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 نص فى مادته الثامنة على أن يصدر وزير التموين القرارات اللازمة ببيان وزن الرغيف فى كل مديرية أو محافظة، ويحدد فى تلك القرارات النسبة التى يجوز التسامح فيها من وزن الخبز بسبب الجفاف ثم نص فى المادة 56 على أنه يعاقب على كل مخالفة لأحكام هذا المرسوم بقانون بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه ويجوز لوزير التموين فرض كل أو بعض العقوبات المنصوص عليها فى هذه المادة على من يخالف القرارات التى يصدرها تنفيذا لهذا المرسوم بقانون، وعملا بالمادة الثامنة المشار إليها أصدر وزير التموين القرار رقم 516 لسنة 1945 بتحديد وزن الرغيف ونص فى مادته السابقة على أن كل مخالفة لأحكام هذا القرار (غير ما نصت عليه المادة السادسة بشأن وضع ميزان فى كل مخبز أو دكان معد لبيع الخبز) يعاقب عليها بالعقوبات الواردة فى المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 – لما كان ذلك وكان واضع هذا المرسوم قد أردف نص المادة 56 بالمادة 58، ويجرى نص فقرتها الأولى بما يأتى: " يكون صاحب المحل مسئولا مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع فى المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون ويعاقب بالعقوبات المقررة لها، فإذا أثبت أنه بسبب الغياب أو استحالة المراقبة لم يتمكن من منع وقوع المخالفة، اقتصرت العقوبة على الغرامة المبينة فى المواد 50 و56 من هذا المرسوم بقانون". ولما كان صدور القرار 516 لسنة 1945 إنما كان تنفيذا للمادة الثامنة من المرسوم السابق الإشارة إليه فتعتبر مخالفة ما ورد بأحكامه مخالفة لها، وتسرى فى حق مرتكبها المادتان 56 و58 من المرسوم – لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع المتهمين من أن الخبز الذى ضبط أنضج فى فرن لم تكتمل قوته الحرارية، فنقص وزنه نقصا لا يتجاوز القدر الذى شهد به الخبيران – رد الحكم على ذلك ردا سائغا فند فيه هذا الدفاع للاعتبارات والأسباب المعقولة التى أوردها، وقال إن المحكمة تلتفت عما شهد به الخبيران لأن شهادتهما لا تتناول ذات الخبز محل التهمة أو ظروف إنتاجه، وأن ما قاما به لا يعدو مجرد تجارب تجريها وزارة التموين تحقيقا للشكاوى التى قدمها بعض أصحاب المخابز للوقوف على مدى صحة ما يتظلمون منه، لما كان ذلك، وكان الحكم قد تعرض كذلك لدفاع الطاعن من أنه كان غائبا عن المخبز، فلم يتمكن من منع وقوع المخالفة، مما كان يقتضى معاقبته بالغرامة وحدها ورد على هذا الدفاع بقوله إن الثابت من التحقيقات ومن أقوال عبد الخالق مرعى عطية والمتهم الثانى ابراهيم محمد اسماعيل أن المتهم الأول هو المسئول عن إدارة المخبز، وأنه صاحبه، وأنه كان موجودا به ليلة الحادث، كما وأنه لدى استجوابه بالنيابة لم يذهب إلى أنه لم يكن موجودا وإنما علل النقص فقط بعدم انتظام النار، فان المحكمة لا تنظر بعين الاعتبار إلى الشهادة المقدمة منه والموقع عليها من بعض الأشخاص التى جاء بها أن المتهم كان ببلدته قبل ليلة الحادث وبعدها لتعارضها مع أقواله الثابتة فى التحقيق على الوجه سالف الذكر ولما كان واضحا من ذلك أن المحكمة لم تر فى غياب الطاعن عن المحل ما يسيغ توقيع العقوبة المخففة المنصوص عليها فى المادة 58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، وكان العذر المخفف الذى تشير إليه هذه المادة لا يتحقق إلا بعدم استطاعة صاحب المحل منع وقوع المخالفة لسبب الغياب أو استحالة المراقبة، فالغياب لا يصلح بذاته عذرا إلا إذا كان من شأنه أن يحول دون منع وقوع المخالفة، ولما كانت المحكمة لم تر فى مجرد غياب الطاعن وقت الحادث ما يحول دون قيامه بواجب المراقبة لمنع وقوع المخالفة وكان الحكم قد أثبت أنه كان موجودا بالمخبز ليلة الحادث لما كان ذلك فان الحكم إذ قضى على الطاعن بعقوبتى الحبس والغرامة يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا، أما ما يقوله الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى المواد التى طبقها عند ما قضى بالإدانة فمردود بأن المحكمة بينت هذه المواد بصدر حكمها، وأخذت بما جاء بحكم محكمة أول درجة من أسباب، وقد تضمن هذا الحكم الأخير إشارة صريحة إلى المواد التى طبقت، لما كان ما تقدم كله فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.