أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 606

جلسة 4 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى جندى المستشارين.

(166)
الطعن رقم 367 سنة 27 القضائية

(أ) دعوى مدنية. رفعها صحيحة بالتبعية الجنائية. وجوب الفصل فيها وفى موضوع الدعوى الجنائية معا بحكم واحد. م 309 أ. ج.
(ب) نقض. أحكام لا يجوز الطعن فيها. دعوى مدنية. القضاء فى الدعوى الجنائية وإرجاء الفصل فى الدعوى المدنية. عدم جواز الطعن بالنسبة للدعوى المدنية.
1 – الأصل فى الدعوى المدنية التى ترفع صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية أن يكون الفصل فيها وفى موضوع الدعوى الجنائية معا بحكم واحد كما هو مقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية بحيث إذا أصدرت المحكمة الجنائية حكمها فى موضوع الدعوى الجنائية وحدها امتنع عليها بعدئذ الحكم فى الدعوى المدنية على استقلال لزوال ولايتها فى الفصل فيها وذلك فيما عدا الأحوال التى نص عليها القانون استثناء من هذه القاعدة.
2 – متى كان الحكم قد قضى فى الدعوى الجنائية وأرجأ الفصل فى الدعوى المدنية فلم يصدر فيها حكم، فإن الطعن بالنسبة للدعوى المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم فيها قابل للنقض طبقا للمادة 420 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

أقام محمد حامد الأفندى هذه الدعوى مباشرة على محمد عبد اللطيف القللى " الطاعن" أمام محكمة طلخا الجزئية قال فيها أنه ألحق هذا الأخير بخدمته فى غضون نوفمبر سنة 1951 ليشغل وظيفة كاتب فى وقف ماهتاب بناحية نبروه الراسى مزاد تأجيره عليه لمدة سنتين تنتهيان فى 14 نوفمبر 1953 وذلك بمرتب شهرى قدره ستة جنيهات على أن يقوم بمهمة رصد كشوف التأجير وتبليغها له فى حينها إلا أنه تجاوز اختصاصه هذا وقام بتحصيل مبلغ 1500 جنيه وسلمه 900 جنيه واختلس الباقى فبلغ النيابة فحققت الشكاوى رقم 322 و357 ادارى كلى سنة 1952 وطلب من المحكمة المشار إليها آنفا معاقبته بالمادة 336 من قانون العقوبات والحكم له عليه بقرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة كما طلب ضم الشكويين المذكورتين فضمتا، وبجلسة 29 سبتمبر سنة 1952 عدلت المحكمة وصف التهمة فى مواجهة المتهم بأن استبدلت المادة 341 من قانون العقوبات بدلا من المادة 336 التى طلبت تطبيقها على التهمة. وبعد أن نظرت المحكمة المذكورة هذه الدعوى قضت حضوريا بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى قرشا صاغا على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم وفى أثناء سير هذا الاستئناف توفى محمد حامد الأفندى وحل محله ورثته. ومحكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بقبوله شكلا وفى الموضوع أولا: بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الجنائية وثانيا: بالنسبة للدعوى المدنية التأجيل لجلسة 4/ 4/ 1957 وعلى المتهم تقديم إعلام بوراثة ورثة المدعى بالحق المدنى وإعلانهم. فطعن الوكيل عن الطاعن فى هذا الحكم طريق النقض.... الخ


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثانى من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة التبديد طبقا لنص المادة 341 من قانون العقوبات قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى الأسباب ذلك أن الطاعن أسس دفاعه على أنه شريك للمجنى عليه فى إدارة أطيان استأجرها هذا الأخير من وزارة الأوقاف ولم يكن وكيلا عنه بالأجر كما ذهب الحكم المطعون فيه واستند فى إثبات ذلك إلى أقرار بالصلح قدمه فى الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية تضمن براءة ذمته مما حصله لحساب الشركة وإلى دعوى حساب رفعها ضد المدعى بالحق المدنى ولكن الحكم لم يأخذ بدفاعه وقال إن الأقرار بالصلح بين المدعى المدنى والطاعن لا ينفى عنه المسئولية بل يثبتها فى حقه وأن المنازعة فى الدين قصد منها الإضرار بالمجنى عليه وحرمانه من ملكه مع أن مجرد التأخير فى رد الشئ لا يدل على أن المتهم قد تصرف فيه تصرف المالك ولا يكفى لتكوين جريمة خيانة الأمانة كما أن الصلح معناه تصفية الحساب بين الشريكين وبراءة ذمة الطاعن مما حصله.
وحيث إن الحكم الابتدائى الذى أخذ الحكم المستأنف بأسبابه بين الواقعة فقال " إن المدعى بالحق المدنى ألحق المتهم بخدمته فى غضون شهر نوفمبر سنة 1951 ليشغل وظيفة كاتب فى وقف ماهتاب بناحية نبروه الراسى مزاد تأجيره عليه لمدة سنتين تنتهيان فى 14/ 11/ 1953 وذلك بمرتب شهرى قدره ستة جنيهات على أن يقوم بمهمة رصد كشوف التأجير وتبليغها له فى حينها إلا أنه تجاوز اختصاصه وقام بتحصيل مبلغ 1500 جنيها فسلمه مبلغ 900 جنيه واختلس الباقى وقام بإبلاغ الأمر للنيابة فحققت الشكاوى وقيدت برقم 322 و357 سنة 1952 ولذلك فقد أقام هذه الدعوى وطلب إلى النيابة العامة توجيه الدعوى العمومية ضد المتهم بطلب توقيع العقوبة الجنائية طبقا للمادة 336 من قانون العقوبات مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش كتعويض مؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة" ثم عدلت المحكمة وصف التهمة بالجلسة فى مواجهة المتهم وأسندت إليه تهمة التبديد المنطبقة على المادة 341 من قانون العقوبات – ثم أورد الحكم الأدلة على ثبوت التهمة فى حق الطاعن وهى أقوال المستأجرين والإيصالات التى تسلموها من الطاعن والدالة على تحصيله المبالغ المبينة بها لحساب المدعى بالحق المدنى وكلها مذيلة بتوقيعه وبلغ مجموعها 1159 جنيها و860 مليما تسلم المدعى بالحق المدنى منها مبلغ 988 جنيه واختلس الباقى – ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن المبين بوجهى الطعن ورد عليه " بأنه لم يقم عليه أى دليل وأن محاولات المتهم فى هذا الصدد باءت جميعها بالفشل كما يتضح ذلك من مطالعة الأحكام الصادرة فى القضايا رقم 227 و453 لسنة 1952 مدنى طلخا والتى صدر فيها حكم واحد قضى برفض تلك الدعاوى التى أقامها المتهم ضد بعض المستأجرين" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على قيام الوكالة وتوافر القصد الجنائى لدى الطاعن وهو نية تملك المبالغ التى حصلها واختلاسها بقصد حرمان صاحبها بأسباب سائغة ومؤدية إلى ما انتهى الحكم إليه وكان رد المبلغ المختلس بعد وقوع الجريمة لا ينفى المسئولية عن المتهم – لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون سليما فيما قضى به بالنسبة للدعوى الجنائية ويكون الطعن فيها على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو الخطأ فى تطبيق القانون حيث قضى الحكم فى الدعوى الجنائية وأجل الفصل فى الدعوى المدنية خلافا لما تقضى به المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية وكان يتعين الفصل فى الدعويين بحكم واحد أو القضاء بعدم اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية.
وحيث إن الأصل فى الدعوى المدنية التى ترفع صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية أن يكون الفصل فيها وفى موضوع الدعوى الجنائية معا بحكم واحد كما هو مقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية بحيث إذا أصدرت المحكمة الجنائية حكمها فى موضوع الدعوى الجنائية وحدها امتنع عليها بعدئذ الحكم فى الدعوى المدنية على استقلال لزوال ولايتها فى الفصل فيها وذلك فيما عدا الأحوال التى نص عليها القانون استثناء من هذه القاعدة – لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى فى الدعوى الجنائية وأرجأ الفصل فى الدعوى المدنية. فلم يصدر فيها حكم مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض وكان محل هذا الطعن أن يصدر حكم الدعوى المدنية مستقلا عن الحكم فى الدعوى الجنائية وهو لما يصدر بعد – لما كان ما تقدم فإن الطعن بالنسبة للدعوى المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم فيها قابل للنقض طبقا للمادة 420 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية.